q

تعاني الفلبين من حرب دامية ولكنها تختلف عن بقية الحروب هي حرب الحكومة مع المخدرات وتعتبر من الحروب الاجرامية الكبيرة والتي راح ضحيتها أكثر من 7700 شخص منذ أن بدأت حملة الابادة على تجار المخدرات ومدمنيها من الشعب الفلبيني وبينهم نحو 2500 قتيل سقطوا في عمليات للشرطة.

فمنذ وصول الرئيس الفلبيني الجديد رودريجو دوتيرتي الى منصبه أواخر يونيو/حزيران الماضي لايمر يوم واحد دون العثور على جثث في شوراع العاصمة مانيلا بسبب أعلان الرئيس الجديد حربه على المخدرات، فقد توعد بحملته الانتخابية بقتل 100 ألف مجرم في أول ستة أشهر من توليه المنصب لتنظيف بلاده من افة المخدرات والمتجارة بها.

في مارس مدد الرئيس الفلبيني فترة الحملة الى ستة اشهر اخرى، ثم أعلن مؤخرا أنها لن تتوقف أبداً حتى نهاية ولايته في 2022 ووعد دوتبرتي بأنه سيبذل قصارى جهده وسيتخذ جميع الاجراءات الصارمة لانجاح حملته على المخدرات وهدد بأستخدم سلطته التنفيذية لتعليق إجراءات قانونية تمنع الاحتجاز التعسفي وقال إن لديه قائمة بعدد كبير من المطلوبين المشتبه باتجارهم في المخدرات.

من جهة اخرى ثارت أعمال القتل في إطار حملة مكافحة المخدرات إدانة واسعة من المجتمع الدولي ورؤساء الدول الاخرى منهم رئيس كولومبي الذي حذر رئيس الفلبين من ان يكرر خطأه ولكن الاخير لم يرد عليه.

وقد نددت المنظمات الدولية لموجة القتل في ايطار حملة مكافحة المخدرات ووصفتها بأنها جرائم ضد الانسانية وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها إن رجل شرطة كبيرا أبلغ المنظمة أن الشرطة تحصل على أموال مقابل القتل وتحصل على ما يوازي 160 دولارا على الأقل مقابل كل واقعة قتل ولا تحصل على شيء مقابل الاعتقالات. نتيجة لذلك اوقفت الولايات المتحدة صفقة لبيع 26 ألف بندقية إلى الفلبين. ممااثار غضب الرئيس الفلبيني.

ايضا هاجمت الكنيسة الكاثوليكية في الفلبين بعنف الحرب التي يشنها الرئيس رودريجو دوتيرتي على المخدرات لتسببها في خلق حالة رعب بين الفقراء وذلك في عظات خلدال صلوات بأنحاء البلاد. وقالو علينا أيضا أن نعطي أولوية لإصلاح رجال الشرطة غير الملتزمين بإنقاذ القانون والقضاة الفاسدين.

لكن الرئيس الفلبيني كان يدافع بأستماته عن الشرطة في وجه هذه الانتقادات وقد تزعزعت ثقته بقوات الشرطة بعد مقتل رجل أعمال من كوريا الجنوبية على يد مجموعة من ضباط شرطة مارقين في قسم مكافحة المخدرات. وعاقب رجال الشرطة الفاسدين بأرسالهم الى جنوب البلاد المضطرب بوجود جماعات ارهابية فيه وإلا سيتعين عليهم الاستقالة وذلك في توبيخ شديد لقوة اعتمد عليها في حربه على المخدرات.

اخيرا اعترف دوتيرتي ان 40% من الجرائم تحدث من قبل رجال الشرطة الفاسدين وقرر ان يستعين بالجيش الفلبيني بحربه ضد المخدرات لملئ الفراغ الذي تركته الشرطة تحولا كبيرا في سياسته التي كانت تساند الشرطة.

إجراءات صارمة

حذر الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي من أنه ربما يستخدم سلطته التنفيذية لتعليق إجراءات قانونية تمنع الاحتجاز التعسفي والاعتقال وهدد باتخاذ إجراءات صارمة لإنجاح الحرب على المخدرات. وأشار الرئيس الفلبيني إلى أن الإجراءات القانونية لتقديم هؤلاء للمحاكمة تستنزف كثيرا من الوقت والجهد.

مشيرا إلى أنه يفكر في تعليق الإجراءات القانونية الخاصة بحماية حقوق المتهم والتي تتطلب من الدولة تبرير الاحتجاز والاعتقال. وأضاف "بالإمكان أن تصدر المحكمة العليا أمرا لي بالتوقف عن ذلك لكن توجد أمور لا يمكنهم منعي من القيام بها. وربما لن أتوقف عنها هذا البلد في فترة ولايتي لن يتجه نحو مزيد من التدهور."

وفي غياب تلك الإجراءات القانونية سيكون بإمكان الشرطة أن تعتقل المشتبه به دون إذن قضائي وتحتجزه لفترة قد تصل إلى ثلاثة أيام. ولم توجه الدعوة لوسائل الإعلام لحضور خطاب دوتيرتي لكن مكتبه أصدر في اليوم التالي بيانا بتصريحاته. بحسب رويترز.

وقال مارتن أندانار مسؤول الإعلام والاتصال بالرئاسة الفلبينية إن أحد الأسباب التي دفعت دوتيرتي للتفكير في هذا الأمر هو ضرورة ملاحقة مسؤولين حكوميين على صلة بتجارة المخدرات. وكتب أندانار في رسالة نصية "إن قائمة أصحاب المصالح داخل الحكومة طويلة للغاية."

لقد تعلمت هذا الدرس بصعوبة

في الشأن ذاته وعد الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي بالوقوف إلى جانب من يقاتلون على الجبهات الأمامية للحرب ووصف الرئيس الكولومبي السابق سيزار جافيريا بأنه "أحمق" بسبب مقالة صحفية حذره فيها جافيريا من أن السياسة التي تركز على الأمن "ضررها أكثر من نفعها". وأوقف دوتيرتي عمليات الشرطة لمكافحة المخدرات بعد مقتل رجل أعمال كوري جنوبي على يد رجال شرطة فاسدين من إدارة مكافحة المخدرات.

وكلف الرئيس الوكالة الفلبينية لمكافحة المخدرات بالمهمة ويعتزم نشر قوات كتعزيزات. وقال دوتيرتي إن حربه على المخدرات تستهدف تفكيك هذه التجارة وليس القتل وإنه لن يحاسب إلا إذا اتهم مسؤولو إنفاذ القانون بعمليات إعدام دون وجه حق في المداهمات والعمليات السرية. بحسب رويتر.

وتولى جافيريا رئاسة كولومبيا بين عامي 1990 و1994 وناشد في مقالته التي نشرتها صحيفة نيويورك تايم دوتيرتي استخدام استراتيجيات بديلة لمكافحة المخدرات وشرح أسباب فشل حملات كولومبيا على عصابات الكوكايين. وكتب يقول موجها حديثه لرئيس الفلبين "صدقني لقد تعلمت هذا الدرس بصعوبة." وقال دوتيرتي إن جافيريا "يلقي محاضرة" وإن حالة الفلبين مختلفة عن كولومبيا.

جرائم ضد الإنسانية

في نفس السياق أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا قالت فيه إن القتل قد يشكل "جرائم ضد الإنسانية". وقُتل أكثر من سبعة آلاف شخص منذ أن بدأ الرئيس، رودريغو دوتيرتي، "الحرب" على تجارة المخدرات في يوليو/تموز الماضي. ودائما ما يدافع دوتيرتي عن الحملة الأمنية، مشيرا إلى أن الشرطة لا تفتح النار إلا عندما تتعرض للتهديد من قِبل مشتبه بهم.

اعترف الرئيس الفلبيني في وقت سابق بأن قوات الشرطة "فاسدة حتى النخاع" وقد سحب الشرطة الوطنية من حربه على المخدرات، ونقل تلك المهمة إلى وكالة أصغر لمكافحة المخدرات. ولم تصدر الحكومة الفلبينية أي رد على تقرير المنظمة، لكن الشرطة الفلبينية تقول باستمرار إن القتلى كانوا يقاومونها أثناء محاولة اعتقالهم. بحسب موقع BBC الاخباري.

وشككت أمنستي في رواية الشرطة، بناء على أقوال شهود وتحقيقات مستقلة، مشيرة إلى أنها "تشعر بقلق عميق من أن عمليات القتل المتعمد واسعة النطاق لمرتكبي جرائم المخدرات المزعومة تبدو منهجية ومخطط لها ومنظمة من قبل السلطات". وأضافت: "يحطم ضباط الشرطة الأبواب بشكل منتظم في منتصف الليل، ثم يقتلون بدم بارد أناس عزل، يشتبه في تعاطيهم للمخدرات أو التجارة فيها."

علينا أن نمسك العصا من المنتصف

على صعيد متصل في أشد هجوم لفظي حتى الآن على الحملة الحكومية على تجار ومتعاطي المخدرات قال مؤتمر الأساقفة الكاثوليك في الفلبين إن قتل الناس ليس حلا لمشكلة تهريب المخدرات مبديا قلقه بشأن تجاهل الكثير من الناس لسفك الدماء. وقال الأساقفة في رسالة حصلت رويترز على نسخة منها "سبب آخر يدعو للقلق هو حالة الرعب السائدة في الكثير من أماكن الفقراء. لقد قتل كثيرون ليس بسبب المخدرات ولم يخضع القتلى للحساب."

وتنفي الحكومة والشرطة بشدة ضلوعهما في أي عمليات قتل خارج إطار القانون. ولم يعلق مكتب الرئيس على رسالة الأساقفة.وتلا القساوسة الرسالة الممهورة بتوقيع أساقفة أكبر بلد كاثوليكي في آسيا خلال مراسم القداس بالكنائس.روقال الأساقفة في رسالتهم في إشارة إلى اتهامات بمقتل كثير من بائعي ومتعاطي المخدرات دون محاكمة إن "كل شخص له الحق في التعامل معه على أنه بريء حتى تثبت إدانته" وينبغي إتباع القانون.

وقال الأب جوجو بورجا القس في مقر الشرطة الوطنية الفلبينية إن الموقف صعب بالنسبة لرجال الدين وخصوصا هؤلاء الذين عينتهم الحكومة. وقال لرويترز "علينا دائما أن (نمسك العصا من) المنتصف إذا تحدثنا ضد الحكومة سيتم طردنا من الخدمة. وربما يتم استدعاؤنا في وقت ما لسؤالنا عن ولائنا."

صفقة بيع بنادق لشرطة الفلبين

هذا وقد قال مساعدون في مجلس الشيوخ الأمريكي لرويترز إن وزارة الخارجية الأمريكية أوقفت صفقة بيع البنادق لشرطة الفلبين بعد أن أبلغهم مكتب السناتور الديمقراطي بن كاردين وهو أبرز الأعضاء الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي. أنه يعارض تزويد الولايات المتحدة للفلبين بهذه الأسلحة في ضوء مخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الفلبين على خلفية حملة دوتيرتي الدموية المستمرة على تجار ومروجي المخدرات.

وقال دوتيرتي في خطاب نقله التلفزيون "أنظروا إلى هؤلاء القردة نريد شراء 26 ألف بندقية. وهم لا يريدون بيعها." وأضاف "لدينا كثير من البنادق المصنوعة محليا هنا. هؤلاء الأمريكيون الأغبياء."

وقُتل أكثر من 2300 شخص في عمليات الشرطة أو على يد أعضاء لجان أمنية يُشتبه بأن لها صلة بحملة مكافحة المخدرات وهي اللجان التي مثلت العمود الفقري لحملته الانتخابية. وصب دوتيرتي غضبه على الولايات المتحدة بسبب إثارة مخاوف بشأن القتل خارج نطاق القضاء.

معظم عتاة الاجرام من رجال الشرطة

من جهة اخرى قال الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي إن الشرطة "فاسدة حتى النخاع" وعلق عملياتها لمكافحة المخدرات لكنه تعهد بالمضي قدما في الحملة على المخدرات. وتحدث الرئيس إلى 400 رجل شرطة من رتب مختلفة في القصر الرئاسي وجميعهم يخضعون للتحقيق بسبب مخالفات متباينة ووصفهم بأنهم "حمقى ومغفلون".

وقال لهم "سأرسلكم إلى باسيلان لتعيشوا هناك عامين. وإذا خرجتم منها أحياء فيمكنكم العودة إلى هنا. وإذا قتلتم فسأخبر الشرطة بألا تنفق شيئا في سبيل إعادتكم إلى هناك وإنما تدفنكم هناك."وباسيلان جزيرة فلبينية جنوبية ومعقل لجماعة أبي سياف المتشددة التي تربطها صلات بتنظيم داعش الارهابي وتشتهر بذبح أسراها.

وقال دوتيرتي إن رجال الشرطة الذين لا يودون الذهاب إلى باسيلان يمكنهم الاستقالة لكنه نصح من يتخذ هذا القرار بالابتعاد عن المشاكل. وأضاف "سأكلف كتيبة بتعقب تحركاتكم لأن هذا البلد مر بتجربة سيئة فمعظم المجرمين عتاة الإجرام من رجال الشرطة والجيش السابقين."

استدعاء الجيش لارتكاب القتل الذي توقفت الشرطة عن القيام به

على صعيد ذي صلة طلب دوتيرتي جنرالات الجيش في كلمة القاها أمامهم إنه بحاجة إلى مساعدتهم في حربه على المخدرات ولاعتقال الفاسدين بالشرطة. وطلبت الوزارة من دوتيرتي جعل ذلك رسميا. وأضافت "على نفس المنوال ينبغي أيضا صدور أمر رسمي لدعم التوجيهات الشفوية من الرئيس باعتقال ‘أفراد الشرطة المشاغبين‘."

ويمثل طلب دوتيرتي من الجيش ملئ الفراغ الذي تركته الشرطة تحولا كبيرا في سياسته التي كانت تساند الشرطة رغم مزاعم من جماعات حقوقية وبعض المشرعين بإساءة استغلال سلطاتها.

وكانت رويترز أوضحت في سلسلة تقارير لها العام الماضي أن نسبة القتل الذي ارتكبته الشرطة خلال عملياتها لمكافحة المخدرات بلغت 97 بالمئة وهو أقوى دليل على أن الشرطة تطلق النار على المشتبه بهم في جرائم المخدرات دون محاكمة.

ولم يتضح الدور الذي يمكن أن يلعبه الجيش في الحملة ضد المخدرات. وكان دوتيرتي هدد مرارا بإعلان الأحكام العرفية للمساعدة في التصدي للمخدرات إلا أنه استبعد ذلك أيضا. ولم يشر الى أنه سيعلن حكما عسكريا.وقال متحدث باسم دوتيرتي إن الرئيس كان على دراية تامة بفساد الشرطة عندما منحها الإذن بالحرب على المخدرات ولكن حجم مشكلة المخدرات كان كبيرا للغاية لدرجة أنه لم يكن أمامه خيار آخر.

وقالت وكالة مكافحة المخدرات إن قيادة الحملة ضد المخدرات دون الشرطة قد يمثل تحديا إلا أنها يمكنا أن تتعامل معه. وقالت السناتور ليلى دو ليما وهي من أشد المنتقدين لدوتيرتي إن جلب الجيش فكرة سيئة. وتابعت في بيان "الحل هو وقف القتل وليس استدعاء القوات المسلحة الفلبينية لارتكاب القتل الذي توقفت الشرطة الفلبينية عن القيام به.

اضف تعليق