q

حذرت الكثير من الجهات والمنظمات العالمية، من استفحال وتنامي المشاكل البيئية. التي أسهمت بشكل واضح في تراجع التنوع الحيوي للنباتات والحيوانات على الأرض، التي تتعرض اليوم لازمات ومشكلات كبيرة، بسبب استمرار التطور السريع، واتساع النشاط البشري الذي يدفع الأرض صوب منطقة خطر كما يقول بعض الخبراء، حيث تقول بعض الدراسات إن تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتغيرات في استغلال الأراضي والدورات البيولوجية الكيميائية المتغيرة قد غيرت بشكل جذري من طريقة عمل الكوكب. ومازالت أنواع كثيرة ونادرة من المخلوقات تواجه خطر الانقراض بشكل متزايد، خصوصا مع استمرار عمليات إزالة الغابات والتوسع الحضاري واستمر التلوث والإفراط في الصيد الجائر وغيرها من الأمور الأخرى.

وقد أظهرت بيانات سابقة أصدرتها الجمعية الحيوانية في لندن أن العالم، قد فقد منذ السبعينات من القرن الماضي ما يقرب من ثلث الحياة البرية التي تعيش فيه. وأشارت البيانات إلى أن عدد الأنواع التي تعيش على سطح الأرض قد انخفض بنسبة 25%، بينما انخفضت الأنواع البحرية بنسبة 28% والتي تعيش في المياه الحلوة بنسبة 29%. وتظهر الإحصاءات أن الجنس البشري يمحو نحو 1% من الأنواع الأخرى التي تسكن الكرة الأرضية كل عام، مما يعني أننا نعيش إحدى "مراحل الانقراض الكبرى".

من أشد الأنواع تضرراً الأنواع البحرية التي انخفضت أعدادها بنسبة 28% خلال 10 أعوام فقط (1995-2005). وقل عدد طيور المحيطات بنسبة 30% منذ منتصف التسعينات، بينما انخفض عدد الطيور المستقرة فوق اليابسة بنسبة 25%، هذا بالإضافة إلى الحيوانات الأخرى. وقالت جمعية الحياة البرية أنه يتوقع أن يشكل التغير المناخي تهديدا كبيرا للحياة البرية خلال الأعوام الثلاثين المقبلة. وتحذر الجمعية من أن عدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف هذا التدهور في معدل الحياة البشرية فسيكون له تأثير مباشر على الجنس البشري.

وأفاد جيمس ليب المدير العام للجمعية أن "تخفيض التنوع الحيوي يعني أن الملايين من البشر يواجهون مستقبلاً تكون فيه احتياجاتهم من الغذاء مهددة بسبب الآفات والحشرات، ومن المياه إما غير منتظمة أو معدومة تماما." ويضيف "لا أحد بإمكانه النجاة من تأثير فقدان التنوع الحيوي لأنه يعني بوضوح ضعف القدرة على اكتشاف الأدوية الجديدة وازدياد خطر الكوارث الطبيعية واشتداد تأثير الاحتباس الحراري."

نحو منطقة الخطر

وفي هذا الشأن فقد أظهرت دراسة نشرت نتائجها في دورية (ساينس ‭Science‬) أن النشاط البشري يدفع الأرض صوب "منطقة خطر" وذلك من خلال أربعة من بين تسعة نطاقات بيئية. وقالت الدراسة إن تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتغيرات في استغلال الأراضي والدورات البيولوجية الكيميائية المتغيرة -التي تعود جزئيا لاستخدام الأسمدة- قد غيرت بشكل جذري من طريقة عمل الكوكب.

وقالت الورقة البحثية التي تحمل عنوان "حدود الكوكب: توجيه التنمية البشرية على كوكب متغير" والتي وضعها 18 من الباحثين الدوليين البارزين إن هذه التغيرات زعزعت استقرار التفاعلات المعقدة بين البشر والمحيطات والأرض والغلاف الجوي. ويؤدي تجاوز هذه الحدود الى جعل الكوكب أقل ملاءمة وإلى إلحاق أضرار بجهود الحد من الفقر أو تحسين نوعية الحياة.

وقال يوهان روكستروم أحد معدي الدراسة وأستاذ العلوم البيئية في جامعة ستوكهولم "للمرة الأولى في تاريخ البشرية نحن بحاجة لأن نولي اهتماما بخطر زعزعة استقرار الكوكب بأسره".

وعرف العلماء في عام 2009 تسعة نطاقات للكوكب وحددوا جوانب يمكن من خلالها للإنسانية أن تتطور وتزدهر. ولم يتم اجتياز النطاقات الخمس الأخرى وهي استنفاد طبقة الأوزون وحموضة المحيطات واستغلال المياه العذبة والجسيمات الدقيقة في الغلاف الجوي والتلوث الكيميائي. واجتياز هذه النطاقات لا يسبب الفوضى بشكل فوري لكنه يدفع هذا الكوكب إلى فترة من عدم وضوح الرؤية.

ويعتبر العلماء تغير المناخ الحد الأكثر خطورة الذي تم اجتيازه. وتجاوزت كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي -وهو غاز يسبب الاحتباس الحراري- 350 جزءا في المليون ووصلت إلى الكمية الحالية وهي 395 جزءا في المليون في خروج عن الحد الذي يعتقد العلماء أنه مقبول. بحسب رويترز.

وأضاف روكستورم "وصلنا إلى نقطة قد نشهد فيها تغيرات مفاجئة لا رجعة فيها نتيجة لتغير المناخ" حيث أن الاحتباس الحراري قد يتسبب في ذوبان طبقات الجليد في القطب الشمالي فيما يطلق المزيد من الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الارض ويخلق حلقة مفرغة من التأثيرات الضارة. ويأمل العلماء في أن تساعد الدراسة الجديدة على تحقيق توازن بين المطالب المتعارضة لتحقيق النمو الاقتصادي وبين الاستدامة البيئية التي من المحتمل أن تبرز خلال المؤتمر.

التغير المناخي والتنوع الوراثي

الى جانب ذلك أعلنت منظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) ان التغير المناخي يهدد التنوع الوراثي لإمدادات الغذاء في العالم وان انقاذ المحاصيل والحيوانات المعرضة للخطر أمر جوهري للحفاظ على مخزونات الحبوب والتكيف مع الانماط المناخية المتطرفة. وقالت فاو إن بعض المحاصيل البرية -وهي سلالات لا يقبل المزارعون عليها الآن- قد يثبت انها أكثر ملاءمة في ظروف الاحتباس الحراري على الكوكب من أصناف المحاصيل الشائعة.

لكن هذه السلالات البرية لا تزال ضمن أكثر الأنواع المهددة بالخطر بفعل التغير المناخي. وقالت فاو في ورقة بحثية إن تحقيق الأمن الغذائي وحماية الانواع المهددة في ظل التغير المناخي أحد "التحديات العنيدة التي تجابه البشرية". وقالت الورقة البحثية إن ما بين 16 الى 22 في المئة من أنواع المحاصيل البرية قد يواجه خطر الانقراض خلال السنوات الخمسين القادمة. وأضافت ان من بينها 61 في المئة من أنواع الفول السوداني و12 في المئة من أنواع البطاطا (البطاطس) وثمانية في المئة من أنواع اللوبياء.

وقالت ماريا هيلينا سيميدو نائبة المدير العام للفاو في بيان "في عالم يكتنفه الاحتباس الحراري وطقس قاس أكثر تغيرا فان النباتات والحيوانات المخصصة للغذاء تحتاج بدرجة أكبر عن أي وقت مضى الى ان تكون ذات قدرة بيولوجية للتكيف بصورة أسرع". وأضافت "أن الحيلولة دون فقدان المزيد من المصادر الوراثية الزراعية وتوجيه قدر أكبر من الاهتمام بدراستها وبامكاناتها سيعزز قدرة الانسانية على التكيف مع التغير المناخي".

وفي سياق تحسين تكيف أنظمة الغذاء أوصت الورقة البحثية بدعم بنوك الجينات لتتضمن محاصيل تعتبر الان "ثانوية" ومراجعة آليات التربية وإنشاء بنوك محلية للتقاوي والنهوض بتبادل البذور بين المزارعين ومختلف المناطق. وقالت فاو إن انتاج العالم من الغذاء يجب ان يزيد بنسبة تقدر بنحو 60 في المئة بحلول عام 2050 كي يكفي لإطعام السكان فيما سيجعل التغير المناخي من زيادة المحاصيل أشد صعوبة في كثير من المناطق. بحسب رويترز.

ومن المنتظر ان تتراجع الرقعة المزروعة في منطقة افريقيا جنوب الصحراء وفي منطقة الكاريبي والهند وشمال استراليا فيما سيفتح ارتفاع درجة الحرارة مناطق جديدة أمام الزراعة في شمال الولايات المتحدة وكندا والكثير من مناطق اوروبا. وقالت الورقة البحثية إن أنظمة الزراعة والمحاصيل نفسها تحتاج للتكيف كي تساير هذه البيئات الجديدة. ويخشى العلماء من عزوف بعض المزارعين ومربي الماشية عن زراعة بعض اصناف المحاصيل وتربية سلالات الحيوانات بسبب التغير المناخي وسط غياب آليات الحفاظ عليها.

تجاوزات الصيد الجائر

على صعيد متصل وخلال مؤتمر عقد في نيبال لمكافحة أنشطة الصيد الجائر أطلق خبراء الحياة البرية تحذيرات تفيد بانه يجب على أنصار الحفاظ على البيئة محاولة الحد من الطلب على النمور وأعضائها في الصين في اطار حملة للحفاظ على هذه الحيوانات. وكانت آلاف النمور تجوب مناطق الغابات في جنوب آسيا وجنوب شرقها إلا ان اعدادها تضاءلت الى نحو ثلاثة آلاف في شتى أرجاء العالم. ويقول الخبراء إن أنشطة الصيد الجائر تدفعها تجارة مزدهرة في الصين حيث يشتد الاقبال على أعضاء النمور لانها تمثل رمزا للمكانة الاجتماعية للاشخاص كما تستخدم ايضا في الطب الشعبي التقليدي.

وقال مايكل بالتزر مدير مبادرة (تايجرز ألايف) التابعة للصندوق العالمي للحياة البرية في إشارة الى من يقومون بتزيين غرف المعيشة برؤوس النمور وبأبسطة مصنوعة من جلودها "هناك ثقافة لدى الكثير والكثير من أثرياء الصين" باقتناء اعضاء النمور. وقالت ديبي بانكس مديرة حملة الحفاظ على النمور التابعة لوكالة الاستطلاع البيئي ومقرها بريطانيا "تشجع مزارع النمور في الصين الصيد الجائر من خلال تنشيط الطلب على أعضاء النمور".

وقال جيمس كومتون مدير البرنامج الآسيوي لشبكة مراقبة الاتجار في الحياة البرية إن مئة نمر يقتل كل عام للاتجار المحظور منذ بداية القرن. وتستند هذه الاحصاءات الى عدد أعضاء النمور التي تتم مصادرتها والتي تبلغ عنها السلطات وهي توحي بان العدد الفعلى لقتل النمور أعلى بكثير. وقال أنيل ماناندار من فرع الصندوق العالمي للحياة البرية في نيبال إن صيد النمور سيستمر على هذا المنوال ما دام هذا الطلب قائما. بحسب رويترز.

وقال "يجب الا يكون هدفنا مجرد القضاء على أنشطة الصيد الجائر ولكن يجب ان يصل الطلب على اعضاء حيوانات الحياة البرية الى الصفر ايضا". وتستضيف نيبال مؤتمر مكافحة الصيد الجائر الذي يحضره مندوبون من 13 دولة والعديد من جماعات الحفاظ على البيئة بغية وضع استراتيجية لمكافحة انشطة الصيد الجائر في آسيا. وأثنى مندوبون على الهند ونيبال خلال المؤتمر بسبب جهودهما لزيادة أعداد النمور وحظر الصيد الجائر. وأظهرت دراسة مسحية ان اعداد النمور زادت بواقع الثلث تقريبا الى 2226 نمرا خلال أربع سنوات. وأعلنت نيبال عام 2013 عن وجود 198 نمرا مشيرة الى ان اعدادها زادت بنسبة 64 في المئة خلال نصف عقد.

اسماك الانقليس المهددة

في السياق ذاته صادرت الجمارك البلغارية مليوني سمكة من نوع صغير الانقليس اي ما يوازي 45 كلغ من هذه الاسماك المهددة، داخل حقائب سفر مسافرين صينيين اثنين في مطار صوفيا. وقد وضع الرجلان الاتيان من مدريد هذه الحيوانات في عشرات الاكياس المملوءة بالمياه واخفوها في علب من البوليستيرين. ويعتبر صغير الانقليس من اصبعيات الاسماك لنوع الانقليس الاوروبي، وهو من الانواع المهددة. كما انه من الاطعمة المحببة بالنسبة لكثيرين. بحسب فرانس برس.

ويتطلب صيد هذا النوع من الاسماك الخاضع لقوانين حازمة، الاستحصال على ترخيص خاص كما انه يخضع لنظام الحصص. ويمنع بيعه خارج الاتحاد الاوروبي في وقت ثمة طلب كبير عليه في آسيا. وبحسب الجمارك البلغارية، تبلغ قيمة الكيلوغرام الواحد من اسماك صغير الانقليس في الاسواق 500 يورو في اوروبا، الا انها قد تصل الى 1300 يورو للكيلوغرام الواحد في آسيا.

إعدام طيور الغاق

الى جانب ذلك أعلن سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي أن الحكومة الاتحادية تعتزم إعدام نحو 11 ألفا من طيور الغاق البحرية ذات التاجين على مدى أربعة اعوام والتي تعيش على جزيرة صغيرة في أوريجون وذلك في محاولة لإنقاذ أسماك السلمون المهددة بالخطر. وتخضع هذه الخطة للمراجعة وفي حال الموافقة النهائية عليها فقد يقوم العاملون بوزارة الزراعة في الولاية بإطلاق النار على هذه الطيور وغمر أعشاشها بالزيت وهي عملية الهدف منها الحيلولة دون فقس البيض وخروج الصغار بحلول فصل الربيع.

وقالت ديانا فريدلوند المتحدثة باسم سلاح المهندسين العسكريين إن هذه الخطة تلقى استحسانا عن خطة اخرى بديلة تدعو إلى إعدام 18 ألف طائر بحلول عام 2018 . وقالت "إنه موقف صعب. نحاول الموازنة بين السلمون وهذه الطيور. من الصعوبة بمكان إيجاد الإجابة الصحيحة لذا فقد يستغرق ذلك منا وقتا طويلا. لدينا الكثير من الخبراء الذين يعكفون على العمل في هذا الصدد".

ويبحث سلاح المهندسين عن بدائل أخرى منها مضايقة الطيور لإجبارها على الرحيل عن الجزيرة لكن فريدلوند قالت إن هذا لن يؤدي إلا إلى ترحيل المشكلة إلى مكان آخر. وأضافت "لا نريد مجرد إبعادهم عن الجزيرة ليمثلوا مشكلة لجهة أخرى. إنها مشكلة إقليمية". جاء قرار سلاح المهندسين العسكريين بعد أن أصدرت الادارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي رأيا بيولوجيا العام الماضي يدعو إلى الحد من أعداد هذه الطيور من نحو 13 ألف زوج الآن إلى أقل من ستة آلاف بحلول عام 2018.

ويقول مسؤولون اتحاديون إن طيور الغاق البحرية تقتات على صغار أسماك السلمون مما يهدد أعدادها بالخطر. وصنفت صغار أسماك السلمون على أنها من الأنواع التي يحيق بها الخطر وفقا لقانون الأنواع المهددة بالانقراض. لكن جمعية اودوبون في بورتلاند تقول إن الخطر الحقيقي على السلمون يتمثل في فقدان أماكن المعيشة واقامة مزارع الأسماك والسدود. بحسب رويترز.

وقال بوب سالينجر المدير المحلي لجمعية اودوبون للحفاظ على البيئة "نرى أن هذه الطيور مجرد كبش فداء بينما الأسباب الرئيسية لتراجع اسماك السلمون لم تعالج على النحو الأكمل." وأضاف ان الجمعية تعتزم مواجهة قرار سلاح المهندسين العسكريين الذي قد يتخذ صورته النهائية بحلول منتصف مارس آذار القادم. وتدعو خطة سلاح المهندسين علاوة على إعدام الآلاف من هذه الطيور على مدى أربع سنوات إلى تدمير نحو 26 ألفا من أعشاشها.

اضف تعليق