q

تشهد بورما منذ عدة سنوات اعمال عنف مستمرة ضد المسلمين الذين يعتبرون اقليات في البلاد ويشكلون أقل من 5% بينما يشكل البوذيين الغالبية الساحقة لذلك تحدث عمليات تعنيف مستمرة ضد الاقليات المسلمة هناك من قبل مجموعات من البوذيين المتطرفين والتي تعتبر نفسها سدا في وجه تهديد أسلمة للبلاد حيث قامت بتأجيج الكراهية ضد المسلمين في بورما.

وبحسب تقارير الأمم المتحدة تعتبر الأقلية المسلمة في بورما أكثر الأقليات في العالم اضطهادًا ومعاناة وتعرضًا للظلم من الأنظمة المتعاقبة، وهي أفقر الجاليات وأقلها تعليمًا، وعددهم يتجاوز 1.1 مليون مسلم يتعرضون لأقسى انواع العنف والانتهاكات حيث يقتلون حرقا وتمثل بجثثهم فضلا عن قتل اطفالهم الرضع واغتصاب جماعي لنسائهم وتعريضهم للضرب والتعذيب.

وفي الأشهر الأخيرة ساد توتر شديد في البلاد التي تشهد اضطرابات في ولاية راخين (أوأراكان شمال غرب)، التي يعيش فيها الكثيرون من الروهينغا المسلمين حيث يتعرضون الى حملة جرائم تصل الى ضد الإنسانية وربما التطهير العرقي فقد اتهمت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، سلطات وجيش ميانمار بتنفيذ إبادة جماعية وجرائم حرب ضد مسلمي الروهينغا وتدعو لوقف التطهير العرقي والسماح للمسلمين بأن يعيشوا في سلام على أرضهم وطالبت المجتمع الدولي برد سريع وقالت إن ميانمار يجب أن تتحمل المسؤولية عن ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد شعبها.

في هد الصدد نددت ماليزيا حيث تعيش غالبية من المسلمين ميانمار إلى وقف جميع أشكال التمييز والهجمات على أقلية الروهينجا المسلمة وحث دول العالم الإسلامي على التحرك لوقف المأساة الإنسانية المستمرة هناك.

بينما نفت حكومة ميانمار ذات الأغلبية البوذية بقيادة أونج سان سو كي الحائزة على جائزة نوبل للسلام تلك الاتهامات وتقول إن كثيرا من التقارير ملفقة. وتصر أيضا على أن الصراع في ولاية راخين- حيث يعيش كثير من الروهينجا- شأن داخلي.

هذا وقد فر مايقارب 69 الف مسلم لروهنجيا هربا من التمييز الذي يتعرضون له في عدد من المجالات من العمل القسري الى الابتزاز وفرض قيود على حرية تحركهم وعدم تمكنهم من الحصول على الرعاية الصحية والتعليم. فضلا عن القتل والتعذيب الذي يتعرضون له على ايدي قوى الامن في مدينة مينمار ليذهبوا الى بنجلادش بحثا عن الامان وان يتمتعوا بحياة أفضل.

لكنهم تفاجئوا بسلسة عذابات جديدة فقد قامت حكومة بنجلادش بنقلهم إلى جزيرة في خليج البنغال المعرضة لخطر الفيضان في حالة حدوث المد حيث ان الحياة هناك غير ممكنة مما اثار دهشة منظمات الإغاثة التي تقول إن العملية غير ممكنة والحياة هناك مستحيلة.

من جانب اخر اصابت صدمة في العاصمة التجارية التي يندر فيها أعمال العنف السياسي. بعد اغتيال المحامي المسلم كو ني المستشار القانوني لرئيسة الحكومة أونغ سان سو كي الذي كان يعمل على إدخال تعديلات على دستور ميانمار الذي صاغه الجيش لمساعدة الحكومة التي يقودها حزب الرابطة القومية من أجل الديمقراطية على إدارة شؤون البلاد بفعالية في نظام يبقي الجنود مسيطرين على الوزارات الرئيسية. ولم يتضح بعد هل جرى استهداف كو ني بسبب دياناته أو بسبب سعيه لتقليص الدور السياسي للجيش في ميانمار.

قتل الرضع والمسنين

ذكر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في تقريره أن شهود عيان تحدثوا عن "قتل رضع وأطفال تحبو وصغار ونساء ومسنين وفتح النار على أناس يلوذون بالفرار وحرق قرى بأكملها واحتجاز جماعي واغتصاب جماعي وممنهج وعنف جنسي وإتلاف متعمد للغذاء وموارد الطعام."

وقصت سيدة لمحققي الأمم المتحدة كيف تم ذبح رضيعها البالغ من العمر ثمانية أشهر. وروت أخرى كيف اغتصبها جنود وكيف رأت قتل طفلتها ذات الخمسة أعوام بينما كانت تحاول منعهم.

وقال الأمير زيد بن رعد الحسين مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في بيان "الوحشية المروعة التي تعرض لها أطفال الروهينجا هؤلاء لا تحتمل." بحسب رويترز.

وذكر تقرير الأمم المتحدة أن نحو 66 ألف شخص هربوا من الشطر الشمالي الذي تسكنه أغلبية مسلمة من ولاية راخين إلى بنجلادش منذ شن جيش ميانمار عملية أمنية ردا على هجوم على مواقع حدودية للشرطة يوم التاسع من أكتوبر تشرين الأول. وذكر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الآونة الأخيرة أن الرقم 69 ألفا.

وجمع أربعة محققين تابعين للأمم المتحدة إفادات الشهر الماضي من 220 من الضحايا الروهينجا ومن شهود هربوا من المنطقة المحاصرة في مونجدو في راخين إلى منطقة سوق كوكس في بنجلادش. وأشار التقرير إلى أن نصفهم تقريبا قالوا إن أحد أقربائهم قتل أو اختفى بينما أبلغت 101 امرأة عن تعرضها للاغتصاب أو العنف الجنسي.

ويتهم مسؤولو ميانمار السكان والنازحين الروهينجا باختلاق روايات عن القتل والضرب والاغتصاب الجماعي والحرق بالتواطؤ مع متمردين يقول المسؤولون إنهم إرهابيون من الروهينجا على صلة بإسلاميين في الخارج. إلا أن الحكومة تمنع المراقبين والصحفيين المستقلين من دخول منطقة الصراع.

نقل لاجئي الروهينجا لجزيرة معرضة للفيضان

أحيت بنجلادش خطة لنقل آلاف الروهينجا المسلمين الفارين من أعمال العنف في ولاية راخين بشمال غرب ميانمار إلى جزيرة معرضة لخطر الفيضان في خليج البنغال لمنعهم من "الاختلاط" بسكان بنجلادش. وتقول الأمم المتحدة إن نحو 69 ألف شخص فروا من الجزء الشمالي الذي يغلب عليه المسلمون في راخين إلى بنجلادش منذ أن قتلت هجمات تسعة من شرطة الحدود في ميانمار في التاسع من أكتوبر تشرين الأول مما أثار ردا أمنيا قاسيا قتل فيه العشرات.

واقترحت بنجلادش فكرة إرسال الروهينجا إلى جزيرة ثينجار تشار لأول مرة في 2015 مما أثار غضب جماعات معنية بحقوق الإنسان. وتتعرض الجزيرة للفيضان عند ارتفاع المد. ويقول إشعار يحمل تاريخ 26 يناير كانون الثاني ونشر على الموقع الإلكتروني لحكومة بنجلادش إن لجانا تشكلت لبحث تدفق الروهينجا المسلمين إذ تخشى البلاد أن يؤدي اختلاطهم مع السكان المحليين إلى مشكلات قانونية وأمنية. بحسب رويترز.

وقال مسؤول كبير في وزارة الداخلية في بنجلادش إن عملية نقل الروهينجا إلى الجزيرة ستستغرق بعض الوقت وإن "المكان إذا كان غير قابل للإقامة فإن الحكومة ستجعله قابلا للإقامة." وقتل مئات في اشتباكات طائفية في راخين عام 2012 مما كشف غياب رقابة حكومة أونج سان سو كي الحائزة على جائزة نوبل على الجيش. ويرى كثير من سكان ميانمار البوذيين الروهينجا كمهاجرين غير شرعيين من بنجلادش.

يسعى داعش للتمركز في جنوب شرق آسيا

قال نائب وزير دفاع بورما مينت نوي خلال منتدى أمني في سنغافورة ان حكومته "تعي بشكل كامل المخاوف المتزايدة من التقارير المنتشرة عن ولاية راخين" حيث يعيش افراد الاقلية المسلمة، مضيفا انها ستتعامل مع الأمر وتعاقب المخطئين. ويشن الجيش عملية منذ تشرين الاول/اكتوبر في راخين بحثا عن متمردين من الروهينغا تتهمهم السلطات بالوقوف وراء هجمات دامية على مراكز حدودية للشرطة.

وكان نوي يرد على وزير الدفاع الماليزي هشام الدين حسين الذي حذر من ان تنظيم داعش الارهابي الذي يسعى للتمركز في جنوب شرق آسيا قد يستغل الوضع في راخين اذا لم يتم التصدي له بالشكل المناسب. وقال هشام الدين انه "من شأن هذا الاحتمال المروع نشر القتل والدمار حتى خارج حدود آسيان،" في اشارة إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا، مضيفا ان قضية الروهينغا "يجب حلها وهي ستختبر مدى تماسك آسيان. لا يمكننا ان نتعامى عنها لأنها تؤثر على مشاعر عدد كبير من المسلمين". بحسب فرانس برس.

وأقر مينت نوي من ناحيته انه يتعين على بلاده حل القضية بالتعاون مع المجتمع الدولي قائلا "من الضروري اعطاء جهود الحكومة الوقت والمساحة لتؤتي ثمارها في ايجاد حل دائم لهذه المسألة المعقدة". يذكر ان مبعوثة الامم المتحدة لحقوق الانسان الى بورما يانغي لي وصلت الى ولاية راخين وتستمر زيارتها 12 يوما للبلاد تحقق خلالها في اعمال العنف ضد هذه الاقلية في مناطق حدودية.

مبعوث منظمة التعاون الإسلامي يدعو لمنع إبادة مسلمي الروهينجا

قال مبعوث منظمة التعاون الإسلامي الخاص إلى ميانمار سيد حامد البار إن الصراع الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 86 شخصا ودفع ما يقدر بنحو 69 ألفا للفرار إلى بنجلادش منذ اندلاعه في التاسع من أكتوبر تشرين الأول 2016 لم يعد قضية داخلية وإنما بات محل اهتمام دولي.

جاءت تصريحاته قبيل اجتماع خاص للمنظمة دعت إليه ماليزيا لمناقشة إجراءات للتعامل مع الصراع الذي يؤثر على أقلية الروهينجا وغالبيتهم العظمى من المسلمين. وقال البار لرويترز في مقابلة قبل الاجتماع في كوالالمبور "لا نريد رؤية إبادة جماعية أخرى مثلما حدث في كمبوديا أو رواندا." وتمثل منظمة التعاون الإسلامي 57 بلدا وتمثل صوتا جماعيا للعالم الإسلامي.

وتنفي حكومة ميانمار ذات الأغلبية البوذية بقيادة أونج سان سو كي الحائزة على جائزة نوبل للسلام تلك الاتهامات وتقول إن كثيرا من التقارير ملفقة. وتصر أيضا على أن الصراع في ولاية راخين- حيث يعيش كثير من الروهينجا- شأن داخلي. وكانت العمليات العسكرية ردا على هجمات على مواقع أمنية قرب حدود ميانمار مع بنجلادش قتل فيها تسعة من ضباط الشرطة. وقالت حكومة ميانمار إن متشددين لهم صلة بإسلاميين في الخارج مسؤولون عن الهجمات.

قال متحدث باسم حكومة ميانمار إن بلاده لن تحضر اجتماع منظمة التعاون الإسلامي لأنها ليست بلدا مسلما لكنها أوضحت أعمالها بالفعل لأعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في اجتماعها الأخير في ديسمبر كانون الأول وإن تدخل الأمم المتحدة سيواجه "مقاومة غير مرغوب فيها من السكان المحليين.

تصعيد القتال في راخين يثير القلق

حطت طائرة مقررة الامم المتحدة يانغي لي في سيتوي كبرى مدن الولاية لتبدا جولة تستمر 12 يوما تحقق خلالها في تصعيد اعمال العنف ضد هذه الاقلية في مناطق حدودية. وكانت لي تعرضت لتهديدات كما نعتها متشددون بوذيون بانها "مومس" خلال زيارات سابقة بعد الانتقادات التي وجهتها للحكومة البورمية حول معاملتها لهذه الاقلية التي تعاني منذ سنين من القمع والفقر.

وبعيد وصولها الى سيتوي التقت لي مسؤولين محليين كبارا من حزب الرابطة الوطنية من اجل الديموقراطية الحاكم ومن العسكريين، وفي وقت سابق، اعلن مسؤول كبير من حزب اراكان الوطني القومي الذي يسيطر على البرلمان ويعارض بشدة اي مبادرات من اجل منح الروهينغا الجنسية، انهم رفضوا لقاء لي.

وقال نائب رئيس الحزب خين بي سو لفرانس برس "لقد عرضوا علينا عقد لقاء لكن لا نية لدينا للاجتماع بهم". وتخضع القرى في ولاية راخين لمراقبة من قبل الجيش منذ تشرين الاول/اكتوبر بينما يقوم العسكريون ب"عمليات تمشيط" للعثور على متمردين من الروهينغا تتهمهم السلطات بالوقوف وراء هجمات داميا على مراكز للشرطة على الحدود.

وودانت لي الحملة ووصفتها بانها "غير مقبولة" ودعت الى التحقيق في هذه المزاعم حول التجاوزات بحق المدنيين. وقالت لي قبل زيارتها الى بورما ان تصعيد القتال في راخين "يثير القلق في ما يتعلق بتوجه الحكومة الجديدة في عامها الاول". وصرح وزير خارجية بنغلادش أ. ه. محمود علي بعد لقائه مبعوث بورما الخاص في دكا هذا الاسبوع "طالبت بنغلادش بعودة الامور الى طبيعتها سريعا في ولاية راخين حتى يتمكن الرعايا البورميون من العودة الى بلادهم بسرعة".

سفينة مساعدات لمسلمي الروهينجا في ميانمار

وجه رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق انتقادات علنية لمعاملة حكومة ميانمار ذات الأغلبية البوذية لأقلية الروهينجا المسلمة ويدعو الحكومة لوقف الهجمات. وقال نجيب في كلمة بميناء قرب العاصمة "هذه لحظة تاريخية جهد نبيل يظهر أنه لن يتم تجاهل آلام ومعاناة الروهينجا في ميانمار." وآضاف "نسمع أنينهم .. أولئك الذين تعرضوا للاغتصاب والقتل والحرق أحياء".

ونظمت جماعات مسلمة ماليزية وجماعات إغاثة محلية وأجنبية شحنة المساعدات التي اتجهت إلى ميناء يانجون أكبر مدن ميانمار. وقال منظمو شحنة المساعدات إن من المتوقع وصولها إلى يانجون في التاسع من فبراير شباط حيث ستفرغ 500 طن من الإمدادات. وستقوم بعد ذلك برحلة مدتها ثلاثة أيام إلى ميناء تكناف في بنجلادش. بحسب رويترز.

ورفضت ميانمار السماح للسفينة بالإبحار إلى سيتوي عاصمة ولاية راخين وهو ما كان يرغب فيه المنظمون. وأصرت ميانمار أيضا على توزيع المساعدات بالتساوي بين البوذيين والمسلمين. وقال عبد العزيز عبدول رئيس المهمة "ما زلنا نأمل من كل قلوبنا أن يسمحوا لنا بزيارة سيتوي وتوزيع المساعدات بأنفسنا."

اضف تعليق