q

لم يكتفي تنظيم داعش الارهابي على الاستيلاء على الاراضي في مدينة الموصل العراقية وحسب بل وسعوا في الارض فسادا من خلال قتل الابرياء وسبي النساء واعتقال الرجال وخطف الاطفال وتجنيدهم الى صفوفهم وتشريد الاهالي وجعلهم دروعا لهم, واستمرت سلسلة الانتهاكات حتى وصلت الى انتهاك الاعراض.

فالنساء في مدينة الموصل هن الاكثر ضررا من ضحايا تنظيم داعش الارهابي فقد استبيحت اعراضهن واختصبت احلامهن وقد حللت عصابات داعش لأنفسهم ان يبيع النساء في مدينة الموصل ويجرهن كسبايا حرب الى مدينة الرقة السورية فضلا عن فرضة العديد من القوانين التعسفية بحق المرأة منذ ان احتل الموصل عام 2014 منها ارتداء الخمار وحرمانها من التعليم والعمل.

بقيت القصص المروعة التي مرت بها النساء في مدينة الموصل العراقية محفورة في اذهانهن وبمجرد ان ترى وجوههن تتكلم ادمع اعيهن من الظلم والاستبداد الذي تعرضن له. تروي احدى النساء قصتها مع داعش بعد ان تحررت مدينتها على ايدي القوات العراقية التي أصبحت تعاني من صدمة شديدة لدرجة ارتعادها خوفا حتى بعد الفرار من قبضة التنظيم قالت كلمة واحدة قلتها بالخطىء لأحد مقاتلي تنظيم داعش في الموصل العام الماضي كانت كفيلة بإطلاق شرارة سلسلة من الأحداث المروعة حيث انهم كانوا يجبرون الأرامل على الزواج. كانت هذه إحدى قواعدهم: إما الموت جوعا أو الزواج.

وقصتها عكست على روايات كثيرة باتت تخرج الى النور مع تحرير مناطق واحياء أكثر المدن سكانا يسيطر عليها المتشددون على الإطلاق وصراعهم مع آثار معاناة دامت عامين ونصف العام. قد سجلت ذاكرة الموصلين الكثير من المشاهد والأحداث المروعة، فتنظيم "داعش" لا ينفك أن يبتكر وسائل جديدة لتعذيب المناوئين له والذين يخالفونه.

وكان من اكثر الضحايا خلال هذه الفترة المظلمة تحت تأثير داعش الارهابي وبحسب تقارير اممية النساء الايزيديات وأصدرت الأمم المتحدة تقريرا أشارت فيه إلى ان تنظيم داعش "يسعى إلى محو الأيزيدين من خلال عمليات القتل والاستعباد والعبودية الجنسية والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة".

حيث ترفع هيفاء سبعة من اصابع يديها، لتقول انه عدد مسلحي تنظيم داعش الذين باعوها واشتروها في اطار الاستعباد الجنسي لاكثر من عامين. وتقول "كانوا سبعة" بينهم رجال من مصر والمغرب وفلسطيني واحد. وهيفا احدى الفتيات الايزيديات التي اخطفها داعش من مدينتها سنجار في شمال الموصل.

وعلى صعيد ذي صلة قال قادة عراقيون إن امرأة ايزيدية أسرها تنظيم داعش لأكثر من عامين تمكنت من الفرار مع توغل القوات العراقية في مدينة الموصل وقدمت معلومات ساعدت القوات في انتزاع السيطرة على حي بالمدينة.

اما ميعاد الجبوري فقصتها تختلف فأرادت ان تنتقم لما حدث لها وللنساء في مدينة الموصل وقررت ان تقف مع القوات العراقية لتطرد التنظيم الارهابي من اراضيها حيث تبدو بالطاقية العسكرية المموهة التي تضعها فوق وشاح رأسها غريبة بين مئات الرجال الذين يقاتلون لاستعادة قرية من تنظيم داعش في شمال العراق.

تقاتل للثأر من داعش

ميعاد وهي أم لخمسة أطفال هي المرأة الوحيدة في صفوف قوة مشتركة من الجيش العراقي والفصائل العشائرية التي هاجمت قرية كنعوص والتي تمثل واحدة من جبهات عديدة في الحملة الرامية لطرد المتشددين من معاقلهم الباقية في العراق. وقالت ميعاد شأنها شأن الرجال من حولها إن ما دفعها لحمل السلاح هو كراهيتها للتنظيم الذي اجتاح مساحات كبيرة من البلاد قبل أكثر من عامين واستخدم أساليب وحشية في معاقبة خصومه وقتل كثيرين من بينهم عدد من أبناء عمومتها.

لكن مجرد وجودها في ساحة المعركة يخالف كل الأعراف في مجتمع يقتصر فيه دور المرأة في كثير من الأحيان على البيت ونادرا ما تشاهد قرب الخطوط الأمامية إلا إذا كانت مع الفارين من القتال. وقالت ميعاد وسط تعبيرات الاستحسان من الرجال الواقفين حولها "هؤلاء الجنود كلهم إخوتي. وأنا فخورة أني معهم. هؤلاء (مقاتلو داعش) جاءوا لتدمير العراق لكننا سنحرق هؤلاء الكلاب."

ورغم أن بندقية كلاشنيكوف تتدلى على جسدها الضئيل فهي لم تطلق منها ولا طلقة واحدة خلال المعركة وظلت على مسافة قصيرة خلف خط النار الأمامي. ورغم كل ما قالته ميعاد عن القتال فهي لم تنضم إلى فصيل "أسود دجلة" العشائري إلا قبل عشرة أيام ولم يكن لها أي خبرة سابقة بالقتال. بحسب رويترز.

وهذا الفصيل واحد من عشرات الفصائل التي ظهرت لدعم القوات العراقية الزاحفة على الموصل آخر مدينة كبيرة من معاقل تنظيم داعش في البلاد في حملة تدعمها الولايات المتحدة بدأت في أكتوبر تشرين الأول وتعتبر حاسمة في القضاء على دولة الخلافة التي أعلنها المتشددون في مساحات كبيرة من العراق وسوريا عام 2014.

قالت ميعاد دون أن يبدو عليها أي اضطراب من دوي قذائف المورتر التي يطلقها المقاتلون على قرية كنعوص حيث كانت تعيش "لا يسمحون لي بالذهاب إلى الجبهة الحقيقية. يخافون علي لكني أريد الذهاب إلى هناك." اضافة ميعاد إنها قامت خلال العامين اللذين عاشت فيهما تحت حكم التنظيم بإبلاغ قوات الأمن العراقية سرا بتحركات المتشددين ولم تكن تلتزم بأوامرهم التي كانت تقضي بأن تغطي النساء وجوههن.

وفصيل "أسود دجلة" الذي يحظى بدعم الحكومة العراقية مكون من مجموعة من الشباب المحليين كثيرون منهم كانوا في الجيش وفقدوا أصدقاء وأحبة على أيدي المتشددين. وطلب الرجال أن تلتقط لهم صورة بجوار ميعاد وقالوا إنها ستحصل على بيت أحد مقاتلي داعش في كنعوص بعد تحريرها.

ارتكبت خطأ

من جهة اخرى خضعت الأم الأرملة للفحص والتدقيق كي تحصل على معاش من التنظيم المتشدد بعد بضعة أشهر من سيطرتهم على المدينة الواقعة في شمال العراق عام 2014 وتحويلها إلى عاصمة لخلافتهم التي أعلنوها من جانب واحد. وقالت في مقابلة في مخيم تديره الحكومة في الخازر شرقي الموصل "ارتكبت خطأ بإبلاغهم أن زوجي راح ضحية للإرهاب. ضربني أحدهم وكسر أسناني." بحسب رويترز.

حبسها المتشددون في غرفة قذرة مع الفئران والحشرات. وقالت إنهم عصبوا عينيها وقيدوا ذراعيها وساقيها بالسلاسل بينما قام أحد الرجال أو ربما العديد.. فهي لا تستطيع أن تدري باغتصابها مرارا وتكرارا. وعندما أفرجت عنها داعش بعد الاعتداء عادت المرأة النحيلة (37عام) إلى منزلها وهي تظن أن مأساتها انتهت. وأرسلت طفليها الصغيرين اللذين يبلغان الآن تسعة وأحد عشر عاما ليقيما مع أقارب في مدينة أربيل الكردية القريبة وخططت للحاق بهما بمجرد أن تتمكن من توفير المال اللازم لتهريب نفسها وابنها الأكبر.

لكنها بعد بضعة أسابيع اكتشفت أنها حامل من أحد معذبيها من داعش. وإضافة إلى الصدمة التي تعاني منها جراء اغتصابها فإنها تخشى الوصمة التي تلحق بالنساء اللائي يلدن دون زواج في المجتمع العراقي المحافظ. وخلال شهرين سارعت بالزواج من رجل وافق على اعتبار الطفل الذي ستلده ابنه.

الموت جوعا أو الزواج

قالت المرأة التي كانت تجهش بالبكاء بين الحين والآخر ويداها تحت عباءتها الفضفاضة "كانوا يجبرون الأرامل على الزواج. كانت هذه إحدى قواعدهم: إما الموت جوعا أو الزواج."بيد أن زوجها الجديد كان لديه ماض مضطرب هو الآخر.

فالطالب بالسنة النهائية بكلية الهندسة حكم عليه بالسجن فيما له صلة بجريمة شرف قبل أن تستولي داعش على الموصل. وفي السجن صادق المتشددين الذين ساعدوه على الفرار عندما هزم التنظيم القوات الحكومية في 2014. وبعد قليل من زواج الاثنين وجهت داعش للرجل إنذارا: إما تقاتل معنا أو سنقتلك. رضخ ووجدت زوجته الجديدة نفسها عائدة إلى براثن المتشددين.

وعندما علمت عائلتها التي تعيش خارج الموصل أنها الآن متزوجة من عضو بداعش قطعوا جميع الصلات بها. وأخذ شقيق زوجها الراحل حضانة طفليها الصغيرين ونقلهما إلى بغداد متعهدا بألا تراهما مطلقا. وعندما وصلت القوات العراقية إلى الحي الذي تقطنه الشهر الماضي قالت إنها اعتقلت زوجها الجديد للتحقيق في صلاته بالمتشددين.

وأخذت ابنها الأكبر معها إلى المخيم لكنها تركت الرضيع الذي يبلغ الآن عاما واحدا فقط مع الزوجة الثانية لزوجها الجديد التي لا تزال في الموصل. ومصيره ومصير المئات أو ربما الآلاف من الأطفال الذين ولدوا لمتشددين لا يزال مجهولا مع فقد التنظيم الكثير من الأرض التي يسيطر عليها وتبخر حلمه ببناء دولة.

وقالت الأم عن عائلة الزوجة الثانية "تعتقد أن هذا هو ابن والدهم هم لا يعرفون الحقيقة. الطفل لا يشبهني." وعقدت العزم ألا تعود مطلقا إلى الموصل حتى إذا تم القضاء على داعش. وأضافت "أريد الذهاب إلى مكان بعيد لا يعرفني فيه أحد."

لا يزال موصولا بين الاثنين

على صعيد ذي صلة قصة هذه الفتاة تدمع القلب وتقشعر منها الابدان فبدل ان يكون الاب هو السند الذي يدفع عن ابنته الشر كان العكس مع هذه الطفلة المسكينة والتي يبلغ عمرها 13 عام.

تحدثت الفتاة لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويتها أن والدها زوجها قبل أربع سنوات لجار يكبرها سنا بكثير تبين أنه يعمل مع داعش.

وأضافت المراهقة النحيلة وهي تقبض على حافظة نقود مطرزة إنه هددها بقتلها وسمح لإخوته بالاعتداء عليها جنسيا. وبعد فرارها من الموصل قبل بضعة أسابيع علمت أنه فر هو الآخر إلى مخيم قريب وأبلغت السلطات فاعتقلته. لكن رباط الزواج لا يزال موصولا بين الاثنين.

اضطهاد الاقلية

في الشأن نفسه خطف تنظيم داعش مرأة ايزيدية البالغة من العمر 42 عاما والتي طلبت عدم ذكر اسمها من مدينة سنجار مسقط رأسها في صيف عام 2014 عندما اجتاح التنظيم شمال العراق واضطهد الأقلية اليزيدية بالمنطقة. وقتل مئات اليزيدين وأسر التنظيم أكثر من ستة آلاف منهم. وتحارب القوات العراقية في الوقت الحالي لاستعادة الموصل التي يُحتجز بها عدد كبير من اليزيدين.

قالت المرأة للصحفيين إنها نُقلت من حي إلى آخر في الموصل حتى فر خاطفها من المدينة وتركها هي وأبويها في حي القدس الذي استطاعت الفرار منه في نهاية المطاف. وأضافت بصوت واهن وقد غطى نقاب أسود وجهها "هربت مع بعض العائلات في الليل حوالي الساعة الثالثة فجرا." بحسب رويترز.

وقال اللواء معن السعدي من جهاز مكافحة الإرهاب الذي يقود عملية الموصل إن المرأة قدمت معلومات ساعدت العملية في المنطقة. وأضاف "تم احتضانها وتم أخذ منها بعض المعلومات عن الحي وهي معلومات حقيقة استفدنا منها أثناء الهجوم والتقدم على حي القدس."

سبايا حرب

على صعيد متصل أصدرت الأمم المتحدة تقريرا في حزيران/يونيو الماضي أشارت فيه إلى ان تنظيم داعش "يسعى إلى محو الأيزيديين من خلال عمليات القتل والاستعباد والعبودية الجنسية والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة". ففي العام 2014، قتل عناصر تنظيم داعش اعدادا كبرى من الايزيدين في سنجار في محافظة نينوى في شمال العراق، وارغموا عشرات الالاف منهم على الهرب، فيما احتجزوا الاف الفتيات والنساء كسبايا حرب.

والايزيديون اقلية ليست مسلمة ولا عربية، تعد اكثر من نصف مليون شخص ويتركز وجودها خصوصا قرب الحدود السورية في شمال العراق. وبينما تتحضر القوات العراقية لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل من قبضة التنظيم، يتخوف الايزيديون على مصير الاف من ابناء طائفتهم ما زالوا هناك. فرانس برس.

ويقول الايزيديون ان ديانتهم تعود الى الاف السنين وانها انبثقت من الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين، في حين يرى آخرون ان ديانتهم خليط من ديانات قديمة عدة مثل الزردشتية والمانوية. ويناصب تنظيم داعش هذه المجموعة الناطقة بالكردية عداء شديدا باعتبار ان افرادها "كفار".

ويتولى رجل من الطائفة الايزيدية يدعى حسين القائدي مهمة تعقب اثار ابناء الطائفة. وهو يدير "مكتب شؤون المختطفين" في مبنى مؤلف من طابقين في مدينة دهوك التابعة لأقليم كردستان في شمال العراق. ويقدر الرجل انه ما زال هناك نحو 3 الاف ايزيدي من نساء واطفال ورجال في قبضة تنظيم داعش من اصل ستة الاف احتجزهم التنظيم. ويضيف "كانت هناك حملة شرسة ضدنا. لا يتوقع احد في القرن الحادي والعشرين ان تأتي جماعة ارهابية لاغتصاب نسائنا وقتل الرجال والاطفال".

سوق لبيع النساء

كانت هيفاء واختها بين الفتيات اللواتي احتجزن كسبايا حرب. هيفاء (36 عاما) عائلتها كانت بين الالاف من ابناء الاقلية الايزيدية العراقية الذين قبض عليهم جهاديون هاجموا مناطق في العراق عام 2014. وتستذكر هيفاء، وهو اسم مستعار، في حديث لوكالة فرانس برس السوق الذي عرضها فيه مسلحو التنظيم.

وتقول "كان هناك مكان اشبه بالسوق حيث توضع النساء الايزيديات ويأتي المسلحون لشرائهن". وتتابع "اشترى احد المسلحين 21 امرأة مرة واحدة". واقتيدت هيفاء من بلدتها سنجار الى مدينة الموصل، المعقل الرئيسي للجهاديين في العراق، قبل نقلها مرة اخرى الى مدينة الرقة في سوريا.

وفشلت هيفاء في الهرب مرتين.

وتروي قائلة "تعاملوا معنا بطريقة قاسية للغاية. وفعلوا بنا اشياء سيئة للغاية". وتمكنت قبل ايام من الهرب، مؤكدة انها تلقت مساعدة من "اشخاص طيبين" دون المزيد من التفاصيل. وتمكنت بعض الايزيديات من الهرب من تنظيم داعش، بينما تم شراء حرية اخريات. وتواجه هيفاء الان تحديا صعبا ببناء حياتها التي تحطمت بعد فرارها من أشهر طويلة من التعذيب. وعادت هيفاء الى بلدتها ولكنها تخجل من الحديث مع الاصدقاء القدامى والاقارب. كما وتعاني من امراض. وتقول "انا منهكة جدا".

وعلى الرغم من تمكنها من الفرار، فانها ما زالت تبحث عن معلومات حول مصير ايزيديات اخريات ما زلن في قبضة التنظيم الجهادي، بينهن شقيقتها الصغرى التي تبلغ من العمر 20 عاما. وتقول "اطلب من الجميع، من كل العالم المساعدة في تحريرهن"، مضيفة "ما زلن هناك، وما زلن يعانين".

اضف تعليق