q

يرى بعض الخبراء ان اسرائيل وبعد تولي الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مهام منصبه، ستصبح اكثر قوة خصوصا وان ترامب الذي تعهد خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالاعتراف بمدينة القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، والعمل على نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس. وهو ما لا تقبل به معظم الدول. هذه التحركات والتصريحات أثارت حالة من القلق داخل وخارج فلسطين التي تريد ان تكون القدس الشرقية، التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، عاصمة لدولتهم المستقبلية، كما ان وصول ترامب الذي يعد اليوم اقوى حليف لاسرائيل، قد دفع حكومة الاحتلال الى وضع خطط جديدة من اجل توسيع بعض المستوطنات وبناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهو ما عارضته الولايات المتحدة والعديد من الدول الاخرى، كون سياسة الاستيطان الإسرائيلية ستقوض عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وفي هذا الشأن فقد ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يضع خطة غير مسبوقة لبناء مستوطنات فى الضفة الغربية فى عهد الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب. وقالت الصحيفة ، فى تقرير نشرته على موقعها الالكترونى ، إن نتنياهو يعطى أملا لقادة المستوطنين بأن عمليات تشييد هائلة ستبدأ عندما يتسلم دونالد ترامب مهامه من باراك أوباما.

وكان نتنياهو قد أدلى بأقوى تصريحات له منذ سنوات بشأن بناء مستوطنات فى الضفة الغربية إلا أنه ورغم ذلك أكد أنه يتطلع للعمل مع ترامب على حل الدولتين. ونقلت الصحيفة عن مصادر قريبة من رئيس الوزراء الإسرائيلي قولها إن نتنياهو والرئيس الأمريكي القادم ترامب لا يريان فى تشييد مستوطنات بالضفة الغربية عائقا أمام إقامة دولة فلسطينية. ولفتت إلى تصريحات نتنياهو خلال اجتماعه بحزب الليكود حيث تفاخر بنجاح الاتفاقية التي تم التوصل إليها مع المقيمين في مستوطنة (عمونا) والتى من شأنها أن تسمح لأكثر من نصفهم أن يظلوا مقيمين على قمة التل في موقع مختلف .. حيث قال "إن عمونا هي مجرد البداية"..مضيفا "سنستمر في تعزيز وتطوير المستوطنات".

نقل السفارة

من جانب اخر اكدت مسؤولة اميركية اختارها دونالد ترامب لتكون سفيرة في الامم المتحدة ان واشنطن تعتزم نقل سفارتها في اسرائيل من تل ابيب الى القدس، وهو مشروع ندد به وزير الخارجية المنتهية ولايته جون كيري. وعينت نيكي هالي الحاكمة الجمهورية لولاية كارولاينا الشمالية منذ 2011 والتي تتحدر من مهاجرين هنديين ولا تزال مبتدئة في السياسة الخارجية، نهاية تشرين الثاني/نوفمبر لتمثيل واشنطن لدى الامم المتحدة خلفا لسامنتا باور.

وعلى غرار كل المسؤولين الذين تم اختيارهم، لا يزال تعيينها يتطلب موافقة الكونغرس وقد مثلت امام لجنته للشؤون الخارجية. وردا على سؤال عن وعد ترامب خلال حملته بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى المدينة المذكورة حيث لواشنطن قنصلية في الشطر الغربي، قالت هالي "تماما. هذا ليس فقط ما تريده اسرائيل بل ايضا ما قال هذا الكونغرس انه سيدعمه". بحسب فرانس برس.

وهذه الخطوة في حال اتخذت ستشكل نقضا لسياسة تاريخية للولايات المتحدة والقسم الاكبر من المجتمع الدولي، تقوم على وجوب تحديد مصير القدس التي يطالب الفلسطينيون بان يكون قسمها الشرقي عاصمة لدولتهم المنشودة، عبر المفاوضات. وفي مقابلة مع شبكة "سي بي اس"، حذر جون كيري من خطر "انفجار شامل في المنطقة" في حال نقل السفارة. ولكن في مقابلة مع صحيفتي تايمز البريطانية وبيلد الالمانية، بدا ان ترامب لا يتجاهل التحذيرات الدولية وقال "سنرى ماذا سيحصل". ووضع القدس هو احدى القضايا الاكثر تعقيدا في النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين.

بوتين والبابا

في السياق ذاته طلب الرئيس الفلسطيني من نظيره الروسي فلاديمير بوتين المساعدة لمنع الولايات المتحدة من نقل سفارتها إلى القدس عبر رسالة خطية نقلها له صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. ويدعم السفير الأمريكي الجديد المحامي المتشدد ديفيد فريدمان توسيع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة وتحويل مقر السفارة إلى القدس. وصرح صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إنه نقل رسالة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطلب منه صراحة المساعدة في منع الولايات المتحدة من نقل سفارتها إلى إسرائيل.

وقال عريقات أنه نقل الرسالة من عباس إلى بوتين خلال زيارة إلى موسكو التقى خلالها بوزير الخارجية سيرغي لافروف. وقال عريقات "نقلت رسالة خطية من عباس إلى بوتين وبصراحة كانت تطلب من بوتين المساعدة" بعد أن "وصلتنا معلومات تفيد أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب سيقوم بنقل السفارة الى القدس وهذا يعتبر بالنسبة إلينا خطا أحمر وأمرا خطيرا".

وفي وقت سابق دان مفتي فلسطين الشيخ محمد حسين خطة ترامب نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس واعتبره "اعتداء على المسلمين" في جميع أنحاء العالم. ويخشى من أن تشكل خطوة نقل السفارة إلى القدس اعترافا فعليا بها عاصمة لإسرائيل وهو ما سيزيد من التوترات في الشرق الأوسط ويقضي على جهود السلام الهشة. وقال الشيخ حسين أن نقل السفارة "يخالف المواثيق والأعراف الدولية ومجلس الأمن التي تعترف بأن مدينة القدس محتلة.

ويعتبر الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة دولتهم المستقبلية، بينما تعتبر إسرائيل المدينة بأكملها عاصمة لها. والقدس في قلب النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. وقد احتلت إسرائيل القدس الشرقية وضمتها عام 1967 ثم أعلنت في 1980 القدس برمتها عاصمة لها، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي وضمنه الولايات المتحدة. ويرغب الفلسطينيون في جعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم. ويدعم السفير الأمريكي الجديد فريدمان المحامي توسيع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وهي خطوة طالما وصفتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة بأنها "عائق أمام السلام" مع الفلسطينيين.

الى جانب ذلك بحث الرئيس الفلسطيني محمود عباس قضية الشرق الأوسط مع البابا فرنسيس وقال إن إمكانات السلام ستتضرر إذا مضى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في خططه لنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس. وأضاف للصحفيين بعد إجراء محادثات مع البابا على مدى 25 دقيقة أن الفلسطينيين سينتظرون ليروا ما سيحدث. وقال "نتمنى أن يكون ذلك غير صحيح لأن ذلك سيعرقل عملية السلام."

وتوقف عباس الذي كان يتحدث عبر مترجم في روما لافتتاح سفارة لدولة فلسطين لدى الفاتيكان قبل أن يكمل طريقه إلى باريس للمشاركة في مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط. ويمثل وعد ترامب بنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس تغييرا في السياسة الأمريكية المتبعة منذ عقود. وتقول إسرائيل إن القدس عاصمتها الموحدة والأبدية ويريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية. وكانت إدارات أمريكية متعاقبة قالت إن وضع مدينة القدس يجب أن يكون محل تفاوض.

ويساند الفاتيكان حل الدولتين وتقع سفارته لدى إسرائيل في يافا. وهو يعترف ضمنيا منذ سنوات بالدولة الفلسطينية لكنه أضفى على ذلك طابعا رسميا عام 2015 بتوقيعه معاهدة مع دولة فلسطين. وأثناء خروجه من عند البابا قال عباس إن افتتاح السفارة الجديدة لدى الفاتيكان دلالة على أن البابا يحب الشعب الفلسطيني ويحب السلام. ودعا الفاتيكان في بيان إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين "لوضع نهاية للعنف الذي يسبب معاناة غير مقبولة للسكان المدنيين ولإيجاد حل عادل ودائم." ودعا إلى أجواء يمكن أن تتيح اتخاذ "قرارات شجاعة". بحسب رويترز.

وفي مقابلة نشرتها صحيفة لو فيجارو الفرنسية قال عباس إنه كتب إلى ترامب يحذره من تبعات نقل السفارة. وقال إن ذلك "لن يحرم فقط الولايات المتحدة من أي شرعية للعب دور في حل النزاع لكنه سيقضي أيضا على حل الدولتين." وتابع أن الفلسطينيين سيبحثون عدة خيارات بشأن كيفية الرد بعد إجراء مشاورات مع الدول العربية. وأضاف "التراجع عن اعترافنا بإسرائيل سيكون إحداها لكننا نأمل ألا نصل إلى ذلك وأن نستطيع بالمقابل العمل مع الإدارة الأمريكية المقبلة."

500 وحدة استيطانية

من جهة اخرى قالت جماعة تراقب الاستيطان إن بلدية القدس اقترحت بناء 500 وحدة سكنية أخرى في منطقة ضمتها إسرائيل للمدينة بعد حرب عام 1967. ولم تؤكد الحكومة الإسرائيلية على الفور هذه الخطوة التي أدانتها فرنسا. وهذا هو أول مقترح منذ انتخاب دونالد ترامب الذي يتوقع اليمين الإسرائيلي أن يكون أكثر تأييدا للبناء الاستيطاني من إدارة باراك أوباما.

وتنتقد واشنطن بشدة بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية. ويعتبر معظم الدول المستوطنات الإسرائيلية على الأرض المحتلة التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها غير قانونية. ويقول الفلسطينيون الذين يريدون إقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية إن المستوطنات عقبة رئيسية أمام السلام. وانهارت آخر جولة من المحادثات بشأن الدولة والتي تعقد بوساطة أمريكية عام 2014.

وفي إعلان رفعت لجنة التخطيط في بلدية القدس توصية إلى لجنة التخطيط الإقليمية بأن تمضي قدما في خطط بناء الخمسمئة منزل في مستوطنة رامات شلومو شمالي القدس. وكانت الهيئة الإقليمية اقترحت الخطة في بادئ الأمر عام 2014 لكن لم تنفذ. وقالت بيتي هيرشمان المتحدثة باسم منظمة عير عميم الحقوقية التي ترصد البناء الاستيطاني إن الاقتراح طُرح مجددا للنقاش. وبعد انتخاب ترامب سارع نفتالي بينيت وهو زعيم حزب يميني يدعم بناء المستوطنات الإسرائيلية ويعارض إقامة دولة فلسطينية في التعبير عن وجهة نظره بأن "عصر دولة فلسطينية انتهى". كما أعاد رئيس بلدية القدس رجل الأعمال نير بركات التأكيد منذ ذلك الحين على دعوته لتوسيع البناء الاستيطاني في القدس وأيد الكنيست الإسرائيلي مشروع قرار يضفي الصبغة القانونية بأثر رجعي على البؤر الاستيطانية التي بنيت على أراض ذات ملكية فلسطينية خاصة في الضفة الغربية. بحسب رويترز.

وقال المحامي الفلسطيني مصطفى البرغوثي إن التحرك الذي أقدمت عليه بلدية القدس هو "مجرد بداية لخطوة بالغة الخطورة" وطالب ترامب "بأن يبلغ إسرائيل على الفور بأنه لن يدعم هذا الانتهاك الفظيع للقانون الدولي." وأصدرت الحكومة الفرنسية بيانا قالت فيه إن ذلك التحرك سيعزل المناطق الفلسطينية "وسيصدر حكما مسبقا على الوضع النهائي الذي لا يمكن التوصل إليه إلا من خلال المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين." واقترحت فرنسا عقد مؤتمر للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين في باريس في وقت لاحق هذا العام لكن إسرائيل رفضت الفكرة وقالت إنها لن تشارك مؤكدة أن محادثات السلام المباشرة هي السبيل الوحيد للتوصل إلى اتفاق سلام.

تهديد بالهدم

على صعيد متصل هدد رئيس بلدية القدس الاسرائيلي نير بركات بانه سيأمر بهدم منازل فلسطينية في الاحياء الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة، بنيت "في شكل غير قانوني" في حال قامت الحكومة باخلاء بؤرة استيطانية عشوائية في الضفة الغربية المحتلة. وكان بركات يشير الى قرار المحكمة العليا الاسرائيلية بهدم بؤرة عمونا الاستيطانية قرب مدينة رام الله بحلول 25 كانون الاول/ديسمبر. واعتبر بركات، العضو في حزب ليكود اليميني الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، انه في حال هدم بؤرة عمونا فأنه ليس هناك اي سبب لعدنم تعرض المباني غير القانونية في القدس الشرقية للمصير نفسه.

وفي رسالة وجهها الى المستشار القانوني للحكومة، اكد بركات ان هدم عمونا "قد يكون له اثار على حالات مماثلة في القدس حيث قام عرب بالبناء بشكل غير قانوني على اراض خاصة او بلدية". واضافت الرسالة ، أنه "ينبغي الا يكون هناك قانون لليهود واخر للعرب". ونددت منظمة "عير عاميم" الاسرائيلية غير الحكومية والتي تعارض الاستيطان في القدس الشرقية بتصريحات رئيس البلدية. بحسب فرانس برس.

وقالت يهوديت اوبنهايمر احد مسؤولي المنظمة "هذه تصريحات مشينة لشخص يحاول تعزيز مسيرته السياسية على حساب سكان القدس". ورات اوبنهايمر ان بركات يسعى لطرح نفسه كاحد القادة القوميين لحزب ليكود. واضافت "لم ينتظر تطبيق قرار المحكمة العليا حول عمونا. منذ بداية العام هدمت السلطات 166 مبنى غير قانوني فلسطيني في القدس الشرقية، اي اكثر بمرتين من الفترة نفسها العام الماضي". ويعتبر المجتمع الدولي كل المستوطنات غير قانونية، سواء بنيت بموافقة الحكومة الاسرائيلية او لا. وتعد بؤرة عمونا من أكبر البؤر الاستيطانية العشوائية ويعيش فيها بين 200 و300 مستوطن. ويعتبر المجتمع الدولي الاستيطان عقبة كبيرة امام عملية السلام المعطلة بين الاسرائيليين والفلسطينيين.

اضف تعليق