q
آراء وافكار - مقالات الكتاب

مخرجات مؤتمر التحالف الدولي في السعودية

جبهة ضد داعش ام ضد العراق وسوريا ومصر؟

عقدت مؤخرا السعودية مؤتمرا لتعزيز جهود الدول الإسلامية والصديقة المشاركة في خطة التحالف العسكري الدولي لهزيمة تنظيم داعش بحضور رؤساء هيئات الأركان العامة في 14 دولة بغياب العراق وسوريا ومصر (الدول المقاتلة فعليا لإرهابيي داعش)، وعلى الرغم من قيام السعودية بعقد العديد من المؤتمرات الا ان هذا لايبرر ساحة دعمها للارهاب وتزويده بما يحتاجه من افكار متطرفة وبشهادة حتى حلفائها الغربيين، الا ان حسن النية لدى المراقبين يجعلهم يشككون بانفسهم بالاقتناع بان السعودية يمكنها المشاركة في القضاء على الارهاب.

وبعيدا عن مخرجات او توصيات المؤتمر التي لم تلامس واقع المعركة ضد الارهاب لانه لم يستطع حتى التوصية بتجفيف منابع التكفير كونه منعقد على ارض ولادة للارهاب بجميع اشكاله، لكنه استطاع الوصاية بعدم قبول مشاركة الحشد الشعبي في الجهود الدولية لتحرير المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش.

وبالتمعن في عدم دعوة العراق ومصر وسوريا لهذا المؤتمر، تظهر جملة من الاسباب اغلبها قضايا سياسية تتعلق بالسعودية الراعية لهذا المؤتمر وسياسات الولايات المتحدة وتخبط تركيا في قراراتها السياسية، فعدم دعوة العراق تكمن في انه بات قاب قوسين من تحرير كامل اراضيه من سيطرة التنظيم الارهابي واعلان الانتصار دون طلب المساعدة من السعودية وغيرها، فضلا عن انه لم يبرز دورا كبيرا للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

اما عدم دعوة سوريا فواضحة بحسب المتابعين كونها تعني النظام الذي بات يسيطر ويستعيد اراضيه من التنظيم الارهابي ولعل استعادة حلب كانت الحاجز الاقوى امام دعوة سوريا لمؤتمر يحاول تحسين صورة السعودية.

فيما لم يكن غريبا ان تكون مصر خارج قاعة هذا المؤتمر كون رئيسها السيسي بكلامه المعسول ومفرداته المنمقة استطاع ان يحصل على الكثير من الدعم السعودي وبعد حسم قضية تيران وصنافير لصالح مصر اصبحا الملك والرئيس العسكري على خلاف كبير.

وهنا من الممكن ان نضع بعض التساؤلات المشروعة.

كيف تفسر دولة عظمى كاميركا ودولة غنية كالسعودية من عدم القدرة على هزيمة تنظيم ارهابي متطرف لم يتجاوز عدد عناصره الالاف ولم يبلغ عمره الاربعة او الخمس سنوات؟ وركنت الى عقد مؤتمرات وتحشيد دولي وفق اجندة ومصالح معينة؟.

اين كانت الولايات المتحدة التي تمتلك جهازا استخباراتيا يعرف ماذا يفعل الناس في منازلهم من عدم كشف مخططات تنظيم داعش؟، وكيف يحاول اقامة دولة خلافة اسلامية متطرفة تتخذ من الوهابية السعودية فكرا لها؟.

لماذا لم تدعو الولايات المتحدة الدول العظمى والسعودية وغيرها من حليفاتها الى تشكيل تحالف دولي لمكافحة الإرهاب شاملاً وليس الاقتصار على مواجهة تنظيم بعينه أو القضاء على بؤرة إرهابية بذاتها، بل يمتد ليشمل كافة البؤر الإرهابية لتشمل كل بلدان العالم؟

ولماذا لم يتم مناقشة الاوضاع في المناطق المحررة سواء في العراق او سوريا بشكل فعلي لتهئية بيئة للعيش بتعايش سلمي دون تحريك اجندات لتبث النعرات الطائفية وتحاول تقسيم الارض وفق حسابات طائفية ومكوناتية؟.

وفقا للمراقبين والمهتمين نستنتج ان التقدم العسكري للقوات العراقية على التنظيم الارهابي ليس محل ترحيب لدى ادارة اوباما الامريكية التي عبر عنها مؤخرا الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب بانها هي من اوجدت داعش، فضلا عن ان تخلص العراق من سيطرة الارهاب لم تكن في يوم من الايام رغبة المملكة السعودية، لشعورها المتواصل في ارتباط حكومة العراق بايران التي تقف في الخندق المقابل لها في الحرب السياسية والعسكرية المباشرة، لذلك تحاول جعل العراق غير مستقر منذ العام 2003 وحتى هذه اللحظة ودليلهم بذلك الانتحاريون والارهابيون الكثر الذين دخلوا العراق طيلة الـ 14 عام الماضية فضلا عن العجلات السعودية لدى داعش والاشخاص المنتمين لهذا التنظيم، الامر الذي جعل العراق خارج قاعة مؤتمر دول التحالف ضد تنظيم داعش الإرهابي، وسيكون خارج اي مؤتمر ضد الارهاب تنظمه السعودية او الدول الحليفة لها.

اما ابعاد سوريا عن هذا المؤتمر او عدم دعوتها لتشرح او تقدم عبر قادتها العسكريين ما تم تحقيقه من انتصارات على الارهاب، كونها الدولة الاكثر تضررا منه، والاراضي التي استعادوها، وكيفية التعامل مع اتفاق وقف إطلاق النار والية التعامل مع الخروقات، فقد تم ايعازه الى ان سوريا تعني النظام المدعوم من روسيا والمسندود من ايران وحزب الله وهذه الاطراف لم تتفق يوما مع السعودية، فضلا عن الحراك السياسي في سوريا والذي غيبت فيه السعودية ودول الخليج وبقيت محاوره تتمركز بين روسيا وايران وتركيا.

فيما بقيت مصر خارج هذا المؤتمر بعد ان وصلت في فترة من منتصف العام 2016 الى علاقة اكثر من طيبة مع السعودية، كون شعبها دائما ما يكون صاحب الدور البارز في رسم بعض العلاقات الخارجية للبلد، وتأكيد هذا تجسده قضية تيران وصنافير التي كسبت مصر السيادة عليهما رغم ما دفعته السعودية من مليارات لرئيسها السيسي لبسط سيطرتها على الجزيرتين، كما ان شعب مصر لم يكن مرحبا بخطوات الملك السعودي في دعم مصر مقابل انتزاع اراضيها، الامر الذي عكر صفو العلاقة بين الطرفين، ناهيك عن ان الحكومة المصرية اوفدت وزير نفطها الى العراق قبل أيام وعاد بمليوني برميل نفط شهريا، ليس لتعويض المنحة النفطية السعودية فقط، وانما بشروط اقل، علاوة على توقيع اتفاق بتكرير النفط العراقي في مصافي مصرية لسد احتياجات بغداد من المشتقات النفطية السياسية.

وبهذا يكون عقد هذا المؤتمر الذي شاركت فيه المملكة السعودية، الأردن، الإمارات، أمريكا، البحرين، تركيا، تونس، عُمان، قطر، الكويت، لبنان، ماليزيا، المغرب، ونيجيريا، كباقي مؤتمرات السعودية التي لم ولن تغيير شيئا في مجريات الواقع كونها تعرف كيف يمكن القضاء على الارهاب في المنطقة برمتها الا انها تغض الطرف عن ذلك حتى تحقيق ما تربوا اليه، والا كان الاولى ان تناقش في مؤتمر كهذا ضرورة تعزيز الاواصر بين الدول العربية والاسلامية وترك التشرذم ونبذ الفرقة والتفرقة، لان المعركة ضد الارهاب تتطلب ذلك، والالتفات الى ان تركيا الحليفة التي لم تعد صديقة مقربة للسعودية تعمل على ارجاع إمبراطوريتها على حساب دول المنطقة، وتستعمل الارهاب كسلاح للقضاء على دول لم تكسب صداقتها، فضلا عن ضرروة التصدي للقوى والدول المنتفعة من استمرار حالة الإرهاب ومعرفة أهدافها التي تلعب عليها، فيما يجب وبحسب المختصين التركيز على معالجة الارهاب ليس بالضربات الجوية فقط، إلا أن الفكر ومعالجته يعد من أهم الجوانب التي ينبغي الاهتمام بها.

اضف تعليق


التعليقات

حيدر الجنابي
السويد
دمت مبدعا صديقي العزيز
ارجو لك مزيدا من التألق والابداع في مجال كتابة المقال في هذه النافذة النخبوية الفريدة والمتميزة كما ارجو للقائمين عليها كل التوفيق وحصد المزيد من النجاحات ...2017-01-18