q
منوعات - بيئة

تجمد أوروبا!

موجة الصقيع الإسكندنافية تربك القارة العجوز والمهاجرون الضحية الأكثر تضررا

تجتاح أوروبا في الآونة الأخيرة موجة شديدة البرودة وعواصف ثلجية شتوية خلفت مزيدا من الضحايا مع وفاة ستة أشخاص في بولندا وعدد مماثل في رومانيا، وسبع في البلقان، ما يرفع الحصيلة الإجمالية إلى نحو 60 قتيلا.

ففي بولندا الأكثر تأثرا بالموجة، قضى ستة أشخاص فيما تدنت درجات الحرارة إلى عشرين تحت الصفر في بعض المناطق، وفق ما أعلن المركز الحكومي للأمن الوطني، وفي رومانيا، تم إحصاء "ست وفيات" على المستوى الوطني في ستة أيام، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة في أول حصيلة رسمية، وتدنت الحرارة في وسط البلاد إلى 32 تحت الصفر وتسبب الصقيع بإغلاق مدارس في بوخارست وفي منطقة كونستانتا بجنوب شرق البلاد.

وفي البلقان أفيد عن سبع وفيات على الأقل خلال الساعات الـ24 الأخيرة، إذ قضى ثلاثة في صربيا وثلاثة في مقدونيا وواحد في ألبانيا، بحسب وسائل إعلام محلية، وتدنت درجات الحرارة إلى ما دون 20 تحت الصفر في جنوب صربيا حيث أعلنت حالة الطوارئ.

كذلك، علقت الملاحة في نهر الدانوب حتى إشعار آخر بسبب قطع الجليد التي تشكلت في النهر. وأغلقت أيضا الموانىء على البحر الأسود بسبب شدة الرياح.

وتضرب موجة الصقيع التي مصدرها أقصى شمال أوروبا، القارة العجوز منذ نهاية الأسبوع الفائت مخلفة ضحايا في دول أخرى في شرق أوروبا مثل جمهورية تشيكيا وبلغاريا، وخصوصا في صفوف المشردين واللاجئين. وسجلت أيضا وفيات في مقدونيا وبيلاروسيا وإيطاليا.

وأدى انخفاض درجات الحرارة في روسيا إلى خفض إنتاجها من البترول، أو على الأقل خفض جزء منه يرجع إلى البرد القارس وهبوط درجات الحرارة أكثر من المعتاد في سيبيريا وهو ما أدى إلى توقف منصات الحفر النفطي عن العمل.

وفي الشهر الماضي وأوائل يناير/ كانون الثاني هبطت درجات الحرارة إلى نحو 60 درجة تحت الصفر في أرجاء سيبيريا وهو ما أدى إلى انقطاعات في الكهرباء وتعطل محركات السيارات مما جعل من المستحيل على الناس العمل في الأماكن المفتوحة.

واكثر المتضررين من هذه الموجة هم المهاجرين حي غطت ثلوج مناطق باليونان على نحو نادر مع هبوط درجات الحرارة إلى 20 درجة مئوية تحت الصفر هذا الأسبوع. وتساقطت الثلوج أيضا على أثينا، وتقطعت السبل بأكثر من 60 ألف لاجئ ومهاجر في اليونان منذ أن أغلقت دول البلقان الواقعة على امتداد الطريق البري الرئيسي المتجه شمالا إلى دول غرب أوروبا الثرية في مارس آذار، ويعيش معظمهم الآن في معسكرات مكدسة في شتى أنحاء اليونان في مصانع مهجورة أو مخازن أو في خيام تفتقر إلى المواد العازلة أو وسائل التدفئة.

وأدت هذه الموجة إلى وفاة ما يزيد على عشرين شخصا بينهم عدد من المهاجرين، وشهدت موسكو الميلاد الأورثوذكسي الأشد برودة منذ 120 عاما مع درجات حرارة بلغت نحو 30 درجة تحت الصفر ليلا، بحسب وكالة ريا نوفوستي، وسبب موجة البرد هذه التي يتوقع أن تستمر حتى الأحد، يعود إلى كتل هوائية قطبية تحركت من اسكندينافيا باتجاه وسط أوروبا.

لاجئون يواجهون ثلوجا ودرجات حرارة أقل من الصفر

واجه لاجئون تقطعت بهم السبل في اليونان درجات حرارة منخفضة إلى ما دون الصفر وتساقطا شديدا للثلوج في مخيمات غير معدة لمواجهة طقس الشتاء ووعدت الحكومة اليونانية اللاجئين الموجودين في إحدى الجزر بإيوائهم على متن سفينة تابعة للبحرية.

وقال رستم وهو سوري كردي يبلغ من العمر 34 عاما ويعيش في مخيم قرب قرية ريتسونا في شرق اليونان قرب أثينا منذ عشرة أشهر مع زوجته وأولاده الصغار الثلاثة "الطقس بارد جدا بالنسبة للأطفال.. إنه ليس مثل سوريا". بحسب رويترز.

وتقل درجة الحرارة عن الصفر بدرجة مئوية في منطقة المخيم وهو عبارة عن حاويات شحن في غابة حيث وُجدت الملابس التي عُلقت على حبال في الخارج متيبسة من التجمد، وحثت منظمات للإغاثة الإنسانية من بينها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة اليونان على سرعة نقل هؤلاء الموجودين في جزر بحر إيجة إلى البر الرئيسي أو إلى دول أوروبية أخرى، كانت الأوضاع أسوأ بشكل كبير في جزيرة ليسبوس بشرق بحر إيجة حيث ينتظر أكثر من خمسة آلاف من طالبي اللجوء منذ أشهر النظر في طلباتهم.

وقالت الحكومة إنها سترسل سفينة تابعة للبحرية إلى ليسبوس لإيواء المهاجرين. وسارعت أيضا لنقل آخرين إلى فنادق، وقال فرع منظمة أطباء العالم في اليونان في بيان "من المهم اتخاذ إجراءات فورية لضمان إقامة هؤلاء الرجال والنساء والأطفال في مكان لائق مناسب للشتاء".

منظمة "إس أو إس المتوسط" تحذر من تفاقم أزمة المهاجرين

ناشدت منظمة "إس أو إس المتوسط" غير الحكومية حكومات العالم وبشكل خاص الدول الأوروبية بتقديم المساعدات والدعم اللازم لها لتتمكن من مواصلة عملها في إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط، محذرة من استمرار تدفق المهاجرين من أفريقيا إلى أوروبا رغم الظروف الجوية السيئة التي تشهدها المنطقة خلال فصل الشتاء.

حذرت منظمة "إس.أو.إس المتوسط" غير الحكومية السبت من تواصل تدفق المهاجرين إلى أوروبا رغم الأحوال الجوية السيئة في الشتاء، وناشدت تقديم المساعدات اللازمة لتتمكن من مواصلة عملها. وتعتبر هذه المنظمة إحدى منظمتين غير حكوميتين فقط ما زالتا تعملان في المنطقة الوسطى من البحر المتوسط لإغاثة المهاجرين.

وقالت المديرة العامة للمنظمة غير الحكومية، صوفي بو في ندوة صحفية عبر الهاتف، "ما زلنا نقول إن الحاجة ملحة للتدخل في البحر المتوسط". وأضافت أن مئات المهاجرين ما زالوا يسعون إلى اجتياز البحر المتوسط من ليبيا على رغم الشتاء، موضحة أن منظمتها غير الحكومية أنقذت حتى الآن 375 شخصا منذ بداية السنة.

وقد وصل حوالى 181 ألفا و436 مهاجرا العام الماضي إلى السواحل الإيطالية، مسجلين رقما قياسيا بالمقارنة مع السنوات الماضية، كما قالت وكالة فرونتكس الأوروبية لمراقبة الحدود. وخلافا للسنوات السابقة، لم يثن الشتاء المهاجرين عن مواصلة محاولاتهم للعبور إلى القارة العجوز. وقالت صوفي بو "ما إن يحصل انفراج مناخي، ويهدأ البحر قليلا، تستأنف عمليات العبور". لذلك، فإن السفينة أكواريوس التي تستأجرها منظمة "إس.أو.إس المتوسط" غير الحكومية، هي السفينة الوحيدة "الكبيرة" التي ما زالت في البحر هذا الشتاء، مع سفينة أخرى أصغر لمنظمة "برو أكتيفا" الكتالانية غير الحكومية.

ودعت صوفي بو إلى "التدخل ودعم العمليات الإنسانية"، وإلا حصلت مآس أخرى، فيما كانت 2016 واحدة من أقسى السنوات في البحر المتوسط، على صعيد المهاجرين الذين لقي أكثر من خمسة آلاف منهم مصرعهم أو اعتبروا في عداد المفقودين.

وتؤكد صوفي أن سفنا تنطلق وتختفي في البحر، وأعطت مثالا على ذلك انطلاق ثلاث سفن قبل أيام من ليبيا وأمكن العثور على واحدة منها فقط وإنقاذها. وأعربت صوفي بو عن أسفها بالقول "لكن أحدا لا يتحدث عن هذا الموضوع"، داعية السلطات والرأي العام إلى التعامل بجدية مع المأساة المستمرة في البحر المتوسط الأوسط.

كذلك وجهت منظمة "إس.أو.إس المتوسط" التي تؤمن من الهبات الخاصة 99% من ميزانيتها، نداء للحصول على مساعدات مالية، بما في ذلك من السلطات العامة، الوطنية والأوروبية. وتبلغ تكلفة كل يوم تمضيه أكواريوس في البحر 11 ألف يورو، تؤمنها هذه المنظمة غير الحكومية التي لا تكفي ميزانيتها أكثر من شهرين، كما تقول مديرتها العامة. وستعود أكواريوس المتوقفة الآن في صقلية للتزود بالمؤن والوقود، إلى البحر ابتداء من الاثنين، إذا ما كانت الظروف المناخية ملائمة.

مهاجران عراقيان يموتان من البرد في بلغاريا

عثر على جثتي مهاجرين عراقيين في بلغاريا في جبل سترانجا (جنوب شرق) في وقت تشهد فيه البلاد عواصف ثلجية، وفق ما اعلنت شرطة منطقة بورغاس، وعثر قرويون ابلغوا الشرطة على الرجلين البالغين من العمر 28 و35 عاما بحسب اوراق هويتيهما، متجمدين في احد الغابات، وكان عثر على مهاجرة صومالية الاثنين جثة هامدة بسبب البرد في المنطقة ذاتها، ويقع جبل سترانجا قرب الجزءالوحيد من الحدود البلغارية التركية الذي لا يوجد فيه سياج من الاسلاك الشائكة، وهذا السياج البالغ طوله 200 كلم قلص بشكل كبير تدفق المهاجرين غير الشرعيين الى بلغاريا من نحو 30 الفا العام 2015 الى 18 الفا في 2016. بحسب فرانس برس.

وتشهد مراكز استقبال المهاجرين في بلغاريا الواقعة على الحدود الخارجية للاتحاد الاوروبي، ازدحاما. وكانت صربيا اغلقت حدودها مانعة انتقال المهاجرين باتجاه وسط اوروبا وغربها، واعلن عن وفاة عشرة مهاجرين في بلغاريا في 2016. وحاول الضحايا دخول البلاد سرا انطلاقا من تركيا او مغادرتها باتجاه صربيا او رومانيا للوصول الى غرب اوروبا.

مهاجرون يحاربون الطقس القارس والمعاملة الباردة عند الحدود المجرية

يقيم عشرات من المهاجرين الأفغان والباكستانيين بعضهم بصحبته أطفال في خيام بدائية في درجات حرارة تصل إلى 20 درجة مئوية تحت الصفر على حدود صربيا الشمالية في انتظار دورهم لمحاولة دخول المجر.

وهؤلاء من بين سبعة آلاف مهاجر من آسيا والشرق الأوسط تقطعت بهم السبل في صربيا. ومخيمات اللاجئين مكدسة ولا يسمح على الأرجح سوى للنساء والأطفال بدخولها الأمر الذي يترك الرجال يحاولون إيجاد مأوى في أي مكان ممكن - في المخازن المهجورة بوسط بلجراد أو الحقول جنوبي الحدود.

وبحسبة واحدة يبدو من في الخيام هم المحظوظون لأن أسماءهم تقترب في قائمة انتظار شبه رسمية يديرها لاجئون لتقديم طلب لجوء عند نقطتي عبور معترف بهما هما هورجوس وتومبا، لكنهم يدفعون ثمنا باهظا في ظل الصقيع القاسي الحالي. بحسب رويترز.

ولا تحصل خيامهم المتهالكة المكدسة بالبطاطين على مصدر للتدفئة سوى من نار المخيم التي يتم إدخالها للخيام مع حلول الليل. ولا يرتدى كثير من الأطفال الذين يزحفون للخارج مع شروق الشمس سوى سترات خفيفة ونعال.

وقالت الطبيبة ميلانا رادوسافيليفيتش وهي طبيبة تعمل مع منظمة أطباء بلا حدود "الناس تعاني ويصابون بالكثير من الأمراض التنفسية"، كل هذا ليصبحوا من بين القلة المحظوظة التي يسمح لها بتقديم طلب لجوء للمجر في مكاتب صغيرة أقيمت في حاويات لهذا الغرض في هورجوس وتومبا على أمل السمح لهم بالدخول إلى منطقة العبور ليصبحوا جزءا من عشرة لاجئين يوميا يسمح له بدخول المجر من كل منطقة، وقال علي رضا وهو شاب باكستاني "كان العدد 15 كل يوم. الأسر تقول إنها تنتظر لفترة أطول مما ينبغي في صربيا... ستة أو سبعة أشهر".

موجة صقيع تجتاح البلقان

توفي ثمانية أشخاص على الأقل بعد أن اجتاحت موجة صقيع وثلوج منطقة البلقان وتقطعت السبل بعشرات الألوف في مناطق نائية أو تركوا دون تدفئة في درجات حرارة انخفضت إلى مستوى 20 درجة مئوية تحت الصفر.

ويشهد وسط وشرق منطقة جنوب شرق أوروبا موجة صقيع وعواصف ثلجية منذ أيام. وانخفضت درجات الحرارة إلى ما دون 30 درجة مئوية تحت الصفر وتوفي 25 شخصا في مطلع الأسبوع أغلبهم في بولندا. بحسب رويترز.

وفي منطقة البلقان ذكرت محطة تلفزيون (آر.تي.إس) أن أبا وابنه توفيا بسبب البرد في صربيا. وقال مسؤولون محليون إن رجلا سقط في بئر وصمد لمدة 52 ساعة في طقس شديد البرودة قبل أن يعثر عليه جيرانه، وحاصرت الثلوج الكثيفة ألوف الأشخاص في وسط وجنوب صربيا. وأعلنت حالة الطوارئ في 11 بلدية.

وأوقفت السلطات الصربية كذلك حركة الملاحة في نهر الدانوب بعد تجمد أجزاء منه، وفي البوسنة المجاورة تجمد ثلاثة أشخاص حتى الموت في مناطق نائية من البلاد في حين فقد نحو 50 ألف شخص في بلدة زنيتشا بوسط البلاد التدفئة في منازلهم بسبب عطل في إحدى غلايات شركة توفر التدفئة للمنازل، وتجمد أيضا ثلاثة رجال في العقد السادس من عمرهم حتى الموت في ألبانيا ونقلت السلطات المحلية بضع مئات من المشردين إلى ملاجئ بها وسائل تدفئة.

اضف تعليق