q

خصائص استخدام مادة (الرصاص) في الاطلاقات النارية للمسدسات والبنادق هو خفة وزنه، وسهولة نقله للحركة، وانخفاض ثمنه، وتحمله لدرجات حرارة عالية، لعل هذه الخصائص لم تكن في ذهن عنصر مكافحة الشغب (مولود مرت المن طاش) ذو الـ ٢٢ ربيعا وهو يطلق تسع رصاصات نحو جسد السفير الروسي الذي كان هدفا سهلا امام فوهة مسدس بيد مدربة ورباطة جأش يمتلكها المنفذ كانت ظاهرة للعيان حين وقف خلف السفير وكأنه ملاكه الحارس لكنه في الحقيقة كان الجلاد الذي سينفذ حكم غير قابل للاستئناف.

خفة وزن الرصاص، لم تمنع من ثقل الحدث، الذي عاد الى اذهان الفريقين كل تداعيات الموروث السلبي للعلاقات بين البلدين والشعبين التي كانت إسقاط الطائرة المقاتلة الروسية اخر حلقاتها الخانقة.

والسؤال الان من المستفيد من حادث الاغتيال؟

اذا قال البعض ان روسيا المستفيد من هذا الحادث كونها ستصعد الهجمات والتدخل في سوريا دون معارضة من اجل امتصاص غضبها، سيغيب عنا الاهانة التي تعتبرها الدولة اذا اغتيل مواطن من رعاياها، فكيف الحال اذا كان المواطن هو مبعوث بدرجة سفير، لدولة مثل روسيا الاتحادية في عهد بوتين وفي بلد خصم، وبسهولة كبيرة.

ومن ثم هل كانت روسيا تخشى المعارضة التركيا؟ الجواب هو كلا، اما اذا قيل ان اردوغان راعي لهذا الاعتداء فان هذا السيناريو مستبعد ايضا بسبب ان هذا الخرق الأمني يسجل ضد الدولة التركية وامن الدبلوماسيين واحترام معاهدات فينا الدولية للحماية الدبلوماسية، ناهيك عن كم الإحراج الأدبي والمعنوي والسياسي في المحافل الدولية اضافة الى ضرورة اعادة النظر بمجمل منظومتها الأمنية والاستخبارية وضرورة تقديم التنازلات الحقيقية للدب الروسي خشية من مخالبه.

اعتقد ان المستفيد الاول من هذا الحادث هو الاٍرهاب والتنظيمات الجهادية، وذلك للأسباب التالية:

ان فكر الاٍرهاب وسلوكه يبحث عن الاضواء وان يبقى متصدر لعناوين الأنباء وهذا ما حققه اغتيال السفير، فإنه يقول وبالخط العريض انا هنا موجود ويمكنني ان اضرب.

البعد الثاني يعتبر قادة هذه التنظيمات ان الانتقام ضرورة ومقتل السفير الروسي يتناغم مع العقلية الثأرية للإرهاب، لا سيما مع الدور الروسي المتصاعد في الملف السوري على المستويات العسكرية والأمنية والسياسية وحتى الاقتصادية.

البعد الثالث هو تشجيع مثل هذه الاعمال الفردية من قبل القوات الأمنية، فعند متابعة العمليات الإرهابية نراها تكرر ويتعلم اللاحق من السابق وان (استراتيجية الذئاب المنفردة) التي دعى لها قادة تنظيم داعش ويقصدون العمليات الفردية المفاجأة اذا ما انتقلت من المدنيين الى العسكريين سيكون تصعيدا خطيرا، لاسيما مع تذكرنا لما قاله قاتل السفير (نحن عاهدنا محمد على الجهاد) وصرخات (الله اكبر) والثأر ل.

لب، اما البعد الرابع فهو نفسي لداخل التنظيم لا سيما تنظيمات داعش التي بدأت تتداعى بعد خسارة حلب وانهزامات الموصل، ان التنظيم يتغذى بدم الخصم واذا جف الدم يموت التنظيم.

الاسد هو المستفيد الثاني من اغتيال السفير الروسي، فقد ضمن تدخل دولة المغدور القوي وتأييد شعبي من داخل روسيا لهذا التدخل، وكذلك ضمن انكماش اردوغان العدو اللدود في هذه المرحلة نتيجة تداعيات الحادث، وثالثا فإن الاعلام السوري -وله الحق بذلك- سوف لن يتردد بإظهار وحشية الاٍرهاب حيث استهداف الرسل محرما بكل الشرائع والقوانين الإلهية والوضعية لا سيما ان الاغتيال كان غدرا وعلى الهواء المباشر.

ان صوت الرصاصات وصرخات القاتل، هي علامة فارقة في تأريخ هذه المنطقة التي طالما كتب تاريخها برصاص البنادق او بسرف الدبابات.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية/2001-Ⓒ2017
http://mcsr.net

اضف تعليق