q

أبدت العديد من الدول والمنظمات الحقوقية والإنسانية، قلقها من استمرار انتهاك الحريات وحقوق الإنسان في البحرين من قبل السلطات الحكومية، التي سعت الى تشديد إجراءاتها الأمنية والقانونية ضد رموز وأبناء الشعب البحريني، وطالبت الحكومة البحرينية بضرورة احترام التزاماتها الدولية بما فيها الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، والتوقف عن الاعتقالات التعسفية والإفراج عن كافة المعتقلين. وتحتل البحرين كما نقلت بعض المصادر، المركز الأول عربيًا في نسبة عدد السجناء، إذ وصلت أعدادهم الى اكثر من 4 آلاف سجين، اي بمعدل 301 من كل مئة ألف من السكان. ومنذ مطلع العام الجاري اعتقلت السلطات البحرينية، أكثر من 1100 شخص بينهم أكثر من 180 طفلاً و21 امرأة.

وفيما يخص اخر تطورات هذا الملف قالت منظمة العفو الدولية إن إساءة المعاملة بما في ذلك التعذيب ما زالت مستمرة في البحرين رغم الإصلاحات التي طبقتها المملكة للتعامل مع مزاعم انتهاك حقوق الإنسان بعد انتفاضة في 2011. وذكر تقرير يقيّم عمل هيئات الإشراف التي تشكلت للتعامل مع المظالم أو التصدي لأي انتهاكات أخرى أنه وجد "أوجه قصور خطيرة" في عمل منظمتين تدعمهما بريطانيا وتستشهد السلطات البحرينية والبريطانية بعملهما كدليل على التقدم في مجال احترام حقوق الإنسان.

والمنظمتان هما الأمانة العامة للتظلمات التابعة لوزارة الداخلية ووحدة التحقيق الخاصة التابعة للنيابة العامة واللتان تأسستا في 2012. وتتلقى المنظمتان تدريبات وتطويرا للكفاءة من بريطانيا وهي حليفة وثيقة للبحرين. وقالت لين معلوف نائبة مديرة الأبحاث في المكتب الإقليمي للمنظمة لا تزال هذه الإصلاحات مع الأسف تتسم بالقصور الشديد ويستمر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على أيدي قوات الأمن من خلال نظام يتسم بترسخ الإفلات من المساءلة والعقاب وافتقار القضاء للاستقلال."

وقال التقرير إنه رغم توجيه الاتهامات لثلاثة وتسعين من أفراد الأمن على الأقل بالضلوع فيما يبدو في عمليات قتل وإصابات وتعذيب وغيرها من أشكال المعاملة السيئة بشكل غير مشروع منذ نوفمبر تشرين الثاني 2011 فلم يدن سوى عدد صغير وفشلت معظم الأحكام في تجسيد مدى جسامة الجريمة. وقال التقرير "لم تتم ملاحقة ضباط كبار أو مسؤولين رفيعي المستوى على خلفية الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان المرتكبة إبان قمع انتفاضة عام 2011 وذلك على الرغم من دعوة لجنة تقصي الحقائق إلى إجراء مزيد من التحقيقات والملاحقات الجنائية للمشتبه في مسؤوليتهم عن ارتكاب تلك الانتهاكات" في إشارة إلى تحقيق دولي في كيفية تعامل السلطات مع الاحتجاجات التي قادتها الأغلبية الشيعية في البحرين.

السجن والاعدام

من جانب اخر ايدت محكمة الاستئناف البحرينية الاحد احكاما بالاعدام بحق ثلاثة اشخاص وبالسجن المؤبد بحق سبعة اخرين ادينوا بالتورط في قضية مقتل ثلاثة عناصر امن بينهم ضابط اماراتي قبل نحو عامين ونصف، بحسب ما افاد مصدر قضائي. وكانت محكمة التمييز نقضت في 17 تشرين الاول/اكتوبر الاحكام بحق المتهمين العشرة، وجميعهم من الشيعة، في قضية تفجير عبوة ناسفة وقع في اذار/مارس 2014 في قرية الديه الشيعية غرب المنامة وقتل فيه ضابط اماراتي واثنان من عناصر الشرطة البحرينية. بحسب فرانس برس.

وسلمت القضية الى محكمة الاستئناف التي ايدت الاحكام الصادرة سابقا والتي نصت ايضا على سحب الجنسية من المدانين العشرة. والضابط الاماراتي الذي قتل في التفجير كان عنصرا في القوة الخليجية بقيادة السعودية التي دخلت البحرين في اذار/مارس 2011 لدعم قوات الامن البحرينية في تعاملها مع الاحتجاجات الشعبية بقيادة الاغلبية الشيعية. وكثفت السلطات البحرينية محاكمة وملاحقة معارضيها وخصوصا من الشيعة الذين يشكلون اكثرية منذ قمع الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في شباط/فبراير 2011 ضد اسرة آل خليفة السنية الحاكمة مطالبة بملكية دستورية.

اتهامات متواصلة

الى جانب ذلك قالت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان إن السلطات البحرينية أحالت محاميا بارزا في مجال حقوق الإنسان للمحاكمة في تهم تشمل إهانة مؤسسات الدولة في حملة أخرى على المعارضة. وذكرت المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها أن محمد التاجر الذي دافع عن شخصيات معارضة ونشطاء حقوقيين شاركوا في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في 2011 خضع للاستجواب على يد النيابة العامة بشأن التحريض على كراهية طائفة دينية وإساءة استخدام أجهزة اتصالات.

ولم يُحدد بعد موعد للمحاكمة. ويواجه التاجر أحكاما بالسجن تزيد إجمالا عن خمس سنوات إذا أدين. ونقلت هيومن رايتس ووتش عن محاميه قوله إن ممثلي النيابة العامة استشهدوا برسالة صوتية خاصة على تطبيق (واتسآب) أرسلت في مطلع 2016 قال فيها التاجر (50 عاما) إن النيابة العامة في المملكة تستخدم فرق مراقبة لاعتراض "كل كلمة بشأن السنة والسعودية وكراهية النظام أو إهانة الملك".

وقال جو ستورك نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش "التاجر يواجه اتهامات لأنه صرح بما هو واضح.. السلطات البحرينية تتجسس على مواطنيها وأي شخص يخرج عن النهج على الإنترنت يواجه السجن." وتعتبر الدول الخليجية الأخرى التي يقودها السنة البحرين التي تستضيف الأسطول الأمريكي الخامس حصنا في مواجهة نفوذ خصمهم الشيعي إيران. وتقول الأغلبية الشيعية في البحرين إن الحكومة التي يهيمن عليها السنة تتخذ إجراءات تمييزية ضدهم في حين تنفي السلطات ذلك وتقول إن ساسة المعارضة يحاولون تقويض الأمن. بحسب رويترز.

وأضيف التاجر في يوليو تموز إلى قائمة من البحرينيين تشمل نشطاء وصحفيين ومحامين منعوا من السفر للخارج في إطار سلسلة من الإجراءات ضد المعارضين. وشملت هذه الإجراءات إغلاق جمعية الوفاق الشيعية وهي أكبر جماعة معارضة وسحب جنسية رجل الدين الشيعي البارز آية الله عيسى قاسم. وتنتقد جماعات حقوقية بينها العفو الدولية افتقار المملكة لنظام قضائي مستقل واتهمت قواتها الأمنية باللجوء إلى التعذيب وغيره من أشكال إساءة المعاملة في ظل حصانة من العقاب.

في السياق ذاته اتُّهم المعارض البحريني ابراهيم شريف بـ"التحريض على كراهية نظام الحكم" بعد توقيفه لفترة وجيزة واستجوابه، وفق ما افادت صحيفة "الوسط" البحرينية. واكدت النيابة البحرينية دون ذكر اسماء انها تلقت "بلاغاً من إدارة مكافحة الجرائم الالكترونية عن قيام أحد الأشخاص بالتصريح لصحيفة أجنبية تضمن تصريحه الإساءة للنظام الدستوري للمملكة". واضافت "باشرت النيابة التحقيق مع المتهم بعد عرضه عليها برفقة محاميه وواجهته بما تضمنه الخبر الصحفي والذي انكر بعض ما جاء فيه وأمرت بإخلاء سبيله بعد أن أسندت إليه تهمة التحريض علانية على كراهية نظام الحكم والازدراء به".

وقال عبدالله الشملاوي محامي شريف لصحيفة "الوسط" ان النيابة العامة اخلت سبيل شريف الامين العام السابق لجمعية "العمل الوطني الديموقراطي" (وعد) الليبرالية بعد التحقيق معه. وافرج عن ابراهيم شريف في تموز/يوليو 2016 بعد ان امضى عاما في السجن لادانته بتهمة مماثلة لانتقاده الحكومة خلال تأبين احد ضحايا الاحتجاجات ضد السلالة السنية الحاكمة والتي كانت غالبية المشاركين فيها من الشيعة في 2011. وافرج عن شريف في حزيران/يونيو بموجب عفو ملكي، بعدما امضى اربعة اعوام في السجن، علما بانه كان محكوما بالسجن خمسة اعوام بتهمة المشاركة في اعمال عنف واكبت الاحتجاجات التي قادتها المعارضة الشيعية، واستخدمت السلطات الشدة في قمعها.

وتعد جمعية الوفاق ابرز الحركات السياسية الشيعية التي قادت الاحتجاجات ضد حكم الملك حمد بن عيسى آل خليفة منذ العام 2011 للمطالبة بملكية دستورية واصلاحات سياسية. وتحولت هذه الاحتجاجات في بعض الاحيان لاعمال عنف، واستخدمت السلطات الشدة في قمعها.

الشيخ علي سلمان

على صعيد متصل ذكرت وسائل إعلام محلية أن محكمة بحرينية أيدت حكما بالسجن لتسع سنوات بحق الشيخ علي سلمان أبرز زعماء المعارضة في المملكة. وأعيدت محاكمة سلمان الذي يتزعم جمعية الوفاق الإسلامية المغلقة حاليا لتحريضه على "تهم الترويج لقلب وتغيير النظام السياسي بالقوة والتهديد" في أكتوبر تشرين الأول لأسباب لم تحددها السلطات. وأمرت محكمة إدارية بإغلاق جمعية الوفاق نفسها في يونيو حزيران وأدين الشيخ عيسى قاسم أكبر مرجع شيعي في المملكة بغسيل الأموال وجُرد من جنسيته.

وذكرت صحيفة الوسط البحرينية المستقلة أن محكمة الاستئناف أصدرت قرارها بشأن الطعن الذي تقدم به سلمان في حكم جديد بعدما أمرت محكمة النقض بإعادة المحاكمة. ونددت منظمة العفو الدولية بالحكم ووصفته بأنه "صادم". وقالت المنظمة التي تتخذ من لندن مقرا لها في بيان "الشيخ علي سلمان سجين رأي. وضع خلف القضبان لمجرد إعادة تأكيده سلميا على عزم جمعيته السعي للسلطة في البحرين وتحقيق المطالب الإصلاحية لانتفاضة 2011 ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. بحسب رويترز.

وتشكو الأغلبية الشيعية في البحرين من أن الحكومة التي يقودها السنة تتحامل عليها. وتنفي السلطات هذا وتتهم المعارضة بتقويض الأمن في المملكة التي تستضيف الأسطول الأمريكي الخامس. ومنذ سحقت السلطات احتجاجات "الربيع العربي" في 2011 وقعت اشتباكات متكررة بين المتظاهرين وقوات الأمن التي استهدفت بعدد من التفجيرات الدامية.

اضف تعليق