q

عند مراجعة دائرة معينة لها شان أساسي ستعاني الكثير في انجاز العمل المطلوب الذي يدخل ضمن اختصاصها تجاه المواطن، حيث نرى سيل من الاجراءات غير المألوفة في العمل الاداري وحلقات متشعبة لا جدوى منها الا التأخير والاضرار بمصالح الناس.

اذ يلاحظ عدد من طلبات وتحويلات وافتعال اشياء ليس لها محل في الوظيفة العامة، انما مجرد اجتهاد وتفسير لمجريات العمل الاداري، تارة تتعلق بضوابط معقدة في بعض الاحيان تخالف مبادئ القانون المختص بذلك من خلال ابتداع ظواهر ووقائع خارج ما هو معهود في تطبيقه.

وتارة اخرى تتعلق بمزاج ووضعية الموظف ومدى سعة صدره في انجاز المطلوب منه في اقرب وقت مناسب ومحاسبة المواطن عن ابسط الاشياء لخلق اعذار يستفيد منها في قضاء الوقت خارج نطاق العمل.

وفي بعض الاحيان تتم مراجعة الدائرة المعنية لكن لا يوجد الموظف المختص او قلة الكادر الوظيفي مقابل زخم المراجعين او زيادة الكادر الوظيفي دون الحاجة الدائرة لهذا العدد الاضافي مما سيؤدي الى خلق نوع من الترهل الوظيفي، وهذا كله يولد اعتقاد سيء للمواطن تجاه ما يجري في دوائر الدولة ويضعف الثقة بالنهوض بواقع الخدمات التي يفترض بالدولة تقديمها للمواطنين ويقلل فرص المساواة بين الناس، ومسايرة بقية الدول المتقدمة في تسهيل اجراءات المراجعات واختصارها بوسائل الكترونية اقل تعقيدا مما هو متبع كالأرشيف الورقي والكتب الرسمية والمخاطبات والبريد باليد وغيرها من الوسائل التي اصبحت بدائية لا تواكب سرعة التطور في مجال الوظيفة والعمل الاداري.

ولو تأملنا قليلا نجد ان العمل الاداري قائم على اساس التسهيلات اللازمة والخدمة المقدمة بأبسط اشكالها لا بأساليب معقدة تؤدي الى تذمر المواطن او التشبث بالأفكار التقليدية القديمة وبالأنماط الجامدة للإدارة وباللوائح والتعليمات الشكلية.

وهذا ما لاحظناه من خلال مراجعاتنا الميدانية والتجربة المريرة في مراجعة دوائر الدولة، حيث واجهنا الروتين الجاف وغير المعتاد الذي يتم تطبيقه بخصوص تقديم الطلبات وارتباط عمل هذه الدائرة مع دوائر اخرى يتم مفاتحتها بخصوص موافقات امنية وبعضها صحة صدور حتى لو تم ابراز كتاب رسمي او شهادة رسمية صادرة من جهة رسمية معترف بها لكن هذا لا يجدي نفعاً الا بطلب صحة صدور وهذا بدوره يتطلب وقتاً خصوصا ونحن نعلم الاجابة ترد عن طريق البريد الرسمي باليد وليس الالكتروني السريع وذلك لافتقار اغلب دوائرنا والتواصل من خلال هذه المنظومة الالكترونية.

غالباً ما ترتبط المؤسسات والدوائر بالفرد وبالإدارة حيث ما يرتبط بالفرد يتمثل بالتنصل من المسؤولية وصعوبة تحملها والتمسك بالإجراءات واللوائح الرسمية العقيمة والنمطية الضالة وبالتالي يصاب الاداء بالجمود وعدم المرونة والمواكبة للأداء الوظيفي الصحيح، كما ان الشخص الروتيني ليس لديه الرغبة في تفويض السلطة ويميل دائما الى المركزية في اداء الاعمال والواجبات وهو متطرف في مركزية الاداء مما يؤدي الى صعوبة اتخاذ القرار دون الرجوع الى رئيسه المباشر في كل صغيرة وكبيرة نتيجة عدم رغبته في تحمل المسؤولية حيث ان هذا الشخص ليس لديه رغبة في تصوير اسلوب العمل مما يجعله نمطي الاداء يتصف بالتكرار والملل والضجر والبطء في التنفيذ ولا يفكر في الابتكار والابداع والتقيد بأسلوب اداء ثابت.

اما فيما يتعلق بالإدارة حيث يقوم المدير بإصدار قرارات واوامر وتبليغها للمرؤوسين من خلال قنوات الاتصال الرسمية بعيداً عن الاتصال المباشر ومن ثم انتفاء العناصر المعنوية كبواعث للاجتهاد وتحويل العلاقة بين المؤسسة وموظفيها الى علاقة مادية جامدة غير مرنة وهذا يؤدي الى قتل واقعية التطوير والنهوض في نفوس الافراد في الادارة اضافة الى نطاق السلطة والمسؤولية الرسمية لأي مستوى اداري.

كما ان القوانين الوضعية اصبحت لا تنسجم مع اعمال الادارة ولا تساعد في تطوير ادائها نحو الافضل حيث كلما واكبت القوانين التدرج الزمني للعمل الاداري أصبح الامر اكثر يسراً في تنفيذ الاعمال المناطة بالجهات والمؤسسات الرسمية.

اضف تعليق