q

بعد هزائمه الكبيرة والمتواصلة على يد القوات العراقية المشتركة في معارك تحرير مدينة الموصل، سعى عناصر تنظيم داعش الارهابي بعد هروب ومقتل قادتهم، الى اعتماد اساليب اجرامية جديدة وغير المألوفة، بهدف عرقلة تقدم القوات العراقية واثارة الرعب في نفوس المواطنين في المدينة، الذين استخدمهم كدروع بشرية واعدم العشرات منهم، هذا بالإضافة الى استخدام العمليات الانتحارية وزرع الألغام والعبوات الناسفة في المناطق التي ينسحب منها، وكانت المنظمة الدولية للهجرة قالت، في وقت سابق، إنه ومع وجود نحو 1.5 مليون شخص في الموصل، التنظيم قد يستخدم عشرات الآلاف من السكان دروعا بشرية للتمسك بآخر معقل له في العراق.

وفي هذا الشأن قالت رافينا شمداساني المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إن مقاتلي تنظيم داعش أعدموا عشرات آخرين في مناطق محيطة بالموصل هذا الأسبوع وأشارت إلى تقارير عن قيام التنظيم بتخزين كميات من المواد الكيماوية الخطرة في مناطق مدنية. وأضافت شمداساني استنادا لمعلومات مصادر على الأرض أن مقبرة جماعية تحوي أكثر من 100 جثة في بلدة حمام العليل ما هي إلا واحدة من عدة ساحات نفذ فيها التنظيم عمليات قتل. ومن بين المصادر رجل نجا من عملية إعدام جماعي لنحو 50 جنديا سابقا بالقوات العراقية بعد أن تظاهر بأنه ميت.

وقالت "من الواضح أن هناك ساحات قتل كثيرة أخرى. لدينا أيضا تقارير عن مقابر جماعية أخرى لم نتمكن حتى الآن من التحقق منها" مشيرة إلى مواقع في مطار الموصل وقرية تل الذهب. وأشارت شمداساني إلى أن الجنود العراقيين عثروا على كميات كبيرة مخزنة من الكبريت كما وردت تقارير ذات مصداقية عن استخدام تنظيم داعش "مقذوفات فوسفور" فوق القيارة بالقرب من الموصل. وقالت "وردت تقارير مماثلة ذات مصداقية عن وضع كميات من الكبريت بمناطق قريبة نسبيا من المدنيين".

وأضافت شمداساني أن أربعين مدنيا قتلوا بالرصاص بسبب "الخيانة والتواطؤ" مع القوات العراقية وتتدلى جثثهم من أعمدة الكهرباء حول الموصل. وقالت شمدساني إنه أُطلق الرصاص على شاب (27 عاما) لاستخدامه الهاتف المحمول. في حين أعدم ستة آخرون شنقا في 20 أكتوبر تشرين الأول لإخفائهم شرائح الاتصالات كما تم إطلاق النار على 20 آخرين لتسريبهم معلومات إلى قوات الأمن العراقية.

وقالت شمداساني إن التنظيم نشر في أزقة البلدة القديمة في الموصل أفرادا من كتيبة "أبناء الخلافة" يرتدون أحزمة ناسفة. وأوضحت التقارير أنهم ربما كانوا صبية أو أطفالا. وذكرت المسؤولة الدولية أن التنظيم أعلن في السادس من نوفمبر تشرين الثاني أنه قطع رأس سبعة من مقاتليه لهروبهم من أرض المعركة في كوكجالي. كما تأكدت الأمم المتحدة من صحة تسجيل دعائي مصور يقوم فيه أربعة أطفال بينهم روسي وأوزبكي بإعدام أربعة بتهمة التجسس. وقالت شمداساني إن معلومات وردت للأمم المتحدة بأن التنظيم اختطف نساء بينهن يزيديات وقام "بتوزيعهن" على مقاتليه أو أبلغهن بأنهن سيرافقن قوافله. وأضافت "نحن نتكلم عن (ارتكاب) جرائم حرب، الى جانب ذلك قال سكان في مدينة الموصل إن مقاتلي تنظيم داعش الذين يحاولون التشبث بمعقلهم الرئيسي في العراق قتلوا ما لا يقل عن 20 شخصا في اليومين الماضيين لقيامهم بتسريب معلومات إلى "العدو" وعادوا إلى تسيير دوريات في شوارع المدينة للتحقق من أطوال لحى الرجال. وعرضت خمس جثث مصلوبة عند تقاطع طرق في رسالة واضحة إلى السكان الباقين في المدينة البالغ عددهم نحو 1.5 مليون نسمة بأن المتشددين ما زالوا يمسكون بزمام الأمور رغم خسارتهم بعض المناطق في شرق المدينة.

ويدير آلاف المقاتلين من تنظيم داعش الموصل أكبر مدينة خاضعة لسيطرتهم في العراق وسوريا منذ أن اجتاحوا أجزاء واسعة من البلدين في 2014. والآن يخوضون قتالا ضد تحالف يضم 100 ألف جندي يشملون قوات عراقية وقوات أمنية ومقاتلي البشمركة الكردية وقوات الحشد الشعبي الذي يطوق المدينة بصورة شبه كاملة واقتحم أحياءها الشرقية. وقال سكان في اتصالات هاتفية إن الكثير من أحياء المدينة باتت أهدأ مقارنة بالأيام القليلة الماضية إذ سمح للمواطنين بالخروج لشراء الطعام حتى في المناطق التي شهدت قتالا عنيفا في الأسبوع الماضي.

وقال أحد السكان في الموصل "خرجت بسيارتي للمرة الأولى منذ بدء الاشتباكات في شرق المدينة. شاهدت عددا من شباب الحسبة وهم يدققون في اللحى والملابس ويبحثون عن المدخنين." وشرطة الحسبة التابعة لتنظيم داعش هي شرطة دينية تفرض التفسير المتشدد للدين وخاصة في مجال السلوك. وتحظر هذه الشرطة التدخين وتفرض على النساء ارتداء النقاب والقفازات وتحظر على الرجال التشبه بشبان الغرب في الملابس وخاصة ارتداء الجينز. وتخرج دوريات الحسبة في المدينة في مركبات عليها علامات خاصة.

وقال أحد السكان "يبدو إنهم يريدون إثبات وجودهم بعد غيابهم خلال الأيام الماضية خصوصا على الضفة الشرقية". ويمر نهر دجلة في وسط مدينة الموصل ويشطرها نصفين. ويسكن الشطر الشرقي الذي تمكنت فيه قوات النخبة العراقية من اختراق دفاعات تنظيم داعش سكانا أكثر تنوعا من الشطر الغربي حيث يسكن معظم العرب السنة.

وبدأ المتشددون مقاومة شرسة بعد أن طلب منهم زعيمهم أبو بكر البغدادي في خطاب البقاء على ولائهم لقادتهم وعدم التراجع في "الحرب الشاملة" ضد الأعداء. وقال مسؤولون عسكريون عراقيون إنهم يملكون مصادر معلومات داخل المدينة تساعدهم في تحديد مواقع مراكز داعش لتستهدفها غارات قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة. وبدا مشهد الجثث المعروضة علنا وحشيا في شرق الموصل وبدا أنه تحذير لغيرهم من المتعاونين المحتملين.

وقال ساكن ثان في الموصل "شاهدت خمس جثث مصلوبة لشبان عند تقاطع طريق في شرق الموصل" ليس بعيدا عن المناطق التي شهدت قتالا شرسا. وأضاف قائلا "رجال داعش علقوا الجثث وقالوا إنها لعملاء ينقلون المعلومات إلى القوات الخائنة والكفار" في إشارة إلى الحكومة العراقية وحلفائها الغربيين. بحسب رويترز.

وفي علامة أخرى على التضييق على الاتصالات بالعالم الخارجي قال شرطي متقاعد إن مسؤولين في التنظيم المتشدد يحاولون التدقيق في شرائح الاتصالات للإطلاع على بياناتها. وقال الشرطي (65 عاما) الذي عرف نفسه باسم أبو علي "ذهبت للحصول على معاش التقاعد كالعادة لكن رجلا في المكتب رفض منحي إياه ما لم أعطه شريحة الاتصالات أولا." وأضاف أبو علي أن الرجل أخبره أن "هذه تعليمات داعش." وقال الكثير من السكان القريبين من مكان القتال إن نطاق الاشتباكات مخيف وكانت أصوات الرصاص وقذائف المورتر والغارات تتردد في الشوارع. وقال شهود في حي الزهور إن سيارات تحمل قذائف صاروخية جابت الشوارع لكنهم لم يشاهدوا هذه القذائف تطلق على العكس مما حدث في الأيام الماضية.

مقبرة جماعية

في السياق ذاته وعلى ضفاف نهر دجلة يجلس رجال يبتسمون بارتياح بينما يسبح أفراد من الجيش والشرطة العراقيين وشبان في مياه ينابيع موحلة ببلدة تمت استعادتها من قبضة تنظيم داعش قبل بضعة أيام فقط. وعلى الجانب الآخر من البلدة مشهد مروع لجثتين قيدت أقدامهما ببعضها البعض ترقدان تحت الشمس في رقعة كبيرة من الأرض تحيطها سواتر ترابية. هناك جثة سليمة أما الأخرى فتنقصها أجزاء. يرقد إلى جوار الجثتين رأس مقطوع وتبدو معظم أجزاء الجمجمة بوضوح. تبرز ما يبدو أنها عدة جثث أخرى من التراب والصخور. ويحذر رجل شرطة من الاقتراب من الجثث أو لمسها تحسبا لأن تكون مفخخة.

وحفرت خنادق ضيقة وضحلة يصل طولها إلى 18 مترا في بعض أجزاء هذه الرقعة التي اتخذت شكل ربع دائرة. ويقول سكان بلدة حمام العليل إن هذا موقع مقبرة جماعية أبلغت القوات العراقية عن العثور عليها بعد إجبار متشددي تنظيم داعش على الهروب. وبدأ العراق تحقيقا فيما ستكون أدلة إضافية على وحشية التنظيم المتشدد ضد من يعيشون بالمناطق الخاضعة لسيطرته منذ أعلن عن قيام دولة "خلافة" من جانب واحد في أجزاء كبيرة من شمال العراق وسوريا قبل أكثر من عامين.

ومع انسحاب التنظيم المتشدد مارس انتهاكاته بكثافة ليدفع السكان مثل أبناء حمام العليل الثمن. وقال عودة (35 عاما) الذي اقتاد مقاتلو داعش شقيقه من البلدة قرب بدء عملية الموصل الشهر الماضي "قطعت رؤوس البعض وأطلق على البعض الرصاص." وأضاف "اقتادوا أشخاصا من البلدة ومن مناطق أخرى وقتلوهم هناك حيث توجد المقبرة. كان انتقاما استهدفوا به أي أحد فوق 15 عاما".

وقال سكان إن تنظيم داعش اتخذ قاعدة من كلية الزراعة التي تقع على مسافة نحو 200 متر من الموقع. ويقدر كثيرون أن ما يصل إلى 200 شخص قتلوا في الأسابيع السابقة لانسحاب داعش من البلدة. وأشارت منظمات إغاثة ومسؤولون محليون إلى تقارير أفادت بأن التنظيم أعدم العشرات في حمام العليل وفي ثكنة قريبة للاشتباه في تخطيطهم للتمرد على المتشددين داخل الموصل وحولها لمساعدة القوات المتقدمة. وقال الجيش العراقي إن قواته الموجودة بالمجمع عثرت على جثث مقطوعة الرأس لما لا يقل عن 100 مدني.

كم نقل المتشددون 1600 مدني خطفوهم من بلدة حمام العليل إلى تلعفر ربما لاستخدامهم كدروع بشرية للاحتماء من الضربات الجوية وأبلغوا البعض بأنهم ربما ينقلون إلى سوريا. واقتادوا 150 أسرة من حمام العليل إلى الموصل. وقال مسؤول محلي إن معظم من أعدموا في حمام العليل من الأعضاء السابقين في قوات الجيش والشرطة العراقيين واقتيدوا من قرى أجبر التنظيم على الانسحاب منها.

وأكد سكان أن معظم من خطفوا من رجال الشرطة أو أفراد عائلاتهم ومن بينهم شقيق محمد حسن وهو نفسه رجل شرطة سابق. وقال حسن الذي جلس مطلا على النهر "قتل أخي أحمد. سمعت أنه كان بين من أعدموا. أخرجوه (داعش) من سيارتي بالقوة لأنه كان في الشرطة. ربما يكون في المقبرة." وأضاف مشيرا إلى المياه "ربما يكون هناك أيضا". ومضى قائلا "قتلوا أناسا هنا أيضا. كانوا يعدمونهم على الضفة ويلقون بهم في النهر." بحسب رويترز.

وقال حسن بينما التقط الشبان الذين غطاهم الطمي صورا في المياه إن قادة داعش في البلدة قصروا استخدام المنطقة المزروعة بالأشجار التي توجد بها أماكن الاستشفاء بالمياه الحارة في حمام العليل على أنفسهم ومنعوا دخول غيرهم إليها. ولحقت أضرار وتهدم الكثير من المباني بالبلدة بسبب القتال. تتناثر أجزاء السيارات والشاحنات المحترقة في الشوارع. ولا تزال الرايات البيضاء مرفوعة فوق بعض المنازل في محاولة من جانب السكان على ما يبدو لتفادي أن تستهدفهم قوات الأمن أثناء تقدمها. وقال حسن "الأمور أفضل الآن. يأتي الناس إلى هنا كل يوم. لم يعد هناك خوف."

الحصار والاستهداف

بأنف مقطوع ومتورم يرتجف سيف محمد ويمسك بظهره. وكان قبل ذلك بيوم قد نجا من الموت بأعجوبة بعد انفجار سيارة ملغومة نفذه تنظيم داعش ثم فر من منزله في مدينة الموصل العراقية ليتخذ ملاذا له على بعد كيلومترات. وقال الشاب البالغ من العمر 24 عاما "الانفجار لم يدمر منزلي فحسب بل دمر حيا بأكمله." وتابع قوله "إنه (تنظيم داعش) لا يستهدف الجيش بل يستهدف المدنيين. كانت هناك ثلاث سيارات ملغومة في (حي) الانتصار. لا يزال والدي وأخي في المستشفى ولا أعرف أخبارا عنهم. الجيران قتلوا".

ويقولون السكان الهاربون إن المتشددين صعدوا أعمال العنف ضد المدنيين بما في ذلك استخدام السيارات الملغومة مع زيادة تعرضهم للضغط العسكري في الانتصار. وتنفس علي ظاهر (20 عاما) والذي احتمى في منزل مهجور خلال الليل الصعداء حتى مع دوي الانفجارات حوله واشتداد حدة القتال على مقربة منه. ويقول "الحمد لله أننا لم نعد تحت قبضة داعش.. داعش هي مثال للهمجية. إنهم يستهدفون المدنيين حتى قبل استهداف الجيش. بل وزاد ذلك أيضا كلما ضاق الحصار عليهم وخسروا أراض زادت هجماتهم على المدنيين." ويقول إن أسرته نجت أيضا بأعجوبة من هجوم بقنبلة قبلها بيوم. ورغم أن الأسرة في أمان فقد قتل بعض الناس في حيهم.

وبعد أكثر من عامين تحت سيطرة داعش هرب المئات من المنطقة لكن حتى في شهرزاد فهم ليسوا بمنأى عن الخطر بعد. ودفع انفجار مدو مجموعة منهم للركض بحثا عن مخبأ. وكان فتحي أبو عبد الله يعالج جرحا حديثا في شفته العليا وبدا عليه الاضطراب. وقال "أطلقوا النار علي وأنا أجمع المساعدات الغذائية قرب مسجد في هذا الركن قبل عدة دقائق." ورفرف علم عراقي فوق مئذنة خضراء وأمكن سماع دوي أعيرة نارية بعيدة وانفجار قذيفة مورتر عسكرية على مقربة. واختبأ مدنيون خلف جدار لعدة دقائق بعد إصابة أبو عبد الله.

ومرت النساء اللواتي تحملن الأطفال والمسنين بمحاذاة السيارات المحترقة في غمرة استعجالهم للهرب من شرق الموصل. وكان الجنود بانتظارهم لتوزيعهم على الشاحنات التي تنقلهم إلى مخيم خزير للنازحين. ودخلت الشاحنات المحملة بصناديق الطعام والمؤن الطبية إلى شهرزاد على الرغم من تحرك الدبابات والمدرعات لتتمركز وراء المباني المتضررة جراء القتال. وقال كاتب العدل المحلي عباس الذي كان يدير عملية توزيع مواد الإغاثة "هذه هي المرة الأولى التي تصل فيها المساعدات إلى شهرزاد ونحن شاكرون لهذا. الناس جوعى ولا توجد معدات طبية". وأشار إلى أن حوالي 70 عائلة هربوا من انتصار ويحتاجون إلى المؤن. وقال "إلا أن (الكميات) لا تكفي. هناك صندوق واحد لكل عائلة قد تدوم لأربعة أو خمسة أيام لكن بعد ذلك ماذا سيحصل"؟.

وتسلق الشباب ظهور الشاحنات لإفراغها من حمولتها في حين اصطف الرجال بانتظار توزيع الصناديق أو افترشوا الأرض. وحذرت الأمم المتحدة من النزوح المحتمل لمئات الآلاف. وما زال يسكن الموصل حوالي 1.5 مليون شخص نزح منهم حتى الآن 34 ألفا على الأقل وفق بيانات منظمة الهجرة الدولية. وعبرت العائلة عن أملها في أن تطرد القوات العراقية مقاتلي تنظيم داعش من حيهما إلى الأبد.

الأنفاق والحيل

بالنظر إلى العدد الكبير من ثقوب الطلقات التي اخترقت منزلا في هذه البلدة الواقعة بشمال العراق فإنه لا بد وأن القناص الذي كان بداخله يقاوم قوات كردية وأمريكية قد قُتل سريعا. لكن نظرة داخل المنزل الواقع في بعشيقة -بعد يوم واحد من قول قوات البشمركة الكردية إن القناص قتل في نهاية الأمر بفعل ضربة جوية- توضح أنه نجا من الموت على مدار يوم كامل من القتال.

كما تكشف إلى أي درجة لجأ القناصة المتشددون إلى الابتكار والحيل في مواجهة أعدائهم الذين يتفوقون عليهم بقوة السلاح والعتاد. وتحول المنزل إلى ساحة حرب حقيقة. وكان المنزل يستخدمه القناص كقاعدة لاستهداف القوات الكردية والأمريكية التي تتقدم صوب مدينة الموصل. وأقام المتشددون فتحات في الجدران إلى المنازل المجاورة لتسمح للقناص بالحركة ذهابا وإيابا بينها بأمان في مواجهة مجموعة متنوعة من الأسلحة التي تستخدمها القوات الكردية -بدءا من الصواريخ الموجهة سلكيا إلى القصف بالمدفعية- إضافة إلى قصف القوات الأمريكية الخاصة للمنزل بمدافع رشاشة موجهة بالكمبيوتر من على متن مركبات مدرعة من طراز (ام.آر.ايه.بي).

وفي العديد من حجرات المنزل كانت هناك أكوام ضخمة من التراب بفعل حفر الأنفاق. وكان أحد الأنفاق عاليا للدرجة التي تسمح لرجل متوسط الحجم أن يتحرك فيه بسرعة وهو في وضع الانحناء قليلا.

ومع ذلك لا يوجد أثر للقناص أو أي من رفاقه الذين سيطروا على بعشيقة لمدة عامين. وصارت قوات البشمركة على مشارف البلدة. ووصل اللواء محمد ياسين لتفقد الدمار. ومشيرا إلى صفوف من المنازل في الحي قال إن أنفاقا حفرت تحت كل تلك المنازل. وعثرت القوات العراقية على آلة حفر أنفاق واحدة على الأقل بقطر يصل إلى نحو مترين. ويقول مسؤولون أكراد إن شبكة أكبر وأكثر تعقيدا من الأنفاق التي حفرها التنظيم ما زالت بانتظار القوات العراقية في الموصل.

وسيكون تمشيط تلك الأنفاق للتأكد من عدم وجود شراك خداعية أو انتحاريين مختبئين بها مهمة شاقة. كما أن القناصة على شاكلة القناص الذي واجه البشمركة في بعشيقة سيمثلون تهديدا مميتا في مدينة كبيرة. وقال ضابط في قوة النخبة لمكافحة الإرهاب "القناصة هم المصدر الأكبر للقلق في المرحلة الحالية...فليس من المعروف أين ومتى سيطلق القناص النار. هذا أمر مرهق للأعصاب".

وأمام منزل في بعشيقة كانت تقف سيارة محترقة. وحذر مقاتل كردي يتفقد المنزل من احتمال وجود انتحاري مختبئ داخل أي من حجراتها. وعندما اجتاح مقاتلو تنظيم داعش بلدات مثل بعشيقة في عام 2014 أظهروا بجلاء نزعتهم الطائفية. ويقول ضباط أكراد إنه في بعشيقة دمر التنظيم ونهب منازل المنتمين لغير المذهب السني في الإسلام ومنهم شيعة ويزيديون ومسيحيون.

وكتب على بعض المتاجر القريبة التي هجرها أصحابها كلمة "مسلم." ويبدو أن التنظيم كتبها للتفريق بين متاجر المنتمين للمذهب السني وغيرها من المتاجر. ويمكن القول بوضوح إن القناص حول المنزل إلى حصن عسكري. بحسب رويترز.

وتوجد في المنزل بقايا متعلقات للأشخاص الذين كانوا يعيشون داخله. يوجد قميص أزرق على الأرض وبعض الفناجين المستخدمة لشرب القهوة التركية إلى جانب قطع تذكارية من الفضة في حين غطت الأتربة عددا من الأغطية. وقال ضباط أكراد إنه لم يبق في البلدة سوى عدد يصل إلى 20 من المنتمين إلى تنظيم داعش. ويبدو أنهم ما زالوا هدفا لهجمات متقطعة وقليل من القصف المدفعي مقارنة بكثافة الهجوم الذي وقع لدى اقتحام قوات البشمركة الكردية للبلدة.

اضف تعليق