q
{ }

 في ظل انشغالاته غير التقليدية في محاكاة الخطاب الشيعي ومحاولة الانتقال به الى الضفة الاخرى ولأسباب تكاد تكون ناضجة وعقلانية سيما وان الجانب الاخر يحمل هوية التموضع امام كل ما هو جديد ومنطقي وحقيقي، ولسبر اغوار تلك الحقيقة عقد مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث في كربلاء المقدسة وعلى قاعة جمعية المودة والازدهار حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان: (آفاق الخطاب الشيعي من المحلية الى العالمية)، بمشاركة نخبة كبيرة من رجالات الدين واساتذة الجامعات والباحثين ومدراء مراكز دراسات وعدد من المُهتمين بالشأن الاسلامي وعدد من الصُحفيين من ابناء محافظة كربلاء المقدسة.

ادار الحلقة النقاشية حيدر الجراح مدير المركز، بادئا حديثه بمقدمة بسيطة اشار فيها الى ان التغيير الذي حصل في العراق وهو اشبه ما يكون بالصدمة او الزلزال كما لاحظت وسائل الاعلام وكما اكد ذلك الخبراء والباحثين، وبروز الشيعة كقوة سياسية كبيرة حكمت العراق بعد العام(2003)، حيث تعددت قنوات اعلام انتاج الخطاب الشيعي ونقصد هنا (الخطاب الذي تنتجه المؤسسة الدينية او الحوزة واحزاب الاسلام السياسي، وثم الجمهور المتلقي لهذا الخطاب).

الخطاب الشيعي له مرجعيات وتشكيلات سياسية

بعدها اعطيت الكلمة للباحث الانثروبولوجي علاء حميد، الذي بين من جانبه "ما يخص الخطاب الشيعي وافاق انتقاله من المحلية الى العالمية، يتطلب منا الامر ان نضع بعض المقاربات والتصورات، خاصة عندما يتعلق الامر بالعام (2003) وما تلاها، قبل هذا التاريخ كان العراقيون الشيعة خارج ذلك التصور الاجتماعي والسياسي، الا ما كان مقتصرا على قوى المعارضة وما كانت تنتجه من نصوص ومواقف وكانت هذه القوى تتكون من مرجعيات وهي لها تشكيلات سياسية وقوى واحزاب".

" ولكي نفهم معنى الخطاب وحتى لا ندخل في جدل كبير خاصة وان هذه المفردة برزت للدراسات الاجتماعية والفلسفية منذ تسعينيات القرن الماضي مع التوجه الفلسفي في فرنسا وفي الولايات المتحدة الامريكية، فالخطاب هو (منظومة افكار وتصورات تنقل للمجتمع نصا مكتوبا او حديثا شفاهيا او ما يتضمن هذين المعنيين)".

أضاف حميد "الا ان داخل هذا الخطاب هناك مفهوم راكز حول العلاقة ما بين المعرفة والسلطة، فمتى ما كانت العلاقة واضحة كان الخطاب واضحا وتلقيه يكون تلقي تفاعلي من ضمن الجماعة والمجتمع".

يعتقد حميد" لكننا بطبيعة الحال بحاجة الى معرفة مفاهيم اخرى ما بين مراحل الخطاب الشيعي ومنطقة الشرق الاوسط، لان فيها احداث سياسية كبيرة وفيها تحولات وهي ذات اهتمام عالمي، بسبب ما تحتويه من ثروات وتفاعلات وخاصة احداث الربيع العربي.. بالإجمال منطقة الشرق الاوسط مرة بثلاث مفاهيم:

اولا: مفهوم القومية الذي ظهر بعد استقلال الدولة الوطنية وهنا نعني بالقومية هي (الامة)، فقد حاولت هذه الدولة بعد الاستقلال ان تؤسس الى مبدأ القومية او الوطنية وعلى الرغم من ان هناك غموض بفعل تأثير المفهوم الناصري والبعثي.

ثانيا: المفهوم الاسلامي هذا المفهوم بدأ منذ سبعينيات القرن الماضي

ثالثا: المفهوم الديمقراطي وهو غير مكتمل الملامح في المنطقة وغير كامل المقومات والمبادئ

اما يخص كيفية تحويل او نقل الخطاب الشيعي من المحلية الى العالمية يتطلب ان نعاين مفهومين..

المفهوم الاول: المحلية والامر هنا مرهون بالواقع العراقي بسبب ان الشيعة برزوا كقوة سياسية وهناك أربعة سمات محلية لابد من استيعابها من ذات الواقع للانتقال بالخطاب الشيعي من الجانب المحلي الى الجانب العالمي وهذه السمات كالتالي:

السمة الاولى: عدم الاستقرار السياسي، فهناك نوع من الجدل بان العراق بلد مأزوم لا يستطيع ان يمسك بلحظة استقرار والشواهد تكاد تكون طويلة وعريضة بالمشهد السياسي العراقي عبر تاريخه السياسي.

السمة الثانية: الصراع الطائفي قضية حساسة ونحن الى الان لا نمتلك وصفا حقيقيا للصراع الطائفي، وربما هناك من يسأل عن ذات المعنى هل هو موجود في المجتمع ام تساهم فيه الطبقة السياسية؟، علما ان الشواهد التاريخية تؤكد حقيقة ان السلطة مارست هذا النوع من السلوك ضد الشيعة والكرد.

السمة الثالثة: التناقض ما بين الاجتماعي والسياسي وبالتالي يفهم ان ما يتم تأسيسه في المؤسسة السياسية لا يتناسب مع التشكيلة الاجتماعية، اي هناك نظام توافقي يقام على اساس فيتو الضعفاء، ولكن هناك تشكيلة اجتماعية لا تجد لها صدى في المؤسسة السياسية، فهناك خلل ما بين الشرعية والمشروعية، فالشرعية متحققة لكن الخلل في المشروعية وهي رضى الناس وقبولهم.

 السمة الرابعة: الخلل في محددات العمل السياسي وادارة السلطة، فلحد هذه اللحظة قواعد العمل السياسي غير واضحة، فعلى سبيل المثال بعد ان وضحت ملامح العملية السياسية جاء قانون الاحزاب السياسية كي يكون معبرا عن السلطة.

المفهوم الثاني: الجانب العالمي وهو ايضا محكوم بسمات معينة حتى نستطيع تصدير خطابنا او نموذجنا الفكري والاجتماعي فلابد من احترام تلك المعايير الدولية وهي كالاتي:.

اولا: الديمقراطية كمبدأ حاكم على بناء اي نظام سياسي، فبعد (2003) والى الان لم نصل الى تصور حقيقي عن الديمقراطية، فأي ديمقراطية نريد؟ ديمقراطية صناديق الانتخاب، ام ديمقراطية اجتماعية، ام ديمقراطية سياسية، ام تغيير فقط في هرم السلطة؟.

ثانيا: اقتصاد السوق، ففي ابسط ابجديات الاقتصاد السياسي فإن ما يجري بالاقتصاد ينعكس على السلطة، اي ان التشكيلة الاقتصادية تؤثر على التشكيلة في السلطة، والتساؤل هنا يدور ماذا نصنف الاقتصاد العراقي هل هو خليط ام اشتراكي ام رأسمالي؟.

ثالثا: محاربة الارهاب، قد تكون القضية واضحة، فالعراق مصاب بهجمة ارهابية وتدخل دولي واقليمي، لكننا لم نضع معايير لموقفنا في بؤر الصراع في المنطقة موقف العراق خاضع لتغير موازين القوى.

رابعا: مراعاة الحقوق المدنية بشكل عام وكيف نؤسس لعلاقتنا في ظل وجود اقليات في التركيبة الاجتماعية العراقية.

 يضيف حميد "ان الخطاب الشيعي فيه ثلاثة منطوقات وهي: المنطوق السياسي والاجتماعي والمذهبي، ففي بداية الخطاب الشيعي كان يبحث في قضية الاعتراف بوجود الشيعة في العراق على اعتبارهم مكون اصيل وفاعل في العملية السياسية، ومن ثم تحول الخطاب الشيعي وكانت له اراء في السلطة ومفاصل الحياة الاخرى.

 واوضح حميد "فمتى ما استطعنا ان نفكك تلك النقاط الاربعة نستطيع نقل الخطاب الشيعي من المحلية الى العالمية، وهناك بالتأكيد فرصة اجتماعية سانحة يستطيع من خلالها الشيعة العراقيون تقديم انفسهم كأنموذج بديل عن نماذج اخرى موجودة في المنطقة" ..

المداخلات

- الاستاذ جاسم الشمري، باحث قانوني في مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات، يسال "ما دام الخطاب الشيعي في العراق مشتت وغير موحد، فكيف يمكن ان ننقل هذا الخطاب من المحلية الى العالمية وهو بهذا التشتت؟ بل على العكس من ذلك نجد الخطاب العالمي مؤثر على الخطاب الشيعي حتى تجعله ملائما لاستراتيجيتها".

- احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات، تحدث قائلا "لابد ان يعرف العالم من هم الشيعة وكيف يفكرون سياسيا واقتصاديا وما هي مواقفهم اتجاه العديد من القضايا العالمية، ولابد ايضا ان نفرق ما بين الخطاب الشيعي الديني والخطاب الشيعي السياسي. فالأول له رواده ومدارسه الفكرية وهو معروف من زمان بعيد، لدى الشيعة نقاط قوة منها الايمان بالحوار، ابتعادهم عن الاعمال الارهابية، قبولهم بالنظام الديمقراطي. توجد لدينا نقطة ضعف واحدة وهي موقفنا من التحالفات السياسية الخارجية، ويتساءل جويد: هل يتم نقل الخطاب الشيعي الى العالمية عن طريق المواقف السياسية فقط؟".

- حامد عبد الحسين خضير باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، تحدث ومن واقع تخصصه الاقتصادي عن حقيقة ان الاقتصاد العراقي هو اقتصاد شمولي وان كان يتكيء ظاهريا على مفهوم النظام الرأسمالي، خاصة وان مجمل عائدات النفط هي للقطاع الحكومي ومن ثم يعاد تدويرها لسد النفقات العامة الى جانب ذلك غياب القطاعات الاخرى كالزراعة والصناعة وعدم تفعيل نشاط القطاع الخاص".

- الاعلامي عدي الحاج مسؤول العلاقات العامة في مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، اورد ثلاث اسئلة ابتدأها: هل شيعة العراق بمعزل عن شيعة العالم ام العكس صحيح؟ لماذا لا يتم اضافة منطق خامس وهو حقوق الانسان عند الطائفة الشيعية؟ من هو المسؤول عن توحيد الخطاب الشيعي في العالم وهل من الممكن تأسيس جهة معينة كي تأخذ الخطاب الشيعي على عاتقها؟".

- محمد الصافي ناشط في مواقع التواصل الاجتماعي يرى ان الطبقة السياسية تمارس سياسة تجهيل افرادها وذلك من خلال تقديس الشخصيات السياسية وهي ليست ذات بعد ديني، كذلك الخطاب الشيعي في العراق يتم عن طريق المرجعية الدينية وهي تحاول دائما ابراز الجانب المحلي والدعوة لتقويم الطبقة الحاكمة في العراق وهذا خلاف المنطق السائد بان الشيعة تبع لإيران، ويسال ايضا هل حسم الشيعة في العراق موقفهم من الدولة وما هو شكل تلك الدولة التي يريدونها؟.

- الشيخ علاء الاسدي مسؤول التوجيه العقائدي في منظمة العمل الاسلامي يدعو الى ايجاد خطاب شيعي موحد وجامع ويقترح ان تكون الانطلاقة من القضية الحسينية لأنها ذات اهداف ومرامي انسانية جامعة، يضاف الى ذلك الوقوف على مصدر الصراع الطائفي واطفاء جذوته، اما بالنسبة للتشكيلة الاجتماعية فلابد من تقويتها وبالتالي ينعكس الامر تلقائيا على التشكيلة السياسية".

- الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام قال في مداخلته" لابد ان نعي بان الخطاب المشار اليه الان هو الخطاب الاعلامي، الشيعة اليوم وبعد ان خرجوا من العزلة التي فرضت عليهم لقرون طويلة، والعالم واقعا هو ايضا يريد معرفة الشيعة على الجانب الاخر فالعالم يحتاج لخطاب شيعي يفهمه، والشيعة يحتاجون لخطاب يصل بهم الى كل العالم، خصوصا وان الشيعة اليوم يعيشون بمحيط عدائي قائم على السلطة الطائفية، فظهور الشيعة يعني وجود تعددية".

يضيف معاش "وعلى الشيعة ان يفهموا انهم ليسوا في عزلة عن العالم وانهم رقم صعب هذا بداية لتغيير الخطاب وللخروج عن الاطار المحلي، نحن الى الان لم نستطيع نقل الخطاب من المحلي الى العالمي فنحن لا زلنا في المحلية ، والامر هنا لا يقتصر على المواطن العادي بل حتى النخبة المثقفة تعاني من ذات المشكلة وهم ينقلون صورة سيئة عن العراق من خلال جلد الذات والنقد الهدام".

يكمل معاش "وللخروج نحو العالمية لابد من عدم تضييق الخطاب الشيعي وان يكون مسالما ومعتدلا وغير عنفي ويتركز على الجانب الحقوقي، النقطة التالية الاستفادة من العمل الدبلوماسي من خلال المشاركة بالمؤتمرات والندوات والبرامج، النقطة الاخرى بناء السلطة النموذج التي تعتمد على حقوق الانسان والحريات وعلى التعددية وعلى اللاعنف وعلى التعامل الانساني وان لا يكون هاجس السلطة الاول هو الانتخابات بل هو خدمة الناس لصناعة نموذج ناجح محليا وعالميا، كما دعا مراكز الدراسات والبحوث الى تقديم رؤي وأفكار لنقل الخطاب الشيعي الى العالمية".

 - عادل الصويري كاتب وشاعر "يعتقد بوجود بون شاسع ما بين السياسي الشيعي الحاكم وما بين الجمهور الشيعي الموجود في العراق، فاليوم وبغض النظر عن تلك الجزئية خصوصا وفي ظل هذا الانفتاح المعرفي والتواصلي ممكن ان نقدم خطابا شيعيا من خلال ما يتم تداوله بخصوص المظلومية وحقوق الانسان، والكل هنا يعلم ما جرى على شيعة نيجيريا وما جرى ايضا على رجل الدين المصري حسن شحاته حيث تعرض الى حادثة قتل بشعة جدا في مصر وان النظام في كلا الدولتين غير شيعي".

يضيف الصويري "فمن خلال ذلك نستطيع تحريك تلك القضايا وغيرها وجعلها تصب في خانة الخطاب الشيعي على اعتبارها تحمل بصمات انسانية ولها قواسم مع العالم الاخر، وذلك من اجل تسويق خطاب شيعي متكامل ووفق اليات متطورة".

- محمد طاهر الصفار كاتب في شبكة النبأ تحدث في مجال تخصصه التاريخي على امل ان ينفض الغبار عن الخطاب الشيعي، وهو يعتقد بوجود عمليات سرقة وتشويه كثيرة لهذا الخطاب، فالخطاب الشيعي بمفهومه العام والصحيح هو الخطاب الاسلامي فالشيعة حافظوا على الخط الاصيل للإسلام منذ وفاة الرسول الكريم(ص)".

يضيف طاهر "فلو حذونا نحو السوابق التاريخية للشيعة كالدولة الفاطمية والموحدين والمرابطين نجد انها مثلت الاسلام الصحيح وكانت دول مزدهرة اقتصاديا وعسكريا، ولحد الان نجد ان الخطاب يتمثل بالأثار الناطقة وهذا ما انتبه له المستشرقون واكثر المسلمين من غير الشيعة، الخطاب متعدد وفيه جانب سياسي واقتصادي وفكري وعلمي، نجد في قول( جوزف بلاشر) الذي يقول من اقاموا دعائم العربية هم ثلاثة (محمد وعلي والمتنبي) ويقصد (القرآن ونهج البلاغة وديوان المتنبي)".

كما يشير طاهر " وهذا مما يعطي النواة الاولى للعربية وهم الشيعة واول من وضع النحو هو ابو الاسود الدؤلي، غوستاف لوبون الفيلسوف الفرنسي يذهب الى ان أفضل من فسر القرآن هم الشيعة، ولو تحدثنا عن الخطاب الشيعي فانه وصل الى العالمية عندما تصدى سيف الدولة الحمداني وحده لجيوش الروم الجرار وحينما كانت امارات المسلمين تطعنه في الظهر".

يختم طاهر "الخطاب الشيعي وصل فكريا عندما اطلق اسم البيروني وهو المسلم الوحيد من ضمن ثمانية علماء على مدى تاريخ البشرية على جانب من جوانب القمر، الخطاب الشيعي هو خطاب الحسين(ع) الاصلاحي الذي دعا به الى الحرية والكرامة".

اضف تعليق