q

مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجرى يوم 8 نوفمبر، ازدادت شراسة المعركة الانتخابية بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون، حيث تواصلت الاتهامات والهجمات الشخصية العنيفة بشكل غير مسبوق. فقد شن المرشح الجمهوري هجوما شديد اللهجة ضد منافسته الديموقراطية، مستغلا التحقيق الجديد الذي أعلنه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي إف بي أي بخصوص قضية بريدها الالكتروني الشخصي عندما كانت وزيرة للخارجية، واكد ترامب أنه "إذا فازت مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون في الانتخابات وتولت الرئاسة، فإن ذلك سيسبب أزمة دستورية"، مشيراً إلى أن "مكتب التحقيقات الفدرالية FBI أعاد مؤخرا دراسة المواد المتعلقة باستخدام كلينتون وبطريقة غير مصرح بها لمخدمها البريدي الخاص في مراسَلاتها الرسمية، موضحاً أن "هذه الفضيحة دخلت مرحلة جديدة". وكشف ترامب أن "التحقيق في قضيتها سيستغرق سنوات طويلة وستكون هي قصة طويلة الأمد بينما يتعين على الرئيس المستقبلي المنتخب حل مشكلات عدة، مثل "معالجة الوضع الاقتصادي وتعزيز القوات لمسلحة وحماية حدود البلاد من تسلل المهاجرين غير الشرعيين".

في المقابل اتهمت كلينتون منافسها وكما نقلت بعض المصادر، بأنه أمضى حياته وهو يحط من قدر النساء ويوجه إليهن الإهانات فضلا عن الاعتداء عليهن. وأضافت كلينتون (69 عاما) التي قد تصبح أول امرأة تنتخب رئيسة للولايات المتحدة، لقد أثبت أنه يفتقر إلى الطباع والمواصفات اللازمة لكى يكون رئيسا. وهاجمت كلينتون أنصار ترامب بحدة اثناء تجمع في ولاية فلوريدا عندما رفع احد المتظاهرين لافتة تتهم زوجها بيل كلينتون بأنه مغتصب. وقالت سئمت فعلا من السلوكيات السلبية والمظلمة والتقسيمية والخطيرة من قبل أشخاص يدعمون دونالد ترامب، من جهته، سارع الرئيس الأمريكي باراك أوباما لنجدة كلينتون، ودعا إلى الوقوف إلى جانب كلينتون، ومنع وصول منافسها إلى البيت الأبيض، معتبرا أن مصير امريكا اصبح على المحك.

بريد كلينتون

وفي هذا الشأن تحاول هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، تجاوز الضرر الذي لحق بحملتها بعد إعلان مدير مكتب التحقيقات الفدرالي إعادة تحريك قضية بريدها الإلكتروني، واتهمته كلينتون بمحاولة التأثير في نتائج الانتخابات، في حين أعرب ترامب عن تفاؤله في أعقاب هذا الإعلان. وتسعى المرشحة الديمقراطية للبيت الأبيض هيلاري كلينتون لتخطي صدمة إعلان مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) إعادة تحريك قضية بريدها الخاص، في وقت يضيق الفارق بينها وبين خصمها الجمهوري دونالد ترامب قبل ايام من الانتخابات الرئاسية. وعقدت هيلاري كلينتون مهرجانا انتخابيا جديدا في فلوريدا، الولاية الأساسية التي تتسم بأهمية خاصة في السباق الرئاسي، والتي تبدد فيها تقدمها على ترامب في استطلاعات الرأي الأخيرة.

كذلك تقلص الفارق الذي كان يفصلها عن خصمها على المستوى الوطني إلى 45% من نوايا الأصوات لها مقابل 41,6% لترامب، وفق متوسط استطلاعات الرأي الأخيرة. وقالت كلينتون خلال محطة في فورت لودرديل "يجب ألا نسمح لصخب العالم السياسي أن يشتت انتباهنا، علينا أن نبقي على تركيزنا"، في إشارة إلى إعلان مدير الأف بي آي جيمس كومي عن تطور جديد في قضية بريدها الإلكتروني. وقالت كلينتون في محطة أخرى في ويلتون مانورز "حين تسقطون أرضا، المهم هو أن تنهضوا مجددا".

ولم يكشف كومي أي تفاصيل حول هذا التطور الجديد، مكتفيا بالقول إنه لا يعرف بعد إن كان سيحمل عناصر جديدة ذات أهمية. وأوردت الصحافة الأمريكية أنه عثر مؤخرا على آلاف الرسائل الإلكترونية من وزارة الداخلية على كمبيوتر محمول يعود لأنتوني وينر، زوج هوما عابدين المعاونة المقربة من هيلاري كلينتون. ويخضع وينر الذي انفصلت عنه هوما عابدين في آب/أغسطس، لتحقيق لإرساله رسائل نصية ذات مضمون جنسي إلى فتاة عمرها 15 سنة، وقد عثر على هذه الرسائل الإلكترونية في سياق التحقيق. وكشفت شبكة "سي إن إن" أن هذا الاكتشاف حصل قبل عدة أسابيع.

غير أن الأف بي آي لم ينظر بعد في هذه الرسائل إذ يحتاج من أجل ذلك إلى تفويض مختلف عن الذي كان بحوزته للتحقيق في رسائل وينر النصية. وهو حصل على هذا التفويض الجديد بحسب شبكة "إن بي سي". وكتب رئيس الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد لمدير الأف بي آي وهو جمهوري عينه الرئيس باراك أوباما عام 2013، مبديا مخاوفه من معاملة تقوم على "الكيل بمكيالين" تهدف على ما يبدو إلى "مساعدة حزب ضد آخر". بحسب فرانس برس.

ولفت ريد إلى أن القانون "يحظر على مسؤولي الأف بي آي استخدام سلطتهم الرسمية للتأثير على انتخابات. وبتحركاتك المنحازة حزبيا، قد تكون خرقت القانون". وفي هذه الأجواء المتوترة، وجه معسكر كلينتون انتقادات لاذعة إلى جيمس كومي، فيما سارع ترامب إلى استغلال هذه المسألة المستجدة. وقال رئيس حملة كلينتون الانتخابية جون بوديستا في حديث لشبكة سي إن إن "إنه عمل غير مسبوق يتعارض مع سياسة وزارات العدل الديمقراطية والجمهورية على حد سواء". وأضاف أن كومي "تجاهل رأي كبار المسؤولين في وزارة العدل". وأوضح أن هذه الوزارة التي يتبع لها مكتب التحقيقات الفدرالي لها تقليد يقضي بـ"عدم التدخل في أي انتخابات قبل أحد عشر يوما من موعد إجرائها". وطالب روبي موك مدير حملة كلينتون على غرار وزيرة الخارجية السابقة نفسها بـ"كشف كل المعلومات".

ازمة دستورية

من جانب اخر توقع المرشح الجمهوري للبيت الابيض دونالد ترامب ان يؤدي انتخاب هيلاري كلينتون الى اغراق الولايات المتحدة في ازمة سياسية خطيرة، مشيرا الى ان كلينتون ستكون عرضة للملاحقات القضائية في قضية بريدها الالكتروني. وقال خلال تجمع في غراند رابيدز، في ولاية ميشيغان المؤيدة تقليديا للديموقراطيين حيث يحاول تحقيق اختراق، قبل أيام من الانتخابات "سيستمر بلدنا في المعاناة، فهي (كلينتون) غير مؤهلة لتكون رئيسة للولايات المتحدة. سيغرق انتخابها الدولة وبلدنا في ازمة دستورية".

واضاف مستندا الى ما ذكره دوغلاس شون الديموقراطي الذي عمل مع الرئيس السابق بيل كلينتون في مقالة "اذا تم انتخاب هيلاري، فانها ستكون موضع تحقيق جنائي لفترة طويلة وربما محاكمة جنائية. محاكمة رئيس خلال توليه منصبه". وتابع ترامب "في غضون ذلك، سيكون فلاديمير بوتين الذي قالت عنه امورا سيئة، وجميع القادة الآخرين، غارقين في الضحك وسيجدون ذلك مسليا". وقال امام انصاره "من المرجح ان تبدأ المحاكمة". بحسب فرانس برس.

واشار ترامب مطولا الى ابلاغ مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي الكونغرس ان محققيه عثروا على رسائل جديدة قد تكون على صلة بقضية الرسائل الشخصية لكلينتون التي اغلق التحقيق فيها في تموز/يوليو الماضي. وتابع ان "المدير كومي لديه الكثير من الشجاعة"، بعد ان كان انتقده بحدة في تموز/يوليو لانه اوصى بإنهاء التحقيق من دون محاكمة هيلاري كلينتون. واكد ترامب "كنت حقا على خلاف معه، ولست من المعجبين به. لكنه انقذ سمعته بما قام به".

وقبل ايام من موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية تعطي استطلاعات الراي نتائج متقاربة بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، فيما يشن الديموقراطيون حملة على مدير مكتب التحقيقات الفدرالي لأنه اعاد تحريك ملف الرسائل الالكترونية لكلينتون مع بدء العد العكسي. وعلى الصعيد الوطني لا تزال كلينتون متقدمة ب44،9% من نوايا التصويت مقابل 41،1% لترامب، بحسب متوسط مجمل استطلاعات الراي.

من جهة ثانية، واصل الديموقراطيون حملتهم على مدير مكتب التحقيقات الفدرالي "اف بي آي" جيمس كومي الذي فجر مفاجأة عندما اعلن اعادة التحقيق في قضية الرسائل الالكترونية لكلينتون. ونقلت الصحافة الاميركية ان الاف الرسائل الالكترونية قد تكون وجدت على كمبيوتر لاحدى المقربات جدا من كلينون هوما عابدين التي كانت تتقاسم الكمبيوتر نفسه مع زوجها انطوني وينير. من جهته، وصف ترامب هذا التطور الجديد في مسالة الرسائل الالكترونية بانه "اكبر فضيحة سياسية منذ ووترغيت". وقال في تغريدة "نحن اليوم نتقدم في العديد من استطلاعات الراي وبعضها اجري قبل اعلان اعادة التحقيق في الرسائل الالكترونية لكلينتون". اما مديرة حملته كونواي فقالت "سنفاجىء الجميع وسنربح الانتخابات".

مطالب وشكوك

الى جانب ذلك طلبت وزارة العدل الأمريكية من مكتب التحقيقات الفيدرالي ألا يطلع الكونغرس بمجريات تحقيق جديد في رسائل البريد الالكتروني لهيلاري كلينتون مرشحة الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة، حسبما قال مسؤولون. وقال مسؤولون في وزارة العدل إن الاجراء لن يكون متماشيا مع القواعد الخاصة بالتدخل في الانتخابات. وتصرف جيمس كومي مدير "إف بي آي" بصورة مستقلة عندما أطلع اعضاء الكونغرس بالأمر في رسالة. وقالت كلينتون إن الأمر "غير مسبوق" و"مزعج للغاية".

وكتب أعضاء بارزون في مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي لكومي وللمدعي العام لوريتا لينش يطلبون منهم تقديم تفاصيل إضافية عن التحقيق. وقال أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي إن قرار كومي للكشف عن القضية وإعادة فتحها قبل الانتخابات الرئاسية التي تجري يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني جاء لأغراض سياسية.

على صعيد متصل قال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، هاري ريد، إن جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي "اف بي آي"، ربما انتهك القانون بكشف النقاب عن تحقيقات المكتب في احتمالية تسريب رسائل البريد الإلكتروني لمرشحة الحزب في الانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون. واتهم ريد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي بانتهاك قانون يحظر على المسؤولين التأثير على الانتخابات.

وأفادت تقارير بأن هناك 650 ألف رسالة بالبريد الإلكتروني سيجري فحصها، وهو ما يجعل من الصعب على المحققين إصدار رأي فيها قبل يوم الانتخابات المقررة. ويعتقد مكتب التحقيقات الفيدرالي أن الرسائل الإلكترونية قد تكون "ذات صلة" بالتحقيق الخاص السابق في استخدام كلينتون لخادم خاص عندما كانت وزيرة للخارجية في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وأغلقت هذه القضية في يوليو/تموز الماضي دون توجيه اتهامات لكلينتون.

واتهم ريد في خطابه مدير مكتب التحقيقات بتطبيق معايير مزدوجة بهدف مساعدة حزب سياسي على حساب حزب آخر. واعتبر أن كومي ربما انتهك قانون "هاتش" الذي يمنع المسؤولين من استخدام منصبهم للتأثير على الانتخابات. وقال موجها كلامه لكومي: "من خلال أفعالك المتحيزة لحزب معين، ربما تكون قد خرقت القانون." واتهم ريد كومي أيضا بحجب "معلومات خطيرة جدا عن علاقات وثيقة بين (مرشح الحزب الجمهوري) دونالد ترامب وكبار مستشاريه من ناحيه والحكومة الروسية." وأكد أن "عامة الناس لهم الحق في أن يعرفوا هذه المعلومات. وطلبت منك في خطاب مكتوب قبل شهور الكشف عن هذه المعلومات للجمهور." بحسب فرانس برس.

وكشف ريتشارد بينتر الأستاذ بكلية القانون جامعة مينيسوتا وكبير محاميي البيت الأبيض للشؤون الأخلاقية بين عامي 2005 و2007 أنه تقدم بشكوى ضد مكتب التحقيقات الفيدرالي لدى "مكتب المستشار الخاص"، والذي يحقق في انتهاكات قانون "هاتش". وقال في تعليق له بصحيفة نيويورك تايمز: "لم أتصور مطلقا أنه يمكن لمكتب التحقيقات الفيدرالي أن ينجر إلى سيرك سياسي يحيط بأحد تحقيقاته."

اضف تعليق