q

زاد خلال الأشهر الأخيرة الاهتمام الأوروبي والغربي بحوار الاديان والمذاهب في لبنان والعالم العربي، ونشطت العديد من المؤسسات اللبنانية والعربية في إقامة المؤتمرات والندوات الخاصة بحوار الأديان أو مواجهة التطرف الديني أو ظواهر العنف المنتشرة في العالم، وقد حصلت هذه المؤسسات على دعم العديد من الدول الأوروبية والغربية، إما من خلال سفاراتها في بيروت أو بدعم مباشر من وزارات الخارجية ومؤسسات دينية عالمية.

وشهدت بيروت مؤخراً عشرات المؤتمرات والندوات الخاصة بتجديد الفكر الديني، ومن المتوقع أيضاً ان نشهد في الأيام المقبلة قدوم بعثات أوروبية إلى لبنان من أجل بحث أبعاد الصراع المذهبي في لبنان والمنطقة وإقامة ورش عمل حول قضايا اللاجئين السوريين والموقوفين الإسلاميين والبحث عن مبادرات عملية لتخفيف التوترات المذهبية

فما هي أبرز عناوين الأنشطة المقامة حول الفكر الديني والعنف والتطرف؟ ومن هي المؤسسات التي تتولى إقامة مثل هذه النشاطات؟ وما هي الأسباب والأهداف والدلالات وراء تزايد الدعم الأوروبي والغربي لهذه الأنشطة؟

أبرز النشاطات والمؤسسات

بداية ما هي أبرز النشاطات التي جرت في لبنان مؤخراً حول «الحوار الديني وتجديد الفكر الديني»؟ ومن هي الدول والمؤسسات الأوروبية والغربية الداعمة لهذه الأنشطة؟

خلال الأشهر الماضية شهدنا العديد من الأنشطة حول مواجهة «العنف والتطرف» و«تجديد الفكر الديني»، وان كان الحدث الأهم هو الذي حصل في الأسبوع الماضي من خلال إطلاق «الحملة الوطنية لمواجهة العنف والتطرف» التي أطلقتها النائب بهية الحريري في السرايا الحكومية برعاية رئيس الحكومة تمام سلام وبدعم من سفارة سويسرا في بيروت وبحضور حشد كبير من الشخصيات الدبلوماسية والسياسية، وتلا ذلك إقامة الاجتماع الإقليمي حول الاصلاح التربوي لمواجهة التطرف والذي رعته الحريري أيضاً واقامته مؤسسة أديان وشارك فيه الكثيرون من الخبراء التربويين اللبنانيين والعرب. وقد أقامت أيضاً مؤسسة أديان منذ شهر ونصف تقريباً مؤتمراً خاصاً حول الحريات الدينية بدعم من الكنيسة السويدية، وشارك فيه علماء دين ومفكرون لبنانيون وعرب.

وتعتبر مؤسسة أديان إحدى أهم المؤسسات المعنية بمواجهة العنف والتطرف وتشجيع الحوار بين الأديان وهي تتولى تنفيذ عشرات المشاريع التربوية والإعلامية والفكرية في هذا المجال وتحظى بدعم أوروبي وغربي كبير، وتتعاون أيضاً مع المؤسسات الرسمية اللبنانية كوزارة التربية الوطنية.

وهناك مؤسسات أخرى ناشطة في هذا المجال، وكمثال على ذلك وليس التعداد الكامل لها: الفريق العربي الاسلامي–المسيحي، وملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار، ومجلس الحوار بين الأديان في العراق، ومؤسسة آل البيت في الأردن، ومركز الملك عبد الله لحوار الأديان في النمسا، ومنظمة الأونيسكو، ومنظمة الايسسكو وجامعة الأزهر ومجلس كنائس الشرق الأوسط، ومعاهد الدراسات الإسلامية – المسيحية في جامعات اليسوعية والبلمند والمقاصد ومؤسسة الإمام الحكيم في لبنان، والمجمع الجعفري للبحوث والدراسات الإسلامية ودار الفتوى في لبنان واللجنة الوطنية للحوار الإسلامي – المسيحي، والإسلام والديمقراطية في تونس، ومكتبة الاسكندرية في مصر، ولقاء حوار التابع للبطريركية الكاثوليكية في لبنان.

وبعض هذه المؤسسات يحظى بدعم أوروبي وغربي أو يتعاون مع مؤسسات دولية، والبعض الآخر يتحرك بتمويل ذاتي، وان كان الملاحظ ان معظم البعثات الدولية التي تنشط في لبنان تهتم بهذه الأنشطة وتحرص على اللقاء مع الشخصيات التي تهتم بهذه الأنشطة.

الأسباب والدلالات والأبعاد

لكن ما هي الأسباب التي تقف وراء الاهتمام الأوروبي والغربي بحوار الأديان وتجديد الفكر الديني؟ وما هي دلالات الاهتمام بمتابعة قضايا العنف والتطرف من قبل الجهات الدبلوماسية والفكرية المختلفة؟

المتابعون لهذه الملفات يؤكدون ان انتشار التنظيمات المتطرفة في السنوات الاخيرة زاد من الاهتمام الأوروبي والغربي بقضايا الحوار الديني وتجديد الفكر الديني والبحث في أسباب انتشار العنف والتطرف، وان كانت ظاهرة الحوار الديني الإسلامي – المسيحي في المرحلة الحديثة تعود إلى منتصف القرن العشرين حيث أقيمت طوال الستين سنة الماضية مئات المؤتمرات الخاصة بحوار الأديان وأقيمت عشرات المؤسسات المختصة بالحوار الديني.

لكن يبدو ان تعاظم الصراعات في الدول العربية والإسلامية في السنوات الاخيرة، وخوف الدول الأوروبية والغربية من انتشار التطرف في العالم ووصوله إلى مناطقها، كل ذلك دفعها إلى زيادة الاهتمام بهذه القضايا وتقديم المساعدات المالية للمؤسسات المعنية بالحوار.

وقد يكون هناك مصالح مشتركة اليوم بين الدول العربية والإسلامية والمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية في لبنان والعالم العربي من جهة وبين الدول الأوروبية والغربية من جهة أخرى، من أجل مواجهة التطرف والعنف وتشجيع الحوار الديني وتجديد الفكر الديني، ولكن الأهم من كل ذلك ان تنطلق هذه المبادرات من داخل المؤسسات الدينية، سواء أكانت إسلامية أم مسيحية، وأن يكون هناك رعاية وطنية وداخلية لهذه المؤسسات كي لا توظف في مشاريع خارجية.

ورغم وجود العديد من الملاحظات أو الانتقادات لبعض هذه الانشطة ومدى جدواها والأهداف التي تحققها والنتائج العملية التي تصل إليها، فإنها تبقى فرصة مهمة للتواصل والحوار، وهي بحاجة للمزيد من الدراسات والأبحاث المعمقة من كل الجهات المعنية.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق