q

تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول الموصل مؤخرا ثارت غضبا رسميا وشعبيا في العراق، حيث دعا في هذه التصريحات التي اتت بالتزامن مع الاستعدادات العراقية الكبيرة لتحرير هذه المدينة من سيطرة تنظيم داعش الارهابي، إلى إبقاء العرب السنة والتركمان حصرا فيها بعد تحريرها من تنظيم "داعش". وكان أردوغان وكما نقلت بعض المصادر، قال في حوار على قناة "روتانا خليجية" السعودية، إنه "حريص على عدم السماح بأية سيادة طائفية على الموصل، لأن الهدف فقط هو تطهيرها من "داعش". وتابع أردوغان "الموصل لأهل الموصل وتلعفر (مدينة قرب الموصل يقطنها التركمان) لأهل تلعفر، ولا يحق لأحد أن يأتي ويدخل هذه المناطق"، مضيفا "يجب أن يبقى في الموصل بعد تحريريها أهاليها فقط من السنة العرب والسنة التركمان والسنة الأكراد".

وشدد بالقول "لا يجب أن يدخل الحشد الشعبي للموصل"، داعيا إلى تعاون تركيا والسعودية والولايات المتحدة والتحالف الدولي لتحقيق ذلك. وقال "سنبذل قصارى جهودنا في عملية تحرير الموصل ويجب أن نكون على طاولة الحل ولا يجب أن نكتفي بالمراقبة"، وهو ما أثار موجة من الغضب الشعبي ورسمي كبير داخل العراق، حيث دشن نشطاء في موقع التواصل الاجتماعي تويتر هاشتاج باسم ( #من_عراقي_لاردوغان) لاقى رواجًا واسعًا، وشارك فيه العديد من المغردين الذين قدموا رسائل غاضبة لم تخلو من التهديد والوعيد ضد اوردغان والحكومة التركية، المتهمة بتدخل في شؤون دول الجوار والعمل على زعزعة امن واستقرار المنطقة، من خلال دعم الجماعات والتنظيمات الارهابية، هذا بالإضافة الى إطلاق التصريحات الاستفزازية والعمل على تأجيج الفتنة الطائفية.

غضب شعبي

شبكة النبأ المعلوماتية رصدت بعض التغريدات على هذا الهاشتاج، حيث علق (عبدالكريم آل غضبان ‏@abofatema64) على هذه التصريحات بالقول: كفاك أحلام اليقظة، انتهت إمبراطورية الرجل المريض هذا العراق سيبقى عصيا على كل مؤامراتكم الخسيسة. Rahaf) ‏@noorhan__ali ) قالت في تغريدتها: اكبر منك ومعها دوله إقليمية انسحق تحت اقدامنا اذا ناسي راجع الاعلام الحربي لحشدنا وقواتنا وافهم. Ano) ‏@mu_a97 ) من جانبها قالت: سنرفع علم العراق قريبا بالموصل و ح تضل الموصل شامخه بزود العراق وجيشه وحشده بأذن الله. ايدتها في ذلك(عنبر الشامية) التي قالت: تذكروا جيداً ان الموصل محافظة عراقية وليست مقاطعة تركيا فلا تتدخلوا بما لا يعنيكم كي لا تجدو ما لا يرضيكم، واضافت في تغريده اخرى، انتبه اصبحت شبه اعمى ومشلول سياسياً، لقد اصبحت موضع سخرية الاعلام عندما تركك زعماء العالم بمؤتمر مكافحة الارهاب اثناء كلمتك!.

(روشـــان/فلقة القمر) قالت بلهجتها العراقية: محد طالب رايك اسكت وحير بصياعة بلدك. (مهيمن ‏@(moheman2 غرد قائلا: ستكون انت الهدف القادم بعد داعش فلا تصير براسنه سبع لم جوالاتك واطلع من الموصل Rasha ALkobaisi)) من جانبها قالت: الموصل تتكون من خليط متنوع من المذاهب والأديان والأقليات وليست مقتصرة على المسلمين السنة ، لا تحشر نفسك فيما لايعنيك.

مغرد اخر قال لاردوغان: يجب أن تعرف بأن العراق يختلف عن باقي الدول،لديه سداً منيعاً اسمه "الحَشـدُ الشَعْبِيُّ المُقَدّس"ْ. ايده في ذلك (Mohammed AL-Jibury) حيث قال: احذر غضب الحشد الشعبي .. اسحب قواتك من الموصل قبل دخول الحشد، اما(محمد العراقي) فغرد قائلا: سنتفرغ لجنوك بعد تحرير الموصل وسنخرجكم منها مهزومين.

رفض رسمي

من جانب اخر أعربت وزارة الخارجية العراقية، عن رفضها لتصريحات الرئيس التركي بشأن الموصل، فيما عدته تدخلا سافرا في الشأن العراقي وتجاوزاً لمبادئ العلاقات الثنائية وحسن الجوار. وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد جمال في بيان، إن "وزارة الخارجية العراقية عبرت عن رفضها للتصريحات المتكررة الصادرة عن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بخصوص معركة تحرير الموصل". وأضاف البيان، أن "الوزارة عدت ذلك تدخّلا سافرا في الشأن الداخلي العراقي وتجاوزاً لمبادئ العلاقات الثنائية وحسن الجوار".

وتابع، أن "معركة تحرير الموصل ستكون ختام الانتصارات التي يسجّلها ابناء شعبنا بكل مكوناته و بدماء تضحياتهم في الجيش والشرطة والقوات الامنية والحشد الشعبي والبيشمركة ومقاتلي العشائر وهم يذيقون الدواعش الانجاس طعم الذل والهزيمة". وأشار جمال، الى أن "تصريحات ومواقف القيادة التركية تمثل ازعاجاً وتعكيراً للعلاقات المرجوّة بين البلدين، كونها اهملت كافة المواقف والدعوات الدولية الداعية الى سحب القوات التركية المتسلّلة قرب مدينة بعشيقة واحترام السيادة العراقية".

وبين، أن "حكومة انقرة مطالبة بإثبات حسن النوايا والواقعية في محاربة الارهاب، من خلال دعم جهود الحكومة العراقية في المعارك الدائرة ضد تنظيم داعش الارهابي، وصولاً الى تحرير الموصل". ودعت الوزارة، بحسب البيان، الرئيس التركي بـ"الكفّ عن اطلاق التصريحات الاستفزازية عديمة الجدوى او محاولة التدخل في قضايا العراق الداخلية، أسوة بما عبّر عنه العراق من مواقف داعمة للجارة تركيا امام الكثير من التحديات وآخرها موقفه الرافض للمحاولة الانقلابية العسكرية داخلها". وأكد المتحدث الرسمي، أن "معركة تحرير الموصل العزيزة من براثن داعش ستكون بأيادي العراقيين وحدهم دون الحاجة الى الانجرار لأي شكل من اشكال الأقلمة لهذه المعركة، او فسح المجال لجعلها ساحة من ساحات صراع الارادات الدولية".

من جهتها رأت عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان حنان الفتلاوي، أن "أردوغان تمادى بتدخله بالشأن العراقي لأنه لم يجد من يرد عليه"، منتقدة "ضعف الحكومة العراقية وعدم اتخاذها أي إجراء قانوني أو دولي بحق تركيا". ودعت الفتلاوي أردوغان إلى "الكف عن التصرف وكأن الموصل ولاية تابعة له وعليه أن يهتم بحل مشاكله الداخلية ويكمل مسلسل تكميم الأفواه والاعتقالات الجماعية في تركيا لتصفية خصومه".

كما عد عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية مثال الالوسي, وكما نقلت بعض المصادر، تصريحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بشأن الموصل دعما مباشرا لتنظيم داعش الإجرامي، داعيا الى استخدام كافة الوسائل في طرد القوات التركية من شمال العراق. وقال الالوسي إن تصريحات اردوغان، بشأن مدينة الموصل ومن يبقى فيها بعد التحرير تدخل سافر وخطير في الشؤون الداخلية العراقية ودعم مباشر لداعش التي يقترب عملية طردها من الموصل، مشيرا إلى أن تلك التصريحات جاءت بعد يوم واحد من تمديد التواجد العسكري التركي في العراق. ودعا الالوسي إلى استخدام كافة الوسائل في طرد القوات التركية، ومواجهتها عسكريا اذا اقتضى الأمر بعد انتهاء عمليات تحرير الموصل، لافتا إلى أن تركيا هي من اسهمت في بروز الجماعات الارهابية ولاسيما داعش وهي تقوم بدور خفي لتقويتها وتنفيذ اجندات مريبة في الموصل.

وعلى نفس الصعيد أكدت حركة "عصائب أهل الحق" المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي، أن تصريحات أردوغان "وقحة" وتمثل "اعتداء على سيادة العراق" وذات "وجه طائفي مقيت"، داعية الحكومة العراقية إلى الإسراع بحسم موضوع التواجد التركي وإنهائه قبل بدء انطلاق عملية تحرير الموصل. وقال المتحدث باسم الحركة نعيم العبودي في بيان، انه مع اقتراب انطلاق معركة تحرير الموصل وخلاص هذه المدينة العراقية الأصيلة من الزمر التكفيرية المجرمة التي أمعنت في اهلها وبناها التحتية قتلا وتدميرا، تتكشف أمامنا يوما بعد أخر وجوه أعداء العراق الذين يعملون على تقسيمه وأضعافه من اجل السيطرة على خيراته ومقدراته”.

وأضاف أن تصريحات الرئيس التركي اردوغان الوقحة مثال واضح على التدخل السافر في الشأن العراقي، واعتداءا على سيادته وكرامته، وبوجه طائفي مقيت يكشف حقيقة التآمر التركي في كل ما جرى في بلادنا منذ اكثر من عامين، مبينا أن دعوة اردوغان الوقحة لتقسيم الموصل على فئة مذهبية دون أخرى تمثل تطاولا غير مسبوق على وحدة البلاد وحرمة أبنائه خاصة المدينة المنكوبة والأسيرة”.

وتابع أن تصريحات اردوغان أثبتت وقوف تركيا والسعودية وراء حملة داعش في الموصل التي استهدفت ابناء المكون المسيحي والايزيديين والشبك كما انها تعكس استهانة تجاه الموقف العراقي الرافض لتواجد القوات التركية في الموصل، مبينا أن المسؤول التركي كرر قوله إن انزعاج الحكومة العراقية لا يهمه، مكررا مطامعه وتحججه بتدريب البيشمركة وقوات مرتبطة بالسياسيين الذين يدورون بالفضاء التركي.

وأشار البيان الى أن العراقيين الذين لقنوا داعش هزائم نكراء سيتصدون لأي مخطط طائفي خبيث يريد تمزيق الارض والسكان، مطالبا رئيس الجمهورية بالقيام بواجبه الدستوري في الحفاظ على وحدة البلد وسيادته. ودعا الحكومة العراقية ممثلة برئيس الوزراء الى الإسراع بحسم موضوع التواجد التركي وإنهائه قبل بدأ انطلاق عملية تحرير الموصل، لان انطلاق العملية مع وجود قوات تركية ستؤدي الى نتائج خطيرة على وحدة وسيادة البلد في ظل الأطماع التركية الاردوغانية الواضحة والصريحة، مشدداً على ضرورة عدم الاكتفاء بردود ضعيفة لا تتناسب وحجم الاعتداء على سيادة البلد، فسيادة العراق وحماية أبنائه خط احمر، وعلينا أن نكون جميعا بالمستوى المطلوب. وطالب البيان ايضا، مجلس النواب العراقي بـقرار وطني وشجاع يكون بمستوى التحديات الخطيرة التي تهدد وحدة العراق، داعيا القوى السياسية الوطنية لـلتصدي بحزم لهذا التطاول حفاظا على سيادة الوطن ووحدته.

اضف تعليق