q

ان تنامي الإقبال على وسائل الإعلام الإلكترونية مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«انستغرام» و«غوغل» وغيرها من قنوات جديدة أصبحت حياتنا الواقعية أكثر تداخلاً مع حياة الانترنت، ويكاد من المستحيل التخلص من هذه العادة، والأبناء سرعان ما يقلدون الآباء والأمهات في مواكبة عصر التكنولوجيا الحديث من خلال اقتنائهم أفضل الأجهزة الإلكترونية والأجهزة الذكية للدخول إلى عالم الإنترنت الحديث. مع هذا التطور التكنولوجي تطورت ايضا أشكال الإيذاء المتكرر (التنمر) لينتقل من العالم الواقعي إلى العالم الافتراضي وتنعكس نتائجه مجددا على أرض الواقع.

فهناك الكثير من الأفراد البالغين يمارسون اليوم حياتهم بحرية مطلقة من دون رقابة أو محاسبة، لذلك كثرت المشكلات واستخدام العنف والتلفظ اللاأخلاقي إلى أن أصبحت عادة سيئة جداً، كما نرى أن معظم هؤلاء الأفراد البالغين يتذكرون اليوم كيف كان ماضيهم السيئ حينما كانوا يتعرضون للاعتداء والإكراه من قبل الآخرين في مرحلة الطفولة في حين أصبحنا نشاهد أن التنمر التقليدي ينطوي على حالات عنف واعتداء جسدي ولفظي في أماكن تواجدهم وكأنها ردة فعل أو حالة ناتجة من الانتقام، غير أننا غير قادرين عن التوقف من استخدامنا المتزايد على الأجهزة الالكترونية والإنترنت في كل مكان لأنها أصبحت عادة أو جزءاً من حياتنا اليومية، وبالتالي نحن نجد أنفسنا أمام تكنولوجيا متطورة يجب استخدامها بالشكل السليم وإلا ستنعكس الأمور علينا بشكل غير مرضٍ تماماً.

ان ما نتحدث عنه اليوم هو أخطر بكثير مما يتصوره المرء خصوصاً ونحن أمام هجمة تكنولوجية تواكب عملية التطور في الحياة، فأصبحنا نشاهد العجائب في عالم الإنترنت والتكنولوجيا، وهذا قد ينعكس سلباً على مصير أبنائنا الصغار والكبار بعدما بدأت عملية الغزو الإلكتروني تسري في عقولنا وأجسادنا بكل الطرق إلى حد الإدمان.

وقد كشفت دراسة استقصائية أجريت بواسطة "كاسبرسكي لاب" و "بي تو بي إنترناشونال" أن ما يقرب من ربع الآباء والأمهات (22%) يقرون بعدم قدرتهم على مراقبة ما يشاهده أو يفعله أبناؤهم على الإنترنت، وذلك على الرغم من أن نصف المستطلعين تقريباً (48%) عبروا عن قلقهم لاحتمال تعرض أولادهم لظاهرة التنمّر الإلكتروني.

والتنمّر الإلكتروني هو عندما يتعرّض طفل أو فتى أو مراهق للتهديد والإذلال والتهكّم اللفظي والاعتداء المعنوي والإحراج، من طفل أوفتى أومراهق آخر عبر الإنترنت ومواقع التفاعل الرقمي والهاتف الجوّال. والاثنان، المتنمّر والضحية الذي يتعرّض للتنمّر، هما دون سن الرشد. وقد يحدث تبادل في الأدوار، فمرة يكون الطفل أو المراهق نفسه، متنمّرًا إلكترونيًا، ومرة أخرى يكون ضحية التنمّر. فغالبًا ما يتبادل الأطفال أدوارهم من المتنمّر إلى الضحية والعكس.

وبحسب دراسة أجراها مركز "ناشيونال يوث بوليسي" أواخر العام الماضي، فإن نحو 30% من طلاب الإعدادية والثانوية يتعرضون للابتزاز على الإنترنت، وكان الابتزاز أثناء ممارسة الألعاب على الإنترنت، الأكثر شيوعاً بين المراهقين، فيما كانت المراهقات أكثر عرضة للابتزاز على مواقع التواصل الاجتماعي.

كما أظهرت الدراسة أن ضحايا الابتزاز على الإنترنت، هم على الأرجح غير مرتبطين بآبائهم أو لا يثقون فيهم بنفس القدر الذي يتمتع به أقرانهم ممن لم يتعرضوا للابتزاز على الإنترنت.

التنمر الالكتروني اكثر اساءة من التنمر العادي

التنمّر العادي يكون وجهًا لوجه، وغالبًا ما ينتهي مع انتهاء العام الدراسي، وإذا لم يكن لدى المتنمّر والضحية نشاطات مشتركة خارج إطار المدرسة. فيما التنمّر الإلكتروني، فلا مهرب منه ويزداد سوءًا إذا لم تكن الضحية قادرة على الدفاع عن نفسها، لأن ثقتها بنفسها ضعيفة وشخصيتها متردّدة.

صحيح أنه لا يؤذي جسديًا، ولكن يشعر المراهق الضحية بالضعف والاستياء الشديد، فيشعر بالخوف والوحدة والتوتر، ولا يمكنه تخطّي هذه المشاعر. ولا مفر من الهروب من التنمر الإلكتروني، لأن أي شخص أصبح قادرًا على الولوج إلى هاتف الضحية الذكي أو صفحته الإلكترونية.

وتشير أيضا الدراسات إلى أن التنمر الإلكتروني أكثر إساءة من التنمر العادي، كما في التالي:

- تم تخويف ما يقرب من 43٪ من الاطفال على الانترنت. طفل من 4 أطفال تعرض للتنمر الإلكتروني أكثر من مرة.

-70 ٪ من الطلاب رأوا تنمرًا على الانترنت.

- أكثر من 80٪ من المراهقين يستعملون الهاتف الخليوي بشكل منتظم، مما يجعله الوسيلة الأكثر شيوعًا للتنمّر الإلكتروني.

- 68 ٪ من المراهقين يتفقون على أن التنمر الإلكتروني مشكلة خطيرة.

-81 ٪ من المراهقين يعتقدون أن التخلص من التنمر الرقمي أسهل من التنمر الواقعي، أي الذي يحدث وجهًا لوجه.

-90 ٪ من المراهقين الذين رأوا أو قرأوا رسائل تنمّر على صفحات التواصل الاجتماعي يقولون انهم تجاهلوها. فيما 84٪ طلبوا من المتنمر أن يتوقف.

-1 من كل 10 ضحايا أبلغ أحد والديه أو راشدًا موثوقًا به عن الإساءة التي تعرض إليها عبر الإنترنت.

- عدد الفتيات ضحايا التنمر الإلكتروني هو ضعفا عدد الصبيان.

- حوالى 58٪ من الاطفال يعترفون بأن أحدهم قد تعرّض لهم بالإساءة الجارحة عبر الانترنت. أكثر من 4 من كل 10 يقولون إنه حدث أكثر من مرة.

- ضحايا التنمر الإلكتروني هم أكثر عرضة للاكتئاب الشديد بنسبة 2 إلى 9 مرات أكثر من ضحايا التنمر الواقعي.

- حوالى 75٪ من الطلاب أفادوا بأنهم زاروا موقعًا إلكترونيًا يسيء إلى طالب آخر.

انتشار ظاهرة التنمر الإلكتروني مع انتشار التكنولوجيا

ظاهرة التنمر ليست وليدة اليوم، لكن ما استجد هو استغلال البعض للتكنولوجيا، بهدف نشرها وتسهيلها، ما وزاد من خطورة هذه الظاهرة الانتشار الهائل للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأدوات التواصل الاجتماعي التي يتعرف عليها الطفل منذ سني عمره الأولى.

وأصبحت هذه الظاهرة تمثل مصدر للقلق الاجتماعي، وابدى الخبراء قلقهم إزاء ارتفاع مستويات التنمر الإلكتروني، حيث أدى الاستخدام المكثّف للتكنولوجيا ووسائل الإعلام الاجتماعية، ولاسيما بين أوساط المراهقين، إلى جعل هؤلاء أكثر المجموعات عرضة لهذه الانتهاكات. فتشير نتائج دراسة أجريت على عينة مكونة من (264) من المراهقين بأن نسبة (50%) تعرضت كضحايا للتنمر الإلكتروني، ونسبة (50%) يعرفون شخصًا بالمدرسة يقوم بالتنمر الإلكتروني. وبالرغم من أن هذه الأرقام قد لا تكون دقيقة لسبب أن معظم المراهقين يفضلون عدم الابلاغ عن تعرضهم للاعتداء على الانترنت، فقد أظهرت التقارير الأخيرة أن أكثر من واحد بين كل عشرة أطفال من الفئة العمرية 11 إلى 16 عاماً في أوروبا وقعوا ضحية التنمر على الإنترنت. ووصلت هذه النسبة إلى 17% في اليابان وإلى 52% في الولايات المتحدة، وفقاً لمركز أبحاث وإحصاءات العدالة والتنمر الالكتروني بوزارة الصحة والخدمات الإنسانية في الولايات المتحدة.

ويرى جوستين Justin Patchin المدير المشارك لموقع مركز أبحاث التنمر الإلكتروني أن الأرقام أعلى من ذلك بكثير، فضحية التنمر الإلكتروني لا تريد أن تضع نفسها في هذا المربع. ويتم التنمر الإلكتروني باستخدام التكنولوجيا الإلكترونية، وتشمل تكنولوجيا الأجهزة الإلكترونية والمعدات مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر، والأجهزة اللوحية، وكذلك وسائل الاتصال بما في ذلك مواقع وسائل الاعلام الاجتماعية، والرسائل النصية، والدردشة، ومواقع الانترنت، ومن الأمثلة على التنمر عبر الإنترنت، الرسائل متوسط النص أو رسائل البريد الإلكتروني، والشائعات التي ترسل عن طريق البريد الإلكتروني أو نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، والصور المحرجة، وأشرطة الفيديو، والمواقع، أو ملامح وهمية. فمن خلال الوسائل التكنولوجية الحديثة كالإنترنت وأجهزة المحمول وألعاب الفيديو، حيث يمكن استخدامها في إرسال الرسائل غير المرغوبة ونشر الشائعات عبر صفحات الإنترنت.

ضحايا التنمر الالكتروني

بداية يحدث التنمّر الإلكتروني بين الأطفال والمراهقين الذين يعرفون بعضهم خارج الشبكة العنكبوتية، أي قد يكون المتنمّر والضحية في المدرسة نفسها، أو يقصدان النادي الرياضي نفسه. وبالتالي يختار المتنمّر ضحيّته التي يعرفها مسبقًا فيستخدم نقاط ضعفها، مثلاً كأن يكون الضحية هزيلاً أو بدينًا أو كسولاً أو ممتازًا في المدرسة أو أن يكون ببساطة يغار من الضحّية إذا كان لديه عدد كبير من الأصدقاء فيعمد إلى تشويه صورته بشكل أوسع عبر تعليقاته المسيئة، ويشاركه في التنمّر الأشخاص التابعون له. وفي المقابل قد يحدث تبادل في الأدوار فيرد الضحيّة بأسلوب التنمّر نفسه، خصوصًا إذا كان يعرف نقاط ضعف المتنمّر.

أشعر بالندم

يُعتبر ديفن أحد ضحايا ظاهرة التنمر في مدرسته الثانوية، حيث استمرت مجموعة من الفتيان بمضايقته وجعله يشعر بالنقص، وقامت في بعض الأحيان بإلقاء أدوات عليه واهانته والاستهزاء به تارة أخرى لاستثارته على مواجهتها. وحين فعل، انهالت مجموعة الفتيان عليه بالضرب.

وأصبح التنمر جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية لديفن. والآن، وبعد مرور أحد عشر عاماً، أقر بأنه يشعر بالندم على عدم طلب مساعدة أخته أو عائلته. وقال "لقد كان خطأي الأكبر عدم اشراك أحد في عالمي بسبب الإحراج الذي انتابني لطلب المساعدة.

لازلت اشعر بالخوف منه

وكانت قصة صالح البالغ من العمر 14عام مع هذا النوع من الابتزاز، فيقول: "استطاع زميل متنمر في مدرستي أن يخدعني ويدعي أنه فتاة عبر فيس بوك، وقام بتصويري والتحفظ على محادثتي معه، وهددني بنشرها، طبعاً أصبت بصدمة مخيفة حين عرفت أن الفتاة التي تعرفت عليها، لكن الرعب الحقيقي حين لوح بالفضيحة".

واضطررت منحه أموالي وطعامي وألعابي الإلكترونية وبعض ملابسي وساعاتي للمتنمر المبتز، كما تحملت مضايقاته وسخريته بصبر، ولم يفكر في تقديم أي شكوى ضده، ويقول: "لم يكن هناك حل سوى الاستسلام، وحتى بذهابه لا زلت أشعر بالخوف منه".

أختي تبتزني

وتروي نيروز علي (27 عاماً): "تعرضت للابتزاز من أختي مرة في مراهقتي، حيث حصلت على صور بشعة لي من حاسوبي الشخصي، وهددتني بنشرها على صفحتي على فيس بوك، في حال لم أنفذ كل ما تريد، وبالفعل رضخت قليلاً، ثم شكوتها لوالدتي أخيراً، وهكذا نجوت".

نشر صوري في مواقع سيئة

ولكن هذه الحادثة التي تبدو بسيطة كانت بداية لحوادث أكثر حدة تعرضت لها نيروز وتضيف: قام أحد معارفي بالتقاط صوري مع أصدقاء شباب في جلسة عامة، وهددني بنشرها في مواقع إباحية في حال لم أدفع له مبلغاً كبيراً من المال، وبالطبع تجاهلته، وفوجئت بعدها بتركيب صوري ونشرها بصور غير لائقة في مواقع سيئة، ووصل الأمر لعلم أهلي وأقاربي وزملائي في العمل، ومعارفي، وأصبت وقتها باكتئاب حاد، اضطرني للسفر شهرين، كدت أخسر عملي ونفسي.

الجاني غير معروف

وهناك أنواع للابتزاز يكون فيها الجاني غير معروف لضحيته، وهي الأكثر غالباً، فيقول أحمد مراد (18 عاماً): "قرصن أحدهم حساباتي على التواصل الاجتماعي، ونشر أموراً خاصة من بريدي على الملأ، رغم أني قبلت تحويل المبلغ الذي طلبه".

ارتباط الانتحار بالتنمر الالكتروني

الانتحار هو ثاني سببٍ للوفاة بين من تبلغ أعمارهم 15 إلى 29 عاماً، ولكنّ الكثير من المجتمعات ليس مستعدّاً لنقاشه. ويحذّر خبراء الصحّة من أنّ "التنمّر الإلكترونيّ" والعدوى المجتمعيّة يفاقمان الأمر.

وذكر الباحثون في جامعة ألبرتا، أن مراهقاً من أصل 4 يتعرض للابتزاز الإلكتروني بدرجات مختلفة، وربط هؤلاء بينه وبين رغبة الانتحار.

ووفقا للمركز الأميركي للوقاية من الإصابة والسيطرة عليها، فإن التنمر والسلوك الانتحاري يوجد بينهما ارتباط وثيق، ولكن بطريقة مركبة ومعقدة.

ووفقا للمركز أيضا فإن «هذا يعني أن الشباب الذين يذكرون تعرضهم لسلوك تنمري أكثر عرضة للإبلاغ عن سلوكيات لها علاقة بالانتحار, ولكن تأطير نقاش القضية في أن التنمر سبب وحيد مباشر للانتحار لا يساعد وقد يكون ضارًا لأنه قد ينشر الاعتقاد بأن الانتحار هو رد الفعل الطبيعي للتعرض للتنمر، وهو ما قد يؤدي إلى خلق سلوك من المحاكاة والتقليد».

وتشير بعض الأدلة إلى أن التغطية الإعلامية قد تشجع بعض من هم عرضة للتنمر إلى تقليد السلوك الانتحاري، وهو ما يعرف بـ"العدوى المجتمعية".

وتقول ساذرلاند إن إحدى الصور الايجابية للتغطية الإعلامية تتمثل في تشجيع الناس على طلب المساعدة.

وبصورة أهم، يعتقد خبراء الصحة العامة أن هناك حاجة لوضع الحكومات استراتيجيات طويلة الأمد للحيلولة من دون الانتحار ويجب عليها رعايتها ودعمها.

وتقول منظمة الصحة العالمية إنه لا توجد حتى الآن مثل هذه الاستراتيجيات إلا في 28 دولة فقط.

لامجال للهرب

فتاة في الثانية عشر من عمرها ماتت بعد أن قفزت من صومعة مصنع خرسانة مهجور بسبب مُضايقات اثنين من أقرانها المُستمرة.

وما جعل حالة ريبيكا آن سيدويك أكثر مأساوية هو أن التنمُر الذي كانت تتعرض له وأدَى إلى انتحارها في النهاية كان مُستمرا لمدة عام كامل وحتى بعد أن قام والديها بنقلها إلى مدرسة أخرى تمكنت الفتاتين اللاتي كُن يضايقنها من الوصول إليها عبر الهاتف واستمروا في مُضايقتها حتى قررت ريبيكا قتل نفسها.

الضرر النفسي

لا يقتصر الضرر الذي تسببه ظاهرة التنمر الإلكتروني على العلاقات الاجتماعية فحسب، بل تتعداه إلى التسبب بمشاكل نفسيه قد تصل الى الانتحار، وفي هذا الصدد يعلق دكتور الطب النفسي أشرف الصالحي أن التنمر الإلكتروني ينتج عنه عدة مضاعفات لدى الشخص الضحية كتدني الثقة بالنفس والاكتئاب والقلق النفسي وزيادة الوزن، ويضيف أن الضحية تصبح تميل إلى الانعزال عن الناس والخوف من المستقبل. ويرى الصالحي أن التنمر الإلكتروني يدفع الضحية لتصبح عدوانيه ولديها الرغبة الدائمة في الانتقام ويتسبب باضطرابات بالشخصية كإيذاء الذات. وبحسب رأي الدكتور الصالحي فإنه ليس بالضرورة أن يكون المتنمر مريضا نفسيا وإنما هو شخص يتمتع بالاستهزاء بمن هم أقل منه وتعذيبهم.

وفي سياق التعامل مع الضحية يوضح الدكتور الصالحي: نتعامل مع الضحية بتعزيز الثقة بالنفس وبتعليمه كيف يغضب وأن الغضب ليس شرا و كيف يقول لا ويوقف الاستمرار بالإيذاء. ويؤكد على أهميه توعية الطفل وتعليمه كيف يحمي نفسه بإعطائه أمثلة عن كيفية استخدام وسائل الاتصال الحديثة لمنع من يؤذيه من الاستمرار بإيذائه، كما أنه من المهم تشجيعه على أن يخبر الأهل و الأصدقاء والمعلمين عن حالات التنمر ويطلب مساعدتهم، بحسب الدكتور الصالحي.

ومن جهة أخرى يعتقد الدكتور الصالحي أنه من الممكن ردع الشخص الممارس للتنمر أو المتنمر بإفهامه أن ما يقوم به ليس مزاحا وأنه مؤذٍ للآخرين ونخبره أنه لو كان مكانهم لشعر بالإحباط واليأس وأنه إن لم يتوقف فسيكون هناك قانون يحمي الأولاد الآخرين منه ويضع عليه عقوبات معينة وعلى أهله كذلك.

وذكرت دراسة أن الطلاب المتعرضين للابتزاز الالكتروني، تضعف ثقتهم بأنفسهم، وتراجع رغبتهم في التحصيل العلمي، ويتراجع بالتالي مستواهم، ناهيك عن الاكتئاب الانعزال الاجتماعي، الذي يصيبهم كما يصيب الشباب نتيجة لذلك.

وتقول أستاذة علم النفس، د.حياة العربي: "الكثير من المراهقين يتسمون بالحساسية وعدم النضوج العاطفي بطبيعة الحال، ويخلق الابتزاز الإلكتروني لهم كارثة أكبر من قدرتهم على تحملها أو التعامل معها، خاصة حين يتعلق الأمر بصور أو أمور محرجة، ويخاف أغلبهم ذويهم وسخرية المجتمع، لذا يصبحون تحت رحمة المبتز".

وتتخوف الفتيات أكثر من عمليات الابتزاز بحسب د. حياة العربي، والتي تضيف: "لازالت المرأة تعاني هضم حقوقها في عالمنا، وغالباً تخاف ردة الفعل القاسية تجاهها".

وتشير د. العربي لعلامات واضحة تظهر على ضحايا هذا الأمر من المراهقين بالذات، فتقول: "على أولياء الأمور والأساتذة متابعة الطلاب المراهقين بنية الحماية والتوجيه وليس تصيد الأخطاء، وهكذا سيتمكنون من ملاحظة أعراض قد تكون مؤشراً لتعرضهم للابتزاز، مثل الاضطراب والحزن ونقص أو زيادة في الوزن، مع اضطرابات أكل، والشرود، والحذر، وتحاشي النظر المباشر، والتوتر، والابتعاد أكثر عن الأنظار".

كيف تجنب أبناءك من التعرض للتنمر الالكتروني؟

ترى أستاذة علم النفس التربوي، الدكتورة أمينة كاظم، أن استخدام الأبناء للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي دون رقابة من الأهل غالبا ما يكون السبب الرئيسي وراء ظهور هذه الظاهرة، كما أن الخوف الشديد من رد فعل الأسرة يكون سببا في تفاقم المشكلة وتعقيدها ورفض المراهق أو الطفل إشراك أسرته في مشكلته والعمل على حلها، وهناك كثير من المراهقين الذين يرفضون ذلك بدافع المكابرة وأنهم ليسوا صغارا كي تحل أسرهم مشكلاتهم.

وتؤكد د.أمينة: أنه في كل الأحوال من الضروري تشديد الرقابة على استخدام الطفل والمراهق لوسائل الإنترنت من قبل الأسرة دون أن يشعر أنه مراقب أو تحت السيطرة لحمايته من أي ضرر نفسي قد يلحق به، كما أنه من الضروري تقوية جسور العلاقة بين الأبناء والآباء في هذه المراحل العمرية الحساسة والتي من المفترض أن تكون قائمة على الثقة والاحترام المتبادل وليس التخوين والتخويف، فالعلاقة الأسرية المتينة والمتوازنة بين الآباء والأبناء تنجح في حمايتهم من الوقوع فريسة لأي شخص.

وأن افضل طريقة لتجنب التعرض للتنمر الالكتروني هي باستخدام الانترنت والهواتف النقالة بحذر:

*عدم نشر تفاصيل شخصية، مثل رقم الهاتف الخاص او العنوان.

*التفكير بحذر قبل نشر الصور او مقاطع الفيديو الخاصة به او بأصدقائه على الانترنت.

*اعطاء رقم الهاتف النقال الى الاصدقاء المقربين فقط.

*حماية كلمة المرور، وعدم اعطاء الاصدقاء حق الوصول الى الحسابات الشخصية.

*استخدام اعدادات الخصوصية على مواقع التواصل الاجتماعي.

*عدم تمرير رسائل البريد الالكتروني السيئة.

*تعلم كيفية حظر التراسل الفوري او استعمال فلاتر الرسائل لحظر رسائل البريد الالكتروني.

*معرفة كيفية التبليغ عن التنمر الالكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي او مزود خدمة الانترنت او مدراء المواقع الالكترونية. وطلب المساعدة من الاباء او المدرس.

التسلط عبر الانترنت

أصدرت شركة التأمين العالمية Chubb بوليصة تأمين جديدة ضد التسلط عبر الإنترنت تستهدف العملاء الأثرياء في بريطانيا وإيرلندا.

وأوضحت شركة التأمين Chubb أن هذه البوليصة تُطرح للمرة الأولى في المنطقة، وتغطي العميل بمبلغ 74.600 ألف دولار أمريكي سنويا، مقابل نحو 3700 دولار أمريكي تقريبا للفرد، وتوفر هذه البوليصة للعميل، الذي يقع ضحية التشهير به أو الإضرار بسمعته عبر الإنترنت، مجموعة ميزات منها توظيف خبراء في العلاقات العامة لترميم سمعة العميل في حال تضررها اجتماعيا، إضافة إلى خبراء في الأمن السيبراني، لمساعدة العميل في قضيته إذا وصلت إلى المحكمة، عن طريق تقديم وثائق وأدلة دامغة تؤكد وقوعه ضحية للاستهداف والتنمر الإلكترونيين.

لا للتنمر الالكتروني

أصدرت هيئة تنظيم الاتصالات بمملكة البحرين وبالتعاون مع برنامج "كن حرًا" التابع لجمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية كتيب "قل لا ... للتنمر الالكتروني" والذي يهدف إلى زيادة وعي الأطفال والمراهقين بأضرار التنمر الإلكتروني وتأثيراته في المجتمع، ويحتوي هذا الكتيب الخطوات اللازمة للوقاية منه وكيفية التصرف بشكل سليم عند حدوث التنمر وكيفية الحد منه والمساهمة في حماية الاخرين ومساندتهم.

ويعد هذا الكتيب أحد مبادرات الهيئة من خلال حملة "إنترنت آمن" الذي يهدف إلى حماية المستهلك وبالأخص الأطفال والمراهقين من مخاطر الإنترنت ومن المخاطر المتعلقة باستعمال التقنيات الحديثة، حيث حرصت الهيئة على العمل بكفاءة وباستمرار لإعداد هذا الكتيب الهام بالاشتراك مع برنامج "كن حرًا" الذي يعنى بحماية الأطفال والمراهقين وبناء شخصياتهم بخبرة غنيّة وطويلة في هذا المجال.

ويركز الكتيب على تشجيع الأطفال والمراهقين بالتصرف بشكل سليم على الإنترنت وعدم مضايقة الآخرين. كما يوضح الكتيب لهم كيفية التصدي للتنمر الالكتروني في حال تعرضهم له، وأيضا كيفية قيامهم بدور قيادي للمساهمة في الحد منه من خلال مساعدة الآخرين الذين يتعرضون للتنمر الإلكتروني وتوجيههم بهذا الخصوص.

السلامة على الانترنت

أطلقت مؤسسة ICDL Arabia تقريرا خاصا تحت عنوان "السلامة على الإنترنت"، وهو دراسة شاملة وأولى من نوعها حيث سلطت الضوء على تهديدات الإنترنت التي يواجها النشء في دولة الإمارات والمنطقة العربية.

ووفقًا للدراسة، أكّد نحو 60 % ممن شملهم الاستطلاع حدوث مضايقات عبر الإنترنت مع أقرانهم، وفي حين أشار ما يزيد على 54% إلى أنّهم لم يكونوا يعرفون أن التنمر عبر الإنترنت يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون.

وأشارت الدراسة أيضًا إلى أنّ 26 % ممن شملهم الاستطلاع لديهم شعور بأن أولياء أمورهم ومعلّميهم غير مؤهلين لمساعدتهم في مواجهة أي مشكلة تتعلّق بالتهديدات الإلكترونية.

ماذا يمكنني فعله؟

الشبكة الدولية للحقوق والتنمية منظمة دولية تلتزم التزاماً تاماً بحماية حقوق الأطفال وعملت جاهدة لمعالجة هذه المسألة الخطيرة قبل أن تصبح وباءً عالمياً جديداً. وقام مكتب الشبكة في اسبانيا مؤخراً باعتماد مشروع إيراسموس لمدة ستة أشهر حظي بقبول الاتحاد الأوروبي وشاركت فيه خمس منظمات دولية أخرى لمكافحة التنمر في جميع أشكاله.

وقامت منظمة "دعم تنمية الشباب" في رومانيا، ومنظمة IFALLفي السويد، ومنظمة "السير معاً" في بلغاريا، و "جمعية المستقبل الرقمي" في إيطاليا، ومنظمة "الأخوة المغامرين" في استونيا، بالتعاون مع الشبكة الدولية للحقوق والتنمية في تنظيم ورش عمل تفاعلية مختلفة من أجل رفع مستوى الوعي بين مجموعة مختارة من قادة الشباب الأوروبي بخصوص التنمر وآثاره. وسيحمل المشروع اسم "ماذا يمكنني فعله؟ أوقفوا التنمر واتخذوا الإجراءات اللازمة".

وبعد برنامج الاتحاد الأوروبي، تقدمت الشبكة الدولية للحقوق والتنمية بطلب للحصول على مشروع آخر في مؤسسة مابفري سيتم تنفيذه في كيتو عاصمة الأكوادور ومدينة فالنسيا الإسبانية ويهدف إلى تنظيم ورش عمل وتدريبات متنوعة من اجل استخدام الإبداع لمكافحة التنمر، بما في ذلك الألعاب والرسم ومسابقات الفيديو.

"أبطال الإنترنت"

انطلق مشروع مدرسي في ألمانيا يدعى "أبطال الإنترنت"، تتم من خلاله النقاش حول كيفية التعامل مع عالم الإنترنت. ويتم تمويل هذا المشروع من خلال الاتحاد الأوروبي. ويرافقه علمياً باحثون في تطوير علم النفس من جامعة برلين الحرة. وبدأت المدارس الألمانية في برلين بتفعيل هذا المشروع، حيث شارك فيه في مدينة برلين قرابة تسعة آلاف تلميذ وتلميذة تتراوح أعمارهم بين 13 و15 سنة. وكل من هؤلاء التلاميذ تعرض غالباً للمضايقات الإلكترونية.

معا ضد الابتزاز الالكتروني

وتسعى جهات عديدة في الإمارات لمواجهة الابتزاز الإلكتروني، وتوعية المراهقين والشباب بشأنه، فتقوم خدمة "الأمين" مثلاً بمحاضرات للتعريف به وتوضيح سبل الحماية والتعامل معه، وتنشر حسابات تربوية وقانونية عبر مواقع التواصل تحذيرها للطلاب.

كما تقوم هيئة تنظيم الاتصالات بدعوة مستخدمي مواقع التواصل للحذر والتأكيد على السرية في تعاملها لإنقاذ الضحايا دون أي مساس بصورتهم في المجتمع.

وكانت الهيئة وخدمة الأمين في شرطة دبي حملة ضد الابتزاز بعنوان "معاً ضد الابتزاز الإلكتروني"، وتشمل هذه الحملة في أحد جوانبها التركيز على طلبة المدارس الثانوية والجامعات الحكومية والخاصة وأولياء الأمور، كي لا يقع أحد ضحية لهذا النوع من التهديدات.

اضف تعليق