q

استطاع حزب الله اللبناني خلال السنوات العشر الماضية التي اعقبت الحرب مع إسرائيل في يوليو / تموز عام 2006، وكما تنقل بعض المصادر بناء نفسه بشكل جيد ليصبح واحدا من اهم و أقوى الاحزاب السياسية والعسكرية داخل وخارج لبنان، حيث استطاع حزب الله تغير الكثير من الامور والاحداث في المنطقة، وخصوصا فيما يتعلق بالحرب السورية فقد لعب دورا مهماً في مساعدة الجيش السوري واستطاع تغير موازين القوى، وهو ما اثار مخاوف وقلق العديد من الاطراف والحكومات التي سعت الى اسقاط حكومة الرئيس بشار الاسد ودعم الجماعات الارهابية المسلحة من اجل تأمين مصالحها الخاصة، فقد تصاعدت التوترات خلال هذه الفترة بين حزب الله والدول العربية التي كانت تعارض جميع تحركات حزب الله، ومنها الحرب مع إسرائيل في يوليو / تموز عام 2006، وقد صنفت الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي حزب الله على أنه منظمة إرهابية.

حيث ترى دول الخليج العربية ذات الأغلبية السنية والتي تتمتع بنفوذ مالي واقتصادي كبير، أن حزب الله الذي يواجه اليوم تنظيم داعش الارهابي وغيرة من التنظيمات الارهابية المتشددة التي دمرت سوريا والعراق، أصبح قوة شيعية تقاتل السنة في سوريا، كما تضررت علاقات الحزب بشكل خاص مع السعودية، التي تدعم أيضا تكتلا سياسيا مناوئا لحزب الله في لبنان، وسعت المملكة وبالتعاون مع بعض القوى الكبرى الداعمة الى اسرائيل ومنها الولايات المتحدة، الى استخدام اساليب الضغط الخاصة من اجل اثارة المشكلات الداخلية في لبنان، بهدف اضعاف قوة قدرات حزب الله المالية والعسكرية.

ومن الجدير بالذكر فقد زادت ترسانة حزب الله من الأسلحة من 33 ألف صاروخ وقذيفة قبل حرب عام 2006 إلى ما يقدر بـ150 ألف صاروخ، وزاد عدد عناصر الحزب من بضعة آلاف في عام 2006 إلى ما يقدر بأكثر من عشرين ألفا. وبعد عام 2011، منح الدعم العسكري الذي يقدمه حزب الله للحكومة السورية مقاتلي الحزب خبرة قتالية كبيرة ومعرفة بأساليب التخطيط العسكري. اما اسرائيل المعنية الاكبر بقدرة حزب الله العسكرية واللوجستية فقد قالت، وفقا لرئيس الموساد الإسرائيلي السابق، مائير داغان، أن "منذ أن اضطرت إسرائيل الى الانسحاب من لبنان، وبطريقة هستيرية عام ٢٠٠٠، قام حزب الله بمراكمة القوة بنحو هائل، وباتت لديه منظومات أسلحة لا تملكها تسعين في المئة من دول العالم"، مشيراً إلى أن "التقدير في إسرائيل يرى أن لدى حزب الله ٧٠.٠٠٠ صاروخ، منها ما يصل مداه إلى ٧٠٠ كيلومتر". ووفقاً لآخر التقارير الاسرائيلية حول بنية حزب الله العسكرية، قالت اسرائيل "إذا كان حزب الله عام ٢٠٠٦ قادراً على إطلاق بضع مئات من الصواريخ ذات رأس حربي زنته ٣٠٠ كلغ على منطقة غوش دان (تل أبيب وضواحيها)، فإنه اليوم بات قادراً على إطلاق كمية أكبر بعشرة أضعاف باتجاه وسط البلاد".

حرب 2006

وفي هذا الشأن فبعد عشر سنوات على حرب 2006 المدمرة بين اسرائيل وحزب الله، يرى محللون ان انخراط حزب الله اللبناني في النزاع في سوريا يبعد احتمال اندلاع حرب جديدة على الجبهة الشمالية في الوقت الراهن. واندلعت الحرب اثر خطف حزب الله اللبناني جنديين اسرائيليين في 12 من تموز/يوليو 2006، واعتبر المحللون نتيجتها سلبية لانها افتقدت للتخطيط الاستراتيجي.

ونشر رئيس اركان الجيش الاسرائيلي جادي ايزنكوت، الذي كان قائد العمليات في حينه، رسالة مفتوحة داعيا فيها الى الاستفادة من دروس الحرب. وقال ايزنكوت "التهديد من لبنان ما زال قائما وينطوي على العديد من التحديات، ويستدعي ان يكون (الجيش) مستعدا لاي سيناريو". وكان ايزنكوت وصف حزب الله الشيعي، المدعوم من ايران، بانه العدو الرئيسي للدولة العبرية، بينما اكد نائبه يائير جولان في نيسان/ابريل الماضي ان قدرات الحزب المتحسنة تدعو الى القلق.

وحذر جولان ان اي ازمة مستقبلية "ستكون عبارة عن حرب شاملة". وبحسب جولان، فانه نظرا لتواجد مقاتلي الحزب في مناطق مدنية فانه "لا يوجد طريقة اخرى للقضاء على هذا التهديد دون التسبب بضرر كبير للبنى التحتية والمنازل والمنشات المدنية الاخرى". ويقدر الجيش الاسرائيلي ان بحوزة حزب الله ما بين 100 الف و120 الف قذيقة وصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، بالاضافة الى عدة مئات من الصواريخ طويلة المدى. وبامكان الصواريخ متوسطة المدى الوصول الى تل ابيب.

يعد حزب الله من ابرز حلفاء النظام السوري ويشارك الى جانبه في قتال الفصائل المقاتلة والجهاديين بشكل علني منذ العام 2013 وقد خسر الحزب مئات من عناصره وعددا من كبار قادته في الاراضي السورية. ويقول فيليب سميث، وهو زميل مساعد في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى "في الوقت الحالي، ينصب اهتمام حزب الله على سوريا". واضاف "من الصعب بالنسبة لهم فتح جبهة جديدة ضد عدو متفوق بشكل ملحوظ مثل اسرائيل، خاصة انهم يقاتلون الكثير من الاعداء على عدة جبهات في سوريا".

وسط حالة الفوضى، اعترفت اسرائيل ايضا بانها شنت هجمات على عشرات من القوافل داخل سوريا قالت انها كانت تنقل اسلحة مرسلة لحزب الله. واحتلت اسرائيل جنوب لبنان طيلة 22 عاما حتى عام 2000. ويؤكد الحزب الشيعي اللبناني ان عملياته هي التي دفعت اسرائيل للانسحاب. وتسببت الحرب المدمرة على جنوب لبنان في عام 2006، والتي استمرت 34 يوما بمقتل اكثر من 1200 لبناني معظمهم من المدنيين، و160 اسرائيليا معظمهم من العسكريين.

وبدأت الحرب اثر عملية لحزب الله قتل خلالها ثلاثة جنود واعلن خطف اثنين ردت عليها اسرائيل بهجوم مدمر الا انها لم تنجح في تحقيق هدفها المعلن في القضاء على حزب الله بل ظهر الاخير في نهاية الحرب بموقع المنتصر. واطلق حزب الله خلال الحرب الاف الصواريخ على شمال اسرائيل.

واعتبر كثيرون في اسرائيل الحرب الكاسحة من البر والجو فاشلة لانها لم توقف صواريخ حزب الله او تسمح باستعادة الجنديين المخطوفين اللذين تبين لاحقا انهما قتلا. واستعادت اسرائيل جثتي جندييها بعد عامين مقابل اطلاق سراح 5 اسرى لبنانين. وتعرض رئيس الوزراء في حينه ايهود اولمرت والقادة العسكريين لانتقادات حادة. وقال تقرير اصدرته الحكومة الاسرائيلية عن الحرب مع الحزب اللبناني انها كانت "فرصة ضائعة خطيرة" لاسرائيل، مشيرا الى انها كانت تفتقد للتخطيط وبدون استراتيجية خروج واضحة.

وسلط التقرير الذي اطلق عليه اسم تقرير فينوغراد الضوء على الهجوم البري المثير للجدل الذي بدأ في الايام الاخيرة للحرب، بينما كانت الامم المتحدة تسعى للتوسط من اجل التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار، مشيرا انه لم يحقق اهدافه. ومن جانبه، قال افرايم انبار مدير مركز بيغين-السادات للدراسات الاستراتيجية في اسرائيل "اعتقد انها لا تزال تعتبر وصمة في سجل القوات الاسرائيلية التي لم تكن مهيئة لها". واضاف "كان هناك الكثير من الارتباك على اعلى المستويات في الجيش وايضا فشلت القيادة الاستراتيجية السياسية". بحسب فرانس برس.

ومع مرور الوقت، تبنى البعض في الدولة العبرية وجهة نظر اكثر تسامحا، مشيرين الى الهدوء النسبي على طول الحدود مع لبنان حتى قبل بدء الحرب السورية في عام 2011 التي انضم حزب الله اليها، بحسب جوناثان سباير مدير مركز روبن للشؤون الدولية في اسرائيل. ومع ذلك، هناك مخاوف من استفادة حزب الله من تجربة القتال في سوريا ليصبح اكثر معرفة ويتحلى بقدرات قتالية عالية بعد ان قاتل الى جانب القوات الروسية التي تدعم نظام الاسد ايضا. واكد سباير انه من غير المرجح اندلاع نزاع جديد مع حزب الله لحين انتهاء الحرب السورية. ولكنه اشار الى ان "حزب الله ما يزال ملتزما بتدمير اسرائيل" مؤكدا انه اصبح "اقوى بكثير مما كان عليه في عام 2006".

من جانب اخر اكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان اسرائيل سترد ب "قبضة من حديد" في حال مهاجمتها، في خطاب في الذكرى العاشرة لحرب 2006 المدمرة بين اسرائيل وحزب الله اللبناني. ووصف نتانياهو الحرب في عام 2006 بانها كانت "اصطداما بين تنظيم ارهابي متطرف يعتنق عقيدة إسلامية متشددة واسرائيل الديموقراطية والحرة". واضاف نتانياهو في كلمة القاها عند المقبرة العسكرية في القدس "نحن في معركة عالمية. ونعي تماما طبيعة التهديدات التي تواجهنا، ونستعد لجميع التهديدات".

واكد نتانياهو انه "في حال تم الحفاظ على الهدوء عندنا، فأولئك الذين يواجهوننا سينعمون به أيضا. ولكن إذا اضطررنا إلى الرد على الاعتداء علينا – فردنا سيكون قويا. ومن يعتقد أنه سيجد هنا شبكة العنكبوت سيجد (...) قبضة من حديد". وكان نتانياهو يشير الى خطاب القاه الامين العام لحزب الله حسن نصر الله في عام 2000، وصف فيه الدولة العبرية بانها "اوهن من بيت العنكبوت".

امريكا والسعودية

من جانب اخر قال الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله إن المصارف اللبنانية والبنك المركزي قللوا من تأثير قانون أمريكي استهدف المصادر المالية للحزب مؤكدا أن تطبيق القانون حتى الآن كان "متوازنا ومنطقيا". والقانون الذي سن في ديسمبر كانون الأول ينذر بحجب أي بنك يتعامل مع حزب الله من السوق الأمريكية إذ تصنف الولايات المتحدة الحزب كمنظمة إرهابية. وقد أوجد ذلك خلافا بين البنك المركزي وحزب الله الذي يرى أنه انتهاك للسيادة.

وخلال الأشهر القليلة الماضية أثار القانون توترا في البلاد. وفي يونيو حزيران الماضي استهدف هجوم بقنبلة بنكا لبنانيا كبيرا بعد أن شرع في إغلاق حسابات مرتبطة بالحزب. وكان حزب الله قد انتقد بشدة البنك المركزي لموافقته على إجراءات اعتبرها حربا ضده وانتهاكا لسيادة لبنان. ويرى البنك أهمية تطبيق القانون الأمريكي لتفادي عزلة دولية للقطاع المصرفي اللبناني. وقال الشيخ قاسم "القانون الأمريكي أوجد حالة تماسك كبيرة على المستوى الشيعي وعلى مستوى الحلفاء. والحمد لله من خلال التحرك الذي حصل والنقاشات التي جرت مع حاكم مصرف لبنان والمصارف والمعنيين في لبنان تمت محاصرة القانون بحدوده الدنيا." وأضاف "التطبيق الذي حصل حتى الآن من خلال تعاميم مصرف لبنان كان متوازنا ومنطقيا وإن شاء الله تستمر الأمور بهذه الطريقة."

ويحظى حزب الله الذي لعب مقاتلوه دورا كبيرا في إرغام إسرائيل على الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000 بدعم قوي بين الشيعة في لبنان. ومن بين أعضاء الحزب وزراء ونواب بالبرلمان ومستشارون. وقال نائب الأمين العام لحزب الله إن بعض المصارف "للأسف تذهب إلى منحى تعميم قواعد المنع والمعاقبة وشمولها للبيئة التي يعمل فيها حزب الله. لكن بعد أن ثبت للجميع بأن حزب الله كحزب ليس متضررا وليس معنيا بالنظام المصرفي لا من قريب ولا من بعيد ولا بالمباشر ولا من خلال مؤسسات لأن ليس لديه مؤسسات إنتاجية في هذا العالم أصبحت الأمور موضوعية أكثر.

"ولذلك نحن نعتبر أن القانون الأمريكي كان محدود التأثير جدا ولم يكن مؤثرا على حزب الله ولا واحد بالمئة لأنه ليس لنا علاقة بالنظام المصرفي والقانون يستهدف النظام المصرفي الذي يتعاطى مع حزب الله." ويواجه الاقتصاد اللبناني ضغطا متزايدا جراء عدم الاستقرار في المنطقة وعبء اللاجئين الضخم حيث يستضيف أكثر من مليون لاجئ حسب إحصاءات الأمم المتحدة. كما أن الشلل السياسي الذي أبقى منصب رئيس البلاد شاغرا لأكثر من عامين يختبر الثقة في البلاد ويحد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وجدد الشيخ قاسم دعم حزب الله لانتخاب حليفه الزعيم المسيحي ميشال عون رئيسا للبلاد داعيا خصومه السياسيين بزعامة رئيس الوزراء السابق الزعيم السني سعد الحريري "إذا أرادوا حلا في لبنان يمكن إنجازه خلال 24 ساعة عليهم أن يختاروا الرئيس عون الممثل في طائفته وبلده والذي يمكنه أن ينجز اتفاقات مع الأطراف المختلفة ويلتزم بها وأن يعطي وجها سياديا واستقلاليا مهما للبنان." وأضاف "عندما ينجز هذا الأمر نستطيع انتخاب رئيس. وأي بحث خارج هذه الدائرة هو إضاعة وقت."

ومضى يقول "هناك اقتراحات كثيرة وتبين أنها غير قابلة للتطبيق. يجب أن نكون واقعيين. إذا سلكوا هذه الطريق يمكن أن ينجز رئاسة جمهورية. إذا لم يسلكوا هذه الطريق يعني أن البلد سيبقى في حالة شغور إلى ما شاء الله تعالى." واتهم الشيخ قاسم المملكة العربية السعودية بتعطيل انتخاب رئيس قائلا "إذا وافقت السعودية على انتخاب الرئيس غدا يحصل الرئيس لأن (حزب) المستقبل في لبنان لا يستطيعون اتخاذ قرار من دون موافقة سعودية خاصة أن الفيتو سابقا كان فيتو سعودي." بحسب رويترز.

ويتزعم الحريري تحالف 14 آذار الذي يضم مجموعة من الأحزاب اللبنانية وتشكل قبل 11 عاما لمعارضة النفوذ السوري في لبنان وتدعمه السعودية. وتدعم إيران قوى الثامن من آذار بزعامة حزب الله. والعقبة الرئيسية التي تواجه التوصل لاتفاق تتمثل في الحصول على موافقة زعماء موارنة آخرين يسعون لشغل منصب الرئاسة خاصة وأن الحريري كان قد رشح العام الماضي الزعيم المسيحي سليمان فرنجية حليف حزب الله وصديق الأسد لتولي سدة الرئاسة. وقال قاسم "نحن لا ننتظر اتفاقا سعوديا-إيرانيا. نحن ننتظر أن توافق السعودية أن تطلق سراح حزب المستقبل في اتخاذ قراره بانتخاب رئيس."

الحرب في سوريا

على صعيد متصل قالت جماعة حزب الله اللبنانية إن تقسيم العراق وسوريا نتيجة محتملة للاقتتال الطائفي في أنحاء المنطقة وإنه لا يوجد احتمال لانتهاء الحرب في سوريا قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية المزمع إجراؤها في نوفمبر تشرين الثاني. وقال الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله إن حلفاء الأسد من إيران وروسيا وحزب الله سيقفون إلى جانب الرئيس السوري حتى النهاية.

ويقاتل أفراد الجماعة الشيعية اللبنانية إلى جانب الرئيس بشار الأسد ضد المسلحين المعارضين الذين تدعمهم قوى غربية وإقليمية. وقال قاسم إن إعادة السيطرة الكاملة على حلب ثاني أكبر المدن السورية حيث تجرى معركة حاسمة حاليا ليس هدفا فوريا. وتقول الولايات المتحدة وحلفاؤها إنه ليس للأسد مستقبل في سوريا بعد أن شن حربا على شعبه في حين تعارض روسيا وإيران كليا تغيير النظام وتصران على أن الأسد رئيس شرعي بالرغم من إنه يحكم دولة تقلصت بسبب مكاسب المسلحين.

ويخشى التحالفان الروسي والأمريكي من أن يؤدي رحيله المفاجئ إلى تدمير ما تبقى من سوريا بعد أكثر من خمسة أعوام من الحرب الأهلية ليرث تنظيم داعش والقاعدة دولة هشة. وقال قاسم إن هناك احتمالا أن يحدث تقسيم لسوريا وجارها العراق اللذين يسيطر تنظيم داعش على أراض فيهما. وأضاف أنه في ضوء ما يجري على الأرض "لا أستبعد أن يكون أحد الطروحات هو إيجاد حالة تقسيمية في هذين البلدين (سوريا والعراق) لكن هل تنجح أو لا تنجح.. أعتقد أن القوى التي تريد وحدة سوريا وحدة العراق إلى الآن قادرة على أن تمنع فكرة التقسيم لكن ماذا يمكن أن يحصل في المستقبل؟ يجب أن نبقى قلقين من احتمال أن تجر بعض الدول هاتين الدولتين أو إحداهما إلى التقسيم بعناوين مختلفة. هذا القلق قائم ولكن علينا أن لا نستسلم له." وأشار إلى أن الأسد هو حائط الصد الأفضل في وجه التقسيم.

وأضاف "ومع الرئيس الاسد يمكن ان يكون الحل منطقيا ومعقولا في إيجاد ضوابط سياسية تأخذ من خلالها المعارضة حصة والنظام حصة ويكون هناك تنسيق يعيد إنتاج ترتيب الوضع وإنتاج السلطة من جديد في سوريا‭‭‭‬‬.. سجل لديك لا حل في سوريا من دون الأسد ومهما حاولت الأطراف المختلفة تستطيع أن تطيل الأزمة وأن تعقد الحل لكن لا تستطيع أن تنتج حلا من دون الرئيس الأسد."

وقال قاسم إن تدخل الطيران الروسي منذ سبتمر أيلول الماضي بعد أن خاضت إيران وحزب الله وفصائل عراقية الحرب لإبقاء الأسد في سدة الحكم أدى إلى إرباك مخططات واشنطن والقوى الإقليمية السنية كالسعودية وتركيا وفتح الباب أمام حل سياسي. وقال قاسم إن "التدخل الروسي أحدث إضافة إيجابية لمشروع صمود الدولة السورية في مواجهة المشروع الأمريكي. وهنا ساهمت العلاقات الإيرانية -الروسية مع سوريا بهذا الإنجاز الميداني لأن الاتجاه الإيراني هو أيضا داعم لبقاء الرئيس الأسد وداعم للحل السياسي فالتقى الروسي مع الإيراني على مشروع واحد يقول بالحل السياسي في سوريا وبقاء الرئيس الأسد وترك الخيار للشعب السوري مستقبلا أن يحدد خياره."

واندلعت الحرب في سوريا بعد أشهر من انتفاضة سلمية متزامنة مع ثورات الربيع العربي في بلدان عدة تطالب بالتغيير الديمقراطي عام 2011. وقبل تدخل إيران وحزب الله وروسيا إلى جانب الأسد بدا أن قبضته على الحكم تتراخى. واعتبر دبلوماسيون وخبراء في الشرق الاوسط أن دعمهم كان حاسما لبقائه في السلطة. وفي الحرب التي تقترب من عامها السادس في سوريا قتل أكثر من 250 ألف شخص وهجر أكثر من 6.6 مليون داخل البلاد وأجبر 4.2 مليون آخرين على النزوح للخارج لتنشأ أزمة نزوح كبيرة في الدول المجاورة وأوروبا.

وقال قاسم إن الحملة العسكرية التي شنتها القوات الحكومية وحلفاؤها على مدى شهور في حلب التي يسيطر عليها المعارضون لم تستهدف بشكل كبير استعادة عاصمة سوريا الاقتصادية بقدر ما سعت لفصل المعارضين المسلحين عن إدلب التي تعتبر معقلهم الرئيس في الشمال الغربي وخنق خطوط الإمداد من تركيا. وحلب التي يقطنها أكثر من مليوني شخص حاليا منقسمة منذ سنوات بين مناطق تخضع لسلطة المعارضة ومناطق تابعة للدولة.

وأَضاف "وبحسب معلومات بأن الخطة الاساسية التي كانت تسعى إليها الدولة السورية مع الحلفاء المختلفين هي قطع الطريق بين المدينة وبين إدلب أما موضوع تحرير حلب فهو مشروع آخر قد لا يكون مطروحا بشكل سريع وقد يحصل بفعل التداعيات التي أصابت المسلحين." وتصف جماعة حزب الله الشيعية ذات الذراع العسكرية القوية دورها بأنه جزء من النضال ضد التهديد الإقليمي المتنامي والذي يشكله متشددون سنة تصفهم بأنهم تكفيريون بسبب فكرهم الراديكالي العنيف وموقفهم المتصلب.

وأشعل الصراع في سوريا جذوة منافسة إقليمية قديمة بين حكومة إيران الشيعية والمملكة العربية السعودية السنية المحافظة أحد داعمي المسلحين ضد الأسد. وقال قاسم إن الولايات المتحدة إحدى القوى الوسيطة التي تعمل على حل الأزمة منشغلة بانتخابات الرئاسية في نوفمبر تشرين الثاني وليست مستعدة للقيام بأي عمل حتى يتولى الرئيس السلطة العام المقبل. وقال "باتت الإدارة الأمريكية مقتنعة أن فترة ما قبل انتخابات الرئاسة في أمريكا هي فترة الوقت الضائع التي يمكن انتظارها وبعدها عندما يستلم الرئيس الامريكي الجديد (مهامه) وبعد شهرين من استلامه أي حوالي شباط (فبراير) 2017 تتضح معالم إمكانية الحل أو إطالة الأزمة أكثر. بناء عليه ك

ما يطرح الآن من خطوات تتحدث عن حل سياسي هي عبارة عن تمرير للوقت وإبراز وجود حركة."

وأضاف "على هذا الأساس الأزمة طويلة إلى شباط 2017 بالحد الأدنى وبعد ذلك يجب أن نقرأ الظروف الموضوعية في وقتها وعندها يمكن أن يستشرف الإنسان إمكانية الحل أو تمديد الأزمة." وقال إن تضحيات حزب الله الذي خسر مئات المقاتلين في سوريا هي تضحيات مستحقة ولولاها لكانت القوات المتشددة مثل داعش قد سيطرت على سوريا وامتدت إلى لبنان. وقال "في تصورنا ان ما قدمناه في سوريا هو أقل بكثير مما كنا يمكن أن نقدمه لو لم نذهب الى سوريا كنا سنقدمه في بيوتنا وشوارعنا وفي كل لبنان وعلى حساب المقاومة. مع أهمية التضحيات التي قدمت لكن هي أقل مما كان يمكن أن يكون."

وأضاف "نحن منعنا امتداد الأزمة إلى لبنان وهذا إنجاز كبير ومنعنا أيضا قدرة التكفيريين على تعطيل جسر المقاومة وكذلك أسسنا لقدرة على صمود سوريا في الموقع المتقدم في العمل المقاوم. هذه إنجازات كبيرة تستحق كل تضحية." وحذر من إن تنظيم داعش الذي يتم استهدافه من قبل طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة سيزيد من هجماته في أوروبا وأماكن أخرى مضيفا أن للتنظيم المتشدد استراتيجية توسعية وسيستخدم كل ما هو متاح لتحقيق أهدافه. بحسب رويترز.

وقال إن "التحالف الدولي ضد داعش ليس جديا بل هو تحالف كاذب لأنه لم يحقق أي انجاز ولم يقض على أي مجموعة بشكل متكامل بينما عندما تدخل الروس من الأيام الأولى أحدث بلبلة طويلة عريضة في صفوف داعش. هذا يعني أن الأمريكيين لم يكونوا جديين وهم ليسوا جديين حتى الآن." وأضاف "نعم الالآم الاوروبية كبيرة وستزداد أكثر فأكثر. لن تترك داعش فرصة في كل دول العالم من دون استثناء إلا وستقوم بها عندما تستطيع."

اضف تعليق