q

محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا عمقت الخلافات بين أنقرة والولايات المتحدة الامريكية وباقي الحلفاء الغربيين، خصوصا بعد ان سعت هذه الدول الى انتقاد السلطات التركية والرئيس رجب طيب إردوغان بسبب الإجراءات المشددة التي اتخذتها بعد فشل المحاولة الانقلابية، واستمرار حملة الاعتقالات والطرد التي طالت عشرات الالاف في مختلف دوائر الدولة المدنية والعسكرية، لمن تشتبه الحكومة بصلتهم بمحاولة الانقلاب حيث تجاوز عدد من شملتهم الحملة حتى الان اكثر من 60 الفا، هذه الانتقادات وبحسب بعض المراقبين، اثار غضب واستياء السلطات التركية التي دافعت عن اجراءاتها واتهمت بعض الدول الحليفة ومنها الولايات المتحدة بالوقوف مع الانقلابيين ومساعدتهم.

وشهد تاريخ العلاقات الأمريكية التركية كما نقلت بعض المصادر، خلافات دبلوماسية عديدة خلال العقود الأخيرة، لكن الخلاف الاخير حول فتح الله غولين الذي تعتبره تركيا العقل المدبر لمحاولة الانقلاب الدموي، وعدم موافقة واشنطن على طلب تسليمه يمكن ان يسهم بزيادة التوتر الحالي وقد يدفع الرئيس التركي الى اتخاذ قرارات واجراءات جديدة، ربما تكون لها تأثيرات سلبية على العلاقة الدبلوماسية بين تركيا وامريكا وباقي الحلفاء.

وفي هذا الشأن قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن الولايات المتحدة تؤيد بقوة الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في تركيا لكن أي طلب بتسليم رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن المتهم بالضلوع في محاولة انقلاب ينبغي أن يمر عبر القنوات الطبيعية. وقال أوباما في مؤتمر صحفي إنه أبلغ الرئيس التركي رجب طيب إروغان في مكالمة هاتفية في وقت سابق أن الولايات المتحدة لم تكن على علم مسبق بمحاولة الانقلاب العسكري الفاشلة. وأضاف "أي تقارير بأننا كنا على علم مسبق بمحاولة الانقلاب أو أي تورط أمريكي فيها أو أي شيء أقل من أننا ندعم بشكل كامل الديمقراطية التركية خاطئة تماما" محذرا من أن هذه الشائعات تهدد "تحالف وشراكة حيوية بين الولايات المتحدة وتركيا."

وقال أوباما إنه أبلغ إردوغان بأنه ينبغي على الحكومة تقديم أدلة عن التورط المزعوم لفتح الله كولن في المحاولة الفاشلة وأن أي طلب لتسليمه سيحظى بالمراجعة اللازمة من وزارة العدل وغيرها من الوكالات الحكومية كأي طلب تسليم. وقال أوباما "أمريكا يحكمها القانون وهذه أمور لا يمكن لرئيس الولايات المتحدة أو أي شخص آخر تجاهلها... علينا خوض عملية قانونية."

اتهامات متواصلة

من جانب اخر اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الغرب بدعم الإرهاب والوقوف بجانب الانقلابات مشككا في علاقة تركيا مع الولايات المتحدة وقال إن "نص" محاولة الانقلاب الفاشلة "كتب في الخارج". وفي خطاب اتسم بالطابع الهجومي ألقاه بقصره في أنقرة قال إردوغان إن المدارس المستقلة في الولايات المتحدة هي المصدر الرئيسي للدخل لشبكة رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن الذي يتهمه بتدبير الانقلاب الدامي في 15 يوليو تموز.

وقال إردوغان في خطاب إلى الممثلين المحليين للشركات المتعددة الجنسيات العاملة في تركيا "أطالب الولايات المتحدة (أن تحدد): أي نوع من الشركاء الاستراتيجيين نحن في الوقت الذي لا تزال تستضيف فيه رجلا طالبتكم بتسليمه؟" وأضاف في تعليقات قوبلت بالتصفيق وبثت على الهواء مباشرة "محاولة الانقلاب هذه لها جهات فاعلة داخل تركيا لكن نصها كتب في الخارج. وللأسف الغرب يدعم الإرهاب ويقف بجانب مدبري الانقلاب."

وينفي كولن (75 عاما) الذي يعيش في منفاه الاختياري في ولاية بنسلفانيا منذ عام 1999 أي ضلوع له في محاولة الانقلاب الفاشلة. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن واشنطن لن تسلمه إلا إذا قدمت تركيا دليلا على ارتكابه مخالفات. وعمقت تداعيات محاولة الانقلاب الفاشلة رقعة الخلاف بين أنقرة وحلفائها الغربيين. وأودى الانقلاب الذي قاد خلاله جنود متمردون طائرات مقاتلة وهليكوبتر ودبابات في محاولة للاستيلاء على السلطة بحياة أكثر من 230 شخصا. ويشعر إردوغان وكثير من الأتراك بخيبة أمل إزاء الانتقاد الأمريكي والأوروبي لحملة من الإجراءات الصارمة في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة متهمين الغرب بالقلق على حقوق المتآمرين بدرجة أكبر من قلقهم من خطورة التهديد الذي تواجهه دولة عضو في حلف شمال الأطلسي.

واعتقل أكثر من 60 ألف شخص في الجيش والقضاء والخدمة المدنية والتعليم أو أوقفوا عن العمل أو وضعوا قيد التحقيق منذ محاولة الانقلاب مما غذى مخاوف بأن إردوغان يقوم بحملة عشوائية ضد جميع أشكال المعارضة مستخدما الوضع الحالي لتشديد قبضته على السلطة. وقال إردوغان "إذا كان لدينا رحمة على الذين نفذوا محاولة الانقلاب فسنكون من تجب عليهم الشفقة." وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري - أكبر أحزاب المعارضة - الذي أدان الانقلاب ويدعم رد فعل الحكومة حتى الآن إن ثمة خطرا بأن تستخدم حالة الطوارئ التي أعلنت في أعقاب الانقلاب لإجراء تغييرات شاملة للقوات الأمنية من دون دعم برلماني مناسب.

وقال كمال كليجدار أوغلو في اجتماع لحزبه "ما من شك أن القانون بشأن حكم الطوارئ أصدر طبقا للدستور. لكن هناك قلقا من أن يستخدم تطبيقه لتجاوز الهدف. "ربما يكون ضروريا إعادة هيكلة الدولة من دون شك لكن هذا الموضوع يجب عرضه على البرلمان." وأصدر إردوغان مرسومين بعزل نحو ثلاثة آلاف عضو في ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي منذ الانقلاب بما في ذلك أكثر من 40 في المئة من جنرالاته. كما أغلق المدارس العسكرية العليا ووضع قادة القوات تحت سيطرة أشد للحكومة.

كما لاقت الإصلاحات الواسعة في الجيش انتقادات من المعارضة القومية التي تدعم إلى حد بعيد حتى الآن استجابة الحكومة للانقلاب وتعهدت بدعم أي تحرك لإعادة تطبيق عقوبة الإعدام على المتآمرين شأنها في ذلك شأن حزب الشعب الجمهوري. وقال زعيمها دولت بهجلي إن التغييرات تجازف بتحويل جيش تركيا إلى قوة مثل جيش صدام حسين أو معمر القذافي. وأضاف بهجلي لأعضاء حزب الحركة القومية في تصريحات وصف خلالها التغييرات بأنها متسرعة "إذا سحقت تقاليد ومبادئ القوات المسلحة التركية في مسعى لإصلاح مشكلات هيكلية فستشبه إذن جيش صدام أو القذافي." وانتقد تحركا يجبر قادة القوات على رفع التقارير مباشرة إلى وزير الدفاع قائلا إن ذلك "سيدمر تسلسل القيادة".

وقال إردوغان في خطابه إن إصلاح الجيش ضروري لمنع أتباع كولن من تدبير محاولة انقلاب أخرى. وتابع قائلا "إذا لم نتخذ هذه الخطوة فسيسطر أعضاء منظمة كولن هذه على الجيش وسيوجهون الطائرات والدبابات التي جرى شراؤها بضرائب شعبنا ضده." وأبلغ إردوغان ممثلي الشركات العالمية الذين كانوا يستمعون إلى خطابه أنه يتفهم حساسيات مجتمع الأعمال متعهدا بإصلاحات لجعل الاستثمارات الأجنبية أكثر جاذبية وقال إن الآفاق الاقتصادية تتحسن مجددا بعد تقلبها في أعقاب الانقلاب.

ونقل عن وزير الجمارك والتجارة بولنت تفنكجي قوله في وقت سابق إن كلفة محاولة الانقلاب بلغت ما لا يقل عن 300 مليار ليرة (100 مليار دولار). ونقلت صحيفة حريت عنه قوله "طلبيات من الخارج ألغيت. الناس لا يستطيعون القدوم لأن مدبري الانقلاب جعلوا تركيا أشبه بدول العالم الثالث." وأثار الانقلاب وحملات التطهير التي تلته القلق بشأن مدى الثقة في تركيا كحليف بحلف شمال الأطلسي وقدرتها على حماية نفسها من تهديد متشددي تنظيم داعش في سوريا والمتمردين الأكراد في جنوبها الشرقي. ونفذ متشددو داعش والمتمردون الأكراد تفجيرات في تركيا على مدار العام المنصرم.

وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في اجتماع لحزب العدالة والتنمية الحاكم "من الضروري لأمننا القومي أن تعاد هيكلة القوات المسلحة التركية لتواجه تحديات جديدة ولتوزيع كل طاقتها على أنشطتها الأساسية." وأضاف يلدريم أن السلطات المدنية سيطرت على مصانع وأحواض بناء سفن تابعة للجيش في إطار إعادة الهيكلة الجارية. وقال مسؤول إن أوامر اعتقال صدرت أيضا بحق 98 طبيبا في مستشفى أكاديمية جولهان الطبية العسكرية (جاتا) المرموقة في أنقرة لدورها المزعوم في تمكين شبكة (الخدمة) من التسلل إلى الرتب الأعلى.

وأضاف المسؤول "جاتا هامة لأنها الجهة التي تصدر التقارير الخاصة باللياقة البدنية والصحة. هناك دليل قوي يشير إلى أن أعضاء الخدمة تسللوا إلى هذه المؤسسة لإبطاء تقدم منافسيهم المهني داخل الجيش والإسراع بتقدم أتباعهم." كما تعهد إردوغان بتعزيز أجهزة المخابرات التركية واستئصال نفوذ كولن الذي ينحي باللائمة على سيطرته على الجهاز الأمني في نقص معلومات المخابرات قبيل الانقلاب. وأوقفت وكالة المخابرات التركية (إم.آي.تي) بالفعل عن العمل 100 من العاملين فيها وألمح إردوغان إلى إخضاعها لسلطة الرئاسة. بحسب رويترز.

ويتهم إردوغان كولن بتسخير شبكته الواسعة من المدارس والمنظمات الخيرية والشركات التي بناها في تركيا وخارجها على مدار عقود لإنشاء "دولة موازية" تستهدف السيطرة على البلاد. ووعدت باكستان وزير خارجية تركيا بأنها ستحقق للتوصل إلى حقيقة شبكة مدارس تريد أنقرة إغلاقها وتتهمها بأنها على صلة بكولن لكن لم تصل إلى حد إغلاقها. وتلقت تركيا ردودا مماثلة بعدم الالتزام بالإغلاق من دول منها ألمانيا وإندونيسيا وكينيا.

الانحياز الى الانقلابيين

في السياق ذاته عبر مسؤولون أتراك كبار على رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، عن غضبهم بعد تصريحات أدلى بها قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط تعليقا على العلاقات العسكرية بين البلدين، العضوين في حلف شمال الأطلسي واللذين يعدان شريكين رئيسيين في التحالف ضد تنظيم داعش في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا أواسط تموز/ يوليو. وكانت تركيا قد اعتقلت نحو نصف كبار ضباط جيشها البالغ عددهم 358 بتهمة المشاركة في المحاولة الانقلابية، وقامت بإعادة هيكلة قيادتها العسكرية، مما أثار مخاوف من استمرار استرتيجيتها العسكرية.

وألمح الجنرال الأمريكي جوزف فوتيل في تصريحات نقلتها وسائل إعلام أمريكية إلى أن الاضطرابات في تركيا قد تؤثر على دورها في التحالف الدولي لمكافحة الجهاديين. وأشار الجنرال فوتيل خصوصا في مؤتمر نظمه مركز آسبن الأمريكي للأبحاث، إلى أنه يخشى من "التأثير المحتمل" لحملات التطهير الجارية في الجيش التركي على العلاقات بين واشنطن وأفراد في القيادة العسكرية التركية. وردا على سؤال عما إذا كان بعض محاوري واشنطن في الجيش التركي موقوفين على حد علمه، قال "أجل أعتقد أن بعضهم في السجن".

ورد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باتهام فوتيل "بالانحياز إلى الانقلابيين". وأضاف أردوغان في كلمة بعد مراسم في مركز تدريب للجيش تعرض لقصف الانقلابيين ليل 15 الى 16 تموز/يوليو في واحد من أكثر هجمات الانقلابيين دموية وقتل فيه 47 شخصا في تلك الليلة "أنتم تنحازون إلى الانقلابيين عوضا عن الدفاع عن بلد أفشل محاولة الانقلاب هذه". وقال أردوغان متوجها إلى الجنرال "الزم حدودك"، في عبارة يستخدمها الرئيس التركي عادة للتعبير عن غضبه. وتابع الرئيس التركي أن "الذي دبر الانقلاب يقيم في بلدكم وأنتم تطعمونه" في إشارة إلى الداعية فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة وتطالب أنقرة بتسليمه.

وبعد هذه التصريحات، نفى الجنرال فوتيل أن تكون له أية علاقة بأي شكل بالمحاولة الانقلابية في تركيا. وقال في بيان إن "أي معلومات تفيد أنه كانت لي أي صلة بالمحاولة الانقلابية في تركيا خاطئة تماما". وأضاف أن "تركيا شريك استثنائي وحيوي في المنطقة منذ سنوات، ونقدر التعاون المتواصل مع تركيا ويسرنا أن نواصل شراكتنا ضد داعش. وتركيا عضو أساسي في التحالف الدولي ضد التنظيم الذي تقوده واشنطن. وقد وضعت بتصرف هذا التحالف قاعدة أنجيرليك الجوية من أجل شن غارات في العراق وسوريا حيث سيطر التنظيم المتشدد على مناطق شاسعة.

وتقصف تركيا التي تعرضت لاعتداءات نسبت إلى جهاديي تنظيم داعش، باستمرار بالمدفعية مناطق في سوريا المجاورة، كما يخوض الجيش التركي مواجهات مع داعش وكذلك مع متمردي حزب العمال الكردستاني. وشدد الجنرال الأمريكي على أهمية تركيا كشريكة لبلاده في مكافحة التنظيم خصوصا على مستوى تقاسم المعلومات الاستخبارية. وقال فوتيل إن تركيا "ليست مجرد مكان نخزن فيه عتادنا".

وما يزيد من تعقيد العلاقات الأمريكية التركية التي تتسم بالحساسية أصلا، أن قاعدة أنجيرليك كانت مهمة جدا للانقلابيين وقد اعتقل قائدها بكر أرجان فان. وذهب وزير العمل التركي سليما سويلو إلى حد اتهام الولايات المتحدة بأنها تقف وراء المحاولة الانقلابية في شريكتها في حلف شمال الأطلسي، لكن لم يكرر أي مسؤول كبير آخر هذه الاتهامات. وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي "لا أستطيع أن أعرف لماذا هذه الشائعة ما زالت تنتشر أو ما زالت تجد من يصغي إليها".

من جهته، رد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بتأكيد أن الجيش التركي سيواصل مكافحة تنظيم داعش وسيخرج أقوى من عملية التطهير الواسعة النطاق التي تجريها السلطة في أعقاب الانقلاب الفاشل. وفي لقاء مع الصحافة الأجنبية في أنقرة، قال وزير الخارجية التركي إن تصريحات الجنرال الأمريكي "سخيفة" و"مؤسفة". واعتبر الوزير أن التشكيك في قدرة الجيش التركي على مكافحة هذه الجهات بعد الانقلاب "يكشف عن قلة معرفة (...) إن لم يكن عن نوايا سيئة". بحسب فرانس برس.

وقامت تركيا بعملية إعادة هيكلة جذرية لجيشها بعد محاولة الانقلاب. فقد سرحت الحكومة 149 جنرالا، أي حوالى نصف جنرالات الجيش، وضعوا قيد التوقيف الاحترازي. كما أوقف مئات الضباط، واتهموا جميعا بأنهم على علاقة بحركة الداعية الإسلامي فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة والذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب. ونفى الوزير التركي مجددا أن تكون حملات التطهير الواسعة النطاق أضعفت الجيش، مؤكدا أنه "على العكس، اقتلاع هذه العناصر (الموالية لغولن)، سيجعل جيشنا أكثر ديناميكية (...) وفعالية".

تهدئة التوتر

الى جانب ذلك سعى أكبر جنرال بالجيش الأمريكي إلى تخفيف التوتر في العلاقات مع تركيا حليفة بلاده في حلف شمال الأطلسي التي أغضبها رد فعل الغرب على محاولة انقلاب فاشلة فضلا عن إحجام الولايات المتحدة على ما يبدو عن تسليم رجل الدين الذي تقول إنه مسؤول عن هذه المحاولة. وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم لرئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد في أنقرة "من المهم بالنسبة للولايات المتحدة صديقتنا وحليفتنا أن تظهر موقفا واضحا وحاسما ضد محاولة الانقلاب الإرهابية الفاشلة هذه ضد أمتنا وديمقراطيتنا."

وجاء في بيان من مكتب يلدريم بشأن الاجتماع أن دانفورد المستشار العسكري الرئيسي للرئيس الأمريكي أدان الانقلاب الفاشل في تركيا وقال إن زيارته تأتي لإظهار الدعم وأضاف أن الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل الديمقراطية التركية. وفي وقت سابق شارك نحو 150 متظاهرا في مسيرة إلى السفارة الأمريكية في أنقرة للاحتجاج على زيارة دانفورد الذي اجتمع مع رئيس الوزراء بن علي يلدريم ونظيره التركي. وهتف المحتجون خلال المسيرة التي اتجهت إلى شارع بوسط أنقرة باتجاه السفارة حيث أبقتهم الشرطة التركية على مسافة من المبنى "اخرج من تركيا يا دانفورد يا مدبر الانقلاب."

وحمل المتظاهرون لافتة كتب عليها "عد إلى بلدك يا دانفورد وأرسل فتح الله" في إشارة إلى رجل الدين المقيم بالولايات المتحدة فتح الله كولن الذي يتهم إردوغان شبكة أتباعه في الجيش ومؤسسات الدولة بالتخطيط لمحاولة الانقلاب. كما اجتمع دانفورد مع أفراد من الجيش الأمريكي بقاعدة إنجيرليك الجوية في جنوب تركيا التي يستخدمها التحالف بقيادة الولايات المتحدة في محاربة داعش. وقالت السفارة الأمريكية إن دانفورد جاء إلى تركيا للتعبير عن تضامنه. وقالت السفارة في بيان مكتوب "سيقدم (دانفورد) رسالة تدين بأشد العبارات محاولة الانقلاب الأخيرة وسيشدد على أهمية شراكتنا الدائمة بالنسبة للأمن الإقليمي."

وفي واشنطن زار مشرعون أتراك يمثلون الحزب الحاكم وأكبر حزبين بالمعارضة وزارة العدل الأمريكية في المحطة الأولى في جولة تستمر أسبوعا سيحاولون فيها إقناع مسؤولين أمريكيين بتأييد تسليم كولن. وقال طه أوزهان رئيس الوفد إن تركيا سترسل إلى الولايات المتحدة أدلة جديدة في غضون أسابيع "إن لم يكن أيام" تثبت أن كولن أمر بالانقلاب.

وأضاف أن الأدلة ستكون أحدث من الوثائق التي أرسلتها تركيا حتى الآن إلى وزارة العدل الأمريكية -التي كلها مؤرخة قبل الخامس عشر من يوليو تموز- وستشمل إفادات ورسائل جرى اعتراضها من متآمرين مزعومين اعتقلوا في تركيا. وقال أوزهان "من خلال رسائلهم ومن خلال اتصالاتهم الخفية التقطت المخابرات التركية في الواقع الكثير من الأدلة" التي تورط كولن بشكل مباشر في محاولة الإنقلاب.

وبسبب نطاق عمليات التطهير إلى جانب تلميح مسؤولين بأنه قد يعود العمل بعقوبة الإعدام شعرت الدول الغربية بالقلق خاصة وأنها متوترة بالفعل لتشديد إردوغان قبضته على السلطة. وتعهد إردوغان بتخليص مؤسسات الدولة مما وصفه بأنه "سرطان" أتباع كولن. وقال مسؤول كبير بالاتحاد الأوروبي شارك في جهود أنقرة المتعثرة للانضمام للاتحاد "ما يثير القلق هو أن الحكم في أنقرة حاليا هو حكم الرجل الواحد." وأضاف "المشاعر بعد محاولة الانقلاب مفهومة جدا لكننا نرى الآن انقلابا بعد الانقلاب." وانتقد مسؤولون أتراك كبار ألمانيا لمنعها إردوغان من مخاطبة حشد من مؤيديه في كولونيا عبر دائرة تلفزيونية مغلقة. واعترف المتحدث باسم الخارجية الألمانية بأن العلاقات تسير على "أرض وعرة".

وألقت القوات الخاصة التركية القبض على مجموعة من 11 من أفراد الكوماندوس المنشقين حاولوا القبض على إردوغان خلال محاولة الانقلاب أو قتله. وقال مسؤول إن طائرات بدون طيار وطائرات هليكوبتر حددت أماكن 11 هاربا من أفراد الكوماندوس في تلال تغطيها الغابات حول منتجع مرمريس المطل على البحر المتوسط بعد ملاحقة استمرت أسبوعين. وكانوا ضمن مجموعة هاجمت فندقا حيث كان يقضي إردوغان عطلته ليلة محاولة الانقلاب يوم 15 يوليو تموز.

وأظهرت لقطات فيديو أكثر من عشرة من المتظاهرين المناهضين للانقلاب وهم يطلقون صيحات الاستهجان عند رؤية الجنود الأحد عشر الذين اعتقلوا وكانت وجوه بعضهم متورمة وتحمل كدمات. ولوح المتظاهرون بعلم تركيا ورددوا هتافات تطالب بإعدام "الخونة". وقال وزير الاقتصاد نهاد زيبكجي إن مدبري الانقلاب سيندمون بشدة على محاولة الإطاحة بالديمقراطية في تركيا في كلمات تعكس مدى الغضب بين آلاف الأتراك الذين شاركوا في تجمعات للتنديد بالانقلاب يوما بعد يوم. ونسبت وكالة دوجان الخاصة للأنباء إلى زيبكجي قوله "سنجعلهم يتوسلون. سنلقيهم في حفر.. سيعانون من عقاب شديد في هذه الحفر لدرجة أنهم لن يروا نور الشمس طالما كان في صدورهم نفس." وتابع قوله "لن يسمعوا صوتا بشريا مرة أخرى. سيتوسلون لنا أن نقتلهم."

وقال مسؤول كبير في أنقرة إن وزارة الخارجية استدعت القائم بالأعمال بالسفارة الألمانية بعد أن منعت السلطات الألمانية إردوغان من إلقاء كلمة وسط حشد من الأتراك في كولونيا عبر دائرة تلفزيونية مغلقة. وقضت المحكمة العليا الألمانية بمنع البث المباشر للخطاب وسط مخاوف من أن تمتد التوترات السياسية من تركيا إلى ألمانيا التي توجد بها اكبر جالية تركية في أوروبا. بحسب رويترز.

وكتب وزير العدل التركي بكير بوزداج ردا غاضبا على تويتر جاء فيه "سيكون من غير المقبول على الإطلاق أن تورد ألمانيا ذكر الديمقراطية أو سيادة القانون أو حقوق الإنسان أو الحريات أمام تركيا بعد هذه المرحلة." وزادت الحملة الأمنية التي شنتها تركيا بعد محاولة الانقلاب من شعور الزعماء الأوروبيين بعدم الارتياح لاعتمادهم على أنقرة في وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين مقابل وعد بالسماح للأتراك بدخول دول الاتحاد بدون تأشيرات. ونقل عن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو قوله لصحيفة فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج إن تركيا ستنسحب من الاتفاق إذا لم ينفذ الاتحاد الأوروبي وعده بإلغاء تأشيرات الدخول.

اضف تعليق