q

انّ ما يجري الآن في البحرين من ظلمٍ مُمنهج وقهرٍ مُنظّم وسحقٍ مستمرٍّ لأبسط حقوق الانسان ولكرامتهِ وحريّاتهِ الاساسيّة، وسط تغافل من المجتمع الدّولي! يعرّض المنطقة برمّتها لمخاطرَ جمَّة، فليس من المتوقّع ابداً ان يستمر كل هذا العدوان على شعبٍ مسالمٍ هو من أَقدم شعوب المنطقة وأكثرها أصالةً ويظل متحمّلاً الى مالا نهاية، فلابدَّ انَّ صبرهُ سينفجر في يومٍ من الأيّام ثورةً تكتسح نظام (آل خليفة) الفاسد وعندها فسوف لن تقف رياح التّغيير على جسر (الملك فهد) وانّما ستكتسح كلّ نُظم القبيلة في المنطقة.

وهذا ما يفسّر لنا الحماس الكبير الذي يبديه نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية لقمع ثورة شعب البحرين وتدمير مؤسّساتهِ ورموزهِ الدّينية والسياسيّة والحقوقيّة حتى أَكثر من النّظام الخليفي نَفْسَهُ، وكلّنا نتذكّر جيداً كيف ان الرّياض زجّت بقوّاتها العسكريّة وبمختلف أَسلحتها الثّقيلة والخفيفة الى داخل البحرين لتحتلّ مؤسّسات الدّولة وتنتشر في كلِّ مناطق العاصمة لحماية الأُسرة الحاكمة وذلكَ بُعيد انطلاقة ثورة الشعب قبل أَكثر من خمسة أعوام حتى من دون انتظار ان يصل اليها طلباً رسميّاً من المنامة!.

انّ استعداء نظام (آل سَعود) وحليفهُ التّاريخي الحزب الوهابي المستحكَم والتّاريخي للمكوّن الشّيعي في المنطقة سواء في العراق أو البحرين أو الجزيرة العربية أو حتى في لبنان، هو الذي يدفع الرّياض دائماً لمواجهة أَي تغييرٍ حقيقي يأتي على يدهم، ولقد رأينا كيف اندفع نظام (آل سَعود) لتدمير العراق الجديد بُعيد سقوط نظام الطّاغية الذّليل صدّام حسين لمجرد انّهُ أَحسَّ بأَنّ نظاماً ديمقراطياً جديداً قيد التأسيس للأَغلبيّةِ فِيهِ [الشّيعة] دورٌ أساسٌ ومفصليٌّ ومحوريٌّ فيه، أسوة بأيِّ نظامٍ ديمقراطيٍّ آخر في هذا العالم تحكم فيه الاغلبيّة من دون التجاوز على حقوق الاقليّة مهما كان نوع الاغلبيّة والأقليّة.

فعلى الرّغم من الدّور الواضح الذي لعبتهُ الرّياض الى جانب دول الحلفاء وعلى رأسهِم الولايات المتّحدة الاميركيّة في إِسقاط النّظام الديكتاتوري البائد، إِنْ من خلال الدّعم الّلوجستي الذي قدمتهُ لقوّات الحلفاء او فتحها للأجواء أَمام طيرانهم وصواريخهم او بالمواقف السّياسية والإعلاميّة والدبلوماسيّة، على الرّغم من كل ذلك، الا انّها وبمجرّد ان شعرت بدورِ الاغلبيّة في النّظام السّياسي الجديد وظّفت الفتوى التكفيريّة وأَموال البترودولار والاعلام الطّائفي لتشنِّ وَاحِدَةٍ من أَسوء وأَقذر حروب الارهاب على العراق الجديد عندما اجتمع بادئ ذي بدء (٢٨) من كبار فقهاء التّكفير المحميّين ببلاط (آل سَعود) ليُصدروا فتاواهم التي كفّرت الشّيعة وحرّضت على قتلهِم لتحرّض بذلك جراثيمهم ودوابّهم للذّهاب الى العراق لممارسة أَبشع انواع الارهاب والقتل والتّدمير مقابل الوعد لهم بحضورِ مأدُبة غداء او عشاء في الجنّة مع رسول الله (ص) في اوّلِ فُرصةٍ يَقتل فيها الارهابي نَفْسَهُ ويُفجّرها وسط حشود الأَبرياء، ليستمرّ هذا المسلسل الاجرامي التكفيري الى الآن يحصد أرواح الابرياء وكلّ ذلك للحيلولة دون استقرار البلاد في ظلِّ نظامٍ سياسيٍّ ديمقراطيٍّ تعدّدي ترى فيه الرّياض الخطر الكبير على شرعيّة نظامِها واستمرارهِ في السّلطة!.

وان ما تشهدهُ البحرين الآن يأتي في نفس هذا الإطار، لانّ أَيَّ تغييرٍ في البحرين هو بمثابة مفتاح التّغيير في الجزيرة العربيّة، كما انّ العكس هو الصّحيح، ولذلك تُمارس الرّياض كلّ هذا الدّور الاجرامي والعدواني في قمع ثورة شعب البحرين ليس دفاعاً عن النّظام الخليفي فحسب وانّما دفاعاً عن نفسِها!.

انّ على المجتمع الدّولي ان يُمارس ضغطاً اكبر وأوسع على حليفها التّقليدي النّظام الخليفي في المنامة، ليوقفَ فوراً كلّ الإجراءات التعسّفيّة والعدوانيّة الاستفزازيّة التي اتّخذها لحدِّ الآن ضدّ شعب البحرين، وليوقِف فوراً عمليات التّغيير الديموغرافي من خلال تجنيس الأجانب بإعدادٍ هائلةٍ مقابل إِسقاط الجنسيّة والمواطنة عن ابناءِ البلد الأصليّين، كما هو الحال مثلاً مع آية الله المجاهد الشّيخ عيسى قاسم و(١٢٠) آخرين، فانّ ايّ تغييرٍ قسريٍّ من هذا النّوع هو بمثابة القنبلة الموقوتة التي يزرعها النّظام الجائر في المجتمع.

كما ينبغي على المجتمع الدولي ان يُمارس ضغطاً أَكبر على المنامة لإِبْطال كلّ قرارات الاعتقالات التعسفيّة واحكام السّجن الجائرة التي صدرت لحدّ الآن ضِدَّ عددٍ كبيرٍ من السياسيّين والحقوقيّين، وكذلك لإِبْطال قرارات حلّ الجمعيّات السّياسية السّلميّة والمدنيّة والحقوقية، فما يجري في البحرين من ظلمٍ وتعسُّفٍ ضِدَّ الشعب لا يخدم السّلم والأمن الدوليَّين فضلاً عن السّلم والأمن في المنطقة، وانّ مالا شكَّ فيه فانَّ المجتمع الدولي يتحمّل القِسط الاكبر من المسؤولية!.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق