q

يعني التمييز ان نجد في المجتمع بعض المجموعات التي تعامل معاملة سيئة أكثر من غيرها، ونتحدث هنا على سبيل المثال عن تمييز جنسي وعن تمييز عنصري، خلافا لذلك، فان التمييز الإيجابي يعني الإجراءات التي تقوم على مساعدة من يعانون من إعاقة معينة (اقتصادية، اجتماعية، او طبيعية). في النظام المدرسي على سبيل المثال اخذ التمييز الإيجابي في فرنسا شكل مناطق تربية تعطى لها الأفضلية، وهذا يعني ان تقدم للتلاميذ الذين يعانون صعوبات معينة وسائل تساعدهم على تجاوز اعاقاتهم، تبعا للصيغة التالية: "اعط أكثر للذين يملكون اقل".

بدأت المبادرات الأولى في الولايات المتحدة في الخمسينات تحت اسم "العمل التوكيدي" . كما ان بعض المجالات قد شهدت علاجا بإعطاء افضليات معينة (تربية، مسكن) تجاه الأقليات الأكثر عوزا (السود، الهنود، ذوو الأصول الاسبانية).

تنضيد اجتماعي

تعتبر كل المجتمعات مجتمعات منضدة، أي انها مقسمة الى مجموعات متميزة تبعا لوضعها، لتمييزها او لموقعها الاجتماعي. ويمكن ان يتم التنضيد أيضا تبعا للجنس والعمر والطبقة الاجتماعية او طبقة الانتماء المغلقة.

لاوجود لمجتمع مساواتي

لوقت طويل اعتقد علماء الانثروبولوجيا ان المساواة شبه الكلية بين أعضاء كل الجماعات قد سادت في المجتمعات الإنسانية الأولى. فعصب الصيادين – القطافين الصغيرة لم تكن متعددة جدا حتى نجد في صلبها تراتبية اجتماعية فعلية وتقسيما لمجموعات متميزة. ويعتقد كارل ماركس – وهو على خطأ من دون شك – ان تزايد الثروة كان أساس الفرق في الأوضاع الاجتماعية. الا انه لم يأخذ بعين الاعتبار سوى اللامساواة الاقتصادية والاجتماعية. علما اننا نجد في العديد من مجتمعات الصيادين – القطافين تقسيما للأوضاع بحسب الجنس. فللرجال والنساء أدوار ومهام وامتيازات شديدة الاختلاف. اننا نجد توزيعا دقيقا للعمل بحسب الجنس عند العديد من الشعوب. مثل شعوب الاسكيمو والافارقة والشعوب الاصيلة في استراليا والهندو اميركان: وحدهم الرجال يملكون حق الصيد واستعمال السلاح. كما ان لهم الحق الحصري بالمشاركة في الاحتفالات المقدسة. عمليا تعتبر النساء على ارتباط بالرجال. كذلك تقسم المجتمعات تبعا للطبقات العمرية. فحتى يصبح الفرد رجلا وصيادا عليه ان يجتاز مراحل متلاحقة تترافق مع طقوس الانتقال.

مع المجتمعات الزراعية او الرعوية يبدأ التنضيد الاجتماعي الفعلي. اما أسباب ظهور اللامساواة فتظل خاضعة للنقاش. فهل يعود ذلك الى تمايز داخل المجتمع والى انسحاب مجموعة "ترتفع فوق المجتمع" بحسب ماركس؟ او هل يعتبر ذلك نتيجة استعباد قبيلة لاخرى؟ يظل السؤال مفتوحا، ولا يستبعد حصول كل من الظاهرتين على مر التاريخ.

في المجتمعات التاريخية التي عرفت تميزات اجتماعية حادة تظهر الطبقات المغلقة او الفئات المختلفة. وتعتبر الهند مجتمع طبقات مغلقة، وفي اوربا ابان القرون الوسطى نشهد وجود الفئات.

الى جانب هذه التقسيمات الكبرى الى مجموعتين او ثلاث مجموعات كبرى نجد تقسيما بحسب المهن. فالفئات الحرفية تشكل مجموعات مغلقة، تتزاوج داخليا، تختار الزملاء بنفسها، وتحافظ على بعض الامتيازات. هكذا نجد ان طبقة الحدادين في المجتمعات الافريقية التقليدية قد تميزت عن بقية الطبقات. فالحداد يسيطر على النار وهو صاحب معرفة سرية (التعامل مع المعادن)، ولذلك فهو يعتبر على علاقة مع الأرواح والعبقريات. ولهذا فهو يرأس حفلات الختان. لذلك يشكل الحدادون طبقة مغلقة، منظمة، كما لو كانت مجتمعا سريا.

تريد المجتمعات الغربية الحديثة ان تكون مساواتية: فالافراد فيها "احرار متساوون في الحقوق" الا ان المساواة في الحقوق لا تتناقض مع عدم المساواة القومية في المداخيل، والامتياز والوضع.

تقوم التصورات العادية في الاختلافات الاجتماعية تبعا لمعايير متعددة سائدة: اللامساواة "الأغنياء والفقراء، ومن هم في الأعلى"، القومية "الفرنسيون، المهاجرون والغرباء"، العرق "البيض، المغاربة، السود والاسيويون" ،الدين، الى اخر ذلك.

ومن جانبهم اوجد علماء الاجتماع توصيفات اجتماعية قوية تقوم على مبادئ الطبقات الاجتماعية، الفئات الاجتماعية المهنية، الجماعة الاثنية، او تبعا لنمط او أسلوب الحياة. اما المفارقة فهي ان الكل يقبل الان بوجود تنضيد اجتماعي، الا انه لا أحد يعرف على وجه الحق ماهي شبكة التحليل التي عليه اختيارها للوصول الى هذا التوصيف.

اضف تعليق