q

هبت نسائم الرحمة الإلهية على أعتاب باب شهر رمضان.. فهو شهر يجدد الروح التي ذبلت باليأس والبعد عن خالقها.. فقد أتى شهر الله الذي أنزل فيه القرآن حاملا للفقراء حق المساواة مع كل طبقات المجتمع، إن لهذا الشهر حفاوة في نفوس المؤمنين وأنه سفينة النجاة التي ستعبر منها النفوس الفائزة هذا العام بمرضاة الله بعد أن ضاع الطريق طوال العام بالقرب تارة والبعد تارة عن مرضاة الله، إن لهذا الشهر الكريم أيضا كما نعلم جميعنا فضلا عظيما عند الله وذكر في سياق عده روايات وأحاديث عن فضل وكرامة هذا الشهر عند الله.

كقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، وقال الإمام الصادق (عليه السلام): إذا رأيت هلال شهر رمضان، فلا تشر إليه بالأصابع، ولكن استقبل القبلة، وارفع يديك إلى السماء، وخاطب الهلال، تقول: ربي وربك الله ربّ العالمين.

وقال الإمام الرضا (عليه السلام): في أول ليلة من شهر رمضان يُغل المَرَدة من الشياطين، ويغفر في كل ليلة سبعين ألفاً، فإذا كان في ليلة القدر غفر الله بمثل ما غفر في رجب وشعبان وشهر رمضان إلى ذلك اليوم، إلا رجل بينه وبين أخيه شحناء، فيقول الله عز وجل: أنظِروا هؤلاء حتى يصطلحوا.

مبدأ التكافل الاجتماعي

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خطبته في فضل شهر رمضان: أيها الناس.. من فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر، كان له بذلك عند الله عتق رقبةٍ، ومغفرة لما مضى من ذنوبه.

قيل: يا رسول الله (ص).. وليس كلنا يقدر على ذلك، فقال (ص): اتقوا النار ولو بشربةٍ من ماء.

فالصيام يحثنا على مبدأ تكافل الاجتماعي الذي من شأنه أن يرفع الكثير من الأعباء المترتبة على تقدم المجتمع وشفائه من الكثير من الأسقام المتفشية فيه وأهمها الفقر والتكافل في الإسلام، يمثل فكرة متقدمة، تتجاوز مجرد التعاون بين الناس، أو تقديم أوجه المساعدة وقت الضعف والحاجة.

ومبناه ليس الحاجة الاجتماعية التي تفرض نفسها في وقت معين أو مكان بعينه، وإنما يستمد التكافل الاجتماعي في الإسلام مبناه من مبدأ مقرر في الشريعة، وهو مبدأ الولاية المتبادلة بين المؤمنين في المجتمع.

يقول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}. ( سورة التوبة)، الآية 71.

فالإنسان في التصور الإسلامي، لا يعيش مستقلا بنفسه، منعزلا عن غيره، وإنما يتبادل مع أفراد المجتمع الآخرين الولاية، بما تعنيه من الإشراف والتساند والتكافل في أمور الحياة، وفي شؤون المجتمع.

وإن الصيام سفر إلى غفران الله يعلم النفس على أن تسمو بعيدا عن ملذاتها وتزهد في دنياها..

فلولا أنه شهر عظيم لما خصه الله باسم عظيم .. فقد جاء عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طلب (عليه السلام): «لا تقولوا رمضان، فإنكم لا تدرون ما رمضان فمن قاله فليتصدق وليصم كفارة لقوله، ولكن قولوا كما قال الله تعالى: شهر رمضان»، وكل ذلك تنويها بعظمة هذا الشهر حتى سمّاه الله تعالى باسمه.

فوائد صحية

من خلال متابعتنا للمصادر الطبية وجدنا ان هناك علاقة صحية وطيدة بين الصيام وبين الصحة، حيث يرى الطب الحديث ثمة فوائد عديدة للصيام نذكر منها:

1_ يقوّي الصّيامُ المناعةَ ويخلّص جسم الإنسان من الخلايا التالفة والزائدة، وبالتّالي يزداد نشاط الجسم ويكن ذلك وقاية له من الأورام الخبيثة.

2_ يُعَدّ الصيام فرصة جيّدة لتخفيف الوزن، إذا ما اعتدل الصائم في تناوله للطعام عند الإفطار.

3_ يعالج المشكلات التي قد يواجهها الجهاز الهضمي، القولون العصبي وزيادة الحموضة.

4_ ينقص من نسبة الكولسترول والدهون في الدم وبالتالي يحمي من الإصابة بالجلطات.

5_ يحافظ على توازن نسبة سكر الدم.

نتيجة لعدم إجهاد البنكرياس في عمله.

6_ يسهم في معالجة بعض الأمراض الجلديّة كمرض الصدفية، نتيجة لقلة نسبة الماء الموجودة في الدم.

7_ يساهم في علاج آلام المفاصل فهو يخلص الجسم من السموم. قد يكون الصيام وسيلة المُدمِنين للنيكوتين والكافيين للتغلّب على مشكلاتهم.

8_ يفيد الصيام من يعانون من ارتفاع في ضغط الدم، إذ يتمّ حرق الدهون أثناء الصيام، وخفض معدل التمثيل الغذائي والهرمونات كالأدرينالين إضافة إلى تكسير الجلوكوز من أجل إنتاج الطاقة التي يحتاجها الجسم ممّا يؤدي لخفض ضغط الدم.

9_ يساهم أيضا في مقاومة الشيخوخة فهو يحفّز الجينات التي تفرز هرمونات مساعدة للخلايا التي تواجه الشيخوخة فالتقليل من كمية الطعام بشكل معتدل يقوي الخلايا فيطيل العمر .

إن شهر رمضان يحمل إلينا خيراته وبركاته ويروض روحنا ويربيها على الإسلام المحمدي الحق إنه سفر الروح إلى غفران الله فهنيئا لتلك الأرواح التي سترسو إلى شواطئ الفائزين برضوان الله وجنانه.

اضف تعليق