q

مع اقتراب موعد انطلاق فعاليات دورة الألعاب الأولمبية لعام 2016 في ريو دي جانيرو البرازيلة، تزداد التحديات والمصاعب في ظل توتر الأجواء الاقتصادية والسياسية في البرازيل. وهوما قد يؤثر سلبا على فعاليات هذا الحدث المهم كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على ان البرازيل تعاني حاليًا من مشكلات وازمات كبيرة اهمها تنامي المخاوف من خطر فيروس زيكا وتاثيراته على السياحة والاولمبياد، وربما تسببت المخاوف من فيروس زيكا الغامض في عزوف بعض المشجعين عن حضور أولمبياد ريو، خصوصا بعد تصاعد التحذيرات من قبل بعض العلماء والمشاهير فقد دعا 150 طبيباً وعالماً وباحثاً في رسالة مفتوحة إلى تأجيل أو نقل دورة الألعاب الأولمبية المقررة في ريو دي جانيرو بسبب مخاطر فايروس زيكا.

كما حذر باو جاسول، لاعب كرة سلة إسباني من تنظيم أولمبياد 2016 فى ريو دى جانيرو بالبرازيل، وذلك بسبب انتشار فيروس زيكا، وأيضا حذر اللاعب الأمريكى كارميلو أنطونى من الفيروس وقال أشعر بالخوف عندما أسمع عن الفيروس أو أرى الصور. ووفقا لصحيفة نبامانياس الإسبانية فإن فيروس زيكا انتشر فى جميع مناطق بالبرازيل، وعلى الرغم من التدابير التى قالت الحكومة إنها تتخذها لضمان آمان الأوليمبياد إلى أن الفيروس لا يزال ينتشر بشكل سريع ويتسبب فى أضرار بشكل خاص لحديثى الولادة،. وأشارت الصحيفة إلى أن جاسول حصل على الميدالية الذهبية فى بطولة أمم أوروبا لكرة السلة فى 2007 و 2009 و 2011 و 2015 ، والاوليمبياد فى 2008، أما أنطونى فاز بالميدالية الأولمبية الذهبية لكرة السلة مع المنتخب الأميركى فى دورة بكين 2008 ولندن 2012.

كما تعاني البرازيل من أزمة سياسية حادة ومشكلات اقتصادية كبيرة. وتأتي هذه التطورات وسط فضيحة فساد ضخمة تشير تقارير إلى تورط أكثر من 50 سياسيا فيها. وتبدو البرازيل حاليا وبحسب بعض المصادر، في انقسام هائل كما اضطر منظمو أولمبياد ريو إلى تقليص هائل في نفقات الاستضافة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب لبلادهم. وفي ظل هذا التقليص في النفقات، سيتراجع عدد المتطوعين لخدمة الدورة الأولمبية بنحو آلاف من المتطوعين، كما ستتراجع سبل الراحة للرياضيين المشاركين في هذه الدورة الأولمبية. وينتظر أن يكون حفلا الافتتاح والختام أقل في المستوى مما كان مخططا لهما.

ويمثل خط المترو الجديد المصدر الأكبر لقلق منظمي أولمبياد 2016. ويربط خط المترو الجديد مدينة ريو دي جانيرو بالمتنزه الأولمبي في منطقة «بارا». ويمثل هذا الخط المشروع الأهم من مشاريع البنية الأساسية حيث يستحوذ على نحو ربع الميزانية الإجمالية للأولمبياد ولكنه قد لا يكتمل كلية في الموعد المناسب قبل افتتاح فعاليات الدورة. وكان مقررا أن تبلغ تكلفة إنشاء خط المترو الجديد 8.5 مليار ريال برازيلي ولكنه الآن قد يجتاز عشرة مليارات ريال برازيلي (2.8 مليار دولار أمريكي). ويحاول المنظمون إيجاد حلول وسط. وفي أسوأ الأحوال، سيضطر السائحون إلى قطع مسافة 40 كيلومترا من وسط المدينة إلى المتنزه الأولمبي بحافلات نقل الركاب. ومع الازدحام المروري الذي يسيطر دائما على الطرق المؤدية إلى بارا.

العد التنازلي

في هذا الشأن فمن المتوقع ان يشارك في الالعاب الاولمبية المقررة في ريو دي جانيرو من 5 الى 21 آب/اغسطس المقبل 10500 رياضي ورياضية من 206 دول، كما ستجذب الالعاب نحو 450 الف سائح لمتابعة منافساتها. وأقيمت احتفالات رمزية بالمناسبة في اماكن مختلفة من العالم، والشعلة الاولمبية التي اضيئت في المعبد الاولمبي باليونان مهد الالعاب الاولمبية الحديثة. مرت في مخيم ايليوناس للاجئين في ضاحية اثينا الذي زاره رئيس اللجنة الاولمبية الدولية الالماني توماس باخ في كانون الثاني/يناير. وحملها السوري ابراهيم الحسين (27 عاما) الرياضي المتكامل برغم بتر احدى قدميه، لتذكير العالم اجمع بالمأساة التي يعيشها اللاجئون خصوصا السوريين والجهود التي تبذلها اليونان لمواجهة ازمة الهجرة.

يقول المنظمون ان الملاعب باتت جاهزة بنسبة 98 بالمئة، في حين ان باخ وعد "بالعاب رائعة"، ولكن الالعاب تواجه تحديات كبيرة حتى قبل انطلاقها. وجاء الاعلان عن وفاة 11 عاملا في ورش البناء في منشآت الالعاب الاولمبية منذ 2013، مقارنة بوفاة 8 عمال في جميع انحاء البرازيل ابان الاستعداد لاستضافة مونديال 2014، ليلقي بظلاله القاتمة على الوضع. وأعلنت مفتشية العمل في ولاية ريو وفاة 11 عاملا في ورش الاعداد للالعاب بين 2013 و2016.

وقال المسؤول عن مفتشية العمل في ولاية ريو روبسون ليتي "انه رقم مخيف. توفي 11 عاملا في محيط المواقع الاولمبية منذ 2013". واضاف "كانت هناك 8 وفيات في ورشات العمل الاعدادية لنهائيات كأس العالم 2014 لكرة القدم ولكن في البرازيل بأسرها (12 مدينة مضيفة) وفي ريو وحدها لدينا 11 وفاة". وتواجه البرازيل ازمة سياسية حادة حيث اقر مجلس النواب البرازيلي بأغلبية ساحقة اجراءات اقالة الرئيسة اليسارية ديلما روسيف المتهمة بالتلاعب بالحسابات العامة. هذا فضلا عن التحديات الاقتصادية في البرازيل وكلفة الالعاب المرتفعة التي ستصل الى 11 مليار دولار، وايضا تفشي وباء زيكا بشكل واسع. وقال الخبير الرياضي فونداساو جوتيليو فارغاس "ان الالعاب هي احتفالية كبيرة"، مضيفا "لكننا نحتفل دائما عندما نكون سعداء".

وارتفعت نسبة البطالة في البرازيل التي حصلت على حق استضافة الالعاب عام 2009 الى 2ر10 بالمئة، كما تواجه ازمة سيولة وولاية ريو غير قادرة على دفع رواتب موظفي الحكومة في الوقت المحدد. واضطر منظمو الالعاب ايضا الى تخفيض كلفة الاستضافة بدءا من ماكينات الطباعة وصولا الى تقليص عدد المقاعد في المنشأة التي تستضيف منافسات التجذيف. ولن تكون شبكة المترو جاهزة الا في الاول من تموز/يوليو، اي قبل خمسة اسابيع على الانطلاق.

كما ان الحديث عن التلوث في الخليج الذي سيحتضن الالعاب المائية ليس جديدا، وعلق لي لاي-شان من هونغ كونغ والفائز بميدالية ذهبية في منافسات الالواح الشراعية في هذا الصدد "انه ملوث جدا. بمجرد ان تمرض تكون انتهيت". ربما لا يهتم السياح كثيرا الى الازمة السياسية والاقتصادية في البرازيل، ولكنهم سمعوا بالطبع عن وباء زيكا القاتل الذي انتشر بسرعة في البرازيل ومعظم دول اميركا الجنوبية. وانتشر زيكا في البرازيل اواخر 2015 حيث اعلن لاحقا عن عدد من الوفيات وعن اصابة أكثر من 5ر1 مليون برازيلي بالعدوى.

ولكن روسيف اكدت ان وباء زيكا الذي يضرب بلادها لا يشكل خطرا على استضافة اولمبياد ريو، داعية البرازيليين الى مكافحة البعوض الناقل للفيروس. وظهرت معضلة جديدة ايضا بعد انتشار فيروس "اتش 1 ان 1" الذي ادى الى وفاة 46 شخصا في اقل من شهرين في البرازيل، وتحديدا في جنوب شرق البلاد. والعنف من العوامل المقلقة ايضا في ريو التي يقتل فيها اربعة اشخاص كل يوم. وستنشر السلطات البرازيلية 85 الف شرطي وجندي لحماية الالعاب، اي ضعفا العدد عن الالعاب السابقة في لندن 2012. بحسب فرانس برس.

ولا يبدو ان الازمات التي تواجهها البرازيل ولا سيما السياسية ستؤثر على تنظيم الالعاب. وقال الناطق باسم اللجنة الاولمبية الدولية قبل ايام "ان اللجنة الاولمبية الدولية تتابع عن كثب التطورات الاخيرة فيما يتعلق باجراءات اقالة الرئيسة ديلما روسيف". وتابع "ان الاستعدادات للالعاب الاولمبية دخلت الان في مرحلة متقدمة من العمليات حيث يكون هذا النوع من القضايا السياسية اقل تأثيرا كما في مراحل أخرى من تنظيم الالعاب". واضاف بعد زيارة تفقدية الى ريو "رأينا تقدما كبيرا قد حصل، وما زلنا واثقين من نجاح الالعاب الاولمبية هذا الصيف، وهي ستترك ارثا مهما وتقدم فرصة مهمة لتوحيد الشعب البرازيلي بغض النظر عن خلفيتهم او آرائهم السياسية".

زيكا وأولمبياد ريو

على صعيد متصل رفضت منظمة الصحة العالمية دعوة لنقل أو تأجيل دورة الألعاب الأولمبية التي تستضيفها مدينة ريو دي جانيرو بسبب خطر تفشي فيروس زيكا في البرازيل. وكان أكثر من مئة عالم كبير قالوا إن انعقاد الأولمبياد كما هو مقرر أمر غير أخلاقي لكن المنظمة التابعة للأمم المتحدة قالت إن انعقاد الدورة في موعدها "لن يغير كثيرا" في تفشي الفيروس الذي يحدث تشوهات خلقية خطيرة.

وأضافت المنظمة في بيان "وفقا لتقييمنا الحالي لانتشار فيروس زيكا في 60 من دول العالم تقريبا و39 دولة في الأمريكيتين فإنه لا يوجد مبرر يتعلق بالصحة العامة لتأجيل أو إلغاء الدورة." ووجه نحو 150 خبيرا كبيرا في الصحة العامة بينهم كثيرون متخصصون في الأخلاقيات البيولوجية رسالة عامة نشرت على الإنترنت قالوا فيها إن خطر عدوى فيروس زيكا مرتفع لدرجة تحول دون انعقاد الأولمبياد بسلام.

وأرسلت الرسالة إلى مارجريت تشان المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية وجاء فيها أنه يجب نقل الدورة الأولمبية التي سوف تنطلق في ريو دي جانيرو في أغسطس آب إلى مكان آخر أو تأجيلها. لكن المنظمة رفضت الدعوة قائلة إن البرازيل "واحدة من بين قرابة 60 دولة ومنطقة" اكتشفت الإصابة بزيكا فيها وأنه ينبغي أن يواصل الناس التنقل بين هذه الدول والمناطق لشتى الأسباب. بحسب رويترز.

وأضافت "أفضل طريقة للحد من خطر المرض هي اتباع نصائح الصحة العامة عند السفر." وتنصح المنظمة العالمية الحوامل بتجنب السفر إلى مناطق انتشار عدوى زيكا بما في ذلك ريو دي جانيرو. كما توصي الجميع ببذل كل الجهود لحماية أنفسهم من لدغ البعوض وتنصح بممارسة الجنس الآمن. وجاء في الرسالة "عندما يأتي 500 ألف سائح أجنبي من جميع دول العالم لحضور الألعاب، هناك احتمال إصابتهم بالفيروس، ثم بعد العودة إلى بلدانهم تصبح العدوى وباء عالميا".

وتابع الأطباء والعلماء والباحثون في رسالتهم "همنا الرئيسي هو الصحة العامة في العالم لأن زيكا يؤثر على الصحة بطريقة لم يسبق أن حصلت من قبل". وتواجه البرازيل معضلة انتشار وباء زيكا القاتل منذ أواخر 2015 حيث أدى إلى العديد من الوفيات، كما أعلن عن إصابة 1.5مليون برازيلي بالعدوى. وينتقل فيروس زيكا بلسع بعوض يسمى "البعوض النمر". وهو يتسبب بأعراض شبيهة بالانفلونزا (ارتفاع الحرارة ووجع في الرأس وألم في المفاصل)، لكنه يمكن أن يؤدي لدى الحامل إلى تشوه خلقي لدى الجنين الذي يمكن أن يولد بجمجمة أصغر من الحجم الطبيعي وهو ما يعرف بصغر الرأس.

وبحسب معلومات قدمتها وزارة الصحة البرازيلية، سجل البلد بين تشرين الأول/أكتوبر وشباط/فبراير 462 حالة ولادة بتشوه خلفي بسبب فيروس زيكا. وأعرب منظمو دورة الألعاب الأولمبية عن قلقهم من انتشار فيروس زيكا في البرازيل، ولكنهم أبدوا ثقتهم بتراجعه في الوقت المناسب للألعاب. وكانت منظمة الصحة العالمية طالبت السيدات الحوامل عدم حضور منافسات أولمبياد 2016 في البرازيل بسبب انتشار فيروس زيكا.

من جانبها اعلنت وزارة الصحة البرازيلية واللجنة المنظمة لدورة الالعاب الاولمبية في ريو انهما لا ينويان تأجيل أو إلغاء الاولمبياد المقرر في اب/اغسطس المقبل في ريو دي جانيرو مثلما طالب خبراء الصحة. واستندت وزارة الصحة البرازيلية في بيان لها على حجج المنظمة العالمية للصحة والتي بحسبها ان شهر آب/اغسطس (الشتاء الجنوبي) هو الشهر الذي يكون فيه العدد قليلا للبعوض الناقل لفيروس حمى الضنك وزيكا وشيكونغونيا.

وفي وقت سابق، قالت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية مارغريت شان في ريو دي جانيرو انه لا يجب على الجمهور ان يقلق لان عدد البعوض يكون قليلا جدا في شهر آب/اغسطس". من جهتها اوضحت اللجنة المنظمة لالعاب ريو 2016 انها تحترم موقف الخبراء ولكنها "تتبع" توصيات منظمة الصحة العالمية بحسب ما ذكرت صحيفة "او غلوبو". واعتبرت منظمة الصحة العالمية في بيان لها بانه "في الوقت الحالي، الغاء او تعديل مكان استضافة الالعاب الاولمبية لن يغير بطريقة ملحوظة الانتشار الدولي لفيروس زيكا". واضافت ستواصل مراقبة الوضعية وتكييف توصياتها اذا لزم الامر".

اولمبية ناجحة

الى جانب ذلك وعدت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، في وقت سابق بالعاب اولمبية "ناجحة" في "فترة حرجة بالفعل في تاريخ البلاد"، وذلك عند وصول الشعلة الاولمبية الى برازيليا. وقالت روسيف خلال الاحتفال بوصول الشعلة من اليونان عن طريق سويسرا في ما يعتبر بداية العد العكسي لدورة الالعاب الاولمبية الصيفية في ريو دي جانيرو: "نحن نمر بفترة عدم استقرار سياسي. نمر بفترة صعبة جدا وحرجة للغاية في تاريخ البلاد وتاريخ الديمقراطية لكن البرازيل ستقدم افضل ترحيب حار بالرياضيين والزوار الاجانب لاننا قمنا بتهيئة كل الظروف (المناسبة)".

وتواجه روسيف امكانية اقالتها من منصبها بسبب الازمة السياسية العميقة التي يشهدها هذا البلد العملاق الواقع في اميركا اللاتينية. وتابعت الرئيسة البالغة من العمر 68 عاما: "ان البلد الذي يعرف كيفية حماية ديمقراطيته هو البلد الذي ستحقق فيه الالعاب الاولمبية اكبر نجاح ممكن في الاشهر المقبلة". وقد يكون وصول الشعلة الى العاصمة البرازيلية احدى آخر المناسبات الكبيرة التي تشارك فيها روسيف. وهذا يمكن ان يؤدي بشكل تلقائي الى وقفها عن العمل وتولي نائبها ميشال تامر زعيم اكبر احزاب يمين الوسط في البرازيل الرئاسة. وتامر كان من اهم حلفاء روسيف قبل ان يصبح "خائنا" على حد تعبيرها.

وقد يستغرق الحكم النهائي لمجلس الشيوخ اشهرا، لكن اذا لم تتم تبرئتها فلن تعود الى السلطة وسيبقى تامر في منصب الرئاسة حتى الانتخابات المقبلة في 2018. وواصلت روسيف: "الى جميع البلدان التي ستشارك هنا في البرازيل من اجل الاحتفال مرة اخرى بالسلام بين الامم، سنكون فخورين بتقديم افضل العاب اولمبية في العالم، وان نظهر للعالم قيمتنا في الملعب وخارجه".بحسب فرانس برس.

ووصلت الشعلة الاولمبية الى برازيليا بالطائرة مقبلة من جنيف في اول محطة لها في مشوار سيطوف بها في مختلف انحاء البرازيل حتى حفل الافتتاح المقرر في 5 اب/اغسطس المقبل في ريو دي جانيرو. وتم ايقاد الشعلة الاولمبية في قصر الرئاسة بحضور روسيف قبل ان تجول في اكثر من 300 مدينة برازيلية وسيحملها حوالي 12 الف شخص قبل ان تصل الى الملعب الاسطوري ماراكانا ايذانا بانطلاق الالعاب الاولمبية.

اضف تعليق