q

العراقيون والعراقيات في رحلة التيه، يخرجون من ديارهم ليبنوا مستقبلا زاهرا لهم ولأطفالهم، لتكوين عائلة سعيدة بعيدة عن الظلم والفساد والغدر والمتفجرات!، إنهم يجهلون ماذا ينتظرهم وراء الكواليس!.

هل فعلا اللجوء الى الغرب يستحق هذه التضحية؟ حيث ان البعض يبيعون كل ما يملكون ويَرَوْن الموت مرات عديدة قبل وصولهم !هل فعلا يحصل المهاجر على مبتغاه؟ ولكن الجانب المبهم في القضية هو لماذا الغربيون فتحوا أبواب بلادهم واستقبلوا هؤلاء؟ كيف بهذه السهولة يدخل العراقيون وغيرهم من اللاجئين في بلاد الغرب من غير أن يوقفهم أحد!.

هل السبب دافع انسانيّ؟ أم وراء هذا الوجه البريء يوجد رؤى إستراتيجية ودسيسة؟.

العباقرة لديهم مكان مخصص وامتياز على البقية ولكنه ضئيل جدا، حيث لا يسمح لهم أن يصلوا إلى درجة پروف في مجالات معينة كالنووي والطيران العسكري والهندسة الطيران وووو، ولكن بقية الرعايا سيكون مصيرهم (أيدي عاملة) في بلاد الغرب !.

المهاجر يجب أن يعمل بجد لسد احتياجاته وليس كما يظن البعض، فقط الراحة والترفيه، بل يجب أَن يعمل ويتعب لدفع الديون التي تمنحها له الحكومة.

تعدّ الغربة من أكثر الأمور الصعبة التي يضطرّ الكثير من الناس إليها، نظراً للظروف التي تحلّ عليهم؛ فمن مرّ بالغربة شعر بالوحدة والحزن يلازمانه أينما ذهب.

(شبكة النبأ المعلوماتية) تلقي الضوء على موضوع الهجرية، والتقت بعض المهاجرين العراقيين كي تطلع على معاناتهم في الغرب.

ينظرون إليك نظرة عنصريّة

عن هذا الموضوع الحساس، قال (يوسف) الذي هاجر من العراق الى النرويج هناك ثلاث فئات تعزم على الهجرة الى الغرب:

أولا: هناك من يهاجر ليدرس ويثقف نفسه وهم الأقلية.

ثانيا: هناك من يهاجر لأجل الحرية وليرفه عن نفسه.

ثالثا: هناك من يهاجر لانه لا يعرف ما هو هدفه في الحياة وهو مغترب الغرب!.

فالأكثرية منهم يهاجرون ومن ثم يندمون على ذهابهم، أو يبقى على حاله (بمستوى متخلف).

وأضاف (يوسف): عندما عزمت على الرحيل، قال لي جدي، أينما تذهب سوف تكون السماء بنفس اللون، لا يوجد فرق هنا وهناك، وتلك الجنة لا تستحق أي شيء اذا كنت وحيدا، ولكن لم أسمع كلامه ولكن بعد وصولي صدقت قوله ألف مرة في كل يوم، وعانيت من الغربة والوحدة، للأسف نحن نرى الغرب بنظارة وردية حيث الجمال في كل شيء ونلاحظ الإيجابيات فقط، ولكن هذا الجمال مزيف! وهناك سلبيات أيضا.

عليك أن تتعلم اللغة لأجل الاندماج مع البيئة، صحيح إنك ترى الجمال والثقافة والاحترام هناك، ولكن حتى وان حصلت على جنسيتهم سينظرون إليك بنظرة عنصرية، ويحتقرونك وتبقى انت ضيفا غير مدعوّ وعامل من بلد غريب!.

سوف يصبح لديك بيت وسيارة، ولكن عليك أن تعمل لاهثا بصورة دائمة، لتدفع أقساط القروض التي منحتها الدولة لك، واذا تتأخر في التسديد، سيُسلب منك كل ما تملك وتبقى فارغ اليدين!.

وقال (يوسف) إن بلاد الغرب ليست لي ولا هي ملك لأجدادي، ولكن عندما أقول للشباب ليس من صالحكم أن تتركوا بلدكم وتتحملوا الغربة، يفكرون أنني افرض عليهم رأيي لكي لا يحصلوا على الخير، ولكن رأيت الجمال والخير المزيف في تجربة الغربة، ولا أريد أن يرتكب أحد غلطتي مجددا!.

الإسلاموفوبيا

في هذا الجانب أيضا أشار الأستاذ عمار الخطيب من امريكا الى مشاكل الغربة حيث قال: إن مشاكل الاغتراب كثيرة، مثل الحنين الدائم للاهل والأصدقاء، ومعاناة الأهل مع الأطفال في المدارس، حيث يكون الطفل مع أناس ذوي ثقافة مختلفة طوال النهار وعندما يأتي الى البيت يجب ان تغذيه بأفكار مختلفة كاختلاف الليل والنهار، لذا كثيرا ما نرى الأطفال الذين كبروا هنا، مختلفين بالثقافة والتفكير، والمشكلة الجديدة هي الإسلاموفوبيا.

تفسخ العائلة

أما (أم نرجس من بريطانيا)، فقد أشارت الى تفسخ العائلة ومشاكل أخرى حيث قالت: ذهبت الى هناك (بريطانيا) رغم عني، كنت أحسب الأيام لأرجع إلى وطني وأهلي، وفي بداية الأمر كان عملي البكاء فقط، وأصبحت أعاني من أمراض نفسية عديدة، بعد مدة من بقائنا كبر الأولاد وتمادوا علينا، جئنا الى هنا لأجلهم وتحملنا المصاعب ولكن أصبحوا منفتحين في الظاهر، ونسوا كل شيء حتى والديهم ودينهم!، ودخل واحد منهم في الدين المسيحي! في تلك اللحظة تمنيت لو (تفجرنا) في العراق جميعا ولم أرَ ولدي ينسى دينه ويعانق المسيحية !.

الحنين الى الوطن قاتل !

(أم محمد من أمريكا) تجد صعوبة في اللغة وتقول: إن اللغة عامل أساسي في كثرة المشاكل، فاذا كنت ضعيف في اللغة يصعب عليك كل شيء! بالاضافة الى الابتعاد عن الاهل، وصعوبة إيجاد العمل، كذلك وجود العنصرية ضد العرب والمسلم بصورة خاصة، فلا يتم التعامل معه كالمسيحي او اي ديانة اخرى، لا يحدث هذا من قبل الجميع بل الأغلبية هكذا يتعاملون معنا.

الحنينً للوطن قاتل، فعندما أسمع بوفاة احد الأشخاص من الاهلً او الاقارب وأنا غير متواجدة مع الاهل للمواساة يتقطع قلبي، كذلك تذاكر الطيران باهظة الثمن ولا تتناسب مع الحقوق المالية المخصصة لنا، علما أن دخلنا من العمل هو لسد احتياجاتنا اليومية فقط (قوت لا تموت).

من ضمن المعاناة عدم وجود مساجد وحسينيات في ولايتي التي اقيم فيها، وهذه من اكبر معاناتي لان الابتعاد عن الحسينيات والمساجد لاشخاص تعودوا عليها صعب جدا، ويورث الكآبة وهذا ما حصل معي، أي أن افتقادي لتلك الأماكن جعلني مكتئبة.

كذلك الاحساس بالخوف على الاطفال من التطبع بطباع الغرب على الرغم من التذكير المستمر لهم بدينهم ومبادئهم وعاداتهم وتقاليدهم .

ضعْ خطة استراتيجية

نصيحة (حسين) أحد اللاجئين في بريطانيا لمن يرغب أن يترك بلده:

لا تظن أن حياتك في الغرب ستكون مثالية! فكل بلد في هذا العالم توجد فيه مشاكله الخاصة ..اذا اردت الهجرة فكر في كل المشاكل التي من الممكن ان تراها في طريقك من البداية حتى النهاية، وادرس الموضوع جيدا، وليكن عندك خطة لمستقبلك، عند وصولك لا تنسَ دينك! وكم جميل قول الشاعر بدر شاكر السياب:

لأنّي غريب

لأنّ العراق الحبيب

بعيد وأني هنا في اشتياق

إليه إليها أنادي: عراق

فيرجع لي من ندائي نحيب

تفجر عنه الصدى

أحسّ بأني عبرت المدى

إلى عالم من ردى لا يجيب

ندائي

وإمّا هززت الغصون

فما يتساقط غير الردى

حجار

حجار وما من ثمار

وحتى العيون

حجار وحتى الهواء الرطيب

حجار يندّيه بعض الدم

حجار ندائي وصخر فمي

و رجلاي ريح تجوب القفار.

اضف تعليق