q

قدّم الإمام علي بن الحسين السجاد (عليه السلام) للأمة الإسلامية كنوزاً من المعارف الإسلامية من خلال الأدعية، إذ احتوت أدعيته المأثورة على مفاهيم عميقة ومضامين مهمة في العقائد والفكر والأخلاق والتربية والسلوك.

وقد استخدم الإمام السجاد (عليه السلام) الدعاء كوسيلة للتربية، فقد استطاع (عليه السلام) أن يربي جيلاً من الفقهاء والعلماء والرواة والمحدثين والمفسرين على فضائل الأخلاق ومكارمها، مركزاً في تربيته على وسيلة الدعاء، وقد تخرج من مدرسته العلمية أساطين في العلم والمعرفة، وقادة رأي وفكر، وقمم شامخة في مختلف العلوم والمعارف الإسلامية.

والصحيفة السجادية -والتي تضم أهم أدعيته- لم تقتصر على المناجاة والدعاء والتضرع والخشوع لله تعالى وحسب؛ وإنما تشتمل أيضاً على كنوز من العلوم والمعارف الإسلامية بما احتوته من المسائل والقضايا العقائدية والاجتماعية والأخلاقية والتربوية وغيرها.

ومما يدلل على أهمية ونفاسة الصحيفة السجادية ما كتب عنها من عشرات الشروح لها، وقد أحصى المحقق الكبير (آغا بزرك الطهراني) في كتابه القيم (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) مئة وخمسين شرحاً لها، كما تم ترجمتها بعدة لغات عالمية.

ومن المهم للغاية التأمل والتفكر في أدعية الصحيفة السجادية وعدم الاكتفاء بالفراءة المجردة لها، وإنما السعي نحو فهم ما احتوته أدعيتها من مفاهيم ومضامين ودلالات عميقة ومتنوعة.

وتعد التربية بالدعاء من أهم الوسائل في تزكية النفس، وتهذيب الروح، وتنمية الرصيد الروحي والمعنوي في شخصية الإنسان المسلم.

وللدعاء فوائد عديدة، ومنها: الدعاء صلة بين الإنسان وخالقه، ومن خلاله يناجي العبد مولاه طالباً منه العفو والصفح عن أخطائه وعثراته وذنوبه؛ والله عز وجل رحيم بعباده، فالدعاء باب من أبواب رحمة الله تعالى بعباده، وعلينا أن نطرق هذا الباب باستمرار حتى ندخل فيه.

ومن فوائد الدعاء أيضاً أن الإنسان يستطيع بالدعاء أن يحقق حاجاته في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [1] وقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾[2].

والدعاء وسيلة مهمة في التربية الروحية عند الإنسان، فالدعاء له أثر كبير في تنمية الجانب الروحي والمعنوي، خصوصاً إذا ما داوم الإنسان على قراءة الأدعية المأثورة الواردة عن أئمة أهل البيت (عليه السلام)، حيث تشتمل أدعيتهم على التذلل والخشوع والخضوع والتسليم لله تعالى.

وعلى المؤمن الابتعاد عن الموانع التي تحجب استجابة الدعاء وهي كثيرة؛ والتي منها: ارتكاب المحرمات والموبقات، وأكل المال الحرام، وعدم الإخلاص في الدعاء، والشك في فائدته... وغيرها من الموانع التي تحول دون استجابة الدعاء.

...................................
الهوامش:
[1] سورة غافر، الآية: 60.
[2] سورة البقرة، الآية: 186.

اضف تعليق