q

في ظل تفاقم الأزمات والمشكلات الامنية والسياسية والاقتصادية التي يشهدها عالمنا اليوم، تزايد المخاوف والتحذيرات من مخاطر وانتشار الأسلحة والتجارب النووية التي تشكل خطرًا يهدد بأسره كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا ان قضية الاسلحة النووية اصبحت من اهم واخطر القضايا العالمية، بسبب تعاظم التهديدات الارهابية وانشار الجمعات المتطرفة، التي تسعى الى امتلاك أسلحة نووية وبيولوجية و كيميائية قد تمكنها من تحقيق اهدافها، الامر الذي دفع بعض الاطراف والجهات الى تكثيف الجهودها من اجل الحد خطر الأسلحة النووية والتخلص منها، وهو ما عده البعض امرا مستحيلا بسبب ازدواجية المعايير التي تنتهجها القوى الكبرى، يضاف الى ذلك المنافسة القوية بين بعض الدول من اجل تطوير قدراتها واسلحتها النووية.

وبحسب بعض المصادر فان تصاعد التوتر والخلافات بين بعض الدول الكبرى يهدد بنسف جميع الجهود والمبادرات الدولية من أجل نزع الاسلحة النووية والحد منها، وقد دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون كلا من واشنطن وبكين وغيرها من الدول النووية الى انهاء "جنون" التجارب النووية من خلال المصادقة على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. وقال بان "ادعو الدول الثماني غير الموقعة على المعاهدة، ان توقع وتصادق عليها بدون اي تاخير". وقال ان "التجارب النووية تسمم الماء وتتسبب بالاصابة بمختلف أنواع السرطان وتلوث المنطقة بالاشعاعات لاجيال واجيال طويلة". واضاف "نحن هنا لنكرم الضحايا. وافضل تكريم لهم هو التحرك وحظر التجارب النووية. يجب ان يتعلم العالم من معاناتهم وينهي هذا الجنون".

وكانت الجمعية العام للامم المتحدة تبنت المعاهدة التي تحظر جميع التفجيرات النووية، في ايلول/سبتمبر 1996. ووقعتها 183 بلدا وصادقت عليها 163 بلدا من بينها روسيا وفرنسا وبريطانيا، وهي من بين تسع دول تملك او يعتقد انها تملك اسلحة نووية. الا ان تطبيق المعاهدة بشكل كامل يحتاج الى مصادقة 44 دولة "تملك تكنولوجيا نووية".

ولا تزال ثمان من تلك الدول لم تصادق على المعاهدة من بينها الدول النووية الاتية: الولايات المتحدة والصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية واسرائيل، اضافة الى ايران ومصر. ووقعت كل من الولايات المتحدة والصين ومصر وايران واسرائيل - التي لا تعترف بامتلاكها اسلحة نووية رغم الاعتقاد السائد انها تملكها - على المعاهدة الا انها لم تصادق عليها بعد.

من جانب اخر وفي الوقت الذي بدأت تتزايد فيه المخاوف من الإرهاب النووي يبدو أن حملة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للحيلولة دون استغلال المواد الذرية المعرضة للعبث على مستوى العالم قد فقدت زخمها ومن المحتمل أن تتباطأ بدرجة أكبر. وقد أثارت الهجمات الدموية الأخيرة في بروكسل القلق من أن يتجه تنظيم داعش في نهاية الأمر لاستهداف محطات نووية ويطور "قنابل قذرة" مشعة. ورغم ما حققه أوباما من تقدم بإقناع عشرات الدول للتخلص بنفسها من المواد المستخدمة في صناعة القنابل أو تقليل المخزونات وتأمينها فمازال جانب كبير من البلوتونيوم واليورانيوم المخصب عرضة للسرقة على مستوى العالم.

وقال أوباما في مقال رأي نشرته صحيفة واشنطن بوست "إن ترسانتنا النووية الهائلة التي ترجع إلى الحرب الباردة لا تلائم تهديدات اليوم. وعلى الولايات المتحدة وروسيا - اللتان تملكان معا أكثر من 90 في المئة من الأسلحة النووية في العالم - التفاوض على تقليص مخزوناتنا بدرجة أكبر."

ومن العوامل التي أدت إلى تعقيد الجهود الرامية لجعل العالم أكثر أمنا ما حققته كوريا الشمالية من تقدم في الأسلحة النووية وتحرك باكستان لصنع أسلحة نووية تكتيكية أصغر حجما وهو ما تخشى واشنطن أن يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة المضطربة. وحذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما من خطر امتلاك تنظيمات إرهابية كتنظيم داعش أو "القاعدة" للأسلحة النووية، داعيا للمزيد من التعاون الدولي لمنعهم من ذلك. ولفت إلى أن مادة نووية "بحجم تفاحة يمكن أن تتسبب بدمار قد يغير شكل العالم". وقال أوباما إن "داعش استخدم أسلحة كيميائية بينها غاز الخردل في سوريا والعراق". وأضاف "لا شك في أنه إذا تمكن هؤلاء المجانين من امتلاك قنبلة نووية أو مواد نووية، فإنهم وبشكل شبه مؤكد سيستخدمونها لقتل أكبر عدد ممكن من الأبرياء.

وقالت مبادرة التهديد النووي وهي جماعة تسعى للحد من الانتشار النووي في تقرير "كان لقمم الأمن النووي أثر إيجابي لكن الهدف الاستراتيجي المتمثل في تطوير نظام عالمي فعال للأمن النووي لم يتحقق حتى الآن." وتقول الجماعة إن مؤشرها للأمن النووي والذي يتابع سلامة المواد النووية التي تصلح للاستخدام في صنع أسلحة إن العامين الأخيرين لم يشهدا أي تحسن في عدد من التدابير من بينها الحماية الفعلية للمواقع والتأمين أثناء النقل والقدرة على استعادة ما يفقد من مواد مشعة. وقال التقرير أيضا إن المفاعلات النووية في كثير من الدول عرضة لهجمات الكترونية. وحصلت سبع دول من 24 دولة بها مواد نووية تصلح لصنع الأسلحة من بينها الصين وبلجيكا على أقل درجة ممكنة على تأمين منشآتها من الهجمات الالكترونية. ويشير آخرون لهم مآخذ على التأمين النووي إلى عدم وجود مجموعة من المعايير الدولية المتفق عليها للأمن النووي أو آلية لإحكام الرقابة على المصادر الشائعة للمواد المشعة وهي غالبا ما توجد في المستشفيات والمعامل الطبية.

وقالت وسائل إعلام بلجيكية إن اثنين من الانتحاريين الذين نفذوا هجمات بروكسل صورا سرا التحركات اليومية لرئيس برنامج الأبحاث والتطوير النووي في بلجيكا وفكرا في مهاجمة منشأة من المنشآت النووية في البلاد. والخبراء الأمريكيون يقلقهم حصول المتطرفين على مكونات للسلاح النووي بدرجة أقل مما تقلقهم سرقات المكونات التي يمكن استخدامها في صنع قنبلة قذرة بتكنولوجيا بسيطة يمكن استخدامها مع متفجرات تقليدية لنشر المواد المشعة وبث الذعر.

من جانب اخر تعهد زعماء العالم في قمة الأمن النووي بواشنطن على التزامهم بمنع وصول الأسلحة النووية إلى أيدي المتطرفين كتنظيم داعش إلا أنهم حذروا من أن التهديد "في تطور مستمر". وقال الزعماء في بيان مشترك "لا يزال هناك مزيد من العمل يتعين القيام به لمنع الجهات الفاعلة غير الحكومية من الحصول على النووي وغيره من المواد المشعة الأخرى، التي يمكن استخدامها لأغراض خبيثة".

وأضاف القادة في بيانهم "إننا نؤكد مجددا التزامنا بأهدافنا المشتركة لنزع السلاح النووي، وعدم الانتشار النووي، والاستخدام السلمي للطاقة النووية". وتابعوا "نحن نلتزم تعزيز بيئة دولية سلمية ومستقرة عن طريق الحد من خطر الإرهاب النووي وتعزيز الأمن النووي". وأوضح البيان أن "الحفاظ على التعزيزات الأمنية يتطلب يقظة دائمة على جميع المستويات، ونحن نتعهد بأن بلداننا ستواصل اعتبار الأمن النووي أولوية دائمة". بحسب فرانس برس.

وأرفق البيان بخمسة "خطط عمل" تهدف إلى تعزيز التنسيق بين الدول الأعضاء مع الهيئات العالمية كالوكالة الدولية للطاقة الذرية والإنتربول. ودعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما عشرات من زعماء العالم إلى واشنطن لحضور القمة، حيث تمت مناقشة خطط عمل لتأمين المخزون العالمي من الوقود النووية والمواد المشعة التي يمكن استخدامها في سلاح نووي أو "قنبلة قذرة".

أسلحة تقليدية ونووية

على صعيد متصل فعادة ما يسعى الرؤساء في نهاية فترات ولايتهم إلى تناول ملف الأسلحة النووية. فالرئيس بيل كلينتون حاول أن يصدق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لكن الكونجرس عرقل هذا التحرك. والرئيس رونالد ريجان تفاوض مع الاتحاد السوفيتي على معاهدة تحظر الأسلحة النووية المتوسطة المدى وكان يحلم بالاستغناء عن الأسلحة النووية كلها.

ووصل الرئيس باراك أوباما للسلطة وهو يشعر بالقلق بشأن المخاطر التي تشكلها الأسلحة النووية. وفي خطاب ألقاه في براج في أبريل نيسان 2009 تعهد أوباما "بالسعي للسلام والأمن في عالم خال من الأسلحة النووية." وتمخضت جهوده الأولية عن معاهدة أشاعت استقرارا للحد من الأسلحة مع روسيا بالإضافة إلى عدد من القمم الدولية التي حققت تقدما متواضعا في مجال تأمين المواد النووية. لكن خمدت بعد ذلك المساعي الرامية للحد من أخطر سلاح عرفه العالم. ونظرا لعدم تحقق تقدم هذا العام فإن أوباما قد يورث لمن سيخلفه سياسة نووية غامضة وغير مستقرة.

وخلال السنوات القليلة الماضية بدأت الولايات المتحدة مساعي حثيثة لتحديث ترسانتها النووية. فقد بلغت كل قطع العتاد النووي تقريبا من غواصات وطائرات وصواريخ على الأرض نهاية خدمتها أو توشك وينبغي إما رفعها من الخدمة أو استبدالها أو تجديدها. وتخطط أجهزة الجيش المرتبطة بتوجيهات الرئيس فيما يتعلق بالجانب النووي لإعادة بناء كل قطعة في الترسانة وهي جهود قد تزيد تكلفة الردع النووي إلى ما يصل إلى تريليون دولار خلال الأعوام الثلاثين المقبلة. ويقول كثيرون إن هذا الرقم يتعذر الدفاع عنه.

وبدلا من معالجة المشكلة تحافظ أحدث موازنة طرحها الرئيس في فبراير شباط على المسار ذاته إذ تضيف تمويلا جديدا يزيد عن المليار ونصف المليار دولار إلى برامج حيازة الأسلحة النووية الكبرى. وقال بريان مكيون نائب وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسة لأحد الصحفيين في الآونة الأخيرة إن وزارة الدفاع (البنتاجون) "تتساءل كيف سنتمكن من دفع تلك التكلفة الضخمة... وتشكر السماء على الأرجح لأنها لن تكون هنا لتضطر للإجابة على هذا السؤال."

لكن الكونجرس فرض قيودا على الإنفاق الدفاعي حتى في الوقت الذي يبدأ فيه البنتاجون برامج كبرى أخرى لحيازة أسلحة تقليدية تقول القوات المسلحة إنها تحتاجها. وكل دولار ينفق على الأسلحة النووية يكون على حساب دولار يمكن استثماره في قدرات عسكرية أكثر نفعا أو في الإنفاق على مجالات داخلية لها الأولوية. ولأنه من غير المرجح أن يقدم الكونجرس تمويلا كاملا فإن الترسانة النووية المقبلة للبلاد قد تتأثر بالخلافات الحزبية أكثر من تأثرها باستراتيجية حكيمة.

وفي جميع الأحوال فإن المضي قدما في خطة التحديث النووية الحالية ليس ضروريا وغير قابل للاستمرار. والرئيس وحده هو الذي يستطيع ضمان أن تكون الترسانة النووية المقبلة منطقية استراتيجيا ورشيدة ماليا. ويظل بإمكان أوباما أن يتخذ خطوات لضمان بقاء خطة براج وضمان أن يمتلك الرئيس المقبل المرونة والبيانات اللازمة لاتخاذ القرارات الصعبة المتعلقة بتقليص خطط التحديث.

فينبغي على أوباما أن يطلب من البنتاجون إجراء دراسة شاملة عن التكاليف المتوقعة لعملية التحديث النووي والتي يمكن أن تكون جاهزة كي يطلع عليها الرئيس المقبل منذ يومه الأول في السلطة. وعليه أن يغير التوجيهات التي تجبر الجيش على أن تكون ترسانته نسخة مكررة طبق الأصل من الترسانة الحالية.

وقبل أن يغادر منصبه يمكن لأوباما أن يلغي أو على الأقل يوقف البرامج التي تصل إلى مرحلة يصعب معها إلغاؤها بعد إنفاق الكثير من الأموال عليها وتوقيع الكثير من العقود بشأنها. وعلى سبيل المثال فإن البرنامج الجديد الخاص بالصواريخ الموجهة التي تطلق من الجو وسيلة أبطأ ومحفوفة بمخاطر أكبر لتهديد الأهداف التي يمكن ضربها بالصواريخ الباليستية. كما لا يتطلب الأمر استبدال صاروخ ماينيوتمان الباليستي العابر للقارات بصاروخ جديد في نفس المستوى.

وإلى جانب ذلك فإن إلغاء برنامج لتحديث 180 قنبلة نووية تكتيكية موضوعة في أوروبا قد يوفر 28.8 مليار دولار وهو مبلغ أكبر مما ينبغي إنفاقه على وسيلة ردع محدودة بهذا الشكل. وبدلا من تغيير عدد الغواصات المزودة بصواريخ باليستية من 14 غواصة إلى 12 إلى 10 ثم إلى 12 مرة أخرى كما هو مخطط ينبغي أن تأمر الإدارة القادمة بخفض أسطول الغواصات فورا إلى عشر غواصات والإبقاء على ذلك العدد. كما ينبغي لها أن تسعى وبقوة لاتفاق جديد للحد من الأسلحة مع روسيا للحد من أخطر العناصر في خططها للتحديث.

وقد تؤدي هذه الخطوة وخطوات أخرى إلى توفير ما بين 20 مليار و30 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة وعشرين المقبلة. ويمكن أن تستخدم هذه المدخرات في تمويل قدرات عسكرية أكثر إفادة. فالاستغناء عن نظام واحد فقط من هذه الأنظمة يمكن أن يغطي على سبيل المثال برنامج تعزيز الردع في أوروبا ضد روسيا إذا ما اتخذت خطوة عدائية وهو برنامج تقرر رفع حجمه في الآونة الأخيرة لأربعة أمثاله. وهذا من ناحية أخرى يمكن أن يوفر تمويلا كبيرا للتعليم أو تقليل الفقر أو الأبحاث العلمية هنا في الداخل. بحسب رويترز.

كما أن فرصة أوباما الأخيرة في الحد من دور الأسلحة النووية -وتقديمه مثالا للزعامة اللازمة للتشجيع على الأمن النووي في أنحاء العالم- ستكون أفضل فرصه على الأرجح. فبوسعه أن يضمن مواصلة السير على الدرب الطويل وصولا إلى عالم خال من السلاح النووي بدلا من الانزلاق إلى سباق تسلح جديد.

كارثة تشرنوبيل

ماذا يحدث للبيئة في غياب الإنسان؟ إنه ازدهار لعشائر ضخمة من الذئاب والأيائل وكائنات الحياة البرية الأخرى في منطقة التلوث المحظورة بعد مرور ثلاثين عاما على كارثة تشرنوبيل النووية. في 26 أبريل نيسان من عام 1986 وقع انفجار في محطة تشرنوبيل النووية جراء محاولة تجربة فاشلة -في أوكرانيا التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي آنذاك- ما أطلق سحبا من الغبار النووي المتساقط الذي نشر الإشعاعات في مساحات كبيرة من أوروبا.

وتشير الإحصاءات الرسمية الأولية إلى مقتل 31 شخصا في الكارثة النووية لكن الكثيرين توفوا جراء أمراض تتعلق بالإشعاعات مثل السرطان فيما لا تزال مسألة العدد الإجمالي للقتلى والآثار الصحية الطويلة المدى مثارا للجدل مع إصابة أعداد غير معروفة من العمال بالتسمم أثناء عمليات التطهير.

وهجر أكثر من 100 ألف شخص المنطقة بصفة نهائية وتركوا الحيوانات المتوطنة لتصبح الكائنات الحية الوحيدة في منطقة الحظر الحدودية التي تماثل في مساحتها لوكسمبورج. وفي منطقة الحظر الواقعة في روسيا البيضاء تنتشر القرى المهدمة التي توجد بها علامات التحذير من الإشعاعات النووية ذات اللونين الأصفر والأحمر في مناطق باتت مرتعا للكائنات المفترسة مثل الذئاب والطيور الجارحة.

وقالت هانا فرونسكا وزيرة البيئة في أوكرانيا عن منطقة الحظر التي تضم مساحة 2600 كيلومتر مربع من الغابات والمستنقعات والأراضي الفضاء "لا يمكن للبشر أن يعيشوا هنا. إنه أمر مستحيل خلال السنوات القادمة ولمدة 24 ألف عام". ويثور جدل مكثف عن الآثار الإشعاعية طويلة المدى على العشائر الحيوانية لأن العلماء يسعون جاهدين للوقوف على الأسباب الايجابية لابتعاد البشر عن المنطقة علاوة على الآثار السلبية للسكنى في منطقة ملوثة إشعاعيا.

وعلى الرغم من الإشعاع قالت دراسة نشرت في دورية (كارانت بيولوجي) في أكتوبر تشرين الأول الماضي إن عدد الذئاب زاد بواقع سبعة أمثال في منطقة الحظر الواقعة في أراضي روسيا البيضاء بالمقارنة بمناطق غير ملوثة أخرى. ودأبت الذئاب على الابتعاد عن منطقة الحظر لاختطاف الحملان من المزارع القريبة ما دفع أصحاب المزارع إلى نصب الكمائن لاصطيادها.

وتشير هذه الطفرة المشهودة لأعداد الحيوانات بالمنطقة -التي أعلنت جهة محظورة على البشر عقب الحادث- إلى أن التلوث بالإشعاع لا يمنع الحياة البرية من التكاثر والازدهار. ووسط منطقة محظورة واسعة في شمال أوكرانيا يجري إنشاء أضخم ساتر متحرك في العالم لمنع انتشار الإشعاعات القاتلة الناشئة عن كارثة تشرنوبيل النووية خلال المئة سنة القادمة. وتصل مساحة الساتر الجديد والمنطقة المحيطة به إلى مساحة 2600 كيلومتر مربع أي ما يقرب من مساحة لوكسمبورج ولن يقطن سكان في هذه المنطقة ولن يدخلها سوى من يصرح له بذلك.

ويجري إنشاء الساتر الخرساني المصمم على شكل قوس والذي يمكن رؤيته بسهولة من على بعد عدة كيلومترات ويزن 30 ألف طن وسيكتمل في أواخر العام الجاري ليمثل حاجزا صلبا يمنع الإشعاعات مع إتاحة الوقت للتخلص من بقايا الكارثة بأمان. وقالت فرونسكا إن السلطات تفكر في تحويل هذه المنطقة غير المأهولة إلى نطاق حيوي لحماية ودراسة العشائر الحيوانية التي تتوطن المنطقة ما سيصبح أكبر محمية في القارة الأوروبية.

وتدور أفكار أخرى تتعلق باستغلال أجزاء من المنطقة لطمر النفايات النووية أو إقامة مناطق لاستغلال الطاقة الشمسية. وقالت جماعة السلام الأخضر (جرينبيس) المدافعة عن البيئة إن الأزمات الاقتصادية التي تعصف بروسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء أدت إما إلى توقف إجراء اختبارات بالمناطق الملوثة بالإشعاعات وإما إلى تراجعها فيما واصل بعض أهالي تلك المناطق المأكل والمشرب على أغذية بها مستويات خطيرة من الإشعاع. بحسب رويترز.

وتشير اختبارات علمية أجريت لحساب جرينبيس إلى أن التلوث تراجع نوعا ما بالنسبة إلى نظائر مثل السيزيوم-137 والاسترنشيوم-90 لكنه لا يزال باقيا لاسيما في مناطق مثل الغابات. وتكابد أوكرانيا ضائقة اقتصادية تضاعفت بسبب تمرد مؤيد لروسيا في المناطق الشرقية من البلاد فيما تواجه روسيا وروسيا البيضاء أزمات مالية. ومثلما حدث في تشرنوبيل فإن الغابات المحيطة بموقع الحادث تراكم بها التلوث الإشعاعي الذي لم يتم التخلص منه. يؤدي التعرض للإشعاع لفترات طويلة إلى الإصابة بأمراض خطيرة فيما قال أطباء بالمناطق الأشد تضررا من كارثة تشرنوبيل إنهم رصدوا ارتفاعا حادا في معدلات أنواع معينة من السرطان.

اضف تعليق