q

منذ العام 2003 والعراق يدخل في ازمة ويخرج من اخرى ولعل اغلبها تكون بشكل مفتعل، استمرار التظاهرات وتوصلها لاعتصامات مفتوحة وانهائها باقتحام البرلمان وكسر الهالة التي كانت مرسومة حول المنطقة الخضراء، ادت الى زيادة حالة التشضي بين مختلف الاطراف وتناحر كبير بين الجبهات السياسية، بل وصل التناحر الى الاوساط الشعبية بمختلف انتمائاتهم السياسية والدينية والمذهبية.

مطالب المتظاهرين والمعتصمين من المواطنين والنواب تلخصت في تغيير الكابينة الوزارية وقد تصل الى اقالة الرئاسات الثلاث، بيد ان هذه المطالبات ليست بالاصلاحات الجوهرية التي تخرج بالبلاد الى بر الامان بحسب المختصين الذين يرون اهم شئ في الاصلاحات تعديل الدستور وتعديل قانون الانتخابات الذي يمكن القائمة من ادخال اي عضو فيها الى البرلمان دون حصوله على اصوات تؤهله لذلك.

ولعل قيادة التظاهرات والاعتصامات من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وانتماء المتظاهرين والمعتصمين للتيار يقلل من مشاركة جميع مكونات واطياف الشعب العراقي، تفاعلا مع مطالبهم او انقيادا خلف حواراتهم، مع علمنا بان السيد الصدر وبعد سحبه المتظاهرين من مبنى البرلمان العراقي خرج بمؤتمر صحفي اعلن فيه اعتكافه السياسة مدة شهرين، وهو ما يترك تساؤلا الى اين ستذهب هذه الانتفاضة الاصلاحية خلال هذين الشهرين ومن سيقودها، واذا كان الجواب ان الانتفاضة شعبية والجماهير هي من ستقودها، فهذا الخطأ بعينه فالجميع يعلم ان الانتفاضة صدرية وان دخلت فيها بعض الاطراف والدليل حمل المتظاهرين النائب عن التيار الصدري حاكم الزاملي على الاكتفاف بينما انهالوا بالضرب على النائب من كتلة الفضيلة عمار طعمة وكذلك النائب ارام الشيخ محمد عن التحالف الكردستاني.

شعارات هذه التظاهرات وجدت صدى ايجابيا لدى المواطنين العراقيين، اعتماد الكفاية في توزيع الحقائب الوزارية، فضلا عن رفض الطائفية، وبهذه الحالة هل يقبل المتظاهرون ان يكون رئيس الوزارء كفوءا سنيا مع علمنا بان الدستور يفرض ان يكون رئيس الوزراء شيعيا وكذلك الحال لرئاسة البرلمان والجمهورية، الاصلاحات المطالب بها لا ترتقي لان تخرج البلد من دوامة الازمات خصوصا وان ابناءه يواجهون حربا شرسة ويقاتلون عن العالم تنظيم داعش الارهابي، وهذه الاحتجاجات اكدت الانقسامات بين الساسة الشيعة انفسهم، فهناك تضارب بين التيار الصدري وحزب الدعوة، وعدم تفاهم بين المجلس الاسلامي الاعلى والتيار الصدري، وتناحر بين المجلس الاسلامي الاعلى وحزب الدعوة.

اجتماع الرئاسات الثلاث وقيادات الكتل السياسية بعد دخول المحتجين للبرلمان واعتصامهم داخل المنطقة الخضراء، كان ينتظر منه المحتجون والعراقيون حلحلة الازمة، الا ان مخرجات الاجتماع جاءت متماشية مع الفساد المستشري في مؤسسات الدولة وكانهم اقسموا ان ينهوا البلد اقتصاديا وامنيا وخدميا، فقد اكد اجتماعهم على ادانة اقتحام مجلس النواب والاعتداء على عدد من أعضاء المجلس، وان حصل هو تجاوز خطير على هيبة الدولة، وخرق فاضح للاطار الدستوري يستدعي مقاضاة المعتدين امام العدالة، في وقت لم يدينوا سقوط الموصل ولم يقدموا للعدالة لحد الان المتورطين في سقوط ثلاث محافظات بيد تنظيم داعش الارهابي، لم يجتمعوا ليخرجوا بأدانة قوية لتدخل اغلب دول المنطقة في الشأن الداخلي العراقي فكل منهم يمثل دولة وهي داعمة له، لم يدينوا سقوط مئات الشهداء، لم ولن يدينوا فهم لا يمثلون العراقيين بمقدار ما يمثلون ايران والسعودية وقطر وتركيا وبريطانيا وامريكا وغيرهم من الدول المستفيدة من تأزم اوضاع المنطقة.

ومن كل هذا نستنتج ان تظاهرات العراقيين خالية من المطالب الجوهرية التي تنقذ البلاد وتستعيد عافية العراق وامنه، وسياسيون لا يسمعون ولا يعرفون الا لغة الفساد ونهب المال العام وعدم الانصياع لمطالب شعبهم، وهم باقون في مناصبهم حتى تعديل الدستور وقانون الانتخابات، كما انه اذا لم يكتب لهذه الاحتجاجات بعض من النجاح، فان البديل قاس على العراقيين والامر ذاهب الى جنوب ووسط شيعي، وشمال كردي، وغرب سني، ان لم تحصل انقسامات داخل كل مكون وحدوث تصارعات فيما بينها، والقادم الله اعلم به.

اضف تعليق