q

تواصل حكومة الاحتلال الإسرائيلي تحديها للقانون الدولي، من خلال استمرارها بتطبيق سياستها العنصرية والاجرامية ضد ابناء الشعب الفلسطيني، ويرى بعض المراقبين ان قوات الاحتلال قد سعت في الفترة الاخيرة الى تكثيف عملياتها العدائية والاستفزازية في الاراضي المحتلة، واكدت العديد من التقارير ان هذه القوات ماتزال تواصل استخدام القوة المفرطة وعمليات التهجير القسري وجرائم هدم المنازل والاعتقال والتنكيل بالمواطنين وإعدامهم ميدانياً، وشهدت الأراضي المحتلة في الفترة الاخيرة تصعيد اجرامي خطير من قبل قوات الأمن الإسرائيلية، التي سعت الى الاستفادة من جملة التطورات والمتغيرات السياسية والامنية في المنطقة.

وفيما يخص بعض التطورات في الاراضي المحتلة فقد قتلت الشرطة الإسرائيلية فلسطينية وأخاها وقالت إنهما كانا مسلحين بسكاكين وحاولا تنفيذ هجوم عند حاجز قلنديا بالضفة الغربية المحتلة. وخلال الستة أشهر الأخيرة قتل فلسطينيون 28 إسرائيليا واثنين من الأمريكيين في حين قتلت القوات الإسرائيلية 193 فلسطينيا على الأقل منهم 130 تقول إسرائيل إنهم مهاجمون. وقتل كثير من الباقين في اشتباكات واحتجاجات. وقالت الشرطة إن الفلسطينية كانت تحمل سكينا وكانت تسير هي وشاب بسرعة باتجاه قوات الشرطة وأفراد الأمن في حارة مخصصة للسيارات فقط عند حاجز قلنديا خارج القدس. وأضافت في بيان "طالبتهما الشرطة عدة مرات بالتوقف. وعندما واصلا التحرك... قام الجنود بتحييد الإرهابيين."

وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل الاثنين وقالت إن المرأة تدعى مرام أبو إسماعيل وعمرها 23 عاما والشاب هو أخوها إبراهيم طه وعمره 16 عاما. ونشرت الشرطة صورة لثلاث سكاكين على الأرض قالت إنها كانت بحوزتهما. وقال علاء صبح وهو سائق حافلات فلسطيني شاهد الحادث إن الاثنين كانا يجهلان فيما يبدو إجراءات العبور ولم يمهلهما الأمن الإسرائيلي. وأضاف "بمجرد أن عبرا بدأ (الجنود الإسرائيليون) يصيحون: ارجعا ارجعا. ثم بدأوا في إطلاق النار. تلقت الفتاة الرصاصات الأولى... وحاول الفتى الرجوع لكنهم أطلقوا عليه سبع رصاصات."

هدم المنازل

في السياق ذاته اقدمت قوات الجيش الاسرائيلي في نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة على هدم منزل عائلة شاب فلسطيني متهم بالمشاركة في قتل مستوطن وزوجته في تشرين الاول/اكتوبر الماضي، بحسب ما اعلنت قوات الامن الاسرائيلية والفلسطينية. وتشهد الاراضي الفلسطينية واسرائيل اعمال عنف منذ الاول من تشرين الاول/اكتوبر. وفي ذلك اليوم، قتل الزوجان المستوطنان ايتام ونعمة هينكين بالرصاص عندما كانا في سيارتهما امام اطفالهما الاربعة قرب بيت فوريك، قرب نابلس.

وبعد اقل من اسبوع على الهجوم، اعلنت اسرائيل اعتقال خمسة اعضاء من خلية قالت انها تابعة لحركة حماس الاسلامية واتهمتهم بتنفيذ العملية. وبين المعتقلين زيد زياد عامر وهو في العشرينات من عمره. وقال والده زياد "اقتحموا المنزل قرابة الساعة السادسة والنصف صباحا، وبدأوا بتكسير محتوياته. هدموا الواجهات الداخلية وشمعوها". واضاف "قمنا بتقديم اعتراض (ضد هدم المنزل)، ورفضوه منذ 15 يوما، كنا نتوقع قدومهم".

وهدم الجيش الجدران الداخلية للمنزل لجعله غير صالح للسكن، دون اللجوء الى تفجيره مثلما يفعل الجنود في العادة من اجل عدم الحاق الضرر بالمبنى السكني باكمله. من جهتها، اكدت متحدثة باسم الجيش الاسرائيلي ان عامر "كان عضوا في خلية ارهابية مرتبطة بحركة حماس قامت بالتخطيط وتنفيذ الهجوم الارهابي في الاول من تشرين الاول/اكتوبر الماضي وقتل ايتام ونعمة هينكين". وتابعت "قبل تنفيذ الهجوم... قام (زيد عامر) باستطلاع طريق (الخلية).. وعندما اكد ان الطريق خالية، قام اعضاء الخلية بتحديد ضحاياهم وبدأوا باطلاق النار". بحسب فرانس برس.

وفي مواجهة اعمال العنف الحالية، قرر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو تسريع عمليات هدم منازل منفذي الهجمات. ويعتبر معارضو هذا الاجراء بانه عقاب جماعي يلحق ضررا بالعائلات التي تصبح بلا مأوى. وكانت قوات الجيش الاسرائيلي فجرت في 3 من كانون الاول/ديسمبر الماضي منزل رجب عليوه، وهو شاب فلسطيني اتهمته بالتخطيط لهذه العملية.

انفجار القدس

من جهة اخرى تحقق السلطات الاسرائيلية في انفجار عبوة ناسفة داخل حافلة في القدس اسفرت عن 21 جريحا على الاقل كما ادت الى اندلاع حريق كبير، في هجوم يعيد الى الاذهان التفجيرات الانتحارية خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وتحدثت الصحافة الاسرائيلية عن "عودة" التفجيرات في الحافلات، تذكيرا بالعمليات الانتحارية في الانتفاضة الثانية التي بثت الرعب في اسرائيل بين العامين 2000 و2005.

لكن المعلق بن كاسبيت في صحيفة معاريف اعتبر انه "من المبكر جدا اثارة الذعر"، مشيرا الى وقوع هجومين مماثلين عامي 2011 و 2013. واكد كاسبيت "نأمل ان يكون هذا حادثا معزولا، مبادرة محلية وخلية يتيمة سيتم القبض عليها". واعتبر ان "البنى التحتية اللازمة لاغراق المدن الاسرائيلية بالدم والنار والدخان مرة اخرى، كما كان الحال عليه خلال تلك السنوات الرهيبة،غير موجودة حاليا في الاراضي الفلسطينية".

ومن جهته، قال آفي ديختر، الرئيس السابق لجهاز الامن الداخلي (الشين بيت) للاذاعة العامة " كل هذا يذكر بهجمات سنوات الالفين لكن في ذات الوقت فان العبوة الناسفة كانت اضعف بكثير من تلك التي عرفناها" في فترة الانتفاضة. ووقع انفجار عصرا في حافلة كانت تسير في جوار حافلات اخرى قرب الخط الذي يفصل الشطر الغربي الاسرائيلي من المدينة عن شطرها الشرقي المحتل وذي الغالبية الفلسطينية. وقالت اجهزة الاسعاف ان اثنين من المصابين ال21 في حالة خطيرة، علما بان غالبية الجرحى اصيبوا بحروق.

وطوال ساعات، لم يتضح للشرطة الاسرائيلية سبب الانفجار علما بان اسرائيل والاراضي الفلسطينية المحتلة والقدس تشهد هجمات على اسرائيليين منذ اشهر. ولم يتم الاعلان عن اي معلومات بعد ذلك، واصدرت محكمة اسرائيلية امر منع نشر تفاصيل الانفجار. وتشير التكهنات الى امكانية ان يكون تم التعرف على احد المصابين الذي قد يكون منفذ الهجوم، بحسب الشرطة. واعاد مشهد الحافلات المحترقة وسيارات الاسعاف التي تنقل الجرحى الى اذهان الاسرائيليين والفلسطينيين على السواء مشاهد الهجمات الانتحارية ابان الانتفاضة الثانية.

وفي مؤشر اضافي على الاوضاع المتوترة، وصلت اصداء هجوم الى الامم المتحدة وتسبب بمواجهة كلامية بين مندوبي فلسطين واسرائيل خلال جلسة لمجلس الامن الدولي. وطالب السفير الاسرائيلي داني دانون بان يندد سفير فلسطين رياض منصور بالهجمات على المدنيين الاسرائيليين مخاطبا اياه "عار عليكم انتم الذين تمجدون الارهاب". فرد عليه منصور "انتم من عليكم ان تشعروا بالعار لقتلكم اطفالا فلسطينيين".

وتعهد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو من القدس "العثور على من اعد هذه العبوة الناسفة"، وقال "سنصفي حساباتنا مع هؤلاء الارهابيين". وآخر هجوم فلسطيني مماثل في القدس يعود الى 2011 واسفر عن مقتل سائحة بريطانية. وفي 2013، انفجرت قنبلة داخل حافلة فارغة في تل ابيب وتحدثت السلطات يومها عن هجوم "ارهابي". وادانت فرنسا والمانيا والولايات المتحدة التفجير، بينما اكد وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان الادارة الاميركية الحالية ستظل تسعى حتى اللحظة الاخيرة من اجل حل للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني. بحسب فرانس برس.

ولم تتبن اي جهة الاعتداء. لكن حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة رحبت به واعتبر الناطق باسمها سامي أبو زهري ان "عملية القدس رد فعل طبيعي على الجرائم الإسرائيلية وخاصة الإعدامات الميدانية وتدنيس المسجد الأقصى". من جانبه، حذر ايتمار ياعر، وهو نائب سابق في مجلس الامن القومي الاسرائيلي ان اعاقة حرية الحركة في الاراضي الفلسطينية المحتلة لن يكون فعالا. وقال ياعر "في مثل هذه الحالات، من الافضل جمع المعلومات ومحاولة التوصل الى اولئك الذين قاموا بالتخطيط للهجوم".

اجازة لقاتل

على صعيد متصل حصل جندي اسرائيلي وجهت اليه تهمة القتل غير العمد لاجهازه على مهاجم فلسطيني جريح على ماذونية من يومين للاحتفال بعيد الفصح اليهودي مع عائلته، على ما اعلن الجيش. واعلن الجيش في بيان ان الجندي ايلور عزريا المحتجز في قاعدته "اطلق سراحه كي يعود الى منزله بمناسبة عيد الفصح اليهودي. واستقبل الجندي البالغ 19 عاما ويحمل الجنسية الفرنسية بوصفه "بطلا" اذ حمله افراد عائلته وعدد من سكان مدينة الرملة، مسقط راسه الى جنوب تل ابيب، على الاكتاف، بحسب شهود.

وتثير قضية الجندي انقساما عميقا بين الاسرائيليين. ففيما يطالب قسم باحترام الجيش معايير اخلاقية محددة كاستخدام العنف بشكل متناسب، يدافع القسم الاخر عن الجيش متحدثا عن تكثيف الهجمات الفلسطينية. واثبت تشريح جثة عبد الفتاح الشريف (21 عاما) مقتله نتيجة رصاصة في الراس. وانتشر على شبكات التواصل تسجيل فيديو للحادث يوم وقوعه، بدا فيه ان الفلسطيني لم يعد يشكل اي خطر على الجنود والمسعفين حوله. بحسب فرانس برس.

ووجهت محكمة عسكرية تهمة القتل غير العمد الى عزريا لاقدامه في 24 اذار/مارس على اطلاق رصاصة على رأس المهاجم الفلسطيني من دون ان يكون لفعلته "اي مبرر عملاني اذ كان الارهابي مصابا على الارض ولا يشكل اي خطر". وبحسب اللائحة الاتهامية فان ما اقدم عليه عزريا "ادى بصورة غير قانونية الى مقتل الارهابي عبد الفتاح الشريف". وبموجب القانون الاسرائيلي فان القتل غير العمد يعني القتل بنية لكن من دون سبق اصرار وترصد. وانتقد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع موشيه يعالون فعلة الجندي فيما دعا مسؤولو اليمين المتطرف الى الافراج عنه.

وتظاهر آلاف الاسرائيليين في تل أبيب تضامنا مع الجندي ايلور عزريا واثارت التظاهرة جدلا في اسرائيل حيث دان العديد من المسؤولين ما اقدم عليه الجندي الشاب، في حين دعا بالمقابل سياسيون من اليمين المتطرف الى اطلاق سراحه. ورفع المتظاهرون الاعلام الاسرائيلية واطلقوا هتافات تضامنية مع الجندي.

وقالت نافا بويكر النائبة عن حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو اثناء مشاركتها في التظاهرة ان الجندي عزريا اصبح "كبش فداء". وندد المدافعون عن حقوق الانسان بما اعتبروه "اعداما ميدانيا"، بينما وصف الفلسطينيون ما حصل بانه "جريمة حرب". بالمقابل ندد مسؤولون من اليمين المتطرف وعائلة الجندي بطريقة التعامل مع عزريا، مؤكدين انه لن يحظى بمحاكمة عادلة.

تبرئة كولونيل

الى جانب ذلك أعلن الجيش الإسرائيلي أنه لن يوجه اتهاما إلى ضابط كبير قتل فتى فلسطينيا كان ألقى حجارة على آليته العسكرية في الضفة الغربية المحتلة في صيف عام 2015. واعتبر المدعي العام العسكري في بيان صادر عن الجيش أن الكولونيل إسرائيل شومير لم يتعمد قتل محمد الكسبة (17 عاما) في الثالث من تموز/يوليو بالقرب من حاجز قلنديا في جنوب رام الله في الضفة الغربية المحتلة.

وبحسب البيان، خلص المدعي العام العسكري "إلى أن إطلاق النار على الجاني لم يكن جنائيا والحادث لا يبرر اتخاذ إجراءات قانونية ضد الضابط"، مشيرا إلى إغلاق التحقيق. وأوضح البيان أن الفتى ألقى حجرا على زجاج المركبة العسكرية التي كان شومير يقودها، فخرج هذا الأخير "من المركبة وأطلق النار في الهواء وعلى الأطراف السفلية للمهاجم". وكان الجيش أعلن فور حصول الحادث أن شومير وجنديا آخر قاما بفتح النيران عندما تم تخريب سيارتهما و"ردا على خطر وشيك". بحسب فرانس برس.

ووزعت منظمة "بيتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية شريط فيديو يستند إلى لقطات من كاميرا المراقبة الموجودة في محطة وقود قريبة، قالت انه يدحض إدعاءات الجيش. ويظهر في الشريط شخص يركض باتجاه مركبة عسكرية ثم يقوم بالقاء الحجارة عليها. وبعدها تتوقف السيارة ويخرج منها رجلان ويركضان خارج كادر الصورة ليلحقا بالشاب الذي ألقى الحجارة. وانتقدت المنظمة في بيان قرار الجيش، واصفة إياه بأنه "جزء لا يتجزأ من آلية التستر المتجسدة في منظومة التحقيقات العسكرية". وبحسب المنظمة، فإن "الإقرار بأن إطلاق النار كان قانونيا لأن الضابط أدعى أنه وجه سلاحه باتجاه الساقين لكنه لم يكن دقيقا في إطلاق النار، يعكس قبل كل شيء استعداد منظومة التحقيقات لتجاهل تعليمات إطلاق النار والقانون، كل ذلك في سبيل إعفاء عناصر قوات الأمن من المسؤولية عن عمليات القتل غير القانونية للفلسطينيين".

السلطة الفلسطينية

في السياق ذاته اعلن مصدر امني فلسطيني ان الاجهزة الامنية الفلسطينية اعتقلت في الضفة الغربية المحتلة ثلاثة شبان يشتبه بانهم كانوا يخططون لمهاجمة اهداف اسرائيلية. وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان "الشبان الثلاثة معتقلون لدينا ووجدنا معهم اسلحة ومواد قتالية". ولم يوضح المصدر طبيعة هذه المواد، غير انه اكد ان "المؤشرات الاولية تدل على انهم كانوا بصدد تنفيذ هجمات ضد اهداف اسرائيلية".

وبحسب وسائل الاعلام الفلسطينية فان الشبان هم باسل محمود الأعرج (33 عاماً) من قرية الولجة قرب بيت لحم، ومحمد عبد الله حرب (23 عاما) من جنين، وهيثم السياج (19 عاما) من الخليل. وكان عبد الله حرب، والد احد الشبان، اكد لوسائل الاعلام الفلسطينية بعد الاعلان عن اختفاء الشبان انه تم العثور على هواتف الشبان النقالة وبطاقاتهم الشخصية في مستوعب للنفايات. والاعرج ناشط سياسي معروف في مدينة رام الله وسبق ان اعتقل عدة مرات. بحسب فرانس برس.

واوقف الشبان الثلاثة في منطقة نائية شمال مدينة رام الله. ومن جانبها، دانت حركة حماس اعتقال السلطة للشبان الثلاثة، مشيرة الى اعتقال شاب رابع على علاقة بالقضية. وقال المتحدث باسم حماس سامي ابو زهري في تصريح صحافي على موقع الحركة الرسمي ان المعلومات "حول دور أجهزة أمن السلطة في التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي لاعتقال المقاومين الأربعة الذين أعلن عن اعتقالهم بالأمس خطيرة جداً". واضاف " هذه المعلومات تعكس ارتفاع وتيرة التعاون الأمني بين هذه السلطة والاحتلال لإجهاض الانتفاضة واستهداف المقاومة الفلسطينية". ويدور جدل فلسطيني داخلي حول مسألة التنسيق الامني بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، في وقت تهدد السلطة الفلسطينية بين الحين والاخر بوقف هذا التنسيق في حال استمرت حالة الجمود السياسي بين الطرفين.

اضف تعليق