q

يواجه العالم اليوم تحدّياً بيئيّاً حاسماً، فالموارد الغذائية مهدّدة بالاستنزاف والهدر، حيث إن ربع كل غذاء العالم يُهدَر كل عام، وذلك بسبب عدم كفاءة الحصاد، ونقص مرافق التخزين، والهدر في المطبخ. وإذا خفضنا هذا القدر من الإهدار إلى النصف، فسوف يتمكن العالم من إطعام مليار شخص إضافي ــ وجعل مشكلة الجوع أثر من الماضي.

فأوروبا مثلا تهدر ملايين الأطنان من الطعام وبريطانيا الأسوأ، وقدر الهدر الغائي فيها بنحو 22 مليون طن من الطعام كل عام وإن بريطانيا هي الأسوأ على الإطلاق، على عكس بريطانيا بدأت فرنسا حملة على إهدار الطعام بوضع تشريع جديد يحظر على المتاجر الكبرى التخلص من الطعام غير المباع ويعاقب المخالفين بغرامات كبيرة وقد يصل الأمر إلى السجن، لكن اسبانيا التي اندلعت في شوارعها دورة جديدة من "حرب الطماطم" بحضور 22 ألف شخص بينهم سياح، تسهم بشكل كبير في هدر الغذاء، حيث أفرغت سبع شاحنات حمولة 170 طنا من الطماطم أو البندورة تراشق بها المشاركين، ويعود هذا التقليد إلى 1945.

فقد أصبح فاقد الطعام موضوعا ساخنا في الغرب بسبب تداعياته البيئية والانساني، حيث ان ما يصل الى نصف الطعام الذي يتم انتاجه في أنحاء العالم يهدر بسبب سوء عمليات الحصاد ووسائل التخزين والنقل اضافة الى السلوكيات غير المسؤولة من جانب تجار التجزئة والمستهلكين.

فيما قدرت منظمة الأغذية والزراعة الفاو حجم الفاقد من الغذاء للفرد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنحو 250 كيلوجراماً سنوياً، وهو متوسط أعلى من المعدل العالمي، ولتعرف على أسباب الهدر قال الهادي كازوز المستشار الإقليمي للصناعات الزراعية والبنية التحتية للشرق الأدنى وشمال أفريقيا لمنظمة الفاو، إن أحد أسباب هدر الغذاء يعود إلى عادات مثل الكرم الزائد عند إقامة الولائم، والمبالغة في صنع الطعام خلال الأعياد مما ينتهي الكثير منه في القمام، وأوضح كازوز بعض النقاط في خطة وضعتها الفاو لاحتواء هذه المشكلة أهمها إعداد بيانات والتوعية الاجتماعية، وإعداد خبرات ملمّة بكيفية الحفاظ على المنتجات الغذائية.

وأشار إلى "أن الاهتمام بالكميات الغذائية المنتجة والمستوردة ستساعد في الاستغناء عن الأراضي المستصلحة، وتقليل هدر المياه المستخدمة لاستصلاحها، علاوةً على خفض نسبة استيراد المنتجات الغذائية.

وحسب بيانات الفاو، فإن إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا يستورد نحو 36 مليون طن من القمح سنوياً، يهدر منها نحو 16 مليون طن، وهي كمية تكفي حسب المنظمة الغذائية لإطعام ما بين 70 و100 مليون نسمة.

هذا في وقت يعاني الإقليم من شح المياه، حيث يبلغ نصيب الفرد من موارد المياه 609 أمتار مكعبة سنوياً، مقابل 6400 متر مكعب على المستوى العالمي. وتعتبر السودان واليمن والأردن وفلسطين من أكثر الدول العربية التي تعاني من نقص الغذاء وندرة المياه.

في حث الباحثون على ضرورة توعية المواطنين بقواعد التسوق بحرص ووضع خطة لاستهلاكهم يمكن أن تخفض كمية الطعام المهدرة وتخفض تكاليف المشتريات الغذائية وتحد من تأثير هذا الإهدار على البيئة.

ولتقليص فقد الأغذية وهدرها يقترح المعنيون بشؤون التنمية الغائية الاعتماد على أربع ركائز:

* زيادة التوعية بشأن آثار فقد الأغذية وهدرها والحلول اللازمة لمعالجتهما.

* التنسيق والتعاون بين المبادرات القائمة في أرجاء العالم المختلفة بشأن فقد الأغذية وهدرها.

* تطوير السياسات والإستراتيجيات والبرامج اللازمة لمعالجة مشكلة فقد الأغذية وهدرها.

* مساندة البرامج والمشروعات الإستثمارية التي يجري تنفيذها من جانب القطاع الخاص والقطاع العام.

أوروبا تهدر ملايين الأطنان من الطعام وبريطانيا الأسوأ

قال باحثون تدعمهم المفوضية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي يهدر نحو 22 مليون طن من الطعام كل عام وإن بريطانيا هي الأسوأ على الإطلاق، ونشرت الدراسة في دورية إنفايرمنتال ريسيرش ليترز المعنية بشؤون البيئة ودرست بيانات ست دول لتحليل الموارد المهدرة في الاتحاد الأوروبي من خلال سوء استخدام المستهلكين للطعام، وخلصت الدراسة إلى أن نحو 80 في المئة من الطعام المهدر "يمكن تفاديه" وأن بريطانيا هي أكبر المخالفين وأنها تهدر ما يعادل علبة بقول لكل شخص يوميا. حتى رومانيا التي يقل فيها إهدار الطعام إلى أدنى مستوى فهي تهدر ما يعادل تفاحة في اليوم. بحسب رويترز.

وقالت الدراسة إن هذا يصل في المتوسط بالنسبة لكل مواطني الاتحاد الأوروبي إلى 22 مليون طن من الطعام المهدر كل عام، وقال دافي فانهام من مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية الذي أشرف على الدراسة "الشيء الجيد هو أن هذا الهدر يمكن تفاديه وأننا يمكن أن نفعل شيئا بشأنه"، واستندت الدراسة إلى بيانات من بريطانيا وهولندا والدنمرك وفنلندا وألمانيا ورومانيا.

عقوبات على إهدار الطعام تصل إلى حد السجن

بدأت فرنسا حملة على إهدار الطعام بوضع تشريع جديد يحظر على المتاجر الكبرى التخلص من الطعام غير المباع ويعاقب المخالفين بغرامات كبيرة وقد يصل الأمر إلى السجن، ووفقا للتشريع الذي أقر في إطار قانون أشمل بشأن الطاقة والبيئة يتعين على المتاجر التي تزيد مساحتها على 400 متر مربع توقيع عقود بحلول يوليو تموز 2016 للتبرع بالطعام غير المباع والصالح للاستهلاك إلى المؤسسات الخيرية أو لاستخدامه في إطعام الحيوانات أو كسماد زراعي، وتصل عقوبة مخالفة التشريع الجديد الى السجن لمدة عامين وغرامة مالية 75 ألف يورو. بحسب رويترز.

وقال الاتحاد الفرنسي للتجارة والتوزيع (اف.سي.دي) إن من الخطأ استهداف المتاجر الكبرى فقط والتي يقول الاتحاد إنها تساهم فقط بأقل من خمسة بالمئة من اجمالي الطعام المهدر، وتقول وزارة البيئة الفرنسية إن كل مواطن فرنسي يتخلص من 20 كيلوجراما من الطعام سنويا وهو ما تتراوح إجمالي تكلفته بين 12 و20 مليار يورو (13.4 و22.4 مليار دولار)، وما زال القانون الأشمل في حاجة إلى تصويت مجلس النواب عليه في 26 مايو ايار قبل أن يعرض على مجلس الشيوخ.

حرب الطماطم في اسبانيا

احتفل الإسبان بتقليد "حرب الطماطم" الذي يعود إلى سبعين عاما في مدينة بونيول جنوب شرق البلاد بحضور 22 ألفا من السكان والسياح، وفي هذه المدينة الصغيرة ذات التسعة آلاف نسمة والواقعة على أربعين كيلومترا من فالنسيا، شارك آلاف الأشخاص من دول عدة، من بريطانيا واليابان والهند والكويت ولبنان وأستراليا، في أكبر حرب طماطم في العالم، وهي عبارة عن تقليد نظم للمرة الأولى في العام 1945 يقوم على الشجار برشق الطماطم. بحسب فرانس برس.

وعند الحادية عشرة صباحا، أفرغت سبع شاحنات حمولة 170 طنا من الطماطم بين المشاركين الذين بدأوا بعد ذلك بالتراشق بها، ورأى رئيس بلدية المدينة رافايل بيريس في حديث إذاعي أن النجاح "الفريد" لهذا الاحتفال سببه أنه يتيح لكل شخص إمكانية إفراغ ما بداخله من مكبوتات، وقال "هناك بلاد يصعب على سكانها فيها التعبير تماما، فاليابانيون مثلا يعيشون في بلدهم بشكل منظم جدا، فحين يصلون إلى هنا يتغير كل شيء"، وكان هذا الاحتفال محظورا في حقبة الحكم الاستبدادي لفرانكو، وقررت سلطات المدينة هذا العام أن يقتصر عدد المشاركين على 22 ألفا، بعدما جذب هذا التقليد 45 ألفا في العام 2012.

وللعام الثاني على التوالي، فرضت السلطات المحلية مساهمة مالية للمشاركة في حرب الطماطم، إذ باعت 17 ألف بطاقة مشاركة مقابل عشرة يوروهات للبطاقة الواحدة، وخصصت خمسة آلاف بطاقة مجانية لسكان المدينة، ومن شأن هذه العائدات أن تساعد صندوق البلدية الذي يرزح تحت الديون على غرار صناديق بلديات الكثير من المدن الإسبانية منذ العام 2008، وأكد المنظمون أن جزءا من العائدات يذهب لتمويل أعمال خيرية.

حجم الفاقد من الغذاء في الشرق الأوسط الأعلى عالمياً

قدرت منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» حجم الفاقد من الغذاء للفرد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنحو 250 كيلوجراماً سنوياً، وهو متوسط أعلى من المعدل العالمي، رغم أن المنطقة تعاني عجزاً كبيراً في الغذاء، وتستورد 50% من إجمالي احتياجاتها الغذائية، وأرجعت الفاو هدر الأغذية في المنطقة إلى النظم الزراعية الفقيرة، وقصور البنية التحتية والممارسات التي تحدث أثناء المراحل المختلفة لسلسلة الإمداد الغذائي، ومنها ممارسات التداول، والنقل، وتقنيات التجفيف، والتخزين، لا سيما التخزين البارد، والتلوث والإصابة بالكائنات الحية الدقيقة والقوارض والآفات الأخرى.

وقالت كريستينا سكاربوتشي، الخبيرة الفنية في «الفاو» إن الفاقد والمهدر من الغذاء يساهم في تقليل توافر الغذاء وتفاقم ندرة المياه وزيادة الواردات الغذائية، لذا التزمت الحكومات العمل على تخفيض الفاقد والمهدر من الغذاء بنسبة 50% على مدار السنوات العشر القادمة في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا حتى العام 2024، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً لتحقيق الأمن الغذائي في المنطقة.

وأفادت أن إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا يستورد حوالي 39 مليون طن من القمح سنوياً، ومع ذلك يهدر أكثر من 16 مليون طن سنوياً من القمح، بما يعادل أكثر من 6 مليارات دولار، وهو ما يكفي لإطعام من 70 إلى 100 مليون شخص.

وعقدت «الفاو» بالتعاون مع وزارة الزراعة والاستصلاح الزراعي المصرية مؤخراً ندوة عن هدر الغذاء في إطار برنامج التعاون الحكومي وبرنامج التمويل الإيطالي الإقليمي، وقالت خبيرة الفاو إن الجهود المبذولة تهدف إلى تقليل فقدان وإهدار الغذاء في جميع عمليات الإنتاج الغذائي المعروفة مع التركيز على مرحلة ما بعد الحصاد، ومرحلة التجهيز التجاري، والعمل على تنظيم سلاسل التغذية، مع العمل على تقليل معدلات التلوث بحيث تكون هذه الآليات أكثر شمولاً وقبولاً من أصحاب الحيازات الصغيرة، وأكثر قدرة على تحقيق القيمة المضافة، إلى جانب توفير المزيد من فرص العمل.

اضف تعليق