q

لم تظهر الجهات الثقافية والمؤسسة الثقافية التابعة لوزارة الثقافة في العراق ما يكفي من الاهتمام بالبتية الداعمة للنشاطات الثقافية، وخاصة البنايات والمسارح وقاعات العرض وصالات الانشطة المتنوعة للفنون وسواها، الامر الذى حدا بكثير من المبدعين الفنانين والمثقفين ان يبادروا بعمل طوعي يهدف الى اعادة تأهيل عدد من هذه البنيات والمنشآت.

فقد تمت اعادة افتتاح مسرح الرشيد في بغداد وهو يعد من احدث مسارح العاصمة، بعد 13 سنة من الاهمال، اذ تطوع عشرات الشباب والفنانين لازالة الانقاض والركام وحطام الاضرار التي لحقت به اثناء العمليات الحربية التي شهدتها البلاد عام 2003. وشارك عدد من الشباب المنتمين الى المركز الوطني التطوعي التابع لوزارة الشباب والرياضة العراقية ومعهم عدد من الفنانين العراقيين وعلى مدى ثلاثة اسابيع بازالة الانقاض ومخلفات الدمار التي لحقت بالمسرح وتنظيف قاعته التي تتسع لاكثر من 700 شخص.

وقال المخرج المسرحي ورئيس لجنة الاعمار التطوعية احمد حسن موسى "بعد ان شعر الفنانون وعشاق المسرح باليأس بسبب عدم اهتمام المؤسسة الحكومية بهذا الصرح الفني، بدأت فكرتنا باعادة الحياة اليه". واضاف موسى "عدد كبير من الفنانين ناشدوا الجهات الحكومية لاعادة النظر بهذا المبنى وتقديم الدعم لاعادة تاهيله، الاان هذه المطالب لم تلق استجابة

من جهة اخرى لا تزال حالات الوفيات التي يتعرض لها المبدعون العراقيون تثير نوعا من الصدمة للوسط، خاصة أن المغتربين من الادباء والفنانين عانوا الكثير بسبب الغربة، فقد توفي في العاصمة الفرنسية باريس الخطاط والشاعر العراقي محمد سعيد الصكّار عن عمر ناهز الثمانين، تاركا ارثا من الاعمال الشعرية والفنية التي جعلت منه احد اهم فناني الخط العربي والزخرفة في العصر الحديث.

وقد ولد الصكار عام 1934 في ببلدة المقدادية، شرقي بغداد، لكنه نشأ في مدينة البصرة جنوبي العراق.. وظلت البصرة ظاهرة في أعمال الصكار الشعرية والحروفية، ابتداء من اول مجموعة شعرية صدرت له بعنوان "امطار" في عام 1962، مرورا بمجموعة "برتقالة في سورة الماء" عام 1968، وانتهاء بلوحاته الحروفية الكثيرة، التي جعلت منه احد اهم فناني الخط العربي والزخرفة في العصر الحديث. واقام الفنان العراقي في فرنسا منذ عام 1978 حيث اختارها لتكون منفاه الاجباري، تفرغ خلالها لعمله الفني في مرسمه.

من جهة اخرى غادرنا مبدع مغترب آخر جعل من فنه وكتاباته تتركز حول موضوعة القهر السياسي وتجربته المريرة التي جعلته يفر من العراق الى الغربة بسبب هذا الظلم السياسي، ولم تمهل المبدعين العراقيين المنية، ولم يحصلوا على الزمن الكافي لتدوين او تجسيد معاناتهم في الغربة، فقد ودعت الأوساط الثقافية العراقية الكاتب والقاص محمود البياتي الذي توفي إثر مرض عضال في العاصمة البريطانية لندن. واشتهر البياتي بكتابة القصة القصيرة والرواية فضلا عن كتابة المقالات في الشأنين السياسي والثقافي. وكان اغتراب الإنسان وانسحاقه وضياعه في ظل قوة غاشمة أو ظرف وجودي قاهر موضوعته الأثيرة التي ظل يعالجها في الكثير من كتاباته. ونجح في أن يغلف موضوعته التراجيدية تلك في سياق حسّ ساخر تقوده نزعة نقدية واضحة.

ومع ذلك لم يفقد المفكر والمثقف والفنان العراقي الأمل في أهمية اعادة البنية الداعمة للفنون والثقافة، فبادروا بالعمل الطوعي في هذا المجال ولم ينتظروا من الحكومة او المؤسسة الثقافية الرسمية ان تبادر بل قاموا هم بهذا الدور المهم.

افتتاح مسرح مهم في بغداد

في هذا السياق اعيد في بغداد افتتاح مسرح الرشيد احدث مسارح العاصمة، بعد 13 سنة من الاهمال، اذ تطوع عشرات الشباب والفنانين لازالة الانقاض والركام وحطام الاضرار التي لحقت به اثناء العمليات الحربية التي شهدتها البلاد عام 2003. وشارك عدد من الشباب المنتمين الى المركز الوطني التطوعي التابع لوزارة الشباب والرياضة العراقية ومعهم عدد من الفنانين العراقيين وعلى مدى ثلاثة اسابيع بازالة الانقاض ومخلفات الدمار التي لحقت بالمسرح وتنظيف قاعته التي تتسع لاكثر من 700 شخص.

وقال المخرج المسرحي ورئيس لجنة الاعمار التطوعية احمد حسن موسى "بعد ان شعر الفنانون وعشاق المسرح باليأس بسبب عدم اهتمام المؤسسة الحكومية بهذا الصرح الفني، بدأت فكرتنا باعادة الحياة اليه". واضاف موسى "عدد كبير من الفنانين ناشدوا الجهات الحكومية لاعادة النظر بهذاالمبنى وتقديم الدعم لاعادة تاهيله، الاان هذه المطالب لم تلق استجابة فما كان من الشباب المتطوعين الاان انجزوا مهمة تاهيل قاعة المسرح بجهود شخصية تبناها الفنان المخرج المسرحي علاوي حسين". وقدم عدد من الفنانين المسرحيين وفي مقدمتهم المسرحي الرائد سامي عبد الحميد مقاطع تعود لاعمال مسرحية قدمت على خشبة هذاالمسرح ما زالت راسخة في الذاكرة منها "الملك لير" و"تفاحة القلب" و"الجنة تفتح ابوابها متاخرة" و"روميو وجوليت" و"مخفرالشرطة القديم".

وادى ادوار تلك المقاطع المسرحية كل من الفنانين سهى سالم ومناضل داود ورائد محسن وحكيم جاسم وشذى سالم والاء حسين ويحيى ابراهيم، ورافق تلك المشاهد سقوط خفيف من مياه الامطار على خشبة المسرح نتيجة تهالك السقف وتشققه. وقبل دخول المئات من الفنانين والمثقفين الى قاعةالعرض، قدمت فرقة بغداد الموسيقية في باحة المسرح، مقاطع موسيقية مستوحاة من اغاني بغدادية شهيرة تفاعل معها الجمهور كثيرا.

وقالت الاعلامية واحدى المتطوعات في حملة تاهيل مسرح الرشيد زينب القصاب "نامل ان تقدم اعمال مسرحية مقبلة على خشبة هذا المسرح شهريا لكي يستعيد كامل عافيته ويبدا باستقطاب جمهوره مجددا وهذا ما سيعمل عليه المسرحيون خصوصا الشباب". ويشغل مسرح الرشيد الذي يعد ذاكرة حية للفنانين العراقيين، الطابق الاول من مبنى دائرة السينما والمسرح التي تتكون من ثماني طبقات تتوزع فيها المقار الادارية واستديوهات كبيرة للتصوير. ويعود افتتاح مسرح الرشيد وهو الاحدث من بين مسارح العاصمة ويتميز بخشبته المتحركة بشكل دائري الى عام 1981 وتم تصميمه من قبل شركات فرنسية ويضم ايضا في طوابقه الثمانية قاعات كبيرة للازياء والاكسسوارات والملابس المخصصة للممثلين ومعدات خاصة بالحيل المسرحية والمؤثرات الصوتية. وما تزال اثار الدمار والحرائق التي التهمت هذا المبنى اثناء الغزو الاميركي عام 2003، واضحة على جدرانه الداخلية والخارجية.

ويبدي فنانون عراقيون استياءهم لأن الاموال التي صرفت على مناسبات ثقافية، منها مشروع بغداد عاصمة الثقافة، كانت تكفي وتزيد عما تتطلبه صيانة هذا الصرح واعادة تاهيله وبث الحياة فيه. ومسرح الرشيد هو ثاني احدث مسارح العاصمة، بعد المسرح الوطني، وقد شهد في ثمانيات القرن الماضي اقامة اكثر من نسخة لمهرجان المسرح العربي ووقف على خشبته عدد من الفنانين العرب من بينهم محمد صبحي وفريد شوقي. واختتم حفل افتتاح المسرح بمشاهد غير متوقعة اذ وقعت مشادات بين وكيل وزارة الثقافة جابر الجابري اثناء القاء كلمته، وعدد من النواب حضروا الحفل من دون دعوة، حسب احد اعضاءالحملة التطوعية، وتصدى لهم عدد من الشباب المشاركين في هذه الحملة وارغموهم على المغادرة بحسب فرانس برس.

تباين الآراء بشأن رحيل الشعراء

في سياق مقارب كثير من الشعراء العراقيين الذين فرقتهم المنافي منذ عقود جمعهم عزاء في مواقع التواصل الاجتماعي رثاء للشاعر العراقي المرموق عبدالرزاق عبد الواحد الذي توفي يوم الأحد في باريس. وقالت صحيفة (العرب) اليومية الصادرة في لندن في طبعة مبكرة لعدد يوم الاثنين إن عبد الواحد توفي الأحد "بعد رحلة وجع مع القصيدة لعقود عدة ارتفعت فيها قامته الشعرية ليكون متنبي العصر" في مستشفى بالعاصمة الفرنسية عن 85 عاما.

وأضافت أن الشاعر الراحل "صار موضع احتفاء إعلامي باهر منذ خروجه من العراق بعد احتلال بغداد عام 2003" ثم تنقل بين دمشق وعمان وباريس. ولد عبد الواحد عام 1930 في محافظة العمارة بجنوب العراق وتخرج في دار المعلمين (كلية التربية) عام 1952 وعمل مدرسا للغة العربية في المدارس الثانوية وكان من طليعة رواد الشعر الحر في العراق مع زميلي دراسته بدر شاكر السياب ونازك الملائكة. ونشر عبد الواحد عشرات الدواوين ومنها (قصائد كانت ممنوعة) و(أوراق على رصيف الذاكرة) و(الخيمة الثانية) و(في لهيب القادسية) و(من لي ببغداد أبكيها وتبكيني؟). وشغل مناصب في مؤسسات العراق وفي عدة منظمات واتحادات عربية ثقافية وفنية فكان سكرتير تحرير لمجلة (الأقلام) ثم رئيسا لتحريرها وتولى إدارة المركز الفلكلوري ومعهد الدراسات الموسيقية.

وقال الشاعر العراقي شاكر لعيبي في صفحته على الفيسبوك إن عبد الواحد "صوت مهم ومؤثر في تاريخ الأدب العراقي الحديث. اختار أن يضع نفسه في جانب الطغاة" في إشارة إلى قربه من نظام الرئيس السابق صدام حسين. وأضاف لعيبي -المقيم بين تونس وسويسرا- أن يوم وفاة عبد الواحد "صار مناسبة للتأكد من الشرخ العام الذي يشرخ العراقيين والعرب." ونال عبد الواحد جوائز في بلده وخارجه ومنها (جائزة صدام حسين للآداب) في دورتها الأولى 1987 وجائزة مهرجان الشعر العالمي في يوجوسلافيا 1999 ومنحته سوريا (درع دمشق) عام 2008. وقالت صحيفة (العرب) إن الشاعر "ترك وصية بأن يدفن في الأردن وليس في باريس ومازالت الأوساط الثقافية العراقية تنتظر قرار زوجته وابنته حول تحديد مكان دفنه." وقال الشاعر العراقي فاروق يوسف إن عبد الواحد "عاش بين الحب والكراهية حاملا سبيكة تراث شعري.. كان شاعرا تقليديا ماهرا يجيد فن المديح الذي جعله يدخل الشعر في نفق السياسة بكل تقلب أجوائها... من يعرفه عن قرب يعرف جيدا أنه في كل ما كتبه لم يكن يكذب. لقد عاش حياته شاعرا." بحسب رويترز. وقد ولد عبد الواحد عام 1930 في محافظة العمارة بجنوب العراق وتخرج في دار المعلمين (كلية التربية) عام 1952 وعمل مدرسا للغة العربية في المدارس الثانوية وكان من طليعة رواد الشعر الحر في العراق مع زميلي دراسته بدر شاكر السياب ونازك الملائكة. وقالت صحيفة (العرب) إن الشاعر "ترك وصية بأن يدفن في الأردن وليس في باريس ومازالت الأوساط الثقافية العراقية تنتظر قرار زوجته وابنته حول تحديد مكان دفنه." بحسب رويترز.

رواية عراقية تفوز بجائزة مرموقة

في سياق آخر هناك رواية عراقية احدثت ضجة بعد فوزها بجائزة مرموقة، وهي رواية (فرانكشتاين في بغداد) للعراقي أحمد سعداوي وتتناول الرواية الفائزة قيام بائع عاديات في بغداد بتلصيق بقايا بشرية من ضحايا انفجارات وقعت عام 2005 للوصول إلى كائن أطلق عليه "الشمسه" كاسم بلا دلالة في حين تسميه السلطة "المجرم إكس" ويسميه آخرون "فرانكشتاين" نظرا لشروعه في الانتقام من كل الذين أسهموا في قتل مواطنين صنع هو من بقاياهم. وإضافة إلى العمل الفائز ضمت القائمة القصيرة خمسة أعمال هي روايات (طشاري) للعراقية إنعام كجه جي و(تغريبة العبدي المشهور بولد الحمرية) للمغربي عبد الرحيم لحبيبي و(طائر أزرق نادر يحلق معي) للمغربي يوسف فاضل و(الفيل الأزرق) للمصري أحمد مراد و(لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة) للسوري خالد خليفة. وينال كل مؤلف تأهلت روايته للقائمة القصيرة عشرة آلاف دولار أما الفائز فيحصل على 50 ألف دولار أخرى.

ونشر الموقع الإلكتروني للجائزة على لسان أستاذ كرسي الدراسات العربية بجامعة كمبريدج ياسر سليمان رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) أن الرواية "زاخرة بشخوص تتجاوز الواقع وتلتقي به وجها لوجه في آن واحد... وتتألق الرواية بسرد أخاذ وغرائبية جاذبة تستنطق النفس الإنسانية في أحلك ساعاتها. ساحة الرواية بغداد وموضوعها في آخر المطاف يتعدى هذه المدينة ليشمل الإنسان أينما وجد." وتنظم الجائزة سنويا بالشراكة مع مؤسسة جائزة بوكر البريطانية في لندن وبدعم من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في الإمارات بحسب رويترز.

وقد اختيرت الرواية من بين 156 عملا روائيا نشر خلال الاثني عشر شهرا الماضية ويمثلون 18 بلدا عربيا. وببناء سردي مميز امتزجت فيه جمالية الكلمات والأسلوب بالحبكة الروائية التي تشد القارىء إليها، جاءت رواية "فرانكشتاين في بغداد" لتحكي بعضا من مظاهر العنف التي اعتادت عليها يوميات العراقيين وبعض العرب، من خلال قصة البائع العراقي هادي الذي تأتيه فكرة تلصيق بقايا بشرية من ضحايا الانفجارات في ربيع 2005 ليخيطها على شكل جسد جديد، تحل فيه لاحقا روح لا جسد لها٬ لينهض كائن جديد٬ يسميه هادي "الشسمه"٬ أي الذي لا أعرف ما هو اسمه٬ وتسميه السلطات بالمجرم إكس٬ ويسميه آخرون "فرانكشتاين"، يقوم هذا الكائن بقيادة حملة انتقام من كل من ساهم في قتله٬ أو على الأصح بقتل الأجزاء المكونة له.

"فرانكشتاين في بغداد" (2013) هي ثالث رواية للروائي العراقي الشاب أحمد سعداوي بعد "البلد الجميل" (2004) و"إنه يحلم أو يلعب أو يموت" (2008). وعادت جائزة دورة 2013 للكويتي الشاب سعود السنعوسي عن روايته ساق البامبو. ويذكر أن الجائزة العالمية للرواية العربية تأتي بدعم من"مؤسسة جائزة بوكر" في لندن، بينما تقوم هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في الإمارات العربية المتحدة بدعمها ماليا، ويحصل الفائز بها على 50 ألف دولار، وترجمة عمله للغة الإنكليزية.

رحيل القاص والكاتب العراقي محمود البياتي

في سياق آخر ودعت الأوساط الثقافية العراقية الكاتب والقاص محمود البياتي الذي توفي إثر مرض عضال في العاصمة البريطانية لندن. واشتهر البياتي بكتابة القصة القصيرة والرواية فضلا عن كتابة المقالات في الشأنين السياسي والثقافي. وكان اغتراب الإنسان وانسحاقه وضياعه في ظل قوة غاشمة أو ظرف وجودي قاهر موضوعته الأثيرة التي ظل يعالجها في الكثير من كتاباته. ونجح في أن يغلف موضوعته التراجيدية تلك في سياق حسّ ساخر تقوده نزعة نقدية واضحة.

من مؤلفاته القصصية "اختراق حاجز الصوت" قصص قصيرة جداً، و"جغرافية الروح" و"ارتباك" و"هذيان خلف الكواليس"، فضلا عن رواية "رقص على الماء" صدرت عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في عمان. كتب محمود البياتي في المقالة الى جانب كتابته الرواية والقصة القصيرة. وفاز البياتي عام 1984 بجائزة القصة العربية القصيرة في مسابقة "مجلة المسيرة" في بيروت. وصدرت له كتب غير قصصية بينها "كلام" من النثر المركز.

تنقل البياتي في مناف متعددة بسبب واقع التقلبات السياسية التي عاشتها بلاده، ما بين بيروت واسطنبول وبرلين وموسكو وبراغ وغوتنبرغ في السويد ولندن. فرّ البياتي من العراق لأول مرة في العشرينييات من عمره بعد انقلاب عام 1963. ليعود اليه عام 1966، حيث عمل في صحف عدد من الصحف العراقية. وهرب من العراق مرة أخرى عام 1974 لأسباب سياسية.

ولد محمود البياتي في محلة البارودية في بغداد في 17 فبراير/ شباط 1944. وشكل احتلال العراق عام 2003 صدمة قاسية ولحظة فاصلة بالنسبة لمحمود البياتي عبّر عنها في مقالاته التي كتبها لصحف عربية تصدر في لندن، ناهض فيها الاحتلال.

النجف تحتضن معرضا دوليا للكتاب

وقد افتتحت ادارة مرقد الامام علي في النجف الجمعة المعرض الدولي السادس للكتاب الذي يستمر لعشرة ايام بمشاركة اكثر من 150 مؤسسة ودار نشر محلية ودولية تعرض اكثر من خمسين الف كتاب. وقال فائق الشمري مسؤول الاعلام في العتبة العلوية لوكالة فرانس برس ان "معرض الكتاب دولي السادس يقام لمدة عشرة ايام وتشارك فيه مؤسسات ودور نشر من العراق وسوريا والاردن ومصر والكويت وايران ولبنان وهولندا وبريطانيا".

ويقع المعرض في قسمين متقابلين في الجهة الشمالية لمرقد الامام علي بمساحة الفي متر مربع قسمت الى 150 جناحا خصص كل منها لمؤسسة او دار نشر لتعرض اصدارتها من الكتب.

وقد شكلت الامانة العامة للعتبة العلوية بحسب الشمري لجنة للسلامة الفكرية تتولى فحص العناوين والمحتوى للمعروضات لضمان استبعاد كل ما يخدش الحياء او ينادي بالطائفية او العنف. وذكر الشمري ان "المعرض يحوي الكثير من المصادر العلمية والدينية والفكرية والثقافية وبكافة مجالات العلوم اضافة الى الكتب المخصصة للاطفال وهذا يعد دليلا على انفتاح العتبة العلوية المقدسة على كافة مؤسسات الطباعة والنشر في دول العالم".

وشهد المعرض في يومه الاول حضورا واسعا للجمهور الذي ضم الكثير من النساء الى جانب اعداد من المثقفين والطلبة ورجال الدين. وقال علي جواد كاظم ممثل ديوان الوقف السني " انها مشاركتنا الثالثة في المعرض وهي تجربة ممتازة فقد شهدنا اقبالا كبيرا على معروضاتنا من منشورات الوقف السني ونرى ان اكثر المقتنين لكتبنا هم من طلبة الحوزة العلمية".

وقالت زهراء(16 عاما) وهي طالبة اعدادية كانت تخرج من المعرض وهي تحمل بيدها نسخة من كتاب مؤلفات الأديب اللبناني جبران خليل جبران الكاملة، انها فرحت كثيرا لعثورها على هذا الكتاب في المعرض "بعد ان بحثت عنه كثيرا في المكتبات من دون جدوى". وتعتبر النجف احدى اهم العتبات المقدسة لدى الشيعة في العالم، حيث تضم مرقد الامام علي بن ابي طالب، وهو اول الائمة المعصومين لدى الشيعة الاثني عشرية، اضافة الى مقرات المراجع الدينية وابرزهم آية الله علي السيستاني والحوزة العلمية بحسب فرانس برس.

فنانون وادباء يحتفون بالهرمزي

من جهتهم تجمع عشرات الفنانين والادباء الجمعة في شارع المتنبي بقلب العاصمة العراقية بغداد لتكريم ذكرى رائد اشهر رحلة اذاعية في العراق ذاع صيته فيها مع برنامج امتد لاكثر من ثلاثين عاما وما زال يستذكر بشغف كبير. ويعد الراحل سعاد الهرمزي اخر جيل عمالقة الاذاعة العراقية التي اغناها بالعديد من البرامج والاعمال طيلة نصف قرن يتذكرها العراقيون بشغف حتى الان بعد ما كانت اجهزة المذياع هي النافذة الوحيدة التي يطلون منها على حياتهم اليومية.

وذكر الاعلامي والصحافي معاذ عبد الرحيم احد اصدقاء الراحل الهرمزي اثناء حضور الحفل التكريمي في شارع المتنبي في بغداد ان "الراحل الهرمزي بقدر ما كان مبدعا في مجال الاذاعة كان ناقدا سينمائيا ايضا وصحفيا وترك ارثا ابداعيا ثريا".

ولد الراحل سعاد شاكر اغا ضياء الدين الهرمزي في مدينة كركوك شمال البلاد عام 1927 لعائلة تركمانية امتهنت الصحافة فقد كان والده من الصحافيين الاوائل وهو صاجب جريدة "الافاق" التي كانت تصدر في كركوك باللغة التركمانية. واكمل دراسته المتوسطة في هذه المدينة والتحق بمعهد التدريب الاذاعي في القاهرة وبعد عودته عمل في دار الاذاعة في العاصمة بغداد ودخلها عبر برامج تناول اخبار الفن والفنانيين ومنجزاتهم الفنية.

وارتبط الهرمزي بعلاقات وثيقة بفنانين عرب منهم محمد عبد الوهاب وفريد الاطرش ورياض السنباطي وعبد السلام النابلسي وعبد الحليم حافظ ومحمد القصبجي ومحمد عبد المطلب. وبدأ الهرمزي مسيرته الاذاعية عام 1948 مذيعا ومقدما للبرامج وظهر في برنامجه الشهير "من الذاكرة" بداية سبعينيات القرن الماضي كان يقدمه بصوته وفي منتصف الثمانينيات قدمه الاذاعي العراقي نهاد نجيب وتوقف البرنامج بعد ترك الهرمزي العمل الاذاعي اوائل التسعينيات.

وكان برنامجه الشهير يتناول رحلة الفنانين والفنانات العرب والعراقيين ايضا وقدم من خلاله تسجيلات نادرة للفنانين احتفظ بها اثناء دراسته في القاهرة. وتوفي الراحل سعاد الهرمزي في كانون ثاني/يناير عام 1998 بعد مشوار ترك فيه بصمات ثابتة في صفحات الفن الاذاعي في العراق. وانجز الهرمزي العديد من الكتب والمؤلفات منها خواطر الايام" و "اصوات لا تنسى" و "من الذاكرة" و"موسوعة الفنانين" ومن برامجه الاذاعية المعروفة "ركن الهواة" الذي كان يقدمه من تلفزيون العراق بحسب فرانس برس.

رحيل الخطاط العراقي محمد سعيد الصكّار

في سياق آخر توفي في العاصمة الفرنسية باريس يوم الأحد 23 مارس/ آذار الخطاط والشاعر العراقي محمد سعيد الصكّار عن عمر ناهز الثمانين، تاركا ارثا من الاعمال الشعرية والفنية التي جعلت منه احد اهم فناني الخط العربي والزخرفة في العصر الحديث.

ولد الصكار عام 1934 في ببلدة المقدادية، شرقي بغداد، لكنه نشأ في مدينة البصرة جنوبي العراق.. وظلت البصرة ظاهرة في أعمال الصكار الشعرية والحروفية، ابتداء من اول مجموعة شعرية صدرت له بعنوان "امطار" في عام 1962، مرورا بمجموعة "برتقالة في سورة الماء" عام 1968، وانتهاء بلوحاته الحروفية الكثيرة، التي جعلت منه احد اهم فناني الخط العربي والزخرفة في العصر الحديث. واقام الفنان العراقي في فرنسا منذ عام 1978 حيث اختارها لتكون منفاه الاجباري، تفرغ خلالها لعمله الفني في مرسمه.

في مسيرته المهنية والفنية الطويلة، مارس الصكار العمل الصحفي محررا وخطاطا ومصمما منذ عام 1955. وحصل الصكار على جوائز عدة، من ابرزها جائزة دار التراث المعماري تقديرا لتصميمه جداريات بوابة مكة.

وحضي بتكريم معهد العالم العربي لبلوغه الثمانين في 17 مارس/ آذار. وقال جاك لانغ رئيس المعهد، ووزير الثقافة الفرنسي السابق، ان الصكار "يعد بجدارة احد أبرز ممثلي الخط العربي المعاصر". وابتكر الصكار قبل 40 عاماً "الأبجدية العربية المركزة"، التي هدف منها الى تطويع الحرف العربي ليتواءم مع تطورات الطباعية الإلكترونية. وبفضل هذا الابتكار بدأت أولى التطبيقات المعلوماتية التي مكنت مصممي أجهزة الكومبيوتر من تصميم النصوص العربية المتنوعة المستخدمة حاليا. في الاحتفال التكريمي في معهد العالم العربي سئل الصكار أين يجد نفسه كمبدع، فأجاب: «أنا أقرب إلى الشعر، لكنّ هناك رأياً يقول إنني شاعر في خطّي وملوِّن في شعري".

اضف تعليق