q

بعد أن ضاقت الدنيا علينا بما رحبت به أرض العراق من موارد تغني العراقيين، إذا ما أحسن استخدامها وأولها الموارد البشرية ؛ بدأت الحكومة بالتفكير جديداً بالبحث عن مورد يغطي العجز الكبير في الموازنة الإتحادية عن طريق فرض الضرائب، ولا اعتراض مطلقاً على ذلك، فالعالم أجمع يعتمد الضرائب كوسيلة مهمة من وسائل دعم إقتصاده يتم استقطاعها بشكل منتظم، وعلى سبيل المثال فأن أوائل الدول في ذلك هي بلجيكا، ألمانيا، الدانيمارك وفرنسا، حيث تستقطع بلجيكا مانسبته 42.6% من الداخل موزعة على 26.6 في المائة كضريبة على الدخل و2 في المائة ضريبة للدولة و14 في المائة للضمان الاجتماعي، بينما تقتطع فرنسا 28.4 في المائة، منها 14.6 ضريبة على الدخل و13.8 للضمان الاجتماعي.

وفي صورة أخرى لتلك الدول فهي التي تنال مرتبة عالية في درجة الشفافية حسب مقاييس "مؤشر مدركات الفساد" الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية، وحسب ما جاء في التقرير الذي صدر مؤخراً من مقر المنظمة في برلين، احتلت الدنمارك المرتبة الأولى برصيد 92 نقطة من مائة، وألمانيا في المرتبة 12 على العالم، فرنسا بالمرتبة 26 وبلجيكا بالمرتبة 15، لذلك فإن الضرائب التي تفرض تجد طريقها السليم والواضح في تقديم خدمات تفوق حد تصورنا.. نحن من نعيش على هامش الحياة في مجال تقديم الخدمة العامة، وما نعانيه من سوء تقديم الخدمة العامة لأبناء شعبنا؛ تجعل من فرض الضرائب، إذا ما تمت بدون خدمات، جريمة كبرى ترتكب بحق ملايين الفقرات ممن لم يتعدوا خط الفقر الوطني.

الضرائب تجنى من الشعوب مع التصميم الشديد لدى المؤسسات الحكومية بتبني أسلوباً حضارياً في تحويل تلك الضرائب الى واقع خدمي ملموس تشعر معه أن ما يدفعه الشعب يعود بالفائدة الكبيرة على كل ما يواجهه من حياة قاسية يومياً ومنذ الصباح الباكر وحتى بعد منتصف الليل.

نحن بحاجة للضرائب ولكن علينا تحمل مسؤولية ما ستقودنا إليه الأساليب العقيمة في الإستفادة القصوى منها من حالة من التذمر الكبيرة لأبناء شعبنا ونحن في حاجة ماسة لدعمهم للحكومة اليوم ونحن نخوض معركة استنزاف كبيرة مع الإرهاب والجريمة.

مؤشرات السعادة هي الأخرى سمة من سمات تفوق الدول المذكور آنفاً، فقد أحسنت إستخدام الضرائب بشكل مثالي يتفق مع المعايير الدولية لتقديم الخدمة العامة لمواطنيها.

ونحن في العراق لا مشكلة لدينا في فرض الضرائب، على سبيل المثال العائلة العراقية تدفع ضريبة للحصول على خدمة الطاقة الكهربائية مبلغ يقارب الـ 15 ألف دينار للكهرباء الوطنية و75 ألف لخدمة المولدات الأهلية المحددة بعدد أمبيرات قد لاتخدم كل المتطلبات الحياتية للكثير من العوائل، فما الضير أن ندفع 90 ألف دينار مقابل خدمة متكاملة منتظمة من تجهيز الكهرباء، وذلك ينسحب على الماء والنظافة والخدمات البلدية بأنواعها وخدمة تأثيث الشوارع وغيرها ممن يحفل العالم بتقنيات متحضرة في تقديمها باسلوب قل نظيره، حيث لحقت بهم دولاً عربية على رأسها الأمارات العربية المتحدة التي تفوقت كثيراً في ذلك.

نعم للضرائب، ولكن مع تقديم الخدمة العامة التي تشعرنا بأن أموال ضرائبنا بعيدة عن جيوب المفسدين وحيتانهم وأولئك منتهزي الفرصة للإقتطاع من جيوبنا ما نعجز عن إدخاره بشق الأنفس.. حفظ الله العراق.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق