q

لماذا أصبح ذهاب رئيس مجلس الوزراء الى مجلس النواب ومناقشة مشروعه الإصلاحي مصدر تندّر من قِبَل البعض، وسخرية من قِبَل البعض الآخر من السياسيين والنواب والإعلاميين وعوام أبناء الشعب..؟

لماذا أصبحت موضوعة التغيير المنشود أرجوحة يستأنس بها البعض ويتصدع بها رأس البعض الآخر..؟.. لماذا يستبشر مواطنون بشعارات (الضرب بيد من حديد على المفسدين) التي ترجمها السيد العبادي الى مشروع (التغيير الجوهري)، بينما يراها الآخرون مجرد (تدويرٍ للوجوه)..

جاء العبادي أخيراً الى مجلس النواب يطلب تفويضاً لإجراء (تغييرات جوهرية)، وبعد مناقشات ومناكفات يتحول المصطلح الى (التغيير الشامل) في محاولة لتعزيز الديموقراطية بمفاهيمها الحضارية وتكريس عمل سلطات ثلاث مفصولة الصلاحيات، ورقابية بين بعضها، ومتكاملة الأدوار.

ثمة من يتساءل، هل أن مشكلة العراق بالوزراء فقط، وهل كلهم فاسدون؟! وإذا كانوا متهمين بالفساد فعلى رئيس الوزراء محاسبتهم وإحالتهم الى القضاء، وإذا كان غير ذلك؛ لا يمكن تبديل من لم يثبت فساده (وعدم كفاءته) بنزيه محتمل، بل من العدل أن يكافأ الوزير المخلص والمتميز، وكان الأولى الإلتفات لطبيعة النظام الإداري، الذي ما يزال (يعمل) بقوانين دكتاتورية وتراكمت معها محاصصة حزبية ومكوناتية بغيضة، وروتين ومركزية وتضارب الصلاحيات بين المركز والمحافظات ".

إن حكومة المكاسب السياسية سقطت نظريتها.. والشعب لا يريد الكتل السياسية أن تكون هي من يحدد مصير العراق.. الكتل السياسية من حقها فقط أن تتنافس على مواقع برلمانية، وتستعير أطواق نجاتها من أصوات الجماهير كي لاتغرق في وحل الفشل في تمثيلها لجمهورها، لا أن تتدافع بالمناكب والألسن للحصول على مناصب تنفيذية، ومن يحصد أكثر المقاعد في المؤسسة التشريعية هو من يشكل الحكومة.. فوضى الأفكار وإضطراب المصطلحات بين (جوهر التغيير).. و(التغيير الجوهري) ومن ثم (التغيير الشامل) يُحمِّل رئيس الحكومة مسؤولية تنفيذ البرنامج الحكومي والتغيير الذي وعد به الجماهير وإنصاع به لتوجيهات المرجعية.. لحد الآن لاتوجد مكافحة جدية ضد الفساد على طريقة (ضرب رؤوس الفساد الكبيرة).. و(يد الحديد) تتقاذفها مهاترات وتصريحات خيانية سافرة وتشكيكية من قبل بعض النواب والسياسيين والإعلاميين..

ثمة ضعف واضح للأداء الحكومي الأمر الذي حدا بالمرجعية أن أغلقت الابواب بوجه رئيس الوزراء والرئاسات الثلاث بعد أن أعربت عن إستيائها من تدهور الأوضاع في البلاد وهي المؤتمنة بإبوّتها الرؤوفة على الشعب بأسره.. وقد أعربت المرجعية عن إنزعاجها المر من اللعب على عقول الناس والتصرف بمقدرات البلاد تحت عناوين ومصطلحات مفرغة المعاني.. لقد أرسلت المرجعية رسالة بليغة وواضحة مفادها أنها غير راضية عما يجري وهو اقل بكثير من توقعاتها ولاسيما في خضم هذه التحديات، بعض الكتل السياسية قدمت بنوايا صادقة ورقة (إصلاحات سياسية).. وبعضها الآخر قدم ورقة (إجراءات إصلاحية) بنية طيبة ولكن لم تجد إرادة حقيقية من مجلس النواب أو مجلس الوزراء للتعامل الجاد معها.

لقد كانت كلمة رئيس مجلس الوزراء بخصوص مشروعه للتغيير الوزاري مشوبة بالتوجس والخوف من شركائه السياسيين الذين يلوّحون بين فترة وأخرى بورقة (التوازن) و(التوافق) مما سبب طغيان مصطلح (التوافق) على مشروعه للتغيير، عدة مرات في كلمته أمام البرلمان.. رئيس مجلس وزراء مدعوم من المرجعية والجماهير والكتل الكبرى في البرلمان لإحداث تغيير وزاري شامل.. الكتل التي وضعت إستقالات وزرائها تحت تصرفه وهي تدعم اي تغيير يصب في مصلحة ادارة الدولة وتقويم العمل الحكومي، وساهمت في تقييم ما تحقق وما انجز، وتطالب بإنجاز التغيير المبني على اسس صحيحة بعيدة عن المحاصصة، لماذا يتأخر مشروع التغيير الوزاري..؟ ولماذا تتأخر المهلة الدستورية اللازمة لإختيار لجنة المعايير..؟

إن التعامل مع مبدأ اختيار (التكنوقراط) يجب ان يكون واضحا وشفافا وان تكون هناك مسطرة واحدة ومعايير واحدة وان يتم الاختيار من قبل لجنة مكونة من التكنوقراط واصحاب التخصص تعرض اسماؤها للرأي العام والقفز السريع على موضوعة التوافق التي أوصلت البلاد الى شفا الهاوية.. وتحجيم دور الكتل السياسية بواجبها التشريعي والرقابي حصراً، وإبعادها عن الأداء الحكومي والتحكم بأدوات السلطة نهائياً..

وربَّ قول أنفذ من صول.

* ناصرية دروتموند- ألمانيا

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق