q

قضية بقاء بريطانيا أو خروجها من الأتحاد الأوروبي، تعد من القضايا المهمة والحساسة في المملكة المتحدة وغيرها من الدول، لما لها من تأثيرات ونتائج مختلفة سواء كانت سياسية او اقتصادية كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على ان رئيس الوزراء البريطاني الذي أعلن عن رغبته في إعادة التفاوض على شروط ووضع بريطانيا داخل الاتحاد وطرح نتائج هذا التفاوض في استفتاء عام، قد وضع أوروبا أمام مفترق طرق صعب جدا، خصوصا وان هذا الامر جاء في وقت حساس جدا وهو ما قد يهدد الاستقرار النسبي الذي حققه الاتحاد الأوروبي.

ويهدف كاميرون من خلال هذه الضغوط والتحركات وكما تنقل بعض المصادر، إلى تحقيق عدة أهداف في المجالات التالية عبر إعادة التفاوض منها، السماح لبريطانيا بألا تكون جزءا من الطموح الذي تأسس عليه الاتحاد الأوروبي وهو "اتحاد أوثق"، لذا فلن تشارك بريطانيا في اندماج سياسي أوروبي ابعد مما هو عليه الوضع الحالي، يضاف الى ذلك تقييد حصول الأوروبيين الوافدين إلى بريطانيا سواء كانوا يعملون أو عاطلين على مساعدات حكومية. ويريد الوزراء البريطانيون بالتحديد وقف تدفق الأوروبيين على المملكة المتحدة، للحصول على مساعدات معينة وسكن مجاني، إلى أن يكملوا فترة أربع سنوات إقامة في بريطانيا.

كما يطمح الى منح صلاحيات وسلطات أكبر للبرلمانات الوطنية تمكنها من عدم قبول تشريعات الاتحاد الأوروبي. وتؤكد المملكة المتحدة نظام "البطاقة الحمراء" الذي يسمح للدول الاعضاء بإلغاء أو الاعتراض على أي توجيهات من الاتحاد الأوروبي غير مرغوب فيها. هذا بالاضافة الى الحصول على اعتراف واضح بأن اليورو ليس هو العملة الوحيدة للاتحاد الأوروبي، وضمان ألا تحرم الدول التي هي خارج منطقة اليورو من المزايا. وتريد لندن أيضا تطمينات بأنها لن تضطر إلى المساهمة في مشروعات الإنقاذ المالي لاقتصادات منطقة اليورو.

هذه المطالب والقرارات ربما ستهم باثارة بعض المشاكل والازمات بين دول الاتحاد الاوربي، لكنها وبحسب بعض الخبراء ستحل بطرق توافقية ستصب ايضا في صالح بريطانيا، التي ستعمد الى تغير سياستها الحالية كون الاصرار على الانفصال ستكون له عواقب وخيمة على الجميع دون استثناء. فقد اكد وزير الخارجية البريطاني السابق، وليام هيغ، إن المملكة المتحدة قد تتفكك إذا صوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، إذ أن ذلك سيدعم قضية القوميين الاسكتلنديين. وكتب هيغل في صحيفة ديلي تلعراف "يجب أن نتساءل، رغم عدم رضائنا عن الكثير من الأمور، ما إذا كنا بحق نريد إضعافه (الاتحاد الأوروبي)، وفي نفس الوقت زيادة فرص انفصال اسكتلندا عن بريطانيا إذا تركنا الاتحاد الأوروبي".

وأعلن هيغ أنه سيؤيد في الاستفتاء بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، رغم تحفظاته الكبيرة إزاء الاتحاد. وأوضح هيغ أنه رغم أوجه القصور الكثيرة في الاتحاد الأوروبي فقد وفر الاستقرار للديمقراطيات الهشة في وسط أوروبا، ولن يكون من مصلحة بريطانيا انهيار الاتحاد، في ظل الاضطرابات في الشرق الأوسط والاقتصاديات العالمية. وتابع أن الاسكتلنديين القوميين، الذين يدعمون بقوة البقاء في الاتحاد الأوروبي، سيستغلون التصويت الذي سيجري بشأن البقاء أو الانسحاب من الاتحاد إذا جاءت النتيجة لصالح الخروج من الكتلة الأوروبية لإجراء استفتاء آخر بشأن استقلالهم عن بريطانيا.

مفاوضات كاميرون

في هذا الشأن فقد شدد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون موقفه من المفاوضات لتفادي خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي، وذلك قبل ايام معدودة من وضع الاوروبيين مقترحاتهم على الطاولة. وفي حديث الى اذاعة بي بي سي وصف كاميرون ردود بروكسل على مطالبه لاجراء اصلاح في الاتحاد الاوروبي في مجال الهجرة بانها "مهمة" وراى فيها اشارة "مشجعة"، الا انه اضاف "لكننا لم نصل بعد الى ما هو مطلوب. الجواب ليس قويا بما فيه الكفاية".

وقد وعد رئيس الحكومة البريطانية المحافظ الذي اعيد انتخابه في ايار/مايو 2015 بتنظيم استفتاء قبل نهاية 2017 يمكن ان يفضي الى خروج بلاده من الاتحاد الاوروبي ويؤدي بالتالي الى ازمة جديدة كبرى داخل الاتحاد. ويطالب كاميرون شركاءه الاوروبيين باصلاحات في اربعة قطاعات يهدف الاكثر اثارة للجدل بينها الى تقليص الهجرة بين الدول الاوروبية وبالاخص من دول الشرق.

ويرغب كاميرون في فرض مهلة اربع سنوات قبل دفع اي مساعدات اجتماعية للمهاجرين الاتين من داخل الاتحاد الاوروبي بهدف العمل في المملكة المتحدة، لكن هذا المطلب الذي اعتبر "تمييزيا" يتعارض مع حرية تنقل الممتلكات والاشخاص المبدأ الاساسي للاتحاد الاوروبي. وتتمحور المفاوضات خصوصا حول آلية "وقف عاجل" في حال فاق الوضع قدرات الخدمات العامة البريطانية او في حال تعرض نضام الضمان الاجتماعي البريطاني لانتهاكات متكررة.

وفي لندن وصف النائب المشكك باوروبا جون ردوود هذه المبادرة على الفور بانها "مزحة سمجة"، وقال "انها ليست اقتراحا جديا. علينا ان نعيد الرقابة على حدودنا وعلى نظام ضماننا الاجتماعي". واعلن كاميرون مطلع كانون الثاني/يناير ان اعضاء حكومته وبعضهم من المشككين بشكل واضح بالوحدة الاوروبية، سيكونون احرارا في القيام بحملات في هذا الاتجاه او ذاك.

ويمكن ان ينظم الاستفتاء الذي ينطوي على مجازفة كبيرة اعتبارا من حزيران/يونيو المقبل شرط ان يجد كاميرون ارضية تفاهم مع رؤساء الدول والحكومات ال 27 الاخرى حول مطالبه التي تتعلق ايضا بمنطقة اليورو والقدرة التنافسية، خلال قمة تعقد في بروكسل في 18 و19 شباط/فبراير. وان ساد تفاؤل حذر في بروكسل حول نتيجة المفاوضات التقنية الى حد كبير، فان هذه التنازلات من القادة الاوروبيين قد لا تؤثر مطلقا على حملة الاستفتاء البريطاني.

وتعمل المفوضية الاوروبية على قدم وساق لايجاد حلول لمطالب اصلاح الاتحاد التي تقدم بها كاميرون. وقد شكلت هيئة برئاسة موظف بريطاني كبير لاجراء المفاوضات. لكن هذه الحلول سيعرضها رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك باسم الدول ال28. واكد رئيس الحكومة البريطانية مجددا في مقابلته مع بي بي سي التي سجلت قبل مغادرته الى بروكسل، "انني مستعد للتحلي بالصبر. لدينا حتى نهاية 2017 لتنظيم الاستفتاء". وقال متحدث بريطاني "نود التوصل الى اتفاق في شباط/فبراير، لكن هدفنا الاسمى هو الحصول على افضل اتفاق ممكن. ان لم نحصل عليه في شباط/فبراير، سننتظر المرة المقبلة". ومن المقرر عقد قمة اوروبية في اذار/مارس المقبل. بحسب فرانس برس.

ويطالب كاميرون ايضا بضمانات بالا يجري اي تعزيز لمنطقة اليورو على حساب الدول التي لا تنتمي الى هذا التكتل، في اشارة الى بريطانيا. واخيرا يريد رئيس الوزراء البريطاني انعاش الجهود لتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الاوروبي وتعزيز السيادة عبر منح مزيد من الصلاحيات للبرلمانات الوطنية.

اشارات مشجعة

في السياق ذاته تلقى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إشارات مشجعة من برلين وبودابست وهولندا لبقاء بلاده في الاتحاد الاوروبي، لكنها لم تصل الى مستوى التاييد غير المشروط للتعديلات التي يطالب بتبنيها. وبعد جولته لحشد التأييد لمقترحاته، بدا كاميرون مرتاحا اثر لقائه حلفاء ميركل في بافاريا وفيكتور اوربان في بودابست.

واعرب اوربان عن تفاؤله بالتوصل الى اتفاق رغم رفضه وصف ابناء بلده ب"الطفيليين" الذين يسعون الى الاستفادة من المساعدات الاجتماعية البريطانية. وقال اوربان المعروف بسياساته المعادية للهجرة ان المجر "تؤيد تماما" ثلاثة من مطالب كاميرون الاربعة وان "لديه اسبابا تدعوه للتفاؤل بالتوصل الى اتفاق". ويطالب كاميرون بضمانات لعدم حصول اندماج سياسي اوسع، وبحماية البلدان التي لا تستخدم اليورو، وزيادة التنافسية الاقتصادية.

ولكن اوربان قال خلال المؤتمر الصحافي انه من "الصعب" تلبية طلب كاميرون الرابع بعدم تقديم اي مساعدات اجتماعية للمهاجرين القادمين من بلدان الاتحاد الاوروبي قبل مرور اربع سنوات على وصولهم، اذ تعتبره بلدان عدة تدبيرا تمييزيا، وفق تعبيره. وقال اوربان "نحن مواطنو دولة تنتمي الى الاتحاد الاوروبي ويمكن ان نؤدي اعمالا في اي مكان في الاتحاد الاوروبي، لذلك لا نريد الذهاب الى بريطانيا واخذ شيء منهم، لا نريد ان نكون طفيليين".

وفي المانيا التقى كاميرون ميركل الى مائدة العشاء واجرى مباحثات في مدينة ولدباد كروث الجنوبية مع الاتحاد المسيحي الاجتماعي المتحالف مع حزب ميركل المحافظ. وفي حين تعتبر ميركل عموما مؤيدة لموقف بريطانيا، قالت ان "الانجازات الاساسية للاندماج الاوروبي" غير مطروحة للنقاش ومن بينها مبدأ حرية الحركة والتنقل. ولكن ميركل اقرت بان "الغاية من قانون حرية التنقل" ليس ان يسمح لمهاجرين اوروبيين بالحصول على مزايا من الدول الاعضاء المضيفة بشكل فوري. بحسب فرانس برس.

وقالت "هذا يعني انه يمكنك ان تعمل في اي مكان في اوروبا لكن غايته (العمل) لا تشمل الحصول على مزايا اجتماعية في كل مكان في اوروبا منذ اليوم الاول". وقال رئيس وزراء هولندا مارك روتي الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الاوروبي نصف السنوية الدورية، انه "متفائل نسبيا" بان بريطانيا ستحصل على اتفاق. وقال "انه من الاهمية بمكان ان نتوصل الى خلاصة ناجحة، اعتقد انه يمكننا ان نصل الى ذلك ، انا متفائل نسبيا". وتدارك "ولكن لا يزال يلزمنا الكثير من العمل للتوصل الى قرار.

استطلاعات مستمرة

الى جانب ذلك أظهر أحدث استطلاع للرأي بشأن قضية بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أن عدد البريطانيين المؤيديين لبقاء بلادهم في الاتحاد الأوروبي أكبر من المؤيدين للانسحاب منه حتى على الرغم من تزايد الاعتراض على هذه العضوية بشكل طفيف بالمقارنة مع الاستطلاع الذي أجرى العام الماضي. وأشارت استطلاعات أخرى أُجريت في الآونة الأخيرة في بريطانيا إلى انه بعيدا عن البريطانيين الذين حسموا موقفهم بشأن عضوية الاتحاد الأوروبي فإن عدد المؤيدين للانسحاب من الاتحاد ألاوروبي أكبر من المؤيدين للبقاء فيه.

وقال 54 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع الذي أجراه معهد كومريس لحساب صحيفة ديلي ميل إنهم سيصوتون لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي بتراجع نقطتين مئويتين عن استطلاع جرى في ديسمبر كانون الأول. وقال 36 في المئة إنهم سيصوتون لصالح الانسحاب من الاتحاد بزيادة نقطة مئوية عن الشهر الماضي في حين لم يقرر عشرة في المئة موقفهم بزيادة نقطتين مئويتين. بحسب رويترز.

وجاءت نتيجة الاستطلاع في الوقت الذي يحث فيه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على التوصل لاتفاق مع زعماء الاتحاد الأوروبي الآخرين قبل إجراء استفتاء بشأن عضوية بريطانيا في الاتحاد والذي قد يدعو إليه في يونيو حزيران من العام الجاري. وقال كاميرون في بروكسل إن اقتراحا بالحد من الهجرة الأوروبية إلى بريطانيا "ليس جيدا بما يكفي" ولكنه لمس تقدما بشأن التوصل لاتفاق لاقناع الناخبين البريطانيين بتأييد استمرار عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي.

تحركات ومخاوف

على صعيد متصل تقوم وول ستريت بحملة في اوروبا. فتمول مصارف اميركية كبرى تتخذ من لندن مقرا اوروبيا لها الحملة ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي في مناورة غير عادية قد تنطوي على مجازفة. وذكر مصدر قريب من الملف ان مصرف "غولدمان ساكس" الذي يتمتع باكبر نفوذ في العالم، قدم مئات الآلاف من الجنيهات الى حملة "بريطانيا اقوى في اوروبا" (بريتن سترونغر ان يوروب). وهذه الحملة اطلقها في تشرين الاول/اكتوبر الماضي رجل الاعمال ستيوارت روز الرئيس السابق لمجموعة "ماركس اند سبنسر" استعدادا للاستفتاء حول بقاء لندن او خروجها من الاتحاد.

وقالت مصادر اخرى قريبة من الملف انه من المرجح ان يقوم "جي بي مورغان تشيز" اول مصرف اميركي في الموجودات، و"بنك اوف اميركا" و"مورغان ستانلي" بالخطوة نفسها. أما مصرف "سيتيغروب" هو الوحيد الذي امتنع عن ذلك. وبانتظار تحديد قواعد هذا الاستفتاء، لا يمنع القانون البريطاني الشركات المتعددة الاطراف من تقديم هبات. ورفضت المؤسسات المصرفية الخمس التي اتخذت من لندن مقرا اوروبيا لها في سبعينات القرن الماضي من اجل الحد من مشكلة الفارق في التوقيت بين آسيا واميركا ويعمل فيها حوالى اربعين الف شخص، الادلاء باي تعليق.

والرهان كبير اذ ان وجودها في حي الاعمال اللندني يسمح للمصارف الاميركية الكبيرة بالاستفادة من الامتيازات التي تنص عليها اتفاقات مبرمة بين بريطانيا والمفوضية الاوروبية. فهي مثلا تمارس نشاطات في دول اخرى اعضاء في الاتحاد الاوروبي بدون الحاجة الى ترخيص محدد وهذا الامتياز سيزول على الارجح اذا خرجت بريطانيا من الاتحاد.

وقال مصرفي اميركي طالبا عدم كشف هويته ان "هذا الامر سيسبب خللا في النشاطات". واضاف ان خروج بريطانيا من الاتحاد او "بريكسيت" (اختصارا لكلمتي بريتن وايكسيت اي خروج بالانكليزية) يمكن لن يغلق ابواب الاتحاد الاوروبي الذي يمثل سوقا من 500 مليون شخص. واضاف انه سيكون على هذه المصارف مثلا اعادة التفاوض حول كل اعتماد يمنح وجزء كبير من عقود المنتجات المالية. كما سيكون عليها ايجاد بديل لمقارها من اجل عمليات التعويض باليورو التي تجري اليوم في لندن لانها عضو في الاتحاد مع انها لم تعتمد العملة الاوروبية الوحدة.

وبينما تدين هذه المصارف القوانين التي صدرت بعد ازمة 2008، سيصبح عليها الخضوع لمحاسبة سلطة اضافية لضبط الاسواق هي النبك المركزي الاوروبي المعروف بانه ليس سهلا. وقال مصرفي اميركي يعمل في حي الاعمال في لندن "من المؤكد ان الاعمال لن تعود كما كانت من قبل". وحتى لا تواجه وضعا مباغتا، تدرس مصارف جي بي مورغان تشيز وسيتيغروب وبنك اوف اميركا ومورغان ستانلي وغولدمان ساكس بدائل للندن على الرغم من الكلفة الكبيرة لهذا الانتقال، كما ذكرت مصادر قريبة من الاوساط المصرفية.

ومن الحلول المطروحة لهذا الانكفاء باريس وفرانكفورت اللتان تعدان سوقان ماليتان مهمتان ودبلن التي تتصف الى جانب ذلك بقوانينها الضريبية اللينة. وقال جيمي ديمون رئيس مجلس ادارة جي بي مورغان ان "بريطانيا بلد مضيف مهم للمؤسسات المالية وانتماءها الى الاتحاد الاوروبي عاد بالفائدة على لندن. نريد ان نبقى فيها". الا انه اعترف بان التحرك الاميركي يمكن ان يثير استياء في بريطانيا. وقال "كنت اتمنى الا نفعل ذلك لانه لا يعود لي ان اقول الى الشعب البريطاني ما عليه فعله". بحسب فرانس برس.

وانتقد المشككون البريطانيون في الوحدة الاوروبية مثل نايجل فاراج زعيم حزب الاستقلال (يوكيب) المعادي للهجرة الذي وصف المساهمات المالية للمصارف الاميركية "بتحالف مخالف للطبيعة" مع السياسة. وبمعزل عن المصارف، تؤيد اوساط الاعمال بمجملها بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الاوروبي. وفي نهاية 2013، حذر رئيس مجلس ادارة رينو نيسان كارلوس غصن من ان مجموعة صناعة السيارات "ستعيد النظر في استراتيجياتها الاستثمارية في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي". وليتمكن من اقناع مواطنيه بالبقاء في الاتحاد، طلب كاميرون من شركائه في الاتحاد الاوروبي اصلاحات يقومون بدراستها حاليا.

من جانب اخر تراجع دعم الشركات الكبرى لعضوية بريطانيا للاتحاد الأوروبي من 74 في المئة إلى 62 في المئة، حسب استطلاع أجري مؤخرا. وما زال معظم الشركات يرى أن وضع بريطانيا سيكون أفضل ضمن الاتحاد الأوروبي، لكن نسبة الشركات التي تدعم الانفصال عن الاتحاد الأوروبي قد ارتفاع من 2 إلى 6 في المئة. وأفادت دراسة أجريت مؤخرا أن صادرات بقيمة 236 مليار جنيه استرليني ستكون في خطر في حال انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، وهذه الصادرات تشكل 80 في المئة من مجمل صادرات بريطانيا.

وتقول مجموعة الضغط "بريطانيا أقوى في أوروبا" إن نصف صادرات بريطانيا ذهبت إلى دول الاتحاد الأوروبي عام 2014، وكانت قيمتها 148 مليار دولار، وأن هذه الصادرات ستكون في خطر في حال غادرت بريطانيا الاتحاد. وتضيف مجموعة الضغط أنه في حال أخذ بعين الاعتبار الاتفاقيات التي يجري التفاوض عليها سيرتفع المبلغ إلى 236 مليار جنيه. وقال ويل سترو المدير العام لمجموعة الضغط إن الغالبية العظمى من الشركات تفضل الوضع الحالي، بينما يفضل 6 في المئة فقط الخروج من أوروبا. وأضاف "أن تكون بريطانيا جزءا من السوق الأكبر في العالم سيؤدي إلى ازدهار الاقتصاد وخلق فرص عمل وتخفيض الأسعار".

هولاند ومنطقة اليورو

من جانبه اكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على أنه سيكون "متيقظا تماما" في الحفاظ على منطقة اليورو. وقال هولاند إن "فرنسا تأمل ببقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، هذا لمصلحة الطرفين (...) لكنني سأكون متيقظا تماما من أجل أن تستمر منطقة اليورو في مسارها"، مضيفا أن "هذه النقطة اساسية بالنسبة لي".

واعتبر الرئيس الفرنسي أن أيا من الطلبات المقدمة من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للقيام بحملة لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي "لا يمكن تجاوزها أو لا يمكن حلها، ولكن يجب احترام المبادئ". وأوضح أن "المبادئ هي تلك التي قام عليها الاتحاد الأوروبي، ومن ضمنها بالتأكيد حرية الحركة". ولفت هولاند إلى أن "الأفضل هو أن نصل إلى اتفاق ". بحسب فرانس برس.

وأضاف "يمكننا الاعتراف بأن بريطانيا تريد أن تتخذ مسارا مختلفا في الاتحاد الأوروبي، ولكن هذا لا يجب أن يمنع الدول التي قررت المضي قدما في الدمج من القيام به مع احترام حقوق الجميع". وبحسب الرئيس الفرنسي، فإن "العام 2016 يجب أن يكون عاما مفيدا لتعزيز آليات التمويل والاستثمار في منطقة اليورو والحفاظ على الثقة في عملتنا". وذكر أنه "سنقدم مع ألمانيا مقترحات جديدة قبل نهاية العام"، مشيرا الى أنه ستتم مناقشة "الإطار السياسي والديموقراطي، والمؤسسات وآليات التضامن التي ستكون مطلوبة لضمان مستقبل الاستقرار والنمو في منطقة اليورو"، الى جانب ذلك اعلن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس انه يريد تجنب خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي الذي سيكون خطأ، لكن ليس باي ثمن. وقال ان خروج بريطانيا "سيكون امرا سيئا بالتاكيد، سيئا جدا" مضيفا "يجب ان يحصل اتفاق (بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي لتجنبه) لكن ليس باي ثمن".

اضف تعليق