q

مع إستمرار الصراع في سوريا التي التي دمرتها المعارك والتدخلات الخارجية، تتفاقم معاناة اللاجئين السوريين الفارين من اهوال الحرب الذين تجاوز عددهم وبحسب بعض التوقعات، 6 مليون لاجئ توزعو في الأردن ولبنان وتركيا والعراق وباقي دول العالم، ويرى بعض المراقبين ان اللاجئين في دول الجوار يعانون مشكلات واوضاع صعبة للغاية بسبب الغلاء الفاحش وقلّة الأجور والبطالة وأرتفاع أسعار الإيجارات وقلة التخصيصات والمساعدات الدولية الممنوحة، يضاف الى ذلك القوانين والاجراءات الامنية المتشددة والانتهاكات المتواصلة التي تقوم بها بعض السلطات للحد من تدفق اللاجئين. خصوصا وان ملف اللاجئين السورين قد أثقل وبحسب بعض المصادر كاهل دول الجوار، إذ كشفت منظمة العفو الدولية في تقرير بعنوان "أزمة اللجوء العالمية وحقوق الإنسان: مؤامرة قوامها الإهمال"، أن إخفاق المجتمع الدولي في توفير التمويل الكافي للاحتياجات الإنسانية للاجئين، أو في دعم الدول المضيفة لهم من خلال سياسات إعادة التوطين جعل جيران سوريا غير قادرين على التعامل مع "التأثير المدمر".

من جانب اخر اكد بعض المراقبين ان هذا الملف، لايزال خارج حسابات وخطط دول الخليج العربي وهو ما اثار الكثير من علامات الاستفهام، خصوصا وان هذه اغلب بعض دول الخليج قد سعت الى دعم وتمويل الجماعات المسلحة من اجل تحرير الشعب السوري كما تدعي، لكنها في الوقت ذاته قد تخلت عن واجبها الانساني والاخلاقي تجاه ابناء سوريا المشردين، وتقول الإحصاءات إن عدد اللاجئين في دول الخليج، وتحديدا في السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت وقطر والبحرين هو صفر.

واعتبر نائب مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نديم حوري، أن "تقاعس تلك البلدان الخليجية الغنية في الأزمة السورية مخز". في المقابل، تقول دول الخليج إنها منحت ملايين من الدولارات لمساعدة اللاجئين، تصل إلى أكثر من 500 مليون دولار خلال عامين ونصف العام. وتضيف هذه الدول أيضا أن السوريين دخلوا أراضي الخليج من خلال تأشيرات دخول واستمروا في العيش هناك، وهو ما اعتبره البعض تزيف للحقائق الهدف منه تضليل وخداع الرأي العام.

الاردن

في هذا الشأن يلقى اللاجئون السوريون الذين يقومون برحلة شاقة عبر الصحراء هاربين من الضربات الروسية استقبالا فاترا من الأردن الذي يبقيهم في مناطق غير مأهولة بحجة أن بعضهم قد يكونوا من المتشددين. وتقطعت السبل الآن بنحو 17 ألف سوري في منطقة قاحلة عند المعبر الوحيد الذي لا يزال الأردن يستقبل منه اللاجئين في الصحراء التي لا يسكنها عدد كبير من السكان وحيث تلتقي حدود سوريا والأردن والعراق على بعد نحو 330 كيلومترا شمال شرقي العاصمة عمان.

وقال أبو طلعت نجم وهو من بين عدد من اللاجئين الذين سُمح لهم بالدخول إنه هرب مع زوجته وأطفاله الأربعة من مدينة القريتين التي يسيطر عليها تنظيم داعش وتقع في الصحراء شرقي حمص. وتحاول الحكومة السورية وحلفاؤها استعادة السيطرة على تلك المدينة. وقال نجم خلال زيارة لممثلي وسائل الإعلام للمنطقة نظمها الجيش الأردني إنه هرب مع أطفاله من الغارات وتساءل لماذا يقصفون الأسواق والمنازل ويقتلون الناس الأبرياء.

ونشرت منظمة هيومن رايتس ووتش صورا التقطت بالأقمار الصناعية للمناطق في يونيو حزيران الماضي أظهرت مئات الأشخاص وهم يتكدسون بالفعل عند الحدود. وأضافت أن من سُمح لهم بالدخول جرى ترحيلهم قسرا بعد ذلك إلى سوريا. لكن الوضع تدهور أكثر منذ أن بدأت روسيا ضرباتها الجوية في 30 سبتمبر أيلول في مسعى لدعم الرئيس بشار الأسد. وتركزت الضربات في البداية على الشمال ومنذ ديسمبر كانون الأول توسعت الضربات باتجاه مناطق يسيطر عليها تنظيم داعش في وسط وشرق سوريا.

وقال العميد صابر المهايرة قائد حرس الحدود الأردني للصحفيين أثناء الزيارة إنه عندما أصبحت روسيا طرفا في الأزمة زاد تدفق اللاجئين والمصابين. والأردن عضو في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويقصف سوريا ولطالما نال الإشادة لمساعدة اللاجئين وكان من أكبر المستفيدين من المساعدات الخارجية نتيجة لذلك. لكنه يواجه انتقادات من حلفاء غربيين وكذلك من المفوض السامي لأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمات إغاثة أخرى بسبب الوضع في الحدلات.

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد قالت في ديسمبر كانون الأول إن على الأردن أن يقبل اللاجئين وينقلهم إلى المخيمات القريبة من العاصمة عمان. وأثار الرئيس الأمريكي باراك أوباما القضية مع العاهل الأردني الملك عبد الله العام الماضي. لكن الأردن الذي استقبل بالفعل أكثر من 600 ألف لاجئ سوري مسجل لدى الأمم المتحدة يقاوم ذلك ويقول إنه يعتقد أن متشددي تنظيم داعش اخترقوا صفوف اللاجئين. وقال المتحدث باسم الحكومة الأردنية محمد المومني للصحفيين إن الأمن بالنسبة له هو الأمر الأهم.

ويمتد معبر الحدلات وهو في منطقة عسكرية بعيدة عن أي منطقة مأهولة في سوريا أو الأردن لثلاثة كيلومترات نصبت عليها سواتر بنيت قبل عقد لمحاربة التهريب. وتخضع باقي الحدود لحراسة مشددة من الدوريات والطائرات بلا طيار. وسار اللاجئون ومعظمهم أسر ونساء وأطفال لعدة أيام ويسكنون الآن في منطقة بين ساترين تقع من الناحية الفنية في الجهة الأردنية لكنها تفتقر للماء والخضرة والظل. ويقيم اللاجئون في خيام نسجت من البطانيات والقماش.

وقال عمال إغاثة طلبوا عدم نشر أسمائهم نظرا لحساسية الموضوع إنه كانت هناك تقارير عن وقوع وفيات بسبب الأوضاع هناك. ولم يذكروا تفاصيل أخرى. وعندما زار صحفيون المنطقة كان حارس حدودي يتوسل إلى امرأة سورية مسنة لكي تتحلى بالصبر لأنها كانت تتدافع مع آخرين أثناء محاولة عبور الحدود لدخول الأراضي الأردنية. وهتفت المرأة المسنة في وجه الحارس "نحن أرامل. ليس لدينا أحد... نحن ملقون في وسط الصحراء. ارحمونا من أجل الله."

ولم تعان موجات سابقة من اللاجئين السوريين بالقدر ذاته وكان بعضهم يمشي لمئات الأمتار فحسب لدخول الأردن من المراكز السكانية الرئيسية. لكن الأردن أغلق هذه المعابر الحدودية في عام 2013 في محاولة للحد من تدفق اللاجئين. ويشتبه مانحون في أن الأردن يحاول إبعاد اللاجئين عن مدنه ويبقيهم تحت رقابة قواته الأمنية ويشعرون بالتردد إزاء تقديم المساعدات لأي مكان من شأنه أن يفسر على أنه إضفاء شرعية على وجوده كمخيم لاجئين.

ويقول المانحون إن تكلفة نقل المياه والغذاء مرتفعة بشكل يحول دون وصولها إلى مثل هذه المنطقة النائية وهي أعلى بكثير من تكلفة تقديم المساعدة للاجئين في المناطق الأقرب لعمان. ويصر المانحون على أن الحل الوحيد هو السماح للاجئين بالدخول والسفر إلى مخيم الأزرق الذي يقع على بعد 100 كيلومتر شرقي العاصمة عمان والذي فتح بعشرات الملايين من الدولارات من المساعدات لكنه لا يزال خاويا تقريبا وكذلك مخيم الزعتري الذي يستضيف نحو 80 ألف لاجئ.

وفي ظل الخلاف بين جماعات الإغاثة والأردن يجري تسليم معظم مواد الإغاثة في الحدلات من الهيئة الدولية للصليب الأحمر. ويقول دبلوماسيون ومسؤولون إن الوضع سيُناقش خلال مؤتمر للمانحين لسوريا من المقرر أن يعقد في فبراير شباط في لندن. وقال أندرو هاربر رئيس بعثة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن "التحدي هو... التعامل مع المخاوف الأمنية للحكومة حتى يتسنى إدخال الناس... لكننا لن نقيم مخيما في بيئة غير آمنة." بحسب رويترز.

واجتمع مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي مع الملك عبد الله وأبلغ مؤتمرا صحفيا بعد ذلك أنه ينبغي السماح بدخول اللاجئين في أسرع وقت ممكن. وقال جراندي "ما نحاول قوله للحكومة الأردنية... أنه بمجرد تهدئة هذه المخاوف الأمنية وبمجرد فحص الناس بشكل سليم والتأكد من أنه لا يوجد عناصر خطيرة بينهم فينبغي إدخالهم تدريجيا لكن بأسرع وقت ممكن."

في السياق ذاته قال بيان للجيش الأردني إن القوات الأردنية قتلت 12 متسللا خلال محاولة فاشلة للتسلل من سوريا إلى الأردن. وقال البيان إن 24 شخصا آخرين فروا عائدين إلى سوريا بعد أن أطلقت قوات الجيش النار مع مصادرة الجيش مليوني قرص مخدر خلفها هؤلاء الأشخاص وراءهم. وقامت قوات حرس الحدود الأردنية بذلك بموجب قواعد الاشتباك التي تقضي بإطلاق النار وقتل أي شخص يحاول التسلل عبر الحدود مع سوريا التي تمتد لمسافة 370 كيلومترا. ويقول الأردن إنه شدد القيود على حدوده الشمالية مع سوريا ويقول مسؤولون إن الجيش أحبط محاولات كثيرة في السنوات الأخيرة لمتشددين كانوا يحاولون التسلل من الأردن إلى سوريا للانضمام إلى قوات المعارضة ضد الرئيس بشار الأسد.

النرويج

الى جانب ذلك قال مجلس الرعية في كنيسة تقع في القسم النرويجي من القطب الشمالي إنه سمح لثلاثة لاجئين سوريين احتموا بها خوفا من ترحيلهم إلى روسيا بالبقاء داخل المبنى. وشددت الحكومة اليمينية في النرويج قوانين اللجوء في أعقاب تدفق المهاجرين واللاجئين على أوروبا وقالت إن البعض بين 31 ألف لاجئ وصلوا إلى أراضيها العام الماضي ليسوا مؤهلين لمنحهم حق اللجوء. وتشمل الإجراءات ضد المهاجرين إعادة من يملك إقامة طويلة الأمد في روسيا الى هناك. ويقول معارضو هذه الخطوات إن السلطات النرويجية تنتهك حقوق طالبي اللجوء بعدم سماحها لهم بالطعن على القرارات التي تتخذ ضدهم.

ووصل رجلان وامرأة إلى الكنيسة البروتستانتية في بلدة كيركنيس من مركز قريب لإيواء المهاجرين. وقال فنش جيسم درفولا أحد العاملين في إدارة أبرشية سوير فارانجر "لقد طلبوا اللجوء من الكنيسة." وأكد مجلس الأبرشية على موقعه الإلكتروني وجود السوريين الثلاثة داخل الكنيسة "وسيعتبرون تحت حماية الكنيسة". وقال المجلس إنه لا يريد أن يرفض استقبال الناس وسيسعى إلى استيضاح احتياجاتهم ورغباتهم. بحسب رويترز.

واتصلت وكالة الهجرة النرويجية بالمجموعة في حين أبلغت الشرطة التي كانت موجودة خارج الكنيسة بالوضع. وذكرت الوكالة أن الشرطة اعتقلت نرويجيَين أوصلا بالسيارة طالبي اللجوء إلى الكنيسة. وأعادت الشرطة النرويجية 13 شخصا إلى روسيا بالحافلة يحملون الجنسيات السورية والافغانية واليمنية والباكستانية. ووصل خمسة آلاف من طالبي اللجوء إلى النرويج عام 2015 عبر روسيا من أصل 31 ألفا وصلوا في العام الماضي.

السودان

على صعيد متصل افتتح مطعم شاورمة أنس في أحد الشوارع المزدحمة في الخرطوم حيث الحركة على قدم وساق لخدمة الزبائن بتقديم سندويتشات وأطباق سورية من الدجاج واللحوم. وقد يتعرف القادمون من دمشق على اسم المطعم الأصلي في العاصمة السورية على مسافة 2000 كيلومتر من العاصمة السودانية. وقال أنس خالد صاحب المطعم "كل الشباب الذي يعمل معي هارب من الحرب. وأنا أشغل نحو 40 سوريا بين فرعين وآويهم جميعا."

ويفر أغلب السوريين الهاربين من الحرب الأهلية الدائرة منذ نحو خمس سنوات إلى دول مجاورة مثل تركيا ولبنان والأردن أو يقومون بالرحلة المحفوفة بالمخاطر إلى أوروبا بحرا أو سيرا على الأقدام. لكن في الوقت الذي تتجه فيه بعض الدول الأوروبية لإغلاق أبوابها وتواجه الدول المجاورة صعوبات في مجاراة سيل الوافدين بدأ عدد متزايد من السوريين يجدون ملاذا غير متوقع في السودان. ورغم أن السودان يعيش أزمة اقتصادية وتمردا في أقاليم مترامية فقد فتح أبوابه فأتاح للسوريين الأمان ومعاملتهم معاملة المواطنين بما يتيحه لهم ذلك من إمكانية الحصول على خدمات الصحة العامة والتعليم.

وتوصل مسح أجرته لجنة دعم العائلات السورية في يوليو تموز 2015 إلى أن أكثر من 100 ألف سوري يعيشون في السودان وذلك كنتيجة مباشرة للحرب وقد تزايد العدد منذ ذلك الحين. وصل خالد إلى الخرطوم عام 2007 قبل سنوات من بدء الحرب السورية لكنه لم يفتتح مطعمه سوى عام 2014 للمساعدة في إيجاد وظائف لطوفان السوريين الفارين من الصراع الذي سقط فيه 250 ألف قتيل وأرغم الملايين على النزوح عن ديارهم.

وقال خالد "قبل أن يبدأ السوريون الهجرة إلى هنا بأعداد كبيرة كنت أعمل في مطعم ومصنع. وبدأت المطعم كوسيلة لمساعدة الشباب الوافدين الذين عرفت أنهم سيعانون في سبيل إيجاد عمل ودفع الإيجار." وأشار إلى رجلين يدير أحدهما عمودا من لحم الدجاج ويتلقى الثاني النقود من الزبائن "هذا قريبي وهذا قريبي. أعرف معظمهم من أيام ما كنت في البلد وعرفت أنهم قادمون. فأي شخص فوق سن الثامنة عشرة ليس أمامه خيار سوى السفر أو الالتحاق بالجيش ومواجهة الموت المحتم."

وقد شجعت اللغة الواحدة وإمكانية الحصول على مساعدة الأصدقاء القدامي والأقارب الموجودين في السودان عددا أكبر من السوريين على بدء حياة جديدة فيه. وأصبحت شوارع الخرطوم تمتليء بالمطاعم السورية. وكل أسبوع تصل رحلتان جويتان من دمشق وتمر الأسر السورية دون عناء من مكاتب فحص جوازات السفر إذ لا تحتاج إلى تأشيرات للدخول وذلك على النقيض من القيود المشددة المفروضة على الحدود التي يواجهها السوريون في مختلف أنحاء العالم.

وقال أحمد الجزولي رئيس مفوضية اللاجئين في السودان "بدأنا الضغط لاستيعاب اللاجئين السوريين قبل أكثر قليلا من عام. في البداية كان العدد صغيرا لكنه زاد فيما بعد في أعقاب صدور أوامر من الرئيس بالسماح بدخول اللاجئين السوريين البلاد دون تأشيرة." وكان السودان قد نأى بنفسه في العام الأخير عن إيران التي تحالف معها لفترة طويلة وهي من داعمي الرئيس السوري بشار الأسد. وتحسنت العلاقات السياسية بين السودان والسعودية التي تدعم المعارضة التي تقاتل لعزل الأسد من السلطة وعرضت المملكة مساعدات اقتصادية على السودان تحتاج إليها الخرطوم بشدة.

ورغم شعور السوريين بالامتنان للهروب من أخطار الحرب والضغوط النفسية في وطنهم فهم يواجهون تحديات اقتصادية في العاصمة السودانية. وأدى نقص المعروض من الوحدات السكنية والطلب الخارجي إلى ارتفاع أسعار الاراضي والايجارات مما أثر على الوافدين الجدد. وصل عبد الكريم أبو زمار (28 عاما) الذي يعمل في المطبخ بمطعم خالد إلى السودان من تركيا في صيف 2015 بعد أن ظل يكافح لايجاد عمل في سوق العمل المتشبع هناك. وقال أبو زمار "اتصلت بعائلة سودانية على فيسبوك وأبلغتهم بخططي للانتقال إلى السودان. واستقبلوني في المطار ورحبوا بي في بيتهم." وأضاف "أقمت معهم شهرا قبل أن اتصل بأنس جاري في سوريا وبدأت العمل معه."

ورغم أن أبو زمار يعمل ورديات كل منها 12 ساعة فهو يواجه صعوبات في سد كل احتياجاته. وقال "أنا خاطب بنت سورية قابلتها هنا لكن أجري لا يغطي كلفة الايجار. وهذا مرهق لأن كلفة المعيشة ترتفع والأجور كما هي." وتابع "بعد أن فقدت أبناء عمي وأصدقائي في الحرب أصبح كل ما أريده هو الاستقرار." بحسب رويترز.

ورغم المصاعب فقد أبدى من بدأوا حياة جديدة في السودان امتنانهم الشديد. ففي يوليو تموز الماضي بدأ مجموعة من السوريين مبادرة بعنوان شكرا للسودان ووزعوا الحلوى والمياه على السيارات المارة. وقال مازن أبو الخير مؤسس لجنة دعم العائلات السورية في السودان الذي يحمل الجنسيتين السورية والسودانية منذ ما قبل الحرب "إذا أغلق السودان أبوابه فأمام السوريين خياران: تركيا أو البحر. والكل شاهد المآسي التي تحدث في البحر."

برنامج جديد

من جانب اخر اصبح بامكان اللاجئين السوريين في الاردن سحب اموال المساعدات من اجهزة الصرف الالي دون الحاجة لبطاقات إئتمانية بفضل برنامج جديد أطلقته الامم المتحدة، هو الاول من نوعه في العالم، يعتمد على بصمة العين. وتقول المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان المشروع جاء بعد ان ابدى لاجئون حاجتهم الى "برنامج نقدي واضح يعزز كرامتهم ويوفر وسيلة للحصول على المساعدة دون حاجة لاتباع الاسلوب التقليدي كالاصطفاف في طابور خارج ابواب الوكالة للحصول على المساعدات".

والبرنامج الجديد الذي اطلق عليه بالانكليزية اسم "آي كلاود" وبالعربية اسم "مساعدة برمشة عين" سيسمح للاجئين بتسلم مساعداتهم النقدية خلال ثوان معدودة عن طريق استخدام بصمة العين من خمسين جهاز صرف آلي في محافظات المملكة. ويرتبط البرنامج مباشرة ببيانات اللاجئين لدى المفوضية. ويحتاج اللاجىء الى أقل من ثلاثين ثانية يقف خلالها امام جهاز الصرف الالي الجديد المزود بجهاز اسود صغير يلتقط بصمة العين كي يتسلم المساعدات المخصصة له.

وقال ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الاردن آندرو هاربر "هذه التقنية الجديدة هي اكثر البرامج سرعة وفعالية وكفاءة في العالم". واضاف "الذين سيتلقون المساعدات النقدية الشهرية في الأردن هم اولئك الذين يعيشون خارج المخيمات، هم الاشخاص الأكثر ضعفا، الارامل اللواتي لديهن اطفال، والمسنون، والاشخاص الذين لا يملكون فرصة عمل، ولا يستطيعون اعالة أنفسهم". واشار الى ان "المفوضية صرفت منذ عام 2012 اكثر من 150 مليون دولار للاجئين الاكثر ضعفا"، مؤكدا ان نحو 43 الف عائلة تفيد من البرنامج. واكد هاربر ان "المساعدات ستقدم من خلال البرنامج الجديد الى اللاجئين السوريين والعراقيين والسودانيين والصوماليين الاكثر ضعفا".

وأكد عماد ملحس، الرئيس التنفيذي لشركة "ايريس غارد" المصممة للمشروع والتي تتخذ من بريطانيا مقرا، ان "هذا النظام يمكن المفوضية من تقديم المساعدات للاشخاص الذين لا يملكون حسابات مصرفية، بشكل فعال وآمن بكل كرامة واحترام بدون الحاجة الى استخدام بطاقة او رقم سري". وتجمع عشرات اللاجئين في مصرف في وسط العاصمة الاردنية للحصول على المساعدات المالية المخصصة لهم للمرة الاولى عبر الوسيلة الجديدة. ومعظم الموجودين من النساء مع اطفالهن.

وقالت سعاد (40 عاما)، وهي ام لسبعة، وقد فقدت زوجها في غارة على الغوطة الشرقية في ريف دمشق قبل ثلاثة اعوام، بعد ان استلمت 120 دينارا (170 دولارا)، "انا سعيدة لان الامر تم بسرعة. فنحن بأمس الحاجة لكل دينار من هذه المساعدات من اجل دفع ايجار المنزل البالغ 230 دينارا (330 دولارا)". واضافت وقد تمسك بعباءتها السوداء اثنان من اطفالها بينما اثنان آخران وقفا الى جانبها، "بالاضافة الى هذا المال، نحن نتسلم 100 دينار (140 دولارا) من منظمة يونيسيف ليصبح المجموع 220 دينارا (310 دولارا)" شهريا.

وتابعت سعاد التي لجأت الى الاردن مباشرة بعد مقتل زوجها "أحمد الله ان ابنائي الشبان الثلاثة يستطيعون العمل في سوق الخضار من اجل اعانتنا في حياتنا الصعبة والا لكانت الامور لا تطاق". واوضحت ان "هذه المساعدات رغم انها قليلة وغير كافية لتلبية احتياجاتنا، لكنها مفيدة جدا (...). أهم شيء ان نكون تحت سقف يحمينا".

وقال محمد (35 عاما) الذي اكتفى بذكر اسمه الاول، وهو من دمشق، انه جاء الى البنك فور استلامه رسالة من المفوضية على هاتفه الجوال ابلغته بضرورة الحضور لاستلام خمسين دينارا (70 دولارا) مخصصة له ولزوجته. واضاف محمد الملتحي والذي بدت عليه آثار التعب وقد بدا مستعجلا وينتظر دوره بفارغ الصبر "نحن بأمس الحاجة لهذا المال فزوجتي تعاني من السرطان ومرضها هذا يجعلنا بحاجة دائمة للمال". واضاف "اننا نعاني من ظروف انسانية صعبة ومرضها يحتم علي ان اكون دائما بقربها دائما وهذا ما يمنعني من العمل". واشار الى ان ايجار منزله وحده يبلغ 115 دينارا (165 دولارا)، مشيرا الى ان "هناك اناس خيرين يساعدوننا في محنتنا هذه". بحسب فرانس برس.

وبحسب الامم المتحدة هناك نحو 630 الف لاجئ سوري مسجلين في الاردن، بينما تقول السلطات ان المملكة تستضيف نحو 1,4 مليونا يشكلون 20% من عدد سكانها البالغ نحو سبعة ملايين. ويعيش نحو90% من اللاجئين السوريين خارج المخيمات. فيما يأوي اكبر المخيمات، مخيم الزعتري في المفرق على بعد 85 كلم شمال شرق عمان، نحو 80 الف لاجئ. وبسبب المخاوف الامنية، خفض الاردن عدد نقاط العبور للاجئين القادمين من سوريا من 45 نقطة في العام 2012 الى نقطتين في شرق المملكة في العام 2015. وقال ابراهيم (30 عاما) وهو اب لاربعة اطفال لجأ الى الاردن قادما من حلب، "الكل يعرف ان هذه المساعدات قليلة وغير كافية ولكن الكل يعرف ايضا انه بدون هذه المساعدات كنا نعاني الامرين، هي على قلتها نعمة من السماء".

اضف تعليق