q

يبدو أن انتصارات الجيش والحشد الشعبي في العراق، ومحور المقاومة مع الجيش السوري في سوريا، وانكسار داعش من ناحية وانكفاء الإخوان المسلمين عن الساحة المصرية من ناحية أخرى وتراجع واضح في العلاقة مع روسيا مع سياسة حمقاء تجاه دول الجوار، زاد الطينة بلةّ على نظام أردوغان الذي يتحمل أسباب الفشل في سياسات تركيا الخارجيّة يوما بعد يوم.

هذه السياسة العدوانية (العنترية) بأجنداتها السلطوية والديكتاتورية، بأحلامها التوسعية، جعلت نظام أردوغان مؤهلا للعودة بقوة في علاقته مع الكيان الصهيوني أكثر من ذي قبل.

اقتصاديا -وبحسب خبراء ومحللين- فأن تركيا وجهت بوصلتها إلي إسرائيل بعد أن أوقفت روسيا إمدادها بالغاز في وقت تحشر فيه تركيا نفسها في عدة صراعات في المنطقة كسوريا والعراق، وهو ما يجعلها في حاجة إلي المزيد من الغاز. وهو ما اضطر أردوغان إلى العودة باتجاه إسرائيل إذ انه كان دائما ما يخرج في خطاباته ويهلل ضد كيان الاحتلال إلا أنه سرعان ما استوعب الدرس الروسي وخرج ليؤكد على عمق العلاقات بين تركيا وإسرائيل وأنه يسعي إلى استئنافها. ويأتي ذلك في وقت أكد فيه المحللون أن العلاقات بين أنقرة وتل أبيب (سمن على عسل)، مؤكدين أن القطيعة بينهما بعد حادث مرمرة أكذوبة تركية لرفع شعبية اردوغان وجماعته، مشيرين إلى أن العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية كانت سارية طوال السنوات الماضية‘‘.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في وقت سابق ‘‘إن التقارب بين تركيا والكيان الإسرائيلي "يمثل أهمية حيوية بالنسبة للمنطقة" بأسرها -بحسب ما نقلت وكالات الأنباء التركية -، وأضاف اردوغان ‘‘أنه لا يعارض عودة العلاقات التركية الإسرائيلية إلى مسارها الطبيعي، مشيراً إلى أن "تطبيع العلاقات بين البلدين سيكون في صالح المنطقة بأسرها".

لهذا قرر الجانبان التركي والإسرائيلي خلال لقاء سري جمع القادة الأتراك والإسرائيليين في سويسرا، إثر إبداء اردوغان رغبته في استئناف العلاقات مع الكيان الصهيوني بأن يستأنفا علاقاتهما التي علقت في مايو 2010 اثر الهجوم الإسرائيلي على قافلة السفن التي كانت تحمل المساعدات الى قطاع غزة وقد أدى ذلك الهجوم الى مقتل 9 أتراك.

لذا عينت تركيا سفيرا جديدا لدى الكيان الإسرائيلي، وبرأي أنقرة أن تعيين السفير الجديد هو "لإعادة إصلاح العلاقات التركية الإسرائيلية" التي تعثرت قليلا، ولكن طبعا بشروط إسرائيلية وضعف تركي هذه المرة، ومنها طرد قادة حماس من داخلها، وعدم السماح للقيادي البارز في الحركة (صالح العاروري) بالعمل داخل تركيا، وهو ما حدث بالفعل، وأن يتم فرض قيود على نشاط حماس في تركيا.

تركيا أردوغان هذا البلد الذي أضاع كل هوياته، فلا هو علماني ولا هو إسلامي، ولا ديمقراطي وإنما يدّعي كل ذلك في ذات الوقت الذي يدعم الدواعش ويحتل جزءا من الأراضي العراقية في واحدة من مفارقات السياسة المتخبطة لدى هذا النظام الذي يقول عنه المختصون بالشؤون السياسية ‘‘تحمل إعادة العلاقات إلى طبيعتها بين تركيا وإسرائيل مفارقة كبيرة لجهة التوقيت، ففي وقت «صفّرت» تركيا علاقاتها مع سوريا والعراق وإيران وروسيا والصين وقوى أخرى في المنطقة، إذا بها «تصفّر» مشاكلها مع التهديد الأكبر للمنطقة أي إسرائيل. وهذا يرسم مخاوف جدية ومخاطر جمة من طبيعة ما تخبئ له الكماشة التركية ـ الإسرائيلية المتجددة على أعدائهما المشتركين. وهكذا فإن التطبيع الكامل للعلاقات بين تركيا وإسرائيل لا يمكن أن ينفصل عن ـ بل يقع في صلب ـ ما يجري في المنطقة من تطورات وسيناريوهات تحبك خيوطها وترسمها الولايات المتحدة من أجل إعادة رسم خريطة المنطقة بما يتوافق مع مصالحها، بهدف مواجهة المحور الذي تقوده إيران وروسيا.

تركيا وإسرائيل وجهان لعملة واحدة، فكلاهما يدعمان الإرهاب، وكلاهما لهما أطماع في أراضي الدول المجاورة، وكلاهما ضد محور المقاومة وإيران، وكلاهما يحاولان ويسعيان إلى تقسيم العراق وسوريا من خلال إضعافهما بحرب طويلة وبواسطة أدواتهم الإرهابية الداعشية في المنطقة..

علاقة تركيا وإسرائيل اليوم وغدا -كما يجمع الرأي السائد- سمن على عسل، وتلك هي بداية السقوط لهذا النظام الذي يواجه اليوم ردود فعل شعبية وعربية وإسلامية بل وحتى من بعض الدول الأوربية، بسبب سياساته الداعمة للإرهاب وعقليته الديكتاتورية والعسكرية التآمرية تجاه الآخرين.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق