q

العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي وكما يقول بعض المراقبين تتجه إلى مزيد من التوتر، بسبب السياسات والممارسات العدائية والإجرامية التي تنتهجها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، حيث شهدت السنوات الاخيرة تغيرات مهمة وتطورات كبيرة في مواقف وسياسات بعض الدول منها دول الاتحاد الأوروبي تجاه اسرائيل، التي سعت الى توسيع نشاطها الاستيطاني وهو ما اسهم بتقيد الامور، خصوصا وان دول الاتحاد الأوروبي قد عمدت الى اتخاذ بعض القرارات والقيود والعقوبات الاقتصادية ضد المستوطنات الإسرائيلية، يضاف الى ذلك انتقادات والمناوشات بين اسرائيل وبعض الدول والتي تطورت الى خلافات وازمات كبيرة، لكن وعلى الرغم مما تقدم فقد اكد بعض الخبراء ان هذه الخلافات ربما لن تستمر طويلا خصوصا مع وجود اطرف ودول اخرى، ستسعى الى تقريب وجهات النظر من اجل خدمة مصالح إسرائيل وضمان تفوقها في المنطقة.

وبحسب بعض المصادر فان التوترات بين إسرائيل وعدد من الدول الأوربية تتضاعف بعد إعلان أكبر ثاني محكمة بالاتحاد الأوروبي رفع اسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من قوائم الإرهاب الأوربية، كذلك مع ظهور انتقادات متكررة من الاتحاد الأوربي بسبب تعثر الجهود نحو إرساء عملية السلام في فلسطين بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. كذلك أدى قرار البرلمان الأوربي بالإجماع الذي اعترف بالدولة الفلسطينية إلى إثارة سخط شديد في الأوساط الإسرائيلية التي اعتبرت أن هذه الخطوات تشكل خطرا على العلاقات الأوربية الإسرائيلية. ومن بين الدول الأوربية التي اعترفت بدولة فلسطينية شكلية كانت دول السويد وإسبانيا وفرنسا وأيرلندا وبريطانيا والبرتغال والتشيك والمجر وبولندا وبلغاريا ورومانيا ومالطا، وهو ما شكل ضغطا سياسيا على إسرائيل التي رأت أن هذه الخطوات تصب في مصلحة العنف والإرهاب.

يُعزز من هذه التوترات قرار محكمة إسبانية بإصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو و6 مسؤولين حكوميين إسرائيليين سابقين وحاليين، على خلفية قضية مجزرة أسطول الحرية 2010، حيث صدرت الأوامر لقوات الأمن الإسبانية باعتقال نتنياهو بمجرد وجوده على الأراضي الإسبانية، أو أي شخص من الموجه ضدهم الدعوى. تزامنت عملية التدهور في العلاقات الأوربية الإسرائيلية مع عملية صعود التيارات الاشتراكية الديمقراطية في العديد من بلدان الاتحاد الأوربي مع تراجع نجم تيار اليمين الداعم لإسرائيل، إذ أن هذه التيارات المحسوبة على اليسار تتخذ موقفًا من الاحتلال الإسرائيلي وممارساته كثيرًا ما أبدته إبان تواجدها في المعارضة، وبعد وصول الكثير منها إلى الحكم ترجمت المواقف الأيديولوجية لها إلى أفعال كثيرًا ما أثارت غضب الإسرائيليين.

هذا ويعول الإسرائيليون في هذه الآونة على إعادة صعود اليمين المتطرف الداعم لإسرائيل في أوروبا كرد فعل على الهجمات الإرهابية التي تجتاح العواصم الأوربية، وكذلك موجة اللاجئين المرتفعة القادمة من الشرق الأوسط، وتعمل أوساط إسرائيلية في أوروبا على دعم هذا التيار المعادي للمهاجرين دعمًا سياسيًا في محاولة لتصديره في السلطة مجددًا تلافيًا لحالة التوتر الحالية التي تسود العلاقة مع الكثير من دول أوروبا.

السويد واسرائيل

في هذا الشأن ذكرت وسائل إعلام محلية أن مارجو ولستورم وزيرة خارجية السويد دعت لإجراء تحقيق لتحديد ما إذا كانت إسرائيل مذنبة في عمليات قتل فلسطينيين خارج إطار القانون خلال أعمال عنف في الفترة الأخيرة. وهذه هي الأحدث ضمن سلسلة تصريحات أدلت بها ولستورم وأثارت غضب السلطات الإسرائيلية. وتدهورت العلاقات بين السويد وإسرائيل بعد أن اعترفت السويد بالدولة الفلسطينية بعد فترة وجيزة من فوز الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي تنتمي له ولستورم في انتخابات عامة عام 2014.

وعمقت الخلاف العام الماضي بوصفها لمعاناة الفلسطينيين بأنها من العوامل التي تقود إلى التطرف الإسلامي. ونقلت وكالة أنباء تي تي عن ولستورم قولها خلال مناقشة برلمانية "من المهم أن يكون هناك تحقيق متعمق في هذه الوفيات من أجل التوضيح والمساءلة." وفي ردها على تصريحات الوزيرة قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان "إن وزيرة الخارجية السويدية أنعشت بتعليقاتها المتهورة والسخيفة الإرهاب وبذلك فهي تشجع على العنف." واتهمت جماعات مدافعة عن حقوق الانسان إسرائيل باستخدام القوة المفرطة لقمع الاضطرابات.

وأبدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة القلق قائلة إن ضبط النفس مطلوب لضمان عدم تصاعد العنف بدرجة أكبر في الوقت الذي تدافع فيه عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. ومنذ أول أكتوبر تشرين الأول الماضي قتلت القوات الإسرائيلية ومدنيون مسلحون 142 فلسطينيا على الأقل 90 منهم تصفهم السلطات بالمهاجمين.

وسقط غالبية القتلى الآخرين في اشتباكات مع قوات الأمن. وأسفرت هجمات نفذها فلسطينيون إما بالطعن أو بالدهس بسيارات أو بإطلاق النار عن مقتل 24 إسرائيليا ومواطن أمريكي منذ بداية أكتوبر تشرين الأول الماضي. ويقول معلقون إن التصعيد في موجة العنف يعود إلى انهيار محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة في 2014 وتمدد المستوطنات اليهودية فوق أراض يريد الفلسطينيون أن يقيموا عليها دولتهم ودعوات إسلاميين لتدمير إسرائيل.

من جانب اخر أدانت إسرائيل إشارة من وولستروم إلى أن قواتها قتلت بشكل غير مشروع فلسطينيين مشاركين في موجة من العنف في الشوارع واصفة هذه الإشارة بأنها "شائنة" وحذرت من قطيعة دبلوماسية مع ستوكهولم. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لحكومته في تصريحات مذاعة "أندد بهذه التصريحات.. التصريحات الشائنة التي ادلت بها وزيرة الخارجية السويدية." وأضاف "يبدو أنها تتوقع من المواطنين الإسرائيليين كشف رقابهم أمام من يحاولون طعنهم. هذا لن يحدث وسوف نستمر في حماية أرواح المواطنين الإسرائيليين".

ولمحت تسيبي هوتوفلي نائبة وزير الخارجية في مقابلة اذاعية إلى إمكان استبعاد الحكومة السويدية من الجهود المبذولة لإحياء عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين المتوقفة منذ مطلع 2014. وقالت لإذاعة الجيش الإسرائيلي "السويد تخطت كل الخطوط الحمراء في علاقتها مع إسرائيل . "هذا تشويه لصورة إسرائيل وهذه التصريحات تبعد السويد من صفوف الدول المستنيرة التي يمكن أن تشارك في الحوار بشأن الحقوق في المنطقة." بحسب رويترز.

كما رد المتحدث باسم الخارجية الاسرائيلية ايمانويل نحشون معتبرا انه "تصريح شائن وغير ملائم ولا يمت الى الحقيقة بصلة". واضاف نحشون "اي شخص يرتكب جريمة في اسرائيل يمثل امام محكمة، وهذا يشمل الارهابيين. على المواطنين الاسرائيليين ان يعيشوا في مواجهة الارهاب الذي تعززه تصريحات مغلوطة وغير مسؤولة من هذا النوع"، وقالت الوزيرة السويدية "اندد بالهجمات بالسكاكين. اقول انها رهيبة وينبغي الا تحصل وان من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها. لكنني اقول ايضا ان الرد يجب ان يكون على هذا النحو، وهذا ما اقوله في حالات اخرى يترجم فيها الرد بإعدامات تعسفية او يكون غير متكافئ".

بلجيكا وبريطانيا

على صعيد متصل قرر وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز ارجاء زيارة كان سيقوم بها لاسرائيل والاراضي الفلسطينية اثر قرار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو تعليق الاتصالات مع الاتحاد الاوروبي، واورد بيان رسمي "اثر قرار رئيس وزراء اسرائيل تعليق الاتصالات مع الاتحاد الاوروبي في شان عملية السلام في الشرق الاوسط، وبالنظر الى تأثير هذا القرار على برنامج زيارة ديدييه ريندرز، اكد الاخير لسفير اسرائيل في بلجيكا قراره بارجاء زيارته الى موعد لاحق". واضاف البيان ان الوزير البلجيكي "يأسف، للمناسبة نفسها، لاضطراره الى ارجاء اتصالاته مع محاوريه الفلسطينيين".

وامر نتانياهو بتعليق الاتصالات الدبلوماسية مع الاتحاد الاوروبي حول النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين، ردا على قرار الاتحاد وضع ملصقات على المنتجات التي مصدرها المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي المحتلة. وهذه المستوطنات تعتبر غير قانونية بحسب القانون الدولي. ورد الاتحاد الاوروبي مؤكدا انه سيواصل "العمل" حول عملية السلام رغم القرار الاسرائيلي. ويسعى الاتحاد الى احياء عملية السلام عبر اللجنة الرباعية الدولية للشرق الاوسط التي تضمه والولايات المتحدة والامم المتحدة وروسيا.

الى جانب ذلك وقع أكثر من 107 آلاف شخص على عريضة في بريطانيا تدعو إلى اعتقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو - لاتهامه بارتكاب جرائم حرب. وقالت بريطانيا إن رؤساء الدول الزائرين يتمتعون بحصانة من الإجراءات القانونية ومن ثم لا يجوز اعتقالهم ولكن الالتماس يشير إلى مدى قوة المشاعر لدى البعض بشأن حرب العام الماضي بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.

وجاء في العريضة "بموجب القانون الدولي يجب ان يعتقل نظير جرائم الحرب لدى وصوله في المملكة المتحدة بسبب المذبحة التي قتل فيها أكثر من 2000 مدني في عام 2014 ." ويبحث البرلمان كل الالتماسات التي تحصل على أكثر من 100 ألف توقيع لطرحها للمناقشة. وقالت الحكومة البريطانية "ندرك أن الصراع في غزة العام الماضي أسفر عن محصلة مرعبة من القتلى. ومثلما قال رئيس الوزراء شعرنا جميعا بحزن بالغ للعنف وكانت المملكة المتحدة في طليعة جهود الإعمار الدولية." بحسب رويترز.

وأضافت "غير أن رئيس الوزراء كان واضحا بشأن اعتراف المملكة المتحدة بحق إسرائيل في اتخاذ الإجراء المناسب للدفاع عن نفسها في إطار القانون الإنساني الدولي." وكان يوجد أكثر من 500 طفل بين 2100 فلسطيني أغلبهم مدنيون قتلوا في الحرب. وقتل 73 اسرائيليا معظمهم جنود. وبعد شهرين من حرب غزة وافق البرلمان البريطاني على الاعتراف بفلسطين كدولة- وهو اجراء غير ملزم لكنه رسالة رمزية لدعم الفلسطينيين. وأصدرت محكمة بريطانية في عام 2009 مذكرة اعتقال بحق وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني في اتهامات بجرائم حرب لكنها سحبتها عندما وجدت أنها ألغت زيارة مقررة إلى بريطانيا.

نتنياهو ودعم أوروبا

في السياق ذاته قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن على أوروبا أن تعتبر إسرائيل شريكا في التصدي للمتشددين الإسلاميين الذين ينتمون "للعصور الوسطى" بدلا من انتقاد سياستها تجاه الفلسطينيين. وقال إن إسرائيل مثل أوروبا تتعرض لخطر يتمثل في عنف الإسلاميين وإن على الجانبين أن يقفا معا. وقال "نواجه تحديا يتناقض مع الحداثة وهو شكل من أشكال العصور الوسطى الهمجية .. العصور الوسطى المبكرة البدائية الوحشية المهلكة التي تنبع من مصدري الإسلام المتشدد" في إشارة الى السنة والشيعة.

وتابع "ينبغي لأوروبا أن تدعم إسرائيل - لا أن تضغط على إسرائيل - لا أن تهاجم إسرائيل لكن تدعم إسرائيل وهي الدرع الحقيقي الوحيد لأوروبا والشرق الأوسط ضد الإسلام المتطرف الذي يتزايد." ويبدو أن هذه التصريحات محاولة لتوجيه النقاش بعيدا عن الحديث بشكل مستمر عن احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقيود التي تفرضها على قطاع غزة وضرورة العودة لمحادثات السلام مع الفلسطينيين الذين يريدون إقامة دولتهم في الضفة والقطاع. بحسب رويترز.

وتسعى أوروبا لوضع خطط لتحمل المنتجات التي تصنع في مستوطنات إسرائيلية علامات تشير الى أنها مصنوعة في أراض محتلة وليس في إسرائيل. واثار هذا التحرك غضب إسرائيل التي تعتقد أن أوروبا تطبق معايير مزدوجة وتعاقب شريكا تجاريا مهما. وتقوم بعض المتاجر في بريطانيا بالفعل بوضع علامات على منتجات المستوطنات الإسرائيلية لتوضيح أنها منتجة هناك ونشرت وزارة الخارجية تحذيرات في موقعها من مخاطر التعامل مع شركات إسرائيلية تعمل داخل الضفة الغربية.

هذا وقد كدت تقارير إسرائيلية، أن هناك أزمة كبيرة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، بسبب العقوبات الأوروبية ضد منتجات المستوطنات، حيث أعرب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن قلقه من اتخاذ الاتحاد الأوروبي قرارات إضافية ضد اسرائيل. وقال نتنياهو: نحن نواجه أزمة ليست صغيرة مع الاتحاد الأوروبي، فلقد قاموا بوسم منتجات المستوطنات، ولا نعرف إن كانوا سيقومون بأمر آخر أم لا.

وكان النشاط الإسرائيلي في المناطق “ج” بالضفة الغربية، قد تسبب مؤخرًا، في توتر كبير بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وتتخوف إسرائيل من القرارات المرتقبة للأخير في هذا الشأن، حيث إن العديد من دول الاتحاد وعلى رأسها فرنسا، تدرس منذ عدة أشهر، إمكانية دفع قرار ضد المستوطنات في مجلس الأمن الدولي. ويذكر، أن إسرائيل قد حذرت الاتحاد الأوروبي من أن قراره بوضع ملصقات على منتجات المستوطنات في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، سيكون له “تداعيات سياسية”، حيث أثار القرار حفيظة صناع القرار، داخل إسرائيل، وسط موجة من التنديد والضغط بضرورة العدول عنه.

اضف تعليق