q

منذ ظهور شخصيَّة السيد سليم الجبوري، على الساحة السياسية بعد سقوط النظام البائد، نلاحظ أنه يتقمص شخصية، المفوّض العام للدفاع، عن الطائفة السُّنيَّة في العراق. دون التفريق بين المواطنين السُّنَّة، الذين يعيشون مع اخوانهم الشّيعة، وبين الارهابيين السُّنَّة أو المتطرفين السُّنَّة، الذين أَوغلوا في الاجرام، وبات وجودهم ضمن المجتمع العراقي، أمراً مستحيلاً.

ولأجل تأكيد هذا النهج، فان السيد الجبوري يحرص على حضور المؤتمرات، التي تعقدها الجماعات السُّنيَّة المرتبطة بصورة وأخرى بالارهاب. فهذه المؤتمرات يشارك فيها، شخصيات مطلوبة للقضاء العراقي، ومتورطة في اعمال ارهابية. وكان آخر هذه المؤتمرات مؤتمر (الملتقى التشاوري الثاني لمحافظات نينوى وصلاح الدّين والأنبار).

الملاحظ في هذه المؤتمرات، ان من يصممها ويخطط لها ويديرها وينفذها، اشخاصٌ بعيدون كل البعد، عن تمثيل الوسط السُّنّي المتعايش مع الوسط الشّيعي. وان حرص السيد الجبوري على حضور هذه المؤتمرات، ليبقى في دائرة الضوء، قريباً من القيادات السُّنيَّة المدعومة، من قبل دول الخليج. ويبدو ان الجنسية القطريّة التي حصل عليها السيد الجبوري، تفرض عليه استحقاقات البقاء، قريباً من قيادات الفنادق التي ترعاها دول الخليج، والتي لا تنفك عن التآمر على العراق حاضراً ومستقبلاً.

وكما اشرتُ في مقالات نشرتها سابقاً، ان السيد الجبوري يطرح دائماً نقاطاً تصبُّ في صالح المشروع الطائفي، وإِنّْ حاول افتعال استخدام العبارات، التي تدفع عنه هذه الشبهة، لكن يبقى السياق العام لوجهة النَّظر، التي يتبناها السيد الجبوري، تشير بوصلتها بوضوح، بأنها تنسجم مع التوجهات الطائفيّة عموماً.

السيد الجبوري قد اغفل الاهتمام بالوسط السُّنّي المعتدل، الذي يمثل أَكثريّة الطائفة السُّنيَّة، بالرغم من خاصرته الضعيفة في الوجود السُّنّي، بسبب رفضه الانحدار في مستنقع الارهاب والعنف.

كما ان السيد الجبوري أهمل من حساباته، الجمهور الذي تأذّى من ممارسات الارهابيين السُّنَّة، فلم يقترب منهم بالشكل الكافي، واكتفى بالتواصل معهم بشكل روتيني بارد، كما تواصل معهم غيره من المسؤولين الحكوميين السُّنَّة.

لقد طرح السيد الجبوري في خطابة بمؤتمر الملتقى التشاوري الثاني، الذي انعقد بتاريخ 10/1/2016 في اربيل، عدة نقاط، لا تختلف في جوهرها عما طرحه في مؤتمرات سابقة. وسأدرج أَهمَّها في النقاط التالية، واضعها بين قوسين، وسأضمّن تعليقي بعدها:

1. (حيث يجتمع أهل الرأي والمشورة من أهل الميدان معاً فهذا يعني ان المشكلة قد اصبحت في اطار خطتنا العملية).

لم نسمع في المؤتمر، أيّة كلمة لممثل (أهل الميدان)، الذين يقاتلون داعش في محور صلاح الدين والانبار وديالى.

2. (اننا نملك رؤية فما انجزتموه في المرحلة السابقة يستحق التقدير).

لا ادري ماذا انجزت قيادات الفنادق، في المرحلة السابقة، غير التآمر على العراق وشعبه ومستقبله.

3. (الاعتزاز بكردستان التي احتضنت واستضافت جزءاً من شعب العراق وهي تستضيف قادة وحكومات هذا الشعب في رحاب أربيل).

لعمري كيف يتجرأ ممثل كل العراقيين، رئيس البرلمان العراقي، الاشادة بكردستان و(المقصود حكومة كردستان). وهذه الحكومة تتآمر على الشعب العراقي، بإيواء المطلوبين للقضاء العراقي، وتحاول تدمير اقتصاده وسيادته وأمنه ومن ثمّ تقسيمه.

4. (لقد اثبتم بالدليل العملي الواضح انكم قادرون على تحرير أرضكم ومواجهة عدوكم).

هل قيادات الفنادق وسكنة اربيل، هي التي حررت الارض، وخاضت المعارك جنباً الى جنب مع القوات المسلحة العراقية والحشد الشعبي لتحرير الاراضي من داعش؟.

5. (وأهل نينوى مستعدون لمؤازرة القوات المُحرِرَة وهم ينتظرون ساعة الصفر كي يندمجوا في هذا الجهد ويؤازروه).

أقول للسيد الجبوري المحترم: ان من بقى في نينوى بعد احتلالها ولم يرحل عنها، هم أعوان وأذناب داعش، والمتعاونون مع داعش. وهم انفسهم من آزر داعش، وهاجم القوات العراقية، قبل سقوط الموصل، ولم يقاتلوا داعش دفاعاً عن أرضهم.

6. (وقد رأيتم كيف كلفتنا الخلافات أثماناً باهظة وخسرنا بسببها جهداً ووقتاً ومالاً كبيراً وكل ذلك صبَّ بصورة وأخرى بمصلحة أعداء الدولة والارهابيين).

نعم لقد صدق السيد الجبوري في هذه النقطة، فقد تسبب رعاة الارهاب، بتدمير العراق على مستوى الارواح، والاقتصاد والبنى التحتية، وأوقفوا عجلة تقدم العراق بشكل كامل.

7. (لقد آن الأوان للخروج من نفق الأزمة عبر بوابة المصالحة الوطنية الشاملة التي دعونا لها ولازلنا).

أقول: انه المطلب الذي يأتي منسجماً، مع تطلعات المجرمين والارهابيين. فمشروع المصالحة سراب لا يعتمد على أية ضوابط، تضمن حقوق الضحايا والمظلومين سابقاً ولاحقاً. بل هو مشروع يسعى لضمان عدم محاسبة الارهابيين والبعثيين المجرمين.

إِنَّ التشابه التّام في خطابات المسؤولين السُّنّة، لا يخدمهم بالمرّة، فهم يحتاجون لخطاب وطني معتدل واضح، يضع النقاط على الحروف، ويعالج الواقع والمواقف بشكل جدّي. فالسُّني كأخيه الشّيعي لمّْ يعُد يهتم بالخطب والمواعظ والوعود. وانما ينتظر المُنقذّ الذي يعيد اللحمة الوطنية العراقية، الى منابعها الأصليّة، وهذا المطلب لا يوفره للسنّة والشيعة، الأَعم الأَغلب من العاملين، في المجال السياسي في الوقت الحاضر. والله تعالى من وراء القصد.

* كاتِبٌ وبَاحِثٌ عِرَاقي

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق