q

موضوع انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، والتطورات المهمة التي شهدها هذا الملف في الفترة الأخيرة وعودة المباحثات بعد توقف دام سنتين كما تنقل بعض المصادر، لايزال محط اهتمام العديد من المراقبين والخبراء، حيث اكد العديد منهم ان السلطات التركية اثبتت انها تستطيع على تغير العديد من التوقعات، وبمقدورها أن تلعب بأوراق ضغط كثيرة من اجل الوصول الى ما تريد وبتالي تحقيق مصالحها واهدافها التوسعية، من خلال ايجاد وخلق الازمات والمشاكل الامنية والاقتصادية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط والعالم، الامر الذي اجبر بعض الحكومات والدول على قبول تركيا كشريك ولاعب مهم، حيث نجحت اليوم في تغير موقف الاتحاد الأوربي بخصوص انضمامها إلى الاتحاد بسبب تدفق اللاجئين، وذلك بعد قرابة عام من تصريح رئيس الاتحاد الأوروبي بضرورة إعادة النظر بخصوص سياسة توسع دول الاتحاد. وترجم هذا التغير في الموقف الأوروبي بعد أن وعد الاتحاد بمساعدة أنقرة لوقف تدفق المهاجرين، وإعادة إحياء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد.

وقد كشفت صحيفة نمساوية عن معلومات من تقرير سرى أعده جهاز الاستخبارات الخارجية، التابع للجيش النمساوي "اتش أن ايه"، توضح أن السبب الرئيسي وراء التراجع الكبير في أعداد اللاجئين السوريين مؤخراً إلى أوروبا يرجع إلى الإجراءات التي اتخذتها السلطات التركية، وأسفرت عن كبح جماح حركة اللاجئين المتدفقين إلى أوروبا، لإثبات قدرتها على التحكم في أعداد اللاجئين الوافدين إلى أوروبا.

وأوضح التقرير أن تركيا سمحت، عقب محادثات أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الاتحاد الأوروبي، بمرور مئات اللاجئين نحو اليونان، مقارنة بآلاف كانت تسهل عبورهم عبر بحر إيجة، في وقت سابق، إلى الجزر اليونانية، بهدف التأكيد على قدرة تركيا في التحكم بأعداد اللاجئين السوريين الوافدين إلى أوروبا، كورقة ضغط تستخدمها تركيا في تحقيق أغراضها المعروفة.

من جانب اخر اكد بعض المراقبين ان طريق المفاوضات لايزال طويل، وعلى تركيا الايفاء بالعديد من الالتزامات التي حددها الاتحاد، وخصوصا فيما يتعلق بملف حقوق الانسان والحريات العامة ، وهو امر يصعب تحقيقه من ظل وجود أردوغان المتهم بممارسة العديد من الانتهاكات والتجاوزات الخطيرة في هذا المجال.

آمال تركيا في نيل عضويتها من الاتحاد الاوروبي

في هذا الشأن أحيا الاتحاد الأوروبي آمال تركيا في نيل عضويته وبدأ في الوقت نفسه محادثات لضم صربيا مما يبين إلى أي مدى دفعته أزمة المهاجرين والوجود الروسي في منطقة البلقان لإعادة النظر في سياسات وقف التوسع. وبعد ما يزيد على عام من تصريح جان كلود يونكر رئيس الاتحاد الأوروبي بأن الاتحاد يحتاج إلى وقفة في سياسته المتعلقة بقبول أعضاء جدد قادت تطورات الأحداث المسؤولين لإحياء محادثات العضوية سعيا للنفوذ والاستقرار خارج حدوده، وليس من المرجح أن تنضم تركيا أو صربيا للاتحاد الأوروبي- أكبر تجمع تجاري في العالم- في المستقبل القريب لكن الاتحاد يأمل أن تساهم المفاوضات الرسمية المتعلقة بنواحي مختلفة من "فصوله" أو قواعده في التصدي لأزمات عديدة على حدوده. وقالت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في مؤتمر صحفي "أزمة اللاجئين والإرهاب تظهر لنا أننا في نفس القارة ونواجه نفس التحديات وأننا كلما طورنا سياسات مشتركة أصبحنا جميعا في وضع أفضل."

وفي يوليو تموز 2014 وأمام غضب شعبي بسبب تدفق الملايين من دول شرق أوروبا الشيوعية السابقة -الأعضاء بالاتحاد الأوروبي- على دوله الغربية بحثا عن فرص عمل أفضل وعد يونكر "بعدم إجراء أي توسع جديد في السنوات الخمس المقبلة." لكن فشل بعض الدول والحروب والتشدد الإسلامي وأزمة اللاجئين في مناطق مجاورة للاتحاد الأوروبي أظهرت قيمة محاولة إشراك دول ودفعها للتحول إلى اقتصاد السوق.

ومما يبرز حدوث تغير في موقف الاتحاد الأوروبي وعد تركيا بالمساعدة في وقف تدفق المهاجرين من أراضيها إلى أوروبا مقابل دعم مالي وتسهيلات في تأشيرات الدخول وإعادة إحياء مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي التي بدأتتها أنقرة رسميا قبل عشر سنوات. وقالت موجيريني "التوجه الحالي كالآتي: عوضا عن الدخول في جدل عقائدي بخصوص التوسع أو عدم التوسع غدا دعونا نأخذ خطوات للتقريب فيما بيننا."

وأكد هذا مسؤولون آخرون بالاتحاد الأوروبي عندما استهلوا أول فصل من فصول التوسع مع تركيا منذ 2013 والمتعلق بالشؤون الاقتصادية والمالية بعد أول قمة تركية أوروبية منذ سنوات حيث دعا قادة الاتحاد الأوروبي لإعادة إطلاق محادثات العضوية. لكن لا تزال هناك عقبات كبرى أمام تركيا. ويقول بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي إن تركيا وهي بلد مسلم عدد سكانه كبير لن تحصل أبدا على العضوية.

وبينما وعد نائب رئيس الوزراء التركي محمد شيمشك بتحقيق تقدم سريع في الفصل الاقتصادي فإن التعامل مع قضايا حقوق الإنسان وسيادة القانون سيكون أكثر صعوبة. وفي أحدث تقرير عن تركيا حثت المفوضية الأوروبية أنقرة على رفع القيود على حرية الإعلام واحترام حقوق الإنسان ووقف التدخل في القضاء. بحسب رويترز.

ومن الأشياء التي عبرت فيها المفوضية الأوروبية عن قلقها النفوذ المتنامي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي يتهمه كثيرون بالتسلط. وقد شن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في وقت سابق هجوما حادا على الدول الأوروبية لتوجيهها انتقادات لما وصفته بتدهور حرية الصحافة في تركيا وقال إن من الأفضل لها أن تحاول البحث عن حل لما وصفه بتزايد الخوف المرضي من الإسلام في القارة. وقال الاتحاد الأوروبي الذي تسعى تركيا للانضمام الى عضويته منذ سنوات إن مداهمة المؤسسات الإعلامية تتعارض مع القيم الأوروبية وهو انتقاد رفضه اردوغان. وعبر الرئيس التركي مجددا عن استيائه ولكن بلهجة اكثر حدة. "لسنا كبش فداء لأوروبا. من المؤكد أننا لسنا دولة تستطيع أوروبا أن توجه لها اللوم وتوبخها. الأفضل لأوروبا أن تجد حلا لزيادة العنصرية والخوف المرضي من الإسلام بدلا من انتقادنا."

كما اتهم رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، الاتحاد الأوروبي بشن "حملة قذرة" على بلاده وذلك بانتقاد حملة الاعتقالات التي استهدفت معارضي الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان. وأضاف رئيس الوزراء التركي قائلا "بهذه الحملة القذرة، فإنه (أي الاتحاد الأوروبي) اختار أن ينخرط في حملة تشويه ضد حكومتنا وضد بلدنا".

محادثات اقتصادية

الى جانب ذلك قال نائب رئيس الوزراء التركي محمد شيمشك إنه يتوقع تقدما سريعا نحو التزام تركيا بالسياسات الاقتصادية والنقدية للاتحاد الأوروبي رغم المخاوف المتعلقة باستقلالية البنك المركزي التركي. وقال شيمشك المسؤول عن الملف الاقتصادي في الحكومة التركية الجديدة في مؤتمر صحفي "ليس لدى تركيا أوجه قصور كبيرة فيما يتعلق بهذا الفصل."

وفتح ما يسمي بالفصل السابع عشر - وهو أحد 35 فصلا خاصا بمحادثات عضوية الاتحاد الأوروبي - لا يمثل أول محادثات رسمية منذ عام 2013 فحسب بل يعتبره كثيرون في بروكسل بداية جديدة في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا التي اعتراها التوتر على مدى سنوات. وقال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي هارلم ديزير إنه يتوقع أن يرى "استعدادا لتنفيذ إصلاحات في تركيا تساهم في تطوير المجتمع التركي والاقتصاد التركي بما يواكب العصر." وجاء قرار بدء محادثات فصل الاقتصاد والسياسة النقدية وسط قلق المستثمرين من برنامج الحكومة التركية الجديد وما إذا كان سينال من استقلالية البنك المركزي.

وشهدت مفاوضات الانضمام المتعثرة منذ فتحها في 2005، دفعا جديدا عندما اقترح الاوروبيون على تركيا "خطة عمل" لاحتواء تدفق المهاجرين غير المسبوق في اتجاه الاتحاد الاوروبي، من اجل تحسين استقبال اللاجئين السوريين والعراقيين على الاراضي التركية وترحيل المهاجرين غير الشرعيين لدواع اقتصادية الى بلادهم. كما يريد الغربيون ان تعزز تركيا ضبط حدودها مع سوريا لمنع انتقال جهاديي تنظيم داعش، وقطع تجارة النفط التي تعتبر موردا ماليا اساسيا للتنظيم المتطرف. وصرح وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز "ينبغي اعتماد الحزم مع مجمل الشركاء بخصوص تمويل الارهاب" الذي "يجري على الارض عبر سلب السكان وكذلك تصدير المنتجات النفطية". واضاف "ينبغي اتخاذ اجراءات لمنع اخراج المنتجات النفطية. سنبحث ذلك مع نظيرنا التركي كما نفعل مع دول اخرى في المنطقة". بحسب رويترز.

ودعا وزير الدولة الفرنسي للشؤون الاوروبية هارلم ديزير انقرة الى "ضبط الحدود بين سوريا وتركيا لمنع تنظيم داعش من استقدام مقاتلين اجانب وتدريبهم ثم ارسالهم الى بلدان اخرى". واكدت الولايات المتحدة ان جزءا من الحدود بين البلدين والتي يبلغ طولها 100 كلم لا يزال غير خاضع لمراقبة مشددة.

ازمة اللاجئين

على صعيد متصل وكما تنقل بعض المصادر الاعلامية اتهمت منظمة العفو الدولية، الاتحاد الأوروبي بـ “التواطؤ” في ترحيل المهاجرين غير الشرعيين وإجبارهم على العودة إلى سوريا والعراق، في أعقاب اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا للحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا. ويؤكد التقرير الذي نشرته منظمة العفو الدولية أن المهاجرين الذين وصلوا إلى تركيا منذ ذلك الحين قد تم إجبارهم على العودة إلى مناطق الحرب الخطرة التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة، كما يدعي أن الاتحاد الأوروبي يموِّل تلك العمليات، بحسب تقارير نشرتها صحيفة التلغراف.

وتحذر المنظمة الدولية من أن فشل الاتحاد الأوروبي في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في تركيا أمر طائش، في حين تقدم مليارات اليوروهات للحكومة التركية. وترفض الحكومة التركية تلك الاتهامات، وتقول إنها تنفي نفياً قاطعاً اجبار أي لاجئ سوري في تركيا على العودة إلى مناطق النزاع. وكانت منظمة العفو الدولية قد تأكدت من مسؤولين في الاتحاد الأوروبي في أنقرة، عاصمة تركيا، أن ستة مراكز استقبال لاجئين ممولة من قبل الاتحاد الأوروبي مشار إليها في خطة عمل برنامج ما قبل الانضمام، الشهر الماضي ستتحول الى مراكز احتجاز، ترى المنظمة الخيرية أن المهاجرين فيها يتعرضون لضغوط غير قانونية لإجبارهم على العودة إلى المناطق الأكثر خطورة في سوريا والعراق.

ويقول تقرير للمؤسسة الخيرية أنه منذ شهر أيلول، اعتقلت السلطات التركية مئات المهاجرين في حافلات ونقلتهم إلى مراكز احتجاز. وقد أخبر بعضهم منظمة العفو الدولية أنهم تعرضوا للاحتجاز لمدة تصل إلى شهرين من دون تفسير أو مبرر قانوني أو أي اتصال خارجي في مخيم في دوزيجي في محافظة اوسمانية، أو في مركز ترحيل في أرضروم، وأن التسميات على الأسرة والخزائن كانت تحمل عنوان تمويل الاتحاد الأوروبي.

وقال رجل سوري يبلغ من العمر 40 عاما، أنه تعرض لتكبيل يديه ورجليه، وأضاف أنه كان يشعر بأنه عبد وليس إنسان. وقال جون دالهاوزن من منظمة العفو الدولية: إنه لمن المؤسف أن أموال الاتحاد الأوروبي تستخدم لتمويل مراكز الاحتجاز غير القانوني وبرامج العودة. يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يضمن أن التمويل الذي يقدمه وتعاونه مع تركيا في مجال الهجرة يجب أن يعزز بدلا من أن يقوض حقوق اللاجئين والمهاجرين. وكان الاتحاد الأوروبي قد وافق على أن يدفع لتركيا ثلاثة مليارات يورو لتغطية تكاليف التعامل مع المهاجرين السوريين في مقابل التعجيل بمحادثات إنضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. كما سيقوم القادة الأوروبيون اليوم بتقييم بيانات الهجرة التي قدمها كزافيير بيتل، رئيس لوكسمبورغ، لإصدار قرار ارسال الأموال الى تركيا لقاء القيام بما اتفق معها على القيام به.

اضف تعليق