q

يبدو ان تركيا والسعودية وهما أكبر الانظمة الإسلامية المعارضة للنظام السوري في الشرق الأوسط، تحاولان إعادة إنعاش خطوط المعارضة المسلحة التي اغدقت عليها الأموال والدعم السياسي لخمس سنوات مضت، من دون تحقيق أي نتيجة مرجوه من هذا الجهد المبذول على مر السنوات... وقد تم ذكر (الأنظمة الإسلامية) في بداية الحديث للإشارة الى (الإسلام الوهابي) الحاكم في السعودية بقيادة امراء "ال سعود" و(الإسلام الاخواني) الحاكم في تركيا بقيادة حكومة "حزب العدالة والتنمية" وتحديدا الرئيس التركي "اردوغان".

سوريا التي شكلت العقدة لصناع القرار في كلا البلدين، خصوصا مع التدخل الروسي القوي فيها، قلص كثيرا من حجم الخيارات السياسية والعسكرية، وصعب المهمة على الأطراف الاقليمية المعارضة للنظام السوري، إضافة الى أذرعها من الجماعات المسلحة التي تقاتل الأسد داخل سوريا، والتي استهدفتها، أيضا، الصواريخ الروسية جوا وبرا وبحرا...

قد يحسب الخيار التركي في تعزيز وجدها العسكري في شمال العراق، بالتعاون مع الجانب الكردي (إقليم كردستان) وقوى سياسية عراقية أخرى، على انه استدارة تركية نحو سوريا تمر بالعراق، كملاذ امن بديل للتدريب والدعم وربما لممارسة الضغط السياسي على الجهات الرافضة لمقترحات اردوغان في سوريا كما المح الى ذلك وزير الخارجية التركي، داود أوغلو، عندما قال إن "من فسروا وجودها (القوات التركية في العراق) بشكل مختلف ضالعون في استفزاز متعمد"، وقد أشار اردوغان في كلمته الأخيرة الى عزم تركيا المضي بهذا الامر عندما قال إن "بلاده تصر على إقامة مناطق آمنة في شمال سوريا والتنفيذ السريع لمقترحات بتدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة"...

المعارضة السياسية لنظام الأسد وإعادة انعاشها ليس بالمهمة السهلة، ان لم تكن أكثر صعوبة من الخيار العسكري والملاذ الامن الذي تحاول تركيا فرضه بالقوة، وربما تبنت السعودية القيام بهذه المهمة، نقول "ربما" لان المؤشرات الأخيرة دلت على ذلك... فهناك محادثات تمهيدية جرت يوم أمس بين أطراف مختلفة من المعارضة السورية احتضنتها السعودية على أساس عقد مباحثات فاعلة نهاية الأسبوع، وتدعمها كذلك تركيا والأردن.

الصعوبة التي تواجهها السعودية ومن معها في جمع الأطراف المعارضة على موقف موحد ضد النظام السوري تكمن في تصنيف الجماعات المقبولة وعزلها عن الجماعات الارهابية، سيما وان اغلبها ان لم تكن جميعها، تضم مسلحين وجماعات ذات فكر تكفيري متطرف، فيما تعتبر تنظيمات مثل القاعدة وداعش من اقوى التنظيمات الإرهابية التي تقاتل النظام السوري وتلتف حولها حركات معارضة أخرى.

وحتى لو تمكنت من تصنيف وابعد الجهات التي لا يرغب المجتمع الدولي بالتعامل معها، او تم تصنيفها على انها جماعات او منظمات إرهابية، فكيف سيتم الجمع فيما بينها وهي التي اختلفت على ابسط المواضيع ولم تستطع الخروج بموقف واحد منذ اجتماع جنيف الأول والثاني؟

في الجهة المقابلة هناك حلفاء الأسد الأقوياء، الموجودون على الأرض السورية، وفي مقدمتهم روسيا التي اعتبرت كل من يحمل السلاح ضد النظام (إرهابي) مع استثناءات بسيطة فضلت التفاوض بشأنها مع التحالف الدولي او الولايات المتحدة الامريكية وليس مع السعودية او تركيا، الامر الذي يعني انها سترفض مع حلفائها أي نتائج سياسية او عسكرية قد تترتب على ما ستقوم به تركيا او السعودية من خطوات قادمة.

اضف تعليق