q

امتاز الإمام الحسين (صلوات الله عليه) عن سائر الشهداء والثائرين بخصائص تفوق كل الشهداء فأصبح سيد الشهداء من الأولين والآخرين، وهذا لا باعتباره إماماً معصوماً فقط، ولا لأنه سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وريحانته من الدنيا فحسب، بل لجلالة الأهداف التي فجر ثورته من أجلها، وعظمة التضحية التي قدمها (عليه السلام)، وتكاملية الأبعاد فيها.

وإن زائر اﻹمام الحسين (عليه السلام) يحظى يوم القيامة بخصائص كثيرة، كما ورد في رواية عن اﻹمام الباقر (عليه السلام): (يؤمنه الله يوم الفزع الأكبر، وتلقاه الملائكةُ بالبشارة ويقال له لا تخف ولا تحزن هذا يومك الذي فيه فوزك).

وإن الله (عز وجل) يضاعف للمنفق في مسيره إلى زيارة اﻹمام الحسين (عليه السلام) أضعافاً كثيرة، فقد قال الإمام الصادق (عليه السلام): (يُحسبُ له بالدرهم ألف وألف، حتى عد عشرةً، ويُرفعُ لهُ من الدرجات مثلها، ورضا الله خير له ودعاء محمد (ص) ودعاء أمير المؤمنين والأئمة خير له).

وإن الله (عز وجل) يغفر لزائر اﻹمام الحسين (عليه السلام) ذنوبه ويمحوها مهما كانت، حيث يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (ولا يسأله عن ذنب عمله في حياة الدنيا، ولو كانت ذنوبه عدد رمل عالج، وجبال تهامة، وزبد البحر).

وذكرت الروايات الشريفة، إن الله (عز وجل) جعل لزوار اﻹمام الحسين (عليه السلام) أجراً عظيماً وخصائص كثيرة، منها: غفران الذنوب، وحق الشفاعة لمن يشفعون له، وغيرها. وإن أهل البيت (عليهم السلام) يحثون شيعتهم ومحبيهم على زيارة الإمام سيد الشهداء (عليه السلام) ويشجعونهم على ذلك حتى مع وجود الخوف والخطر.

يقول المرجع الشيرازي (دام ظله) مخاطباً الزوار الكرام، السائرين إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) مشياً على الأقدام:

حينما تدخلون مدينة كربلاء المقدسة سيصافحكم جميع الأنبياء (عليه السلام) إن شاء الله (عز وجل)، قد لا تشعرون بذلك، لكنكم سترون نتائج ذلك في المستقبل، ثم إن الله (عز وجل) ينعم على زائر الإمام الحسين (عليه السلام) ثواب حجة واجبة ومستحبة بكل قدم يخطوها. وحيث أنكم متساوون في بعض الأمور، وتتفاوتون في أخرى، فيشملكم جميعاً دعاء أهل البيت (عليه السلام)، ومصافحة أنبياء الله (عز وجل)، ولكنكم قد تتفاوتون في المنزلة التي سيحددها لكم الإمام الحسين (عليه السلام)، لذلك يجدر بكم أن تتنافسوا في السعي الى التحلي بالأخلاق الحميدة، وإنجاز الأعمال الصالحة، لكي ترتفعوا بدرجاتكم ومنازلكم عند الله (عز وجل).

ويقول الفقيه السيد محمد رضا الشيرازي (قده) إن العظمة التي نجدها في الإمام الحسين (عليه السلام) لا نجدها في أي شخصٍ آخر على مر التاريخ ــ علماً بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) والإمام علي وفاطمة الزهراء (عليه السلام) أعظم من الإمام الحسين (عليه السلام) ــ وهذا التعظيم ليس خاصاً بنا نحن الشيعة، بل إن كافة المسلمين ومن غير المؤمنين يعظمون الإمام الحسين (عليه السلام) أيضاً.

ويرى(قده) أن سبب العظمة هو الارتباط بالله (عزوجل) حيث نقرأ في زيارة الأربعين: (فبذل مهجته فيك...)، فهذه العظمة هي عظمة إلهية لذا تكون باقية. لذلك علينا السعي ما أمكننا للارتباط بالله سبحانه وتعالى حتى نضمن البقاء، فبالقدر الذي نربط أموالنا بالله نكون باقين، كما أن الذين ربطوا أنفسهم بالإمام الحسين (عليه السلام) من خلال بناء الحسينيات، فإن ذكراهم تبقى بعد موتهم، فالإنسان يموت وتذهب أمواله، لكن المسجد والحسينية تبقى له في هذه الدنيا، وتبقى أيضاً عند الله (عز وجل) وهو الأهم. ومن سيل الارتباط بالإمام الحسين (عليه السلام)، زيارة الأربعين، فهي من علامات المؤمن بنص الإمام المعصوم.

إن زيارة الأربعين أضحت حدثاً عالمياً، حدث لا تعرف البشرية له نظيراً، على المستوى المادي والمعنوي، وهذا ما يجعل الحدث الأربعيني استثنائياً، وإن المشاهد المرتبطة بزيارة أبي الأحرار (عليه السلام)، التي ترتسم على أصقاع عديدة من الأرض، وخاصة في كربلاء المقدسة، وخاصة زيارة الأربعين، تعبق بمواقف نادرة وفريدة.

فليس في الأرض ما يشبه مشهد ملايين السائرين، مشياً على الأقدام، مستصحبين معهم الأطفال والشيوخ والنساء والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة، مسافة تتجاوز 600 كيلومتراً، لا يبالون بحرارة الشمس وعواصف الغبار، ولا تساقط الأمطار وبرد الثلوج، ولا يأبهون بسيارات الإرهابيين المفخخة وعبواتهم الغادرة، وهو تعبير صادق عن عمق ارتباط هذه الحشود المليونية بالإمام سيد الشهداء (عليه السلام).

إن عمق الانتماء لكربلاء ينبغي أن يدفع المؤمن الى بلورة حبه لسيد الشهداء (عليه السلام) الى كلمة طيبة، وعمل صالح، وعلم نافع، وخلق رفيع، ونصرة المظلوم، وإصلاح ما فسد من أمور الناس، ومد يد العون للمحتاج والضعيف، ورعاية الأيتام والأرامل، واتخاذ كبير المسلمين أباً وأوسطهم أخاً وصغيرهم ولداً، والنظر الى الناس على أنهم إما أخ في الدين أو نظير في الخلق، وإن عاشوراء نهضة إصلاحية لم تتوقف منذ أن انطلقت في العام 61 هـ، وإن ساحة الفوز والخسارة ما زالت مفتوحة للجميع، كما أن عوامل الفوز والخسارة تحيط الجميع، وهذا ينبغي أن يكون حاضراً في قلب وعقل ووجدان الزائر.

في توصياته الى ازوار الأربعين، يقول المرجع الشيرازي (دام ظله): استفيدوا من هذه الزيارة الاستثنائية استفادة استثنائية، ليحاول كل واحد منكم، خلال الأيام التي يقضيها في هذه الزيارة، أن يهتم بمحاسبة نفسه يومياً، ولو لدقائق معدودة، من أجل إصلاحها، كما أكد الأئمة (عليه السلام) ذلك. وخلال زيارتكم للإمام الحسين (عليه السلام) ادعوا الله (عز وجل) أن يفرج عن إخوانكم الشيعة في كل مكان، فلعله بذكركم لإخوانكم يستجاب دعاؤكم وينظر الله (عز وجل) إليكم.

ويقول (دام ظله): على الزوار الحسينيين أن يعرفوا أن عليهم أن يتحلوا بالصفات الإيمانية الفاضلة التالية، لتحقيق أدب الزيارة ونتائجها المرجوة، وهي: الإخلاص لله (عز وجل)، السعي والمشاركة في إنجاز الأعمال الصالحة، الالتزام بالأخلاق الحسنة.

اضف تعليق