q

العملية الارهابية الاخيرة لتنظيم داعش في تونس العاصمة والتي اوقعت 12 قتيلا من الأمن الرئاسي و30 جريحا آخرين، لاتزال محط اهتمام واسع خصوصا وان هذه العملية التي وقعت في

منطقة حساسة تبعد عشرات الأمتار من وزارة الداخلية، اثارت الكثير من المخاوف والتوقعات بخصوص المستقبل الامني والاقتصادي لتونس، التي تعاني من مشكلات وازمات سياسية تصب في مصلحة بعض التيارات والمجاميع المتشددة، الامر الذي قد يدخل البلاد في دوامة الاعنف والارهاب، ويشير التفجير في شارع رئيسي بالعاصمة إلى أن تونس قد أصبحت هدفا أساسيا لمسلحي بعدما سبقه هجومان أحدهما في فندق سياحي بسوسة في يونيو حزيران والآخر في متحف باردو بتونس العاصمة في مارس آذار.

وكثيرا ما حذر الخبراء بحسب بعض المصادر من تنامي الأنشطة الإرهابية في تونس سواء تلك المتعلقة بتهريب الأسلحة من والى ليبيا والجزائر أو من خلال عمليات تجنيد الشباب في صفوف تنظيم داعش الارهابي للقتال في سوريا والعراق وباقي الدول الاخرى التي ينشط بها التنظيم، ولكن الخطاب الرسمي كان ينفي في المقابل وجود خطورة حقيقية لغول الإرهاب ويتهم الإعلام بتهويل المسألة لغايات سياسية.

وحذر محللون وخبراء تونسيون من هجمات جديدة داخل المدن التونسية مطالبين الحكومة باتخاذ إجراءات حرب تتضمن عمليات استباقية لمحاصرة الخلايا الإرهابية ومنعها من تنفيذ عمليات جديدة. وكان لهذه الهجمات الإرهابية تداعيات كبيرة على تونس حيث عمدت السلطات الى اتخاذ خطوات أمنية صارمة وفرض مراقبة على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن تأثير ذلك على السياحة، وإغلاق الحدود الليبية التونسية، واتخذت الحكومة تدابير احترازية عدّة عقب الهجوم الانتحاري، أولا بإعلان حالة الطوارئ لمدة شهر، وحظر ليلي للتجول من التاسعة مساء حتى الخامسة صباحاً، كما أعلنت حالة التأهب القصوى، وتعزيز الوحدات العسكرية في المواقع الحساسة، وتكثيف حملات مراقبة نقاط دخول المدن والخروج منها، ومداهمة الأماكن المشبوهة، إضافةً إلى تطبيق قانون مكافحة الإرهاب، ومنع غسل الأموال، على كل من يمجد الإرهاب، ويعمل على الدعاية له بصفة مباشرة أو غير مباشرة. وهو ما اثار ردود افعال كثيرة خصوصا وان البعض يرى ان مثل هكذا اجراءات صارمة ستؤدي إلى تقييد حرية المواطنين.

ليبيا مصدر الهجمات

الى جانب ذلك أعلن وزير دولة تونسي أن "كل" الهجمات الدامية التي حصلت في تونس تم التخطيط لها في ليبيا الغارقة في الفوضى، غير مستبعد ان تعيد بلاده فرض تأشيرة على الليبيين. وقال رفيق الشلي كاتب الدولة المكلف الأمن في تصريح لإذاعة "موزاييك إف إم" الخاصة "كل شيء (..) يتم التحضير له في ليبيا، وقيادات المجموعات الارهابية التونسية موجودة في ليبيا". وذكر بأن منفذي هجوميْن دامييْن استهدفا هذا العام متحف باردو في العاصمة تونس وفندقا في سوسة (وسط شرق) "ذهبوا الى ليبيا وتكونوا في ليبيا ونحن نعرف أماكن ومراكز التدريب. لديهم تكوين عقائدي وتدريب عسكري".

وأضاف رفيق الشلي أن الجهاديين التونسيين يخرجون إلى ليبيا ثم يعودون الى تونس "خلسة عن طريق المهربين" و"يوم تأتيهم التعليمات والسلاح يقومون بالعملية" لافتا الى "أن هناك تحالفا بين المهربين والإرهاب" في تونس. وتشهد ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011 فوضى امنية ونزاعا على السلطة تسببا بانقسام البلاد قبل اكثر من عام. ومستفيدا من الفراغ السياسي وانعدام الامن المستمر، بات تنظيم داعش موجودا في البلاد منذ 2014 حيث تبنى عدة اعتداءات.

وقال المسؤول التونسي "ليبيا اصبحت خطرا لذلك لا بد من اخذ الاحتياطات ويلزمنا اتخاذ قرارات جريئة منها ومبدئيا غلق المعابر (الحدودية) الرسمية، ولنا برنامج لمزيد تعزيز الحدود التونسية الليبية من الناحية الصحراوية وكذلك البحرية". واوضح ان "الحرس البحري والجيش البحري (اصبح) عندهم تعزيزات اخرى للتحكم اكثر في خط الحدود البحرية التونسية الليبية، لأنها قريبة ويمكن أن ياتي (الجهاديون) من هناك".

وقال "ممكن كثيرا ان نعيد التاشيرة الليبية خاصة انه هناك (..) عديد من جوازات السفر في ليبيا (منها) عديد الجوازات في يد داعش والمجموعات الارهابية". واضاف "يلزم ان نتخذ نحن في تونس احتياطاتنا، وهذه الاحتياطات يلزمها قرارات سياسية". واعلن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند الذي يزور تونس ان بلاده التي قتل 30 من سياحها في الهجوم على فندق سوسة "واعية بالتهديد الذي تواجهه (تونس) بسبب ما يحصل في ليبيا". وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التونسي الطيب البكوش "سنعمل معكم على الأمن الحدودي (..) لحل طويل المدى لليبيا وهزيمة داعش في ليبيا" متعهدا بمساعدة تونس على تحسين قدراتها الامنية الداخلية.

وأضاف رفيق الشلي ان الانتحاري حسام العبدلي الذي فجر حافلة الامن الرئاسي "له توجه ديني متطرف" وقد سبق توقيفه وبحوزته كتب دينية (تكفيرية) و"احالته على العدالة" لكنها اطلقت سراحه. وقال النقابي الامني مهدي الشاوش لتلفزيون "نسمة" الخاص ان قوات الامن داهمت في 20 اغسطس/آب الماضي منزل (الانتحاري) حسام العبدلي وعثرت في سطحه على "برميل" يضم كتبا "تكفيرية" ووثائق تصف سياسيين تونسيين بـ"الطواغيت" فتم ايقافه لكن النيابة العامة افرجت عنه. بحسب فرانس برس.

واعلنت وزارة الداخلية ان العبدلي يعمل بائعا متجولا. وقررت الوزارة وضع التونسيين "العائدين من بؤر التوتر" قيد الاقامة الجبرية. واعلنت الوزارة ا انها طبقت هذا الاجراء على 92 تونسيا. ويقاتل أكثر من 5500 تونسي تتراوح اعمار اغلبهم بين 18 و35 عاما مع تنظيمات جهادية خصوصا في ليبيا وسوريا والعراق وفق تقرير نشره خبراء في الامم المتحدة في يوليو/تموز الماضي اثر زيارة الى تونس. وبحسب التقرير فإن "عدد المقاتلين الاجانب التونسيين هو بين الأعلى ضمن من يسافرون للالتحاق بمناطق نزاع في الخارج مثل سوريا والعراق".

تذمر وقلق

في السياق ذاته بدا على سكان تونس وتجارها التذمر والقلق من استمرار حظر التجول الذي فرضته السلطات بعد الهجوم الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي وسط العاصمة، وبدأت تداعيات حظر التجول على اقتصاد المدينة وسكانها تتضح. ولا يسمح في العاصمة التونسية لأحد بالتجول اعتبارا من التاسعة مساء، وعادة ما يكون وسط المدينة مكتظا في مثل ذلك الوقت، في حين يبدي تجار وأصحاب حانات قلقهم حيال إطالة أمد حظر التجول المفروض منذ الهجوم الانتحاري.

ومنذ ليالي عدة ، لا زبائن في محل "رزوقة" للفاكهة المجففة القريب من مكان الهجوم، وقال صاحبه إن ذلك "سيؤثر كثيراء على عملنا"، مشيرا إلى أنه يتفهم قرار السلطات. وأضاف هذا التاجر في محله الصغير المتاخم لجادة الحبيب بورقيبة، الشارع الرئيسي في العاصمة، "إذا استمر حظر التجول أكثر فسأجد صعوبة في دفع" الإيجار "الذي يكلف كثيرا". ومحل "رزوقة" ليس وحده الذي تضرر من حظر التجول. فالمقاهي والمطاعم والحانات في وسط العاصمة، والتي عادة ما تكون مكتظة ويبقى بعض منها مفتوحا حتى منتصف الليل، أصبحت تقفل ابتداء من الساعة السابعة، حتى يتمكن العاملون فيها من العودة إلى منازلهم.

ويفرض حظر التجول بين التاسعة مساء والخامسة صباحا لفترة غير محددة في تونس العاصمة وضواحيها. وأعادت السلطات أيضا فرض حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد لمدة 30 يوما. وإذا كانت الحكومة قد أبدت مرونة في الليلة الأولى، فقد حذرت من أن هذه التدابير الاستثنائية ستطبق من الآن فصاعدا، بشكل "صارم". ويعود آخر حظر للتجول في تونس العاصمة إلى 2012.

ويؤكد فاضل، الذي يمتلك حانة قريبة من مكان وقوع الاعتداء، أنه "يوافق على كل التدابير المتخذة. فما حصل مرعب وقد ألحق بنا ضررا كبيرا". لكنه أضاف "منذ يومين لم يدخل صندوقي قرش واحد، لأن حانتي تعج بالزبائن خلال الليل. وبدأت أشعر فعلا بالقلق لأني أتخوف من تمديد حظر التجول". وقد بلغت خسائره خلال أربعة أيام أربعة آلاف دينار (حوالي ألفي يورو). وقال "إنه مبلغ كبير في أي حال، نظرا إلى الالتزامات المالية الكبيرة".

ويتقاضى عصام الذي يعمل نادلا في حانة-مطعم أجرا عن كل ليلة يشتغلها. وبحزن قال "عندما لا أعمل لا أتقاضى شيئا، لذلك لا يتوفر المال لإعالة عائلتي". ثم انهال بالشتائم على منفذ الاعتداء. وقال "بسبب هذا الأحمق الألعوبة في أيدي تنظيم إرهابي تلحق بنا هذه الخسائر، ولا نستطيع حيالها شيئا". وتبين أن الانتحاري الذي فجر حزامه الناسف بحافلة الحرس الرئاسي هو البائع المتجول حسام بن الهادي بن ميلاد العبدلي (26 عاما)، والذي يسكن في حي "دوّار هيشر" الشعبي من ولاية منوبة (غرب العاصمة).

ويضاف حظر التجول إلى أحوال جوية قاتمة وماطرة، حملت الناس على مغادرة شرفات المقاهي وجادة بورقيبة خلال النهار، وألحقت بأصحابها خسائر فادحة. وقال فريد الذي يتولى إدارة مقهى كبير في الجادة، "إننا نبدي تعاونا، إنه تدبير لمصلحة البلاد. فلنأمل فقط ألا يستمر فترة طويلة". وحتى يتأقلموا مع هذه التدابير، عمد منظمو مهرجان أيام قرطاج السينمائية، الذي توجد أبرز مواقعه قرب مكان الهجوم، إلى تبديل مواعيد العروض السينمائية. بحسب فرانس برس.

وقال جمال الذي يمتلك مكتبة "لا خيار لنا. والحقيقة هي أن حظر التجول يزعجنا. يجب أن نصبر، وعلى السلطات ألا تبالغ". وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كما في الشارع، يعرب تونسيون عن استيائهم من هذه العرقلة "لحرية التنقل". ورغم إقرارهم بإمكانية حصول هجمات أخرى، يطرح البعض تساؤلات حول شرعية حظر التجول الليلي، علما بأن الهجوم وقع حوالى الساعة الخامسة بعد الظهر. لكن آخرين يتعاملون بفكاهة مع حظر التجول هذا. وقالت أميرة يحياوي على حسابها في تويتر "ها قد بدأ جيل جديد من أطفال حظر التجول".

ذبح راعي

الى جانب ذلك أجج اقدام جهاديين على ذبح فتى راع بمنطقة جبلية نائية وفقيرة وسط غرب تونس شعور سكان المناطق الريفية في البلاد بالتهميش الاجتماعي والاقتصادي. وذبح جهاديون قرب جبل مغيلة (وسط غرب) مبروك السلطاني (16 عاما) الذي كان يرعى الغنم مع شكري ابن عمه (14 عاما) ووضعوا رأسه في كيس سلموه للأخير وطلبوا منه إيصاله الى عائلته.

وعندما عاد شكري إلى المنزل ومعه الرأس المقطوعة كانت الصدمة كبيرة في "دوار سلاطنية". وتتبع هذه القرية معتمدية جلمة من ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب) التي انطلقت منها شرارة الثورة التي اطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس الدكتاتور زين العابدين بن علي. وندد سكان دوار سلاطنية بتأخر تدخل قوات الامن والجيش إثر ذبح الراعي مبروك.

واضطرت عائلة الراعي المقتول للاحتفاظ برأسه المقطوعة ليلة كاملة في ثلاجة المنزل في انتظار قوات الامن التي حلت في اليوم التالي. وقال محمد (20 عاما) شقيق مبروك لتلفزيون "نسمة" التونسي الخاص "اتصلنا بهم الساعة الخامسة بعد الظهر فقالوا لنا +لن نصعد + (الى الجبل). لماذا؟ هل انتم خائفون؟" واضاف محمد "لاول مرة في التاريخ تبيت رأس إنسان ليلة في الثلاجة وبقية جثته في الجبل (..) أيُعقل هذا؟ أين (قوات) الأمن؟ أين الجيش؟".

وغداة ذبح مبروك السلطاني، جازف افراد من عائلته بالصعود الى الجبل بحثا عن جثته التي وجدوها وكلاب الراعي تحرسها. وأقر رئيس الحكومة الحبيب الصيد بأن تدخل قوات الامن والجيش كان "متأخرا شيئا ما". وقال في مقابلة مع تلفزيون "الحوار التونسي" الخاص ان التدخل كان ""متأخرا شيئا ما. هذا صحيح ولا ننكره، لكن (التأخير كان) لأسباب موضوعية وأمنية وتكتيكية".

وتبنت "كتيبة عقبة بن نافع" المجموعة الجهادية الرئيسية في تونس والمرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قتل اثنين من رعاة الغنم في منطقة جبلية بولاية القصرين (وسط غرب) الحدودية مع الجزائر. وقالت الكتيبة ان الراعييْن كانا "يتجسسان على الجهاديين" لحساب قوات الامن والجيش التي تتعقب الجهاديين. وحذرت المجموعة في شريط فيديو نشرته على الانترنت "الرعاة وحراس الغابات من مغبة التعاون مع الطواغيت (الشرطة والجيش) والتبليغ عن المجاهدين" مهددة بقتل كل "جاسوس (..) يتعاون ويبلّغ عن المجاهدين". وكانت تلك اول مرة تتبنى فيها مجموعة جهادية قتل مدنيين في تونس.

وقال الحبيب الصيد ان الراعي مبروك السلطاني "لم تكن له علاقة بالأمن أو الجيش الوطني" وأن "الارهابيين" الذين سرقوا بعضا من رؤوس أغنامه قتلوه لانه تصدى لهم. وقتل جندي و3 جهاديين بجبل مغيلة في اشتباكات مسلحة بين الجيش و"الارهابيين" الذين قتلوا الراعي مبروك السلطاني وفق وزارة الدفاع. وتحول وزير الداخلية ناجم الغرسلي الى دوار سلاطنية مرفوقا بتعزيزات امنية وعسكرية في مشهد أغضب الأهالي المستائين من تأخر تدخل قوات الامن والجيش. وطلب بعض الأهالي من الوزير تسليحهم حتى يحموا انفسهم من الجهاديين.

المرزوقي مهدد

من جانب اخر أبلغت وزارة الداخلية التونسية الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي بأنه "مستهدف بالاغتيال"، في حين طالب مقربون منه السلطات بحمايته بشكل "أفضل" محملين الرئيس الحالي مسؤولية أي مكروه" قد يصيبه. وقال مسؤول بمكتب إعلام الوزارة "أشعرت وزارة الداخلية الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي بأنه مستهدف بالاغتيال" دون الإدلاء بتفاصيل.

وقال عدنان منصر، ممثل مكتب المرزوقي، في مؤتمر صحافي إن أجهزة الأمن في سوسة (وسط شرق)، حيث يقطن الرئيس السابق، أخطرت الأخير بأن "جهة إرهابية" لم يسمها خططت لاغتياله. وأفاد أن مصالح الأمن في سوسة طلبت من المرزوقي التوقيع على وثيقة تثبت تلقيه هذا الإخطار. وأوضح أن "الأمن الرئاسي" الذي يتبع رئاسة الجمهورية "رفع حماية خصصها للمرزوقي منذ توليه الرئاسة نهاية ديسمبر/كانون الأول 2011، وأن أمن الرئيس السابق أصبح من مشمولات وزارة الداخلية التي تتولى أيضا تأمين منزله في سوسة.

وصرح "الداخلية خصصت لحماية المرزوقي أربعة أمنيين يضطرون للمبيت (ليلا) في سيارتهم (..) ويشتغلون في ظروف صعبة وهذا يؤدي إلى التأثير على قدراتهم الذهنية والجسدية". وطالب عدنان منصر "بتوفير ما يكفي من ظروف العمل الجيدة" لعناصر الأمن المكلفين بحماية المرزوقي الذي تولى رئاسة تونس من أواخر 2011 وحتى نهاية 2014.

وقدّر منصر أن الجهات التي تستهدف المرزوقي بالاغتيال "أصبحت تفكر في التنفيذ"، بعدما لاحظت أن الحماية المخصصة له "صارت ضعيفة". من ناحيته، قال عماد الدايمي الأمين العام لحزب "المؤتمر" الذي أسسه المرزوقي أن الأخير "وقع تهديده عندما كان رئيسا من قبل جماعات إرهابية ومن داعش أساسا". وحمل منصر والدايمي "مسؤولية أي مكروه" قد يصيب المرزوقي للرئيس الحالي الباجي قائد السبسي. بحسب فرانس برس.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية، أن أجهزة الأمن فككت في سوسة خلال عملية لمكافحة الإرهاب "خلية إرهابية" أكد أنها "كانت تخطط لكارثة بأتم معنى الكلمة"، دون المزيد من التفاصيل. وأوضح أن قوات الأمن أوقفت 22 شخصا من عناصر هذه الخلية وهي بصدد التحقيق معهم. وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الداخلية أن رضا شرف الدين، النائب في البرلمان عن حزب "نداء تونس" الحاكم ورئيس نادي النجم الرياضي الساحلي، نجا في اليوم نفسه من محاولة اغتيال بعدما أطلق عليه مجهولون النار عندما كان في سيارته في سوسة.

مكافحة الارهاب

في هذا الشأن تكثفت الدعوات في تونس من اجل وضع استراتيجية فعلية وشاملة لمكافحة الارهاب إثر مقتل عناصر من الامن الرئاسي في هجوم تبناه تنظيم داعش، في حين وصف البعض اجراءات امنية اعلنتها السلطات بأنها "سطحية". وقتل 12 عنصرا من الامن الرئاسي عندما هاجم انتحاري يحمل حزاما ناسفا حافلتهم قرب شارع محمد الخامس الرئيسي وسط العاصمة. واعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم. وسبق له تبني هجومين سابقين في تونس هذا العام أسفرا عن مقتل شرطي تونسي و59 سائحا اجنبيا.

وإثر هجوم فرضت السلطات حالة الطوارئ في البلاد وحظر تجوال ليلي في "تونس الكبرى" (شمال شرق) التي تضم ولايات تونس وايانة ومنوبة. كما قررت اغلاق الحدود لمدة 15 يوما مع جارتها ليبيا الغارقة في الفوضى. في هذه الأثناء، دعت احزاب سياسية ومنظمات غير حكومية الى "الوحدة الوطنية" والى الاصطفاف وراء قوات الامن والجيش في "حربها ضد الارهاب".

وانتقد سياسيون الاجراءات التي اقرتها السلطات إثر الهجوم الدموي الاخير، وطالبوا بوضع استراتيجية شاملة وفعلية لمكافحة الارهاب. وقال احمد الصديق، النائب في البرلمان التونسي عن "الجبهة الشعبية" (ائتلاف احزاب سياسية)، خلال جلسة عامة لمناقشة موازنة الدولة لسنة 2016 حضرها رئيس الحكومة الحبيب الصيد "نحن مع الوحدة الوطنية، نحن وراء الحكومة في هذه اللحظات الصعبة (...) لكن نعتقد ان شعبنا (كان) ينتظر (اجراءات) أكثر". وأضاف "تلزمنا قرارات استراتيجية لم تتخذ بعد في إعادة هيكلة منظومتنا الامنية وإعادة خطة اعادة الانتشار العسكري".

ودعا عبد اللطيف المكي، النائب عن "حركة النهضة الاسلامية"، القوة الثانية في البرلمان (69 مقعدا)، الى عقد مؤتمر وطني لمكافحة الارهاب. وقرر "المجلس الاعلى للامن القومي" الذي يضم كبار القادة العسكريين والامنيين اغلاق الحدود البرية مع ليبيا لمدة 15 يوما و"تشديد المراقبة على الحدود البحرية والمطارات". وترتبط تونس وليبيا بحدود برية مشتركة تمتد على نحو 500 كلم وينتشر على طولها تهريب الاسلحة والبضائع، بينما تسود فوضى امنية في ليبيا التي توجد فيها بؤر عديدة لمجموعات جهادية.

وقرر المجلس ايضا توظيف ستة آلاف عنصر جديد بوزارتيْ الداخلية والدفاع في 2016. كما قرر "تكثيف عمليات حجب مواقع الانترنت التي لها صلة بالارهاب" و"تفعيل قانون (مكافحة) الارهاب في اسرع وقت ممكن". وواجه الاجراء الاخير انتقادات خصوصا من نقابات أمن اعتبرت انه كان يتعين تفعيل القانون الجديد لمكافحة الارهاب منذ ان صادق عليه البرلمان في يوليو/تموز الماضي. ووصف المحلل سليم الخراط الاجراءات التي اعلنتها السلطات اثر هجوم بأنها "قرارات سطحية اتخذت لطمأنه رأي عام خائف، وتشير الى نقص في الرؤية". وتساءل الخراط "ماهي الاستراتيجية الاساسية؟ ماذا عن اصلاح اجهزة الامن؟ ماذا اعددتم لإصلاح التعليم والحد من البطالة؟ لا اجابة".

واشار حمزة المؤدب، الباحث غير المقيم في مركز كارنيغي للشرق الاوسط، الى ان "لا وجود (في تونس) لاستراتيجية وطنية تشاركية فعلية لمكافحة الارهاب تحشد الدولة والمجتمع المدني والاحزاب" على الرغم من مقتل عشرات من عناصر الامن والجيش بالاضافة الى مدنيين وسياح منذ الاطاحة مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين علي. وردا على الانتقادات، قال رئيس الحكومة الحبيب الصيد امام البرلمان "تحدثنا عن تكثيف حجب مواقع الانترنت التي لها صلة بالإرهاب. وطبعا قمنا في السابق بحجب مثل هذه المواقع". وقال الصيد ان الحكومة ستشرع في تنفيذ خطة لتوظيف الشباب في مناطق فقيرة متاخمة لجبال يتحصن فيها جهاديون.

وبعد الاطاحة بنظام بن علي، تصاعد في تونس عنف جماعات جهادية مسلحة خططت وفق السلطات لإقامة "أول إمارة اسلامية في شمال افريقيا" بتونس. ومنذ نهاية 2012، قتل عشرات من عناصر الامن والجيش في هجمات وكمائن تبنت اغلبها "كتيبة عقبة بن نافع"، الجماعة الجهادية الرئيسية في تونس والمرتبطة بتنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي.

وفي 26 يونيو/حزيران 2015، قتل شاب تونسي مسلح برشاش كلاشنيكوف 38 سائحا اجنبيا في فندق بولاية سوسة قبل ان تقتله الشرطة خارج محيط الفندق. وفي 18 آذار/مارس 2015، قتل شابان تونسيان مسلحان برشاش كلاشنيكوف شرطيا تونسيا و21 سائحا أجنبيا في هجوم على متحف باردو وسط العاصمة قبل ان تقتلهما الشرطة. وتبنى تنظيم داعش هجوميْ باردو وسوسة. بحسب فرانس برس.

وتلقى منفذو الهجومين تدريبات على حمل السلاح بمعسكر لجهاديين في ليبيا المجاورة، وفق الداخلية التونسية. وراى حمزة المؤدب ان على تونس صياغة "سياسة خارجية متوازنة حول ليبيا وعدم التورط في الصراع" الدائر في هذا البلد، مشددا ايضا على اهمية تطوير التعاون بين الجيش والامن من اجل مركزية الاستخبارات.

اضف تعليق