q

تعد السيارة من اهم الوسائل التي تسهل عملية التنقل في عصرنا الحديث، لاسيما بعدما اكتسحت التكنولوجيا صناعة السيارات، وأهمها السيارات ذاتية القيادة التي تبدو قريبة الظهور على الطرقات في المدن الكبيرة التي تشهد زحام سير خانق في السنوات القليلة الماضية، فقد أصبحت السيارات شبه المستقلة على الطرقات، وهي قادرة على تقدير المسافات وزيادة السرعة وتخفيضها تلقائيا، كما في وسعها تصويب الوضع في حال اقترب السائق بسرعة كبيرة من سيارة أخرى أو حاد عن الخط.

يرى الخبراء المتخصصون في صناعة السيارات انه مع اشتداد المنافسة على إنتاج سيارات ذاتية القيادة، تعتزم كبرى الشركات في العالم ضخ استثمارات ضحمة خلال السنوات القليلة القادمة في صناعة مثل هذه السيارات، واهم هذه الشركات هي تويوتا التي تخلفت عن الشركات المنافسة في تطوير السيارات الذاتية القيادة وتطبيق الانظمة المساعدة لقائد السيارة، بينما تلقي شركات تكنولوجية مثل ألفابيت (جوجل سابقا) وأبل بثقلها وراء الصناعة وتستعين بخبراء لتحويل حلم السيارات ذاتية القيادة الى حقيقة خلال خمس سنوات.

وتسعى "آبل"، خلافا لكبار منافسيها مثل "غوغل"، إلى إبقاء مشاريعها المرتبطة بالسيارات طي الكتمان، لكنها وظفت اخيرا مجموعة من الخبراء في هذا المجال دفعت المحللين إلى القول إنها تعمل على تطوير سيارة ذاتية القيادة. فهي لجأت إلى خدمات مهندسين كانوا يعملون عند مصنع السيارات "تيسلا"، فضلا عن تعيين دوغ بيتس الذي كان يتولى منصبا رفيع المستوى في مجموعة "فيات كرايسلر".

ومن المتوقع أن يتخطى حجم سوق السيارات الذاتية القيادة 500 مليار يورو بحلول العام 2035، بحسب دراسة حديثة أصدرتها مجموعة "ايه تي كيرني" أشارت إلى منافسة محتدمة في هذا المجال بين مجموعات التكنولوجيا وكبار مصنعي السيارات، كما أعلنت شركات جنرال موترز وفولكسفاجن ونيسان عزمها على طرح الانظمة المساعدة لقائد السيارة على مراحل خلال العامين القادمين.

فيما تقوم بعض الولايات الامريكية ودول منها ألمانيا بتجربة مركبات بلا سائق على الطرق العمومية، وتأمل سنغافورة ذات مساحة الأرض والقوى العاملة المحدودة ان تشجع المركبات ذاتية القيادة السكان على الاقبال بدرجة أكبر على وسائل النقل العام والجماعي لتفادي الاختناقات المرورية وتكدس حركة النقل على الطرق.

السؤال الابرز هو هل علينا الانتظار لسنوات قبل أن نرى تلك السيارات بدون سائق وهي تملأ الطرقات والشوارع، لكونها أثارت الكثير من الضجة في العالم، ما جعل البعض يحسب أنها على وشك الانتشار في كافة أنحاء العالم، لكن ثمة تحديات كثيرة تظهر أنه لا يزال أمامنا الكثير من الوقت قبل أن يتسنى لنا الاعتماد السيارات ذاتية القيادة بشكل كامل.

وتبرز عدة تحديات التي تواجهها: أهمها المعضلات الأخلاقية، حيث ستكون السيارات ذاتية القيادة مبرمجة لتجنب الاصطدام، خاصة بالبشر لكن لنفترض أن شخصا دفع عربة أطفال تجاه الطريق بصورة مفاجئة، ولم يكن هناك الوقت الكافي للسيارة لتوقف نفسها.

ويتساءل مهتمون هل تنحرف السيارة في المسار المخصص لحركة المشاة، لتهدد ربما حياة الركاب وحياة الآخرين؟، وهل سيكون بإمكانها اتخاذ قرارا مختلفا إذا ما ركضت أمامها؟، ومن سيكون مسؤولا عن برمجة مثل هذه القرارات في السيارة؟، وماذا لو كنت لا أتفق مع هذه التقديرات الأخلاقية الافتراضية – هل يجب أن يكون متاحا تجاوز الإعدادات الافتراضية؟.

ثمة شكوك حول قدرتها على التعامل مع تلك القرارات، بطبيعة الحال، فإن مصنعي السيارات يدركون جيدا كل هذه القضايا الأخلاقية، وهذا هو السبب في أن شركة دايملر تنوي عقد مؤتمر "القيادة الذاتية والقانون والأخلاق"، في خريف هذا العام لأول مرة، ويتشاور مصنعو السيارات مع الفلاسفة وعلماء الأخلاق.

على صعيد آخر، ستكون السيارات ذاتية القيادة - بفضل الكاميرات وأجهزة الاستشعار والرادار وسرعة رد الفعل - قادرة على على تقليل الحوادث التي تقع 90 بالمئة منها نتيجة أخطاء السائقين، لكن لا يوجد من يعتقد أنها ستكون خالية من العيوب، فسوف تقع حوادث اصطدام، وربما تفضي إلى مقتل أشخاص.

لذا، إذا كان بإمكانك امتلاك سيارة، فهل أنت المسؤول من الناحية القانونية؟، أم الشركة المصنعة للسيارة؟، أم سيرجع الأمر إلى الشركة المنتجة للأجزاء الخاصة والمعدات المستخدمة؟ أم شركات البرمجيات؟، مستقبل صناعة هذا النوع من السيارات الذكية هو المجيب الوحيد على هذه التساؤلات آنفة الذكر.

سنغافورة تلحق بألمانيا وامريكا

في سياق متصل كشفت سنغافورة النقاب عن مستقبل حركة النقل العام فيها وأوضحت انها ستتمثل في انتقال الركاب في حافلات بلا سائق على طرق سريعة تسير فيها أسراب من الشاحنات الذاتية القيادة التي يتحكم فيها مجرد سائق واحد، وتستهل سنغافورة خطط تحقيق الانسابية في المرور مستقبلا بتسيير مركبتين ذاتية القيادة تقطعان طرق مقاطعة تستضيف منشآت بحثية ومعاهد تعليمية، وهاتان المركبتان هما طليعة مشروعين يدير الأول تحالف للبحوث والتكنولوجيا بالتعاون مع جامعة سنغافورة الوطنية وتدير الثاني وكالة العلوم والتكنولوجيا والابحاث. بحسب رويترز.

وقال بانج كين كيونج الأمين العام الدائم بوزارة النقل "تمثل محاولة النظر الى سائقي الحافلات والشاحنات تحديا كبيرا لنا"، وقال بعد ان انتهى من ركوب سيارة ذكية ذاتية القيادة وهي سيارة كهربية من إنتاج مؤسسة ميتسوبيشي موتورز تبلغ سرعتها القصوى 30 كيلومترا في الساعة "ليس لدينا عدد كبير من السكان وليست هذه بعض المهن التي يطمح اليها أبناء سنغافورة"، وقالت الحكومة ومؤسسات معنية بالنقل إنها ستتلقى مقترحات لتصميم وتنفيذ التجارب الخاصة بأسراب الشاحنات الذاتية القيادة التي يقودها شخص وتسير خلفه مجموعة من الشاحنات، وقال تقرير لمجموعة استشارية صدر في ابريل نيسان الماضي إن المركبات ذاتية القيادة قد تسهم في دفع السوق الى تبني فكرة النقل الجماعي ما يؤدي في النهاية الى الاقلال بصورة ملحوظة من المركبات الخاصة وبالتالي خفض السيارة المارة على الطرق اجمالا على الاقل داخل المدن، وقالت شركات تعني بتصنيع المركبات ذاتية القيادة ومنها جوجل إن هذه التكنولوجيا قد تكون جاهزة بحلول عام 2020.

تويوتا وفورد

وقال رئيس تويوتا أكيو تويودا في مؤتمر صحفي "كنت أقول حتى وقت قريب أننا سنمضي قدما في إنتاج السيارات ذاتية القيادة اذا تفوقت على الإنسان في سباق للسيارات مدته 24 ساعة، "لكني غيرت رأي بعد أن شاركت في التخطيط لدورة الألعاب الأولمبية وألعاب ذوي الاحتياجات الخاصة التي تقام في طوكيو عام 2020" شارحا ان ذلك فتح عينيه على حاجة المعاقين والمسنين للسيارات ذاتية القيادة. بحسب رويترز.

من جهتها أعلنت شركة فورد لصناعة السيارات أنها ستجري اختبارات على السيارات الذاتية القيادة بمنطقة مسيتي في جامعة ميشيجان في اطار تسريع البحوث المتعلقة بالتقنيات المتطورة لأجهزة الاستشعار. بحسب رويترز.

وقالت الشركة في بيان إنها تعكف على الاعداد لهذه الاختبارات منذ عشر سنوات، وفورد أول شركة تجري مثل هذه الاختبارات في منشأة مسيتي التي تضم أجهزة محاكاة والتي تبلغ مساحتها 32 فدانا وافتتحت في يوليو تموز الماضي.

وتتضمن الاختبارات توسيع نطاق اختبارات بحوث القيادة الذاتية في مجال المركبات المهجنة أي التي تعمل بالكهرباء والبنزين، وقال رايان اوستايس الاستاذ المشارك بجامعة ميشيجان "الهدف من اختبارات منشأة مسيتي هو تحقيق عنصر تقدم. فكل ميل نقطعه هناك يمثل أضعاف وأضعاف القيادة على الطرق العادية فيما يتعلق بالقدرة على مواجهة المواقف الصعبة".

آبل وغوغل

الى ذلك سرت مجددا شائعات عن سيارة ذاتية القيادة تنتجها "آبل" بعد لقاء تم في الولايات المتحدة بين مسؤولين من الشركة وآخرين من الهيئة الناظمة لرخص القيادة (دي ام في) في كاليفورنيا، وقال الناطق باسم الهيئة لوكالة فرانس برس ان "الهدف من الاجتماع بآبل كان استعراض قواعد الهيئة الناظمة بشأن المركبات الذاتية القيادة"، مؤكدا بالتالي معلومات أوردتها صحيفة "ذي غارديان" البريطانية.

وهو أوضح أن المناقشات تمحورت على "السيارات الذاتية القيادة"، مع الإشارة إلى أن هيئة "دي ام في" تلتقي بجهات "مهتمة بتطوير تكنولوجيات للسيارات المستقلة" بغية تكييف التشريعات المعمول بها في هذا المجال.

من جهتها بدأت "غوغل" بتسيير سيارات ذاتية القيادة على طرقات سيليكون فالي في كاليفورنيا غرب الولايات المتحدة، تحديدا في منطقة ماونتن فيو مقر الشركة الاميركية العملاقة في مجال المعلوماتية، ولأسباب تتعلق بالسلامة، حددت السرعة القصوى لهذه السيارات بأربعين كيلومترا في الساعة للحد من الاضرار الممكنة في حال خروج هذه الآليات عن مسارها او اصطدامها بأي نوع من العوائق.

وشددت "غوغل" على أنه "خلال هذه المرحلة من مشروعنا، سيكون لدينا +سائقون للسلامة+ داخل السيارات مزودون بمقود وبدواسات للتسريع والكبح تسمح لهم بالسيطرة على المركبة اذا لزم الامر"، وقد جرى اتباع هذه الآليات نزولا عند الشروط التي وضعتها سلطات ولاية كاليفورنيا للانتقال الى مرحلة التجربة على الطرقات العامة. وقد نالت الشركة الاميركية الضوء الاخضر من سلطات الولاية في ايار/مايو للمضي قدما في تجربتها، وقبل ذلك، لم يكن يحق للشركة الاميركية العملاقة سوى تسيير بعض المركبات المعدلة من علامة "لكزس" التجارية الراقية التابعة لمجموعة "تويوتا" اليابانية.

وتتميز سيارة "غوغل كار" العاملة على الكهرباء والتي كشف عنها العام الماضي، بصغر حجمها إذ تتسع لشخصين في داخلها، ومن خلال تسييرها على الطرقات العامة، تأمل "غوغل" بجمع معلومات اضافية ترمي من خلالها الى تحسين هذه التكنولوجيا خصوصا ازاء الأحداث المحتملة غير المتوقعة والظرفية (كالأشغال على الطرقات والتحويلات وعبور المشاة وسلوكيات سائقي المركبات الاخرى) ما من شأنه ارغام السيارة على تعديل مسارها وسرعتها.

وتسعى "غوغل" الى طرح سيارات "غوغل كار" الذاتية القيادة بحلول العام 2020 بهدف احتلال موقع الصدارة في هذا القطاع من صناعة السيارات الذي يؤكد الخبراء أنه سيمثل مصدر ايرادات كبيرة في السنوات المقبلة، وتطور شركات عالمية كبرى لتصنيع السيارات سيارتها ذاتية القيادة على أن تقوم بالمهام الأساسية مثل تحريك عجلة القيادة والمكابح وزيادة السرعة دون تدخل بشري.

اضف تعليق