q

يعد داء التوحد من الامراض المعقدة في التخصيص والعلاج، إذ تختلف وتتنوع اعراض الاصابة به من طبيب لآخر، حيث يعتقد بعض الاطباء بأن الجينات تلعب دورا في الإصابة بمرض التوحد، فيما يعتقد البعض الاخر في وجود علاقة كبيرة بين التلوث البيئي وشيوع مرض التوحد في السنوات الأخيرة، لذا دأب كثير من العلماء على العمل من أجل تحديد أي مسبب على وجه الدقة هو المسؤول عن الإصابة بالتوحد، في الآونة الاخيرة أشار أكبر تحليل جرى حتى الآن في كيفية تواجد مرض التوحد في العائلات، إلى أن العوامل البيئية أهم بكثير مما كان يعتقد سابقا في الإصابة بالتوحد، في حين تشير نتائج الدراسة الجديدة الى تضاعف معدلات الاصابة بالتوحد خلال السنوات الثلاثة الماضية، ويرى الكثير من الخبراء والباحثين إن اضطراب طيف التوحد يمكن ان تنجم عنه مشاكل لدى الاطفال تتعلق بالتعامل مع أفراد المجتمع والتواصل ومختلف مناحي الحياة اليومية.

لذا يتعين على آباء الاطفال حديثي المشي ابلاغ أطباء الاطفال بشأن ملاحظة عدم تواصل الطفل بالاخرين من خلال عينيه والتعامل مع الآخرين بشكل عام وبطء الاستجابة والاهتمام بمن هم في مثل سنه، والاشخاص المصابون بالتوحد لديهم مستويات متفاوتة من الخلل عبر ثلاثة مجالات مشتركة وهي التفاعل والتفاهم الاجتماعي والسلوك والاهتمامات الدورية واللغة والتواصل، والاسباب الدقيقة للاصابة بهذا الخلل في النمو العصبي غير معروفة ولكن الادلة تشير إلى أنه من المرجح أنها تتضمن سلسلة من عوامل الخطر الوراثية والبيئية.

وكانت معظم الدراسات السابقة قد أشارت إلى أن توريث التوحد ربما يتراوح بين 80 و90 في المئة. ولكن هذه الدراسة الجديدة وهي أكبر وأشمل دراسة حتى الآن وجدت أن العوامل الوراثية لا تفسر تقريبا سوى نصف سبب هذا الخلل.

على الصعيد نفسه بينت دراسة حديثة نشرت نتائجها في الولايات المتحدة أن الاطفال الذين عانت امهاتهم من السكري في بداية مرحلة الحمل يواجهون خطرا اكبر للاصابة باضطرابات مرتبطة بالتوحد.

من جانب ايجابي تشير دراسة متخصصة إلى أن الأشخاص المصابين بالتوحد قد يكونون أكثر قدرة على التفكير بشكل غير تقليدي من غير المصابين به، لذا أطلقت مجموعة "مايكروسوفت" الأميركية برنامجا رياديا لتوظيف الأشخاص المصابين بالتوحد.

من جهتهم قال الباحثون إن التغيرات التي لاحظوها في الدماغ كانت في المناطق المتعلقة بالتواصل الاجتماعي، والعاطفي، واللغوي، كشفت عن أن مرض التوحد يبدأ عند تشكل الجنين في رحم الأم قبل الولادة بفترة طويلة، بينما أفادت دراسة حديثة أن الطريقة التي يشم بها الأطفال روائح مختلفة يمكن أن تشكل أساسا لإجراء اختبارات لتشخيص التوحد.

وعلى الرغم من تعدد الدراسات والابحاث حول مرض التوحد الا ان معالجته معقدة جدا كونه يشكل إعاقة عميقة ومتفشية تؤثر على كافة مناحي الحياة، فالتوحد اضطراب يعيق النمو وينعكس خصوصا صعوبات في التواصل الاجتماعي. وهو يظهر في سن الطفولة ويستمر خلال حياة الفرد، ويصيب هذا المرض واحدا من بين كل 160 طفلا على مستوى العالم.

وأخيراً وليس آخرا قد أصبح من الممكن من خلال برنامج تعليمي قد يصاحبه تدخل طبي التغلب على كثير من أعراض التوحد دون شفائها تماماً ويظل هناك تساؤلات عن الأسباب العضوية والنفسية للتوحد وبالرغم من التوصل إلى معرفة بعضها الاانها لم تنطبق على جميع حالات التوحد وأخيراً ثبتت فعالية بعض وسائل التدخل مع بعض الحالات وليس جميعها ولا يعرف بعد ما هو العلاج الأمثل لكل الأوقات ومع جميع الحالات، فيما يلي ابرز الدراسات والتقارير رصدتها شبكة النبأ المعلوماتية حول مرض التوحد.

ارتفاع معدلات الاصابة بالتوحد

في سياق متصل اصاب مرض التوحد طفلا من كل 45 في الولايات المتحدة العام 2014 اي ضعف النسبة في الفترة الممتدة بين عامي 2011 و2013 على ما اظهر احصاء جديد الا ان هذا الارتفاع عائد خصوصا الى اعادة تعريف للمرض وتغيير في النهج المتبع، وتظهر الارقام الاخيرة التي نشرتها المراكز الفدرالية للاشراف على الامراض والوقاية منها (سي دي سي) ان 2,24 % من الاطفال الاميركيين شخصت اصابتهم بمرض التوحد في العام 2014، وكان المرض خلال فترة 2011-2013، يصيب 1,25 % من الاطفال الاميركيين (واحد على كل ثمانين طفلا)، واوضحت كايتي والتون الاخصائية في مرض التوحد في جامعة اوهايو (شمال الولايات المتحدة) "طرأت تغييرات مهمة على طريقة طرح الاسئلة" لتشخيص الاصابة بهذا المرض الذي تسببه عوامل عدة منها الجينية خصوصا. بحسب فرانس برس.

وقالت الباحثة التي لم تشارك في احصاء مراكز "سي دي سي" ان "اضطرابات طيف التوحد (تي سي ايه) باتت تشمل الان اعراضا اوسع مما كنا نسميه مرض التوحد سابقا واظن ان هذه الارقام تشمل عددا كبيرا من الاطفال الذين كانوا ليحصلوا على تشخيص مختلف في الماضي"، وفي الاستطلاع الذي شمل 11 الف اسرة لم يكن مرض التوحد بين الامراض العشرة المعروضة، وكان الاهل يسألون ان كان طفلهم يعاني من اي اعاقة ذهنية. وفي حال كان الرد ايجابيا كان يطلب منهم ان يوضحوا اذا ما شخصت اصابة طفلهم باحدى اضطرابات طيف التوحد او شكل آخر من التأخر في النمو، وانتقل مرض التوحد في الولايات المتحدة من حالة لكل خمسة الاف طفل في العام 1975 الى واحدة من كل 150 في 2002 وواحدة من كل 68 في العام 2012 اي ان النسبة تضاعفت ثلاث مرات تقريبا في السنوات العشر الاخيرة.

وكان باحثون في بين ستايت يونيفيرسيتي اشاروا في دراسة صدرت في تموز/يوليو في مجلة "اميريكن جورنال اوف ميديكال جينيتيكس" الى ان طريقة تشخيص المرض الجديدة تفسر هذا الارتفاع، وتعليقا على الارقام الاخيرة لمراكز "سي دي سي"، قال المعد الرئيسي لتلك الدراسة سانتوبوس جيريراجان ان النهج الجيد يشكل تحسنا، واوضح لوكالة فرانس برس "يتم تشخيص عدد اصابات اكبر لان التوحد يترافق مع اضطرابات اخرى".

مرض التوحد "يبدأ عند تشكل الجنين في الرحم"

من جهتهم قال الباحثون إن التغيرات التي لاحظوها في الدماغ كانت في المناطق المتعلقة بالتواصل الاجتماعي، والعاطفي، واللغوي، قال علماء أمريكيون إن دلائل جديدة كشفت أن مرض التوحد يبدأ عند تشكل الجنين في رحم الأم قبل الولادة بفترة طويلة، وترجح الدراسة، التي نشرت في دورية "نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين"، إن تغيرات غير منتظمة في دماغ الجنين أثناء تكونه، أي قبل الولادة بفترة طويلة، قد تتسبب في ظهور أعراض التوحد، وتعزز هذه الدراسة الآمال المتعلقة بتحقيق فهم أفضل لحالة الدماغ، وهو ما قد يُحسن حياة الأطفال المصابين بالتوحد. بحسب البي بي سي.

ويقول فريق البحث من جامعتي كاليفورنيا وسان دييغو، ومعهد ألين لعلوم الدماغ في سياتل، إن الدراسة تؤكد أيضا على أهمية التشخيص والعلاج المبكر، وكان الباحثون قد اختبروا أنسجة مأخوذة من أدمغة 22 طفلا من المصابين وغير المصابين بالتوحد تتراوح أعمارهم بين عامين و15 عاما، وأجرى الباحثون فحوصات للجزء الخارجي من الدماغ، أي ما يعرف بالقشرة المخية، وذلك لرؤية كيفية تشكيلها لطبقات الدماغ.

ووجد الباحثون تطورات غير طبيعية في هذه العملية لدى 90 بالمئة من الأطفال المصابين بالتوحد، مقارنة بعشرة في المئة من الأطفال غير المصابين، كما قال الباحثون إن التغيرات التي لاحظوها في الدماغ كانت في المناطق المتعلقة بالتواصل الاجتماعي، والعاطفي، واللغوي، وأشار فريق البحث إلى أن طبيعة هذه التغيرات التي تحدث في الدماغ تفسر تحسن بعض حالات الأطفال الصغار المصابين بالتوحد إذا ما تلقوا علاجا مبكرا.

وقال إريك كورشيسني، المتخصص في علم الأعصاب: "إن حدوث هذه التغيرات على شكل رقعات غير منتظمة، وليس في كل القشرة المخية، يعطينا الأمل، بالإضافة إلى رؤية أوضح لطبيعة مرض التوحد"، ويضيف توماس إنسل، مدير المعهد القومي للصحة العقلية في أمريكا: "تكرر هذا التكوين غير المنتظم للدماغ لدى بعض الأطفال المصابين بالتوحد، ويمكننا أن توقع أن العملية تبدأ قبل الولادة بفترة طويلة"، وتقول كارول كوفي، مديرة مركز الجمعية الوطنية للمصابين بالتوحد في بريطانيا: "هذه الدراسة تلقي الضوء على مرض معقد، وكثيرا ما يفهم بشكل خاطئ... وقد يساعدنا ذلك على دعم نحو 700 ألف شخص مصاب بالتوحد في المملكة المتحدة، إذ قد يكون للمرض أثر مدمر، ولكن الدعم المناسب سيحدث فرقا كبيرا".

العوامل الجينية

فقد توصلت دراسة أجراها مجلس البحوث الطبية في بريطانيا شملت 516 توأما إلى أن مرض التوحد يحدث نتيجة عوامل وراثية بنسبة تتراوح بين 74 إلى 98 في المئة، وقال فريق من الباحثين لدى كلية لندن الملكية إن 181 من المراهقين الذين خضعوا للدراسة يعانون من التوحد، كما أن المعدل يزداد بدرجة كبيرة بين التوائم المماثلة الذين يشتركون في نفس الحمض النووي "دي إن إيه"، وقال الباحثون لدورية "جاما" للطب النفسي إن عشرات، إن لم يكن مئات الجينات، تلعب دورا في الاصابة بالمرض، وهم لا يستبعدون العوامل البيئية كليا.

يصعب عادة تشخيص مرض التوحد، فهو مجموعة من الظروف الصحية وليس اضطرابا واحدا، وتتباين شدته من شخص لآخر على نطاق واسع. بحسب البي بي سي.

وقالت هاب إن ما كان يوصف في الماضي بإنه إعاقة في التعلم أصبح الآن يشخص على نحو سليم بالتوحد، وأضافت أن الكثير من العلماء دأبوا على العمل من أجل تحديد أي جين على وجه الدقة هو المسؤول عن الإصابة بالتوحد، وما إذا كان هناك عوامل وراثية، وقالت "ربما هناك مئات الجينات التي تسهم في ظهور السمات المميزة للتوحد"، وقالت جوديث براون، من الجمعية الوطنية للتوحد "مرض التوحد هو قصة معقدة للجينات، فهو لا يتفاعل مع الجينات الأخرى فحسب، بل مع العوامل غير الجينية أيضا"، وأضافت "تعتبر هذه العينة الكبيرة من التوائم مهمة للغاية لأنها تساعدنا في معرفة الكثير عن الدور الذي تلعبه الجينات في حدوث مرض التوحد، وتفتح احتمال زيادة وعي الأسر على نحو أفضل بشأن العوامل المشتركة له"، وقالت "مازال هناك شوط كبير حتى نتعرف على ما يؤدي إلى الإصابة بالتوحد".

العوامل البيئية

على الصعيد ذاته قال سفين ساندين الذي عمل على هذه الدراسة في كينجز كوليدج لندن ومعهد كارولينسكا السويدي إن مادفع لهذه الدراسة‭ ‬"سؤال أساسي جدا غالبا ما يسأله الآباء ألا وهو لو عندي طفل مصاب بالتوحد ماهو الخطر بأن يصاب طفلي التالي به؟".

وتشير النتائج التي نشرت في دورية الجمعية الطبية الأمريكية إلى أن الوراثة لا تمثل سوى نصف العوامل المسببة للمرض في حين تمثل العوامل البيئية مثل مضاعفات الولادة أوالوضع الاجتماعي الاقتصادي أو صحة الأبوين ونمط الحياة الخمسين في المئة المتبقية، ووجدت الدراسة أيضا أن احتمال اصابة الأطفال الذين لهم شقيق أو شقيقة مصاب بالتوحد بالمرض يزيد عشر مرات ويزيد هذا الاحتمال ثلاث مرات إذا كان لهم أخ أو أخت غير شقيق مصاب بالتوحد ويزيد الاحتمال مرتين لو كان لهم قريب مصاب بالتوحد.

وقال ساندين "على المستوى الفردي يزيد خطر الاصابة بالتوحد وفقا لمدى قربك وراثيا من الاقارب الآخرين المصابين بالتوحد، "بوسعنا الآن تقديم معلومات دقيقة عن خطر الاصابة بالتوحد يمكن أن تريح وترشد الآباء والمستشفيات في قراراتهم".

وقال آفي ريتشنبرج من مركز ماونت سايناي سيفر لأبحاث التوحد إن"التوريث مقياس لعدد الناس ولذلك فعلى الرغم من أنه لا يبلغنا كثيرا عن خطر الاصابة على المستوى الفردي فانه يوضح لنا أين نبحث عن الأسباب"، وقال إنه فوجيء بهذه النتائج لأنه لم يكن يتوقع أن تكون أهمية العوامل البيئية بمثل هذه القوة، وأضاف"جهود الأبحاث في الأونة الأخيرة مالت للتركيز على الوراثة ولكن من الواضح الآن أننا بحاجة لعدد أكبر بكثير من الابحاث للتركيز على تحديد ماهي هذه العوامل البيئية".

السكري والحمل

كما بينت دراسة حديثة نشرت نتائجها في الولايات المتحدة أن الاطفال الذين عانت امهاتهم من السكري في بداية مرحلة الحمل يواجهون خطرا اكبر للاصابة باضطرابات مرتبطة بالتوحد، وقام الباحثون من مراكز "كايزر برماننت" الطبية في كاليفورنيا في دراستهم التي نشرت نتائجها مجلة "جورنال اوف ذي اميريكن ميديكل اسوسييشن" (جاما)، بتحليل الملفات الطبية الالكترونية لاكثر من 332 الف طفل من اصول اتنية متنوعة مولودين في الاسابيع 28 الى 44 من الحمل في جنوب ولاية كاليفورنيا بين العامين 1995 و2009. بحسب رويترز.

وتابع الباحثون هؤلاء الاطفال على مدى خمس سنوات ونصف السنة في المعدل ولاحظوا ان الذين كانت امهاتهم يعانين السكري خلال فترة الحمل قبل الاسبوع السادس والعشرين واجهوا خطرا اكبر بنسبة 63 % في الاصابة باضطرابات مرتبطة بالتوحد مقارنة مع باقي الاطفال الذين شملتهم الدراسة.

لكن بعد الاخذ في الاعتبار سن الام ومستوى التعليم والاصول الاتنية ودخل الاسرة، خلص معدو الدراسة الى ان هذا الخطر أعلى بنسبة 42 %، وأشارت اني شيانغ من مركز البحث والتقييم في مراكز "كايزر برماننت" الصحية الى ان "تعرض الجنين لارتفاع مستوى السكر في الدم لدى الأم يمكن أن يكون له اثار مستدامة على النمو وحسن عمل اعضاء الطفل"، لكنها لفتت الى ان "معرفة ما اذا كان السكري لدى الوالدة يمكن ان يعيق نمو الدماغ لدى الجنين ويزيد خطر الاصابة باضطرابات التوحد اقل وضوحا"، وأوضحت الباحثة أن هذه الدراسة القائمة على الملاحظة اظهرت رابطا بين السكري لدى الأم خلال فترة الحمل واصابة الطفل بالتوحد لكنها لم تثبت ذلك، كذلك، اشارت هذه الدراسة الى ان الاطفال الذين عانت امهاتهم من السكري بعد 26 اسبوعا من الحمل لم يواجهوا خطرا اكبر للاصابة بالتوحد بالمقارنة مع الاطفال الذين لم تكن امهاتهم مصابات بالسكري قبل الحمل او خلال الاسابيع الاولى من الحمل.

وخلص معدو الدراسة ايضا الى ان هذه النتائج قد تدعو الى الاعتقاد بضرورة اجراء كشف مبكر للتوحد لدى الاطفال المولودين من امهات عانين السكري قبل الاسبوع السادس والعشرين من الحمل، كذلك أن اصابة النساء بالسكري خلال فترة الحمل قد تتسبب لهن بمشاكل صحية اخرى بينها زيادة خطر الاصابة بالسكري من النوع الثاني.

شم الروائح قد يساعد في التعرف على مرضى التوحد

فيما أفادت دراسة جديدة أن الطريقة التي يشم بها الأطفال روائح مختلفة يمكن أن تشكل أساسا لإجراء اختبارات لتشخيص التوحد، ويقضي الناس وقتا في شم رائحة الورود المبهجة أكثر من الرائحة الكريهة للسمك المتعفن، وأظهرت نتائج الاختبارات التي أجريت على 36 طفلا ونشرت في دورية "كارنت بايولوجي" أن هذا الاختلاف لم يظهر لدى الأطفال المصابين بالتوحد، وقالت الجمعية الوطنية لمصابي التوحد إن الرائحة يمكن أن تصبح في نهاية المطاف أداة إضافية لإجراء اختبارات عن التوحد. بحسب البي بي سي.

وفي أغلب الأحيان يجري اكتشاف إصابة الطفل بالتوحد حينما يبلغ عامين على الأقل، "مثير للدهشة إلى حد ما" شارك الأطفال في اختبار لمدة عشر دقائق أجراه معهد وايزمان للعلوم، وضع أنبوب أحمر كانت مهمته إرسال روائح إما جيدة أو كريهة إلى الأنف بينما سجل الأنبوب الأخضر التغييرات التي تحدث في أنماط التنفس.

وقالت ليرون روزنكرانتس، وهي واحدة من المشاركين في البحث وطالبة في الدكتوراه، إن الأطفال عادة يغيرون مستوى عمق الاستنشاق بحسب الروائح، وقالت لبي بي سي: "الأطفال المصابون بالتوحد لم يظهروا هذا التغيير على الإطلاق، إذ أنهم التقطوا نفس الاستنشاق لرائحة الشامبو مثل استنشاقهم رائحة السمك العفن. هذا أمر ملفت للنظر ومثير للدهشة إلى حد ما"، طور الفريق برنامج للحاسب يمكنه اكتشاف التوحد لدى مجموعة من الأطفال بمستوى من الدقة يصل إلى 81 في المئة، وأظهرت الاختبارات أنه كلما كانت أعراض التوحد أكثر قوة، كلما استغرق الأطفال وقتا أطول في شم الروائح الكريهة.

وكلما جرى اكتشاف التوحد مبكرا، كلما أصبح أسرع للأطفال الحصول على تدخل سلوكي وتثقيفي، وقال فريق البحث من معهد وايزمان للعلوم إن أحد مميزات اختبارات استنشاق الروائح هي أنه لم يعتمد على قدرة الطفل على التواصل، ولذا فإنه قد يكون مفيدا في مرحلة سنية مبكرة.

وأضافت روزنكرانتس: "لكن قبل أن نتمكن من استخدام ذلك كاختبار للكشف عن الإصابة بالتوحد، فإننا نحتاج إلى معرفة في أي عمر يبدأ الأطفال في اكتساب الاستجابة عن طريق الاستنشاق من بين عموم السكان. هل ولدت بها؟ هل تكتسبها في مرحلة لاحقة من حياتك؟ لم يدرس أحد هذا الأمر بعد".

وأوضح الباحثون أن الروائح لها دور في التفاعل الاجتماعي، وهذا قد يفسر علاقتها بالتوحد.

وقالت جوديث براون من الجمعية الوطنية لمرضى التوحد في بريطانيا: "إجراء فحص للكشف عن المرض يمثل خطوة حاسمة في إطلاق خدمات الدعم الحيوية التي يمكن أن تحدث فرقا هائلا للناس المصابين بالتوحد وعائلاتهم. إننا نعتقد أن إمكانية تطوير اختبار فردي وشامل لتشخيص الإصابة بالتوحد هو أمر غير محتمل"، وأضافت: "لكن في المستقبل إذا تأكدت هذه النتائج الأولية وجرى فهمها بالكامل، فإن الاختلافات المتعلقة بالتعرف على الروائح قد توفر أداة إضافية في العملية الضرورية متعددة الجوانب لتشخيص التوحد".

من سمات التوحد الابداع!

من جانب مختلف، تشير دراسة بريطانية إلى أن الأشخاص المصابين بالتوحد قد يكونون أكثر قدرة على التفكير بشكل غير تقليدي من غير المصابين به، واستطلع الباحثون آراء 312 شخصا على الانترنت وسألوهم إن كانوا مصابين بالتوحد ثم قيموا احتمالات أن يكون لدى المشتركين بعض سمات المرض حتى إذا لم يكونوا مشخصين به بشكل رسمي. بحسب رويترز.

واختبر الباحثون القدرات الإبداعية للمشاركين بسؤالهم عن تفسيراتهم لصور مصممة بحيث يمكن رؤيتها بأكثر من طريقة - مثل صورة يمكن رؤيتها كأرنب أو كبطة. ثم منحوا المشاركين دقيقة لتحديد أكبر عدد ممكن من الاستخدامات لأشياء عادية مثل الطوب (الطابوق) أو مشبك الورق، وكشفت الدراسة أنه بالمقارنة مع الأشخاص الذين لم تظهر عليهم مؤشرات التوحد فإن الأشخاص الذين قالوا إنهم مشخصون بالتوحد أو لم يشخصوا لكن ظهرت عليهم بعض سمات التوحد كانت إجاباتهم على الأسئلة المطروحة أقل بشكل عام لكنها كانت غير معتادة، وقالت كاثرين بيست كبيرة الباحثين في الدراسة والعضو بجامعة ستيرلنج البريطانية في رسالة بالبريد الإلكتروني لرويترز "نعتقد أن الأشخاص الذين لديهم بعض سمات التوحد ربما يستخدمون أساليب تتطلب مجهودا أكبر للإجابة على شتى الأسئلة المثيرة للتفكير (وبشكل لا يستند على التداعي المعروف للكلمات أو الاستخدامات الشائعة للأغراض المتشابهة) ومن ثم يستطيعون أن يقدموا إجابات أقل ولكنها أفضل".

"مايكروسوفت" تريد توظيف أشخاص مصابين بالتوحد

الى ذلك أطلقت مجموعة "مايكروسوفت" الأميركية برنامجا رياديا لتوظيف الأشخاص المصابين بالتوحد، وشرحت ماري إلن سميث نائبة رئيس "مايكروسوفت" التي لديها ولد يعاني من التوحد أن "الأشخاص المصابين بالتوحد يوفرون طاقة نحن بحاجة إليها في مايكروسوفت"، وهي أضافت على مدونة المجموعة الرسمية أن "كل فرد هو مختلف، فالبعض يتمتع بقدرة كبيرة على حفظ المعلومات والتدقيق في التفاصيل" مثلا، مشيرة إلى "خصوبة مواهب"، ويهدف هذا البرنامج الريادي إلى توظيف أشخاص يعانون من التوحد بدوام كامل في مقر المجموعة في ريدموند (شمال غرب الولايات المتحدة). بحسب فرانس برس.

وهو أعد بالتعاون مع شبكة "سبيشاليسترن" الدنماركية التي "تعتمد على مواصفات المصابين بالتوحد كميزة تنافسية" وتساعد هؤلاء الأشخاص على إيجاد فرص عمل، بحسب ما جاء في موقعها الإلكتروني، وأوضح الموقع أن أغلبية موظفي "سبيشاليسترن" يعانون من التوحد في أحد مراحله وهم يعملون مستشارين لشركات خاصة يكلفون بتجربة البرمجيات وبرمجة المعطيات وتثبيتها، وتتعاون هذه الشبكة منذ العام الماضي مع مجموعة "اس إيه بي" الألمانية المتخصصة في البرمجيات الموجهة للشركات وتساعدها على توظيف أشخاص مصابين بالتوحد.

اضف تعليق