q

لقد تميز النصف الثاني من القرن العشرين بما يعرف بظاهرة انفجار المعلومات واصبح انتاج المعلومات عبارة عن صناعة لها سوق كبير لا يختلف عن كثيرا عن اسواق السلع والخدمات، وتنفق الدول الصناعية الكبرى على انتاج المعلومات اموالا اكبر مما تنفقه على العديد من السلع الاستراتجية المعروفة في العالم.

ويأتي الاتجاه الى صحافة المعلومات كمؤشر اولي رئيس للتجول من الصحافة التقليدية الى الصحافة الرقمية، حيث تعتمد الاخيرة بشكل جوهري على المواد المعلوماتية الامر الذي يؤدي الى تحولات عدة على مستوى العمل الصحفي في صناعة الاخبار، إذ لا يزال المستقبل المالي لمجال صناعة الأخبار غير مؤكد، لكن بعض أصحاب رؤوس الأموال العاملين في الاستثمار في الولايات المتحدة أخذوا يراهنون على قطاع الصحافة في الآونة الأخيرة.

وخلال العام الماضي، ساهم أصحاب رؤوس الأموال على الأقل بمبلغ قدره 300 مليون دولار في مؤسسات الأخبار الرقمية، وأغلبها من المؤسسات الناشئة، وذلك فقا لتقرير حديث أصدره مركز بيو للأبحاث، أحد أكبر مراكز البحوث الأمريكية.

وفي الوقت الذي يواصل فيه الأمريكيون الانتقال إلى مثل هذه المنصات من أجل الحصول على الأخبار، يتنافس المستثمرون والصحفيون على جذب اهتمامهم، وبالرغم من أن رؤوس الأموال الاستثمارية سمحت لغرف الأخبار الرقمية بالتوسع، وباختبار مجال الصحافة الإلكترونية، وحققت ما يكفي من الايرادات للحفاظ على هذا المجال، لكنه لا يزال يشكل تجربة يجري اختبارها حاليا.

ويرى بعض المتخصصين بهذا الشأن ان هناك العديد من وسائل الإعلام الرقمية المحلية لا تزال غير مربحة، لكن في الوقت نفسه يرى هؤلاء المتخصصون ان الصحافة تشهد عصرا ذهبيا في الوقت الراهن بتزايد المواقع الاخبارية على الانترنت وثورة مواقع التواصل الاجتماعي فبعد الصحف المكتوبة، اتى الآن دور المحطات التلفزيونية كي تعاني من تداعيات ثورة الانترنت. فالمستهلكون أصبحوا يبتعدون عن الاشتراكات التقليدية التي تشمل رزمة كبيرة من القنوات الفضائية. وقد أحكم القطاع الرقمي هيمنته على جميع المجالات، بما فيها التلفزيون، ووجدت المواقع الإلكترونية الناشئة الأكثر نجاحا سبلا أفضل للتواصل مع جمهورها والاستفادة من التكنولوجيا، فتتدفق الاموال إلى المواقع الإخبارية على الانترنت بوتيرة لا سابق لها، إذ يعول المستثمرون على قدرة وسائل الإعلام الإلكترونية هذه على جذب المستخدمين.

لذا عمدت كبرى الصحف العالمية على استثمار المجال الالكتروني، فقد خطت صحيفة "نيويورك تايمز" خطواتها الاولى في مجال الواقع الافتراضي في "طريقة جديدة لسرد الاخبار" بفضل تطبيق الكتروني وعلبة كرتونية مخصصة لمعاينة صور ورسوم بيانية مرافقة للتغطية الاخبارية، ويمكن للمستخدمين التعمق في الاخبار عن طريق ادخال هواتفهم الذكية الى داخل هذه العلبة الكرتونية ما يخولهم عيش تجربة فريدة للواقع الافتراضي تعطيهم انطباعا بأنهم جزء من الحدث. وتسمح هذه القطعة برؤية شاملة للمواضيع المصورة من زواياها كافة.

كما أطلقت صحيفة "لو موند" وهي الصحيفة الفرنسية المسائية الوحيدة، نسخة صباحية للأجهزة المحمولة بغية استقطاب جمهور شاب، في حين شهد موقع "واشنطن بوست" الالكتروني رقما قياسيا لاعلى نسبة متابعة في تاريخه في تموز/يوليو الفائت، الى ذلك قررت صحيفة صن كبرى الصحف البريطانية مبيعا تقديم خدمتها الالكترونية مجانا بعد ان أخفقت الصحيفة المملوكة لقطب الاعلام روبرت مردوك في كسب مزيد من القراء في أحدث تجربة اخفاق رقمية لصحيفة تقليدية، وعليه يبدو أن التطور الهائل الذي يشهده القطاع التكنولوجي، واستثمار الصحافة الرقمية، قد يشكل ضربة قاصمة للصحافة المكتوبة، حيث اختارت صحف مكتوبة عريقة التحول إلى صحف الكترونية، واعتماد الشبكة العنكبوتية في طرح موادها الإخبارية، ويرى الخبراء بهذا الشأن ان الثورة الرقمية الجديدة قد غيرت من معالم الصحافة، وربما ستؤدي إلى الاستغناء عن الصحافة الورقية في المستقبل.

الاستثمار في المواقع الإخبارية

في السياق ذاته استثمرت المجموعة الإعلامية الأميركية "ان بي سي يونيفرسال" (التابعة ل "كومكاست") 200 مليون دولار في شركتي "بازفيد" و"فوكس ميديا" اللتين باتت تقدر قيمة كل منها بأكثر من مليار دولار، تماما مثل منافستهما "فايس ميديا" التي حصلت على 500 مليون دولار العام الماضي من محطة "ايه+اي نيتووركس" وصندوق "تي سي في"، وتنم هذه الاستثمارات المتزايدة عن ثقة القطاع بقدرة وسائل الإعلام الرقمية هذه على استقطاب الجمهور من جهة، لا سيما في أوساط الأجيال الجديدة التي لا تحبذ وسائل الإعلام التقليدية، وعلى در الأرباح من جهة أخرى، بحسب المحللين.

ولفت كن دكتور من مجموعة "آوتسيل" للأبحاث إلى أن هذه المجموعات جميعها جذبت فئة خاصة بها في السوق هي تلك التي تشمل شباب جيل الانترنت المولودين بعد العام 1980 والذين نادرا ما يشتركون بالصحف المطبوعة أو المحطات الفضائية، مفضلين الاطلاع على المحتويات الإلكترونية. بحسب فرانس برس.

وأضاف المحلل أن "المستثمرين يرون في هذا الجيل مصدرا للأرباح وللنمو"، متكلما عن "سباق الى التسلح"، ويأتي جزء كبير من الموارد المالية التي تضخ في المواقع الإخبارية الإلكترونية من وسائل الإعلام التقليدية التي تبحث عن سبل جديدة تسمح لها بالالتحاق بركب التطور الرقمي. فمجموعة "توينتي فيرست سنتشري فوكس" هي من بين المستثمرين في "فايس ميديا" و"تايم وورنر" هي من بين ممولي "ماشابل"، واعتبر كن دكتور أنها "مبالغ كبيرة من دون شك لكنها ليست خيالية".

وأشارت نيكي آشر لايسر الأستاذة المحاضرة في الصحافة والمتخصصة في وسائل الإعلام الرقمية في جامعة جورج واشنطن إلى أن "بازفيد وفوكس وغيرهما من الشركات الناشئة تثبت تدريجيا أنها ليست وسائل توفر محتويات موثوقة فحسب بل إنها شركات تعرف أيضا كيف تستخدم الركائز التكنولوجية"، وهذه الشركات تقوم بالفعل "بدراسة البيانات لمعرفة طرق انتشار المعلومات " وتشاركها، بغية تكييف منشورتها بشكل أفضل والسماح لمروجي الانترنت باستهداف القراء بشكل أعمق"، على حد قول نيكي آشر لايسر.

ويلجأ مثلا كل من "بازفيد" و"ماشابل" إلى التكنولوجيا لتحديد السبل التي تنتشر فيها الأخبار انتشارا واسع النطاق على الانترنت. ومجموعة "اي او ال" التي اشتراها مؤخرا المشغل "فيرازن" والتي تملك مواقع عدة مثل "هافنغتون بوست" و"تيك كرانش" معروفة بتكنولوجياتها الإعلامية التي تقيس فعالية الرسائل على الانترنت.

وبالنسبة إلى ريبيكا ليب المحللة المستقلة المتخصصة في وسائل الإعلام، قد يقدم التقارب بين وسائل الإعلام القديمة وتلك الجديدة منافع عدة، كما كانت الحال عندما قررت "ان بي سي يونيفرسال" تشارك مقتطفات من الألعاب الأولمبية على "بازفيد". ويحفز هذا الاتجاه أيضا الاستثمارات في المحتويات، ما يستحدث فرص عمل في وقت تقلص فيه الوظائف في أقسام التحرير التقليدية.

وفي نظر كن دكتور، تنفق وسائل الإعلام الجديدة ما بين 60 و 70 % من ميزانياتها على المعلومات والمضامين، في مقابل 12 % للصحف التقليدية التي تخصص الجزء الأكبر من مواردها للطباعة والتوزيع، وهو قال إن "هذه الشركات مقتنعة بأن المحتويات الجيدة هي التي تدعم النشاطات"، لكن يبقى أن نعرف إذا كانت هذه المواقع الإخبارية تستفيد من فقاعة استثمارية تعطيها قيمة مبالغ بها.

الإعلام الرقمي يجتذب أموال المستثمرين

على صعيد ذي صلة يقول إريك هيبيو، المدير التنفيذي في مؤسسة "ليرير فينتشرز"، وهي صندوق لرأس المال الذي يستثمر في عشرات المؤسسات الصحفية الرقمية الناشئة: "إنها فرصة عظيمة لبناء شركات جديدة لامعة في مجال الإعلام"، ومن بين مشروعات تلك المؤسسة الموقع الإخباري بوليسي ميك (PolicyMic)، وهو موقع موجه لجيل الشباب الذين ولدوا بين عامي 1980 و2000، ويعتقد هيبيو أن أصغر جيل من مستخدمي مواقع الأخبار يمثل شريحة من أفضل شرائح الجمهور المستهدف، ويضيف: "الشباب في غالبيتهم لا يهتمون حقا بالعلامات التجارية القديمة، بل تجذبهم العلامات التجارية التي تلبي احتياجاتهم، وتقدم محتوى يتناول ما يروق لهم على وجه الخصوص". بحسب البي بي سي.

ويقول جيك هورويتز، أحد مؤسسي موقع بوليسي ميك، ورئيس تحرير الموقع، إن أعضاء فريقه يفهمون الأخبار التي يفضلها جيل الشباب من أقرانهم، ويقول هورويتز: "لقد أحدثت مواقع فيسبوك، وتويتر، وانستغرام، وبنترست ثورة في كيفية وصول الشباب للأخبار ومتابعتها".

ويضيف: "إنها فرصة كبيرة للمشاركين في ذلك المجال لمحاولة واختبار طرق إبداعية حقيقية في نشر تلك الأخبار للشباب"، وهناك شركة إخبارية جديدة تحقق نجاحا سريعا في ذلك المجال، وهي شركة فوكس ميديا ((Vox Media التي ستطلق قريبا موقعها على الإنترنت Vox.com، وهي من أفكار الصحفي المخضرم والكاتب السابق بصحيفة واشنطن بوست إزرا كلاين، وقد جمعت هذه الشركة أكثر من 70 مليون دولار لتمويل هذا المشروع.

ويقول لوكهارت ستيل، نائب رئيس التحرير في فوكس ميديا، إن اهتمام المستثمرين بمواقع الأخبار الرقمية الخاصة بالشباب لا يثير الدهشة، ويضيف: "الطريقة التي نرى بها الأمور هي أن كل جيل يصنع العلامات التجارية من خلال الوسائل الخاصة به. فإذا نظرنا إلى أصحاب رؤوس الأموال عموما، فسنجدهم يراهنون على المستقبل، ومن بين هذه الرهانات شركة فوكس ميديا".

وعلى الرغم من أن رأس المال الذي يبلغ 300 مليون دولار يتضاءل بالمقارنة بما يقرب من 63 مليار دولار إلى 65 مليار دولار هي عوائد الأخبار في الولايات المتحدة سنويا، فإن تدفق التمويل الاستثماري لا يلقى القدر المناسب من الاهتمام.

ويقول جيسي هولكوم، أحد كبار الباحثين بمركز بيو للأبحاث: "التأثير النفسي لمثل هذا النوع من الاستثمار أكبر من مجموع الدولارات نفسه. وساعد ذلك في غزو الصحافة بشكل من أشكال الطاقة المتجددة".

وتشعر كل غرف الأخبار الجديدة والموجودة من قبل بمثل هذا التأثير، إذ زاد عدد محرري موقع Buzzfeed من نحو ستة محررين قبل عامين إلى 170 محررا في عام 2014، وفقا لمركز بيو للأبحاث، يصف موقع بزفيد الأخبار التي ينشرها بأنها تروق للشباب أن يشاركونها مع أصدقائهم، وأعلن موقع Buzzfeed في يناير العام الماضي أنه جمع 19.3 مليون دولار من مستثمرين في جولته الرابعة من حملة التمويل التي بدأها سابقا، وهو ما يرفع المبلغ الإجمالي الذي جمعته الشركة إلى 46 مليون دولار.

وأطلقت مجلة أوزي اليومية على الانترنت في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وهي مجلة إخبارية وثقافية، وتمكن مؤسسها كارلوس واطسون من جذب قائمة جيدة من المستثمرين، من بينهم لورين باول جوبز، أرملة ستيف جوبز، الشريك المؤسس لشركة أبل.

ويقول واطسون: "أعتقد أن [مستثمرينا] رأوا فرصة جيدة في فضاء الإعلام كانت تشبه تلك التي اكتشفتها شركة أبل في مجال الكمبيوتر منذ نحو 15 أو 20 سنة، وما تشهده شركة تيسلا في مجال السيارات الكهربائية، وما شهدته شركة إتش بي أو في مجال صناعة التلفاز".

ويصف واطسون شركة أوزي بأنها تمثل وسيلة إعلامية وشركة لتكنولوجيا المعلومات، ويقول إنها تهدف إلى الوصول إلى مصادر عديدة للدخل، من بينها إقامة المعارض، واشتراكات المستخدمين، وفي المقابل، وجد تقرير مركز بيو أن عوائد الإعلانات لا تزال تمثل أكثر من ثلثي العوائد المعروفة في مجال الأخبار، كما وجد التقرير أن 82 في المئة من الأمريكيين قالوا إنهم حصلوا على الأخبار العام الماضي من خلال أجهزة الكمبيوتر المكتبية أو المحمولة الخاصة بهم، وقال أكثر من 50 في المئة من الأمريكيين إنهم حصلوا على الأخبار من خلال هواتفهم المحمولة.

نيويورك تايمز

في سياق متصل أوضح رئيس تحرير "نيويورك تايمز ماغازين" جايك سيلفرشتاين أن "هذه التكنولوجيا السينمائية الجديدة تمنح انطباعا مثيرا بالاتصال مع اناس يعيشون حياة بعيدة عن حياتنا"، واختارت "نيويورك تايمز ماغازين" في اولى مواضيعها في مجال الواقع الافتراضي سرد حياة ثلاثة اطفال شردتهم الحروب والاضطهادات هم اوليغ (11 عاما) من شرق اوكرانيا وهناء (12 عاما) من سوريا وشوول (9 اعوام) من جنوب السودان. بحسب فرانس برس.

كما أن فيلما آخر من الواقع الافتراضي بعنوان "المشي في نيويورك" يصور بطريقة مذهلة فنان الشارع الفرنسي جان رينيه المعروف بـ"جاي ار" خلال مسيرته في اكبر المدن الاميركية، وأوضحت "نيويورك تايمز" أنها تعتزم ارسال علب كرتونية خاصة بمشاهدة تسجيلات الواقع الافتراضي مجانا الى جميع مشتركيها في الولايات المتحدة خلال الايام المقبلة. كما يمكن شراء هذه القطعة في مقابل 30 دولارا، وبات تطبيق "أن واي تي في ار" متوافرا للاجهزة العاملة بنظامي "آي او اس" و"أندرويد".

صحيفة لو موند

أطلقت صحيفة "لو موند" وهي الصحيفة الفرنسية المسائية الوحيدة، نسخة صباحية للأجهزة المحمولة بغية استقطاب جمهور شاب، وقال جيل فان كوت المدير الحالي لمجموعة "لو موند" حيث يدور نقاش حول لانتقال من النسخة المسائية إلى نسخة صباحية منذ سنوات عدة "إنها لحظة تاريخية بالنسبة إلينا، إذ أنها أول نسخة صباحية لنا منذ انطلاقنا قبل 70 سنة"، وقد أطلق العدد الأول في هذا التطبيق المتوافر بالمجان للأجهزة العاملة بأنظمة "آي أو اس" و"أندرويد" الاثنين عند الساعة السابعة. وستكون ثلث المحتويات مجانية فيه، في حين سيقدم الثلثان المتبقيان في مقابل رسوم اشتراك. بحسب فرانس برس.

وستحضر النسخ الصادرة من الاثنين إلى الجمعة بمساعدة قسم في الولايات المتحدة يتولى الإنتاج عندما يكون الليل قد حل في أوروبا، وهذا التطبيق المنتظر منذ أشهر هو بجزء منه من تمويل صندوق "غوغل" للصحافة الذي منح مجموعة "لو موند" 1,8 مليون يورو سنة 2014 لتطوير عدة ركائز رقمية.

وصرح جيل فان كوت لوكالة فرانس برس "يقضي هدفنا بتحفيز المشتركين على البقاء أوفياء لنا وجذب جمهور آخر أكثر نشاطا وشبابا من جمهورنا التقليدي"، وكما هي الحال مع جميع المطبوعات اليومية، تشهد صحيفة "لو موند" التي بيعت منها في آذار/مارس 280556 نسخة (ورقية ورقمية) في اليوم الواحد تقريبا، انخفاضا عاما في مبيعاتها. ولا يكفي ارتفاع النسخ الرقمية (بنسبة 30 % بين آذار/مارس 2014 و آذار/مارس 2015) للتعويض عن تراجع المبيعات الورقية.

موقع واشنطن بوست

فقد شهد موقع "واشنطن بوست" الالكتروني رقما قياسيا لاعلى نسبة متابعة في تاريخه في تموز/يوليو الفائت، بعد عام على شراء الصحيفة من جانب رجل الاعمال جيف بيزوس، وفي مقال نشر على مدونة الصحيفة، اشارت "واشنطن بوست" الى انها وظفت "اكثر من 60 شخصا" في هيئة التحرير التابعة لها كما اضافت فقرات جديدة على موقعها تعنى بمواضيع هامة كالصحة والعلوم والاحصائيات الرياضية والثقافة الرقمية.

وكتب مسؤولو التحرير عن الصحيفة في المدونة "يسرنا الاعلان ان (موقع) +واشنطن بوست+ شهد اعلى نسبة متابعة في تاريخه في تموز/يوليو. هذا النجاح دليل على العمل الذي انجزه كامل فريقنا التحريري وشركاؤنا في هندسة المعلوماتية".

ولفت هؤلاء الى ان هذا الارتفاع في نسبة المتابعة مرده الى الاهتمام بالتطورات الساخنة في الاسابيع الاخيرة خصوصا الهجوم على قطاع غزة وكأس العالم لكرة القدم الذي استضافته البرازيل مؤخرا، وكان جيف بيزوس مؤسس شركة "امازون" للبيع عبر الانترنت اعلن مطلع اب/اغسطس 2013 شراء صحيفة "واشنطن بوست". وتم انجاز الصفقة في تشرين الاول/اكتوبر لقاء 250 مليون دولار.

صحيفة صن البريطانية

الى ذلك قررت صحيفة صن كبرى الصحف البريطانية مبيعا تقديم خدمتها الالكترونية مجانا بعد ان أخفقت الصحيفة المملوكة لقطب الاعلام روبرت مردوك في كسب مزيد من القراء في أحدث تجربة اخفاق رقمية لصحيفة تقليدية.

وجاء تقديم الخدمة المجانية الالكترونية للموقع الذي أطلقته صن عام 2013 بعد ان فشلت في اقتطاع جزء من الكعكة الالكترونية على خلاف منافستها ديلي ميل التي تفخر بواحد من أكثر المواقع الاعلامية الالكترونية شعبية في العالم.

كما يعتبر هذا القرار أول تعديل استراتيجي تتخذه ريبيكا بروكس منذ عودتها للاشراف على صن وزميلتها تايمز كمديرة تنفيذية للذراع الصحفية لمردوك، وعادت بروكس الى الشركة في سبتمبر ايلول الماضي بعد ان قضت أربع سنوات تبريء سمعتها من تهمة التورط في أنشطة جنائية لاختراق الهواتف في مسعى لاقتناص تقارير اخبارية ساخنة. بحسب رويترز.

وقالت بروكس في مذكرة للعاملين "أنا واثقة من ان هذا التطوير الالكتروني سيضمن الحفاظ على المكانة المتفردة التي تحتلها صن في الثقافة البريطانية"، ويصبح الموقع الالكتروني لصن مجانيا بدءا من 30 نوفمبر تشرين الثاني.

مستقبل الصحافة لن يكون إلا رقميا

الى ذلك احتضنت العاصمة الاندونيسية جاكرتا يومي 23 و24 سبتمبر-أيلول الدورة الرابعة لمنتدى الصحافة ووسائل الإعلام الاجتماعية بتنظيم من المركز الفرنسي الدولي التابع لوزارة الخارجية الفرنسية، شارك فيه ما لا يقل عن 100 شخص بين إعلاميين وممثلين عن العالم الرقمي، بعضهم فرنسي وأغلبيتهم من جنوب شرق آسيا. بحسب فرانس برس.

هذا الحدث هو الأول من نوعه في المنطقة، بعد سبع دورات للمنتدى احتضن العالم العربي اثنتين منها في تونس والقاهرة (2012 و2013). وقد تراوحت فعاليات هذه الدورة بين محاضرات وورش عمل تطرق خلالها الحاضرون إلى عدد من قضايا الساعة حول الصحافة الرقمية والتحديات التي تطرحها التكنولوجيات الحديثة في مجال الإعلام، ما يجبر الصحفيين -كما ذكر عدد من الحاضرين- على التأقلم… أو الاختفاء.

روبرتو كولوما وماريا ريسا صحفيان صاحبا تجربة عريقة، الأول يدير مكتب "وكالة الأنباء الفرنسية" في سنغافورة والثانية اشتغلت لمدة عشرين سنة في قناة "سي ان ان" الأمريكية قبل أن تعود إلى وطنها الفلبين، حيث أنشأت موقعا إعلاميا يدعى «رابلر». كلاهما عادت به الذاكرة إلى الوراء ليتحدث عن سنواته الأولى في الصحافة وأدوات عمل لم يعد الجيل الجديد يعرف لها اسما، لينتهيا إلى نفس الاستنتاج : إنه عصر الصحافة الذهبي!.

« كل الأدوات التي كان جيلنا القديم يستعملها هي بين يديكم اليوم، وقد اجتمعت في هذه الآلة الصغيرة »، يقول روبرتو مشيرا إلى هاتفه الذكي. فالإنترنت اليوم ليس فقط وسيلة لنشر المعلومة -ما يجعل الحضور على الشبكة واجبا على جميع المؤسسات الإعلامية- بل هو كذلك طريقة لتقصي الخبر، من خلال المواقع الرسمية وصفحات الشبكات الاجتماعية. إن الجرائد اليوم في البلدان المتقدمة تفقد كل شهر بين 7 و10 بالمئة من قرائها، والمشهد لا يختلف كثيرا في آسيا، حيث أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة هم أغلبية من يلجون الشبكة. إنهم المستقبل، والمستقبل لم يعد ينظر إلا إلى الإنترنت، ولا سيما لتقصي الأخبار.

أن نخترع طريقة جديدة لفهم العالم وتقديم المعلومة

الصحافة اليوم على مفترق طريقين، بين الإعلام والتكنولوجيا، ووجب عليها أن لا تهمل مجالا في سبيل الآخر. « يجب علينا أن نعتبر الصحافة كتكنولوجيا رقمية تقترح مادة إعلامية »، حسب ماريا ريسا، إذ لا يمكن لمدير موقع أن يتجاهل معطيات مثل نسبة السكان الذين يتمتعون بالتغطية أو مدى سرعة الإنترنت، عندما يقرر طبيعة المادة الإعلامية التي سيقدمها لقرائه (هل هو نص فقط ؟ هل يرافق المقال فيديو أو صور ذات جودة عالية قد تكون صعبة التحميل ؟). بل يجب على الإعلامي أن يتجاوز علاقة الكاتب بالقارئ ليقترح موادا إعلامية جديدة ويواكب عصره، وهو نموذج دافع عنه بونوا تيولان، مدير المجلس الوطني للنظام الرقمي في فرنسا. هذا النموذج يعتمد على بروز تجارب جديدة خلال السنوات الأخيرة أحدثت ثورة في طريقة استعمال الإنترنت، خاصة منها صحافة "البيانات" -data journalism- والتي اكتشفها الرأي العام عبر ملف « ويكيليكس » لجوليان اسانج وقضية ادوارد سنودن مع وكالة الأمن الأمريكية. وحسب بونوا تيولان، فإن ثقافة « الخبر العاجل » والمعلومة الحصرية لم تعد الهدف الأول، مع تعدد وسائل التواصل وسرعة انتشار المعلومة عبر الفيس بوك وتويتر. بل إن المواقع التي تنأى بنفسها عن منافسيها هي التي تقترح تحاليل عميقة وتقارير استقصائية، يستطيع « المستهلك » من خلالها أن يفهم خبايا مواضيع سياسية أو اقتصادية مصيرية، مثلما يفعله موقع « ميديابارت » في فرنسا الذي كشف عن أكثر من « فضيحة » في الساحة السياسية المحلية. كما أن على الصحافيين اليوم أن يستعملوا التكنولوجيا لجعل المعلومة في متناول الجميع، مثل اقتراح رسوم بيانية تلخص التقارير الاقتصادية أو تفسر تطور ظاهرة ما على مدى سنوات بطريقة أوضح من المقال المكتوب، في زمن صار فيه مستعملو الشبكة كثيري المشاغل وقليلي الصبر.

اضف تعليق