q

السيسي في لندن وسقوط طائرة الروس في سيناء شكلا ابرز حدثين جدليين على الصعيد الدولي خلال الآونة الاخيرة، إذ يرى المراقبون أن زيارة الرئيس المصري إلى لندن تركز على ملفات عدة أمنية، سياسية، اقتصادية، لكن يبدو ان الامن هو الجزء الأكبر على خلفية زيادة التكهنات حول سيناريو إسقاط الطائرة الروسية بـ"عمل إرهابي" من جهة، وعلى طبيعة دور الإخوان في مصر من جهة أخرى.

يثير بعض المراقبين سؤالا مهما يتمثل بما الاسباب التي دفعت بريطانيا الى التدخل المباشر والمثير للجدل في قضية سقوط الطائرة الروسية في سيناء المصرية؟، يجيب بعض المحللين بأن ابرز الاسباب انه منذ وقوع كارثة طائرة الروس في الأجواء المصرية، لم يدل أي مسؤول كبير في أي دولة من دول العالم بتصريحات مثيرة، إلا من المملكة المتحدة، التي اقرت باحتمال اعتداء ارهابي لاسقاط الطائرة وترجيح تنظيم داعش القيام بهذا العمل، اضافة الى اصدار قرار بإيقاف الرحلات الجوية القادمة من منتجع شرم الشيخ المصري، جل هذه الامور ترجح الاسباب الاتية، معارضة المملكة المتحدة لتحركات روسيا في سوريا، عودة الاخوان في مصر كون الاخوان كما هو معروف تاريخا حليف وثيقة لبريطانيا، الحد من التمرد المصري تجاه السعودية في القضية السورية، الى جانب مكاسب جيوسياسية واستراتيجية أخرى على اكثر من صعيد.

حيث يرى الكثير من المحللين ان زيارة السيسي الى بريطانيا في هذا التوقيت جاءت لتعزيز المصالح البريطانية المصرية في الشرق الأوسط، بعد ما ساهم التدخل الروسي في سوريا بتفاقم التوتر في العلاقات مع حلفاء المملكة المتحدة وتهديد مصالحهم في منطقة الشرق الاوسط، لذا يتوقع المحللون ان مصر ستسعى الى اعادة التحالف الاستراتيجي مع بريطانيا بصورة اكثر جدية وفاعلية.

فيما يرى محللون آخرون ان وجود اتفاقات مسبقة بين السعودية وحليفها البريطاني من أجل تعديل المواقف السياسية والعسكرية لمصر بعد ما غدرت الاخيرة بعيدا عن السعودية فيما يخص القضية السورية.

لذا يتوقع هؤلاء المحللون ان بريطانيا لقنت السيسي ما تريده تجاه مصالح مع السعودية التي غيرت مواقفها تجاه الاخوان المسلمين في الاونة الاخيرة بحيث اعطت انطباعا مغايرا في امكانية احتواء العداء بين الاخوان والسعودية بدلا من محاولة القضاء عليهم، وهو ما يخدم بالنتيجة النهائية استراتيجية بريطانية في توحيد حلفائها في منطقة الشرق الاوسط.

من جهة أخرى توقع مُحللون فنييون وخبراء أسواق المال، أن تشهد البورصة المصرية بعض الضغوط، تأثراً بتبعات حادث سقوط الطائرة الروسية، بعد قرارات بريطانيا وروسيا، منوهين في الوقت ذاته إلى أنه قد تظهر بعض القوى الشرائية لاقتناص الفرص مع تراجع الأسعار.

لذا يرى الكثير من المحللين ان المعطيات المذكورة اعلاه تشير الى معادلة سياسية جديدة من شانها ان تغيير موازين القوى في الشرق الاوسط الذي يشهد أعنف اضطراب امنية حاليا في العالم، وعليه ربما تظهر زيارة السيسي اسرار وصفقات من شأنها ان تغير منحى الصراعات في الشرق الاوسط لتحقيق أجندات إستراتيجية وتسويات تكتيكية امنية وسياسية في المنطقة برمتها.

السيسي وعودة الإخوان

من جانبه أشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل زيارة لبريطانيا انتقدتها منظمات تراقب حقوق الإنسان إلى أن جماعة الإخوان المسلمين المحظورة يمكن أن تلعب دورا في الحياة العامة في مصر إذا وافق الشعب على ذلك.

ومنذ أكثر من عامين تعرض الإسلاميون في مصر لأقسى حملة شهدتها البلاد في تاريخها الحديث تلت إعلان الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان في منتصف 2013 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه الذي استمر عاما، وبجانب انتقادات المنظمات الحقوقية للزيارة عارضها بعض السياسيين وقال زعيم الحزب المعارض الرئيسي في بريطانيا إن الزيارة تظهر "ازدراء حقوق الإنسان والحقوق الديمقراطية" وطالب نشطاء كاميرون بالضغط على السيسي بشأن حقوق الإنسان.

وأشار السيسي في مقابلة تلفزيونية مع (بي.بي.سي) ستذاع كاملة غدا الخميس إلى إمكانية تخفيف موقف حكومته من جماعة الإخوان المسلمين التي أعلنتها مصر منظمة إرهابية نهاية 2013، وقال إن مشكلة الجماعة ليست معه أو مع الحكومة إنما مع الرأي العام المصري، وقال في مقتبسات نشرها موقع بي.بي.سي الناطق باللغة العربية "إنهم (الإخوان) جزء من الشعب المصري ولذا فعلى الشعب المصري أن يقرر طبيعة الدور الذي يمكن أن يلعبوه"، وأضاف أن مصر دولة كبيرة وتتسع للجميع.

حرب الطائرات

في سياق متصل أفادت تقارير إعلامية بريطانية أن طائرة تابعة لشركة "طيران طومسون"، تقل 189 سائحا كانت على وشك الهبوط في مطار شرم شيخ، تفادت صاروخا بفضل خبرة الطيار، في آب/أغسطس الفائت. واعتبرت السلطات البريطانية أن الحادث لم يكن هجوما استهدف الطائرة وأنه على الأرجح مرتبط بالتدريبات الروتينية للجيش المصري.

تفادت طائرة بريطانية تقل سياحا كانت على وشك الهبوط في مطار شرم الشيخ المصري صاروخا اقترب منها مسافة 300 متر في آب/أغسطس الفائت، كما أفادت تقارير إعلامية بريطانية، وكانت الطائرة التابعة لشركة "طيران طومسون" تحمل 189 سائحا في طريقها من لندن إلى شرم الشيخ في 23 آب/أغسطس. وعلقت السلطات البريطانية على الأمر بأن ذلك لم يكن "هجوما مستهدفا" للطائرة، وصرح متحدث باسم الإدارة البريطانية للنقل "حققنا في هذه الواقعة في وقتها وخلصنا إلى أنه لم يكن هجوما مستهدفا (للطائرة) وأنه على الأرجح مرتبط بالتدريبات الروتينية التي أجراها الجيش المصري في هذه المنطقة آنداك". بحسب فرانس برس.

وأفادت صحيفة "الديلي ميل" أن طيار شركة طومسون تمكن من القيام بحركة معينة جوية لتفادي الصاروخ قبل أن يهبط بسلام دون أن يبلغ الركاب بالحادث، ونقلت الصحيفة عن مصدر قوله "الطيار كان في قمرة القيادة شاهد الصاروخ باتجاه الطائرة فأمر بتغيير المسار باتجاه اليسار لتفادي الصاروخ الذي كان على بعد 1000 قدم"، وأضاف أن "طائرة أخرى تابعة لشركة طومسون كانت تطير باتجاه شرم الشيخ في الوقت ذاته وشاهدت الصاروخ".

وتابع "جرى إبلاغ طاقم الطائرة أن الصاروخ مصدره تدربيات للجيش المصري، لكن الحادث أثار الرعب في صفوفه"، من جهته أكد متحدث باسم طومسون الحادث.

وقال "خطوط طومسون الجوية يمكنها تأكيد هذا الحادث الذي أبلغ به طاقم الرحلة طوم 476 في 23 آب/أغسطس"، وأكد إبلاغ الإدارة البريطانية للنقل كما تنص البروتوكلات المتبعة والتي قامت بالتحقيق في الأمر مع خبراء آخرين تابعين للحكومة البريطانية، وأضاف "بعد مراجعة بيانات الواقعة، خلصت التحقيقات إلى أنه لا يوجد سبب للقلق وأن الأمور آمنة لمواصلة برامج رحلاتنا لشرم الشيخ"، ووقعت الحادثة قبل نحو شهرين من سقوط طائرة الركاب الروسية إثر مغادرتها مطار شرم الشيخ أيضا السبت الفائت، ما أدى إلى مقتل جميع ركابها وأفراد طاقمها الـ224.

من جهتها علقت السلطات المصرية هبوط رحلات شركات الطيران البريطانية التي يفترض ان تعيد السياح البريطانيين في شرم الشيخ، على ما اعلنت شركة ايزيجت للطيران، وافادت الشركة في بيان ان "السلطات المصرية علقت حاليا هبوط طائرات الشركات البريطانية في شرم الشيخ ما يعني ان ايزيجت لن تتمكن من تسيير ثمان من رحلاتها العشر".

وستنطلق الجمعة من شرم الشيخ رحلتان فقط لشركة ايزيجت الى لندن هما الرحلة اي زد واي 9398 والرحلة اي زد واي 9854 اللتين كان يفترض اساسا تسييرهما الاربعاء في 4 تشرين الثاني/نوفمبر على ان تنقلا 339 راكبا. بحسب فرانس برس.

وافاد صحافي في وكالة فرانس برس ان الركاب واصلوا الصعود قبيل الظهر الى طائرة للشركة تنتظر على المدرج منذ يومين، اما رحلات ايزيجت الثماني الاخرى المقررة الجمعة وهما رحلتان منتظمتان وست رحلات اضافية استؤجرت خصيصا لاعادة السياح، فتم الغاؤها، وقالت ايزيجت في بيانها "اننا نعمل مع الحكومة البريطانية على اعلى مستوى لايجاد حل. كما نعمل في الوقت نفسه على خطة طارئة تسمح لنا بتسيير رحلات فور الحصول على الاذن بالطيران"، وعلقت لندن جميع رحلات الشركات البريطانية المنطلقة من شرم الشيخ بعد اربعة ايام على تحطم طائرة ركاب روسية في سيناء. وابدى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مخاوف على سلامة هذه الرحلات اثر معلومات من اجهزة الاستخبارات تشير الى احتمال ان يكون انفجار عبوة تسبب بالحادث، واعلنت الحكومة البريطانية مساء الخميس السماح لشركات الطيران باعادة الرعايا البريطانيين، وما زال هناك حوالى 20 الف سائح بريطاني في شرم الشيخ.

من جهتها، منعت شركة كي ال ام الهولندية نقل الامتعة على رحلة توجهت اليوم الجمعة من القاهرة الى امستردام بعدما افادت الولايات المتحدة وبريطانيا صراحة عن فرضية انفجار قنبلة تسبب بتحطم الطائرة الروسية الاسبوع الماضي في سيناء، واعلنت الشركة انه "استنادا الى معلومات وطنية ودولية ومن باب الاحتياط فان كي ال ام لن تسمح بنقل الحقائب في مقصورة الامتعة".

اضف تعليق