q

قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، جمع من الشيعة من البحرين الجريح، وذلك في بيت سماحته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، يوم السبت الموافق للرابع من شهر ربيع الأول 1436 للهجرة (27/12/2014م)، واستمعوا إلى توجيهات سماحته القيّمة.

قال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:

إنّ الله سبحانه وتعالى خلق الناس للدنيا، يعيشون فيها كل بمقدار من العمر، ثم ينتقلون إلى الآخرة ويعيشون فيها أيضاً. ولكي يعيش الإنسان في الدنيا فهو بحاجة إلى معيشة. وكذلك في الآخرة هو بحاجة إلى معيشة. وقد يعيش الإنسان في الدنيا قرابة ستين سنة أو سبعين أو مائة أو أكثر. وفي الآخرة يعيش ملايين ومليار ومليارات من السنين التي لا تنتهي. ومهما عاش الإنسان في الدنيا، فإنّ نسبة عيشه فيها بالنسبة إلى الآخرة هي أقلّ وأقلّ وأقلّ من واحد بالمليار.

وأوضح سماحته: الدنيا هي كالجسر، كما في الحديث الشريف عن النبيّ عيسى على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام: (إنّما الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها) 1. والإنسان يحتاج للقنطرة لمدّة قليلة ربما لفترة دقيقة أو أقلّ. فهكذا يجب على الإنسان أن يستفيد من الدنيا.

وقال سماحته: توجد في الدنيا أسواق مختلفة لمعيشة الإنسان، ومنها سوق الذهب، والسجاد، والفاكهة، والأقمشة، وغيرها. ويعمل الإنسان في إحدى هذه الأسواق، فإذا لم يوفّق في أحدها تراه ينتقل إلى سوق ثان وآخر وهكذا إلى أن يوفّق.

لكن في الآخرة لا يوجد إلاّ سوق واحد فقط، وهو سوق أهل البيت صلوات الله عليهم، ولا غيره. ورصيد هذا السوق يحصّل في الدنيا.

وبيّن سماحته: في يوم القيامة، سيكون الظلام هو الطاغي على ساحة المحشر، ولكن الإنسان الصالح والمتّقي والذي لم يظلم أحداً في الدنيا، سيكون معه نوراً، فيرى الطريق لوحده فقط، فحتى الذي بجنبه لا يمكنه أن يستفيد من هذا النور الذي يصاحب الإنسان الصالح. وقد وصف ذلك القرآن الكريم، حيث تقول الآية الكريمة عن لسان من لا نور معه: (انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ) 3، فيأتي الجواب من الإنسان الصالح: (قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا) 2. وهذا يعني أنه ارجعوا إلى الدنيا وأتوا بالنور منها.

وشدّد سماحته بقوله: إذا لم يوفّق الإنسان في سوق أهل البيت صلوات الله عليهم بالآخرة، فأين يولّي وجهه؟

لذا على كل واحد أن يصرف كل حياته في سبيل أهل البيت صلوات الله عليهم، سواء كان رجلاً أو امرأة، ومهما كان عمله ومستواه، سواء كان جاهلاً أو عالماً، وكبيراً أو شابّاً، وفقيراً أو غنيّاً، وموظّفاً أو كاسباً، ومرجعاً أو خطيباً. كل بمقدار ما يعقل، وبمقدار ما يتمكّنه، من لسانه، وماله، ويده، وتشجيعه، وحضوره، وخدمته، وقلمه، وإلى غير ذلك. والعمل في غير سبيل أهل البيت صلوات الله عليهم، فهو باطل ويورث حسرة وحسرة عظيمة، ويقول القرآن الكريم: (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) 4.

وأكّد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: المسألة المهمّة عند أهل البيت صلوات الله عليهم، التي كرّروها وأكّدوا عليها كثيراً، هي مسألة شباب الشيعة. فاسعوا إلى لملمة شباب الشيعة، وهذه مسؤولية كبيرة على الكبار بالنسبة إلى الشباب، وعلى الشباب بالنسبة إلى نظرائهم. فصلاح شابّ واحد في العقيدة يصلح الكثير من الشباب، والعكس بالعكس يصدق أيضاً. فحاولوا أن تصبّوا طاقاتكم وقدراتكم في لملمة شباب الشيعة، وفي تربيتهم على الأمرين التاليين: عقائد أهل البيت، وأخلاق أهل البيت صلوات الله عليهم.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبّل أعمالكم وطاعاتكم وزياراتكم، وأن تنالوا رعاية مولاتنا كريمة أهل البيت السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها، وأن يوفّقكم عزّ وجلّ والجميع لذلك.

...................................

1/ الخصال:ج1،ص33.

2و3/ سورة الحديد: الآية13.

4/ سورة مريم: الآية 39.

 

اضف تعليق