q

منتظر كتاب الحسناوي، انس عادل الانصاري، جيهان خضر

 

منير مواطن من سكنه مدينة الصدر اصيب بالشلل التام جراء اصابته برصاصة عشوائية استقرت براسه اطلقت بمناسبة فوز المنتخب الوطني العراقي بتاريخ 23 كانون الثاني 2015, منير كان ذاهبا الى السوق لشراء سرير لمولوده الجديد وفي طريقه فجأة وقع على الارض وسط ذهول وصراخ النساء وبعدها اغمي عليه لمدة ثلاثة ايام .

تحول منير من معلم للطلاب والقاء الدروس الدينية في الجوامع ولمدة عشرة سنوات الى مجرد طريح فراشه بجسد لا يقوى على الحركة والقيام واصبح ينظر الى طفليه الوحيدين بألم كبير.

حال رياض الباشا من منطقة البلديات لا تختلف عن حال منير من حيث السبب والمناسبة فيوم الجمعة وهو اليوم الذي فاز فيه المنتخب العراقي على الايراني يوم مثل لرياض صدمة غير متوقعة في حياته فقد فيه رياض طفلته الوحيدة التي انتظرها لسنوات مع زوجته التي كانت تعاني من مشكلة عدم الانجاب.

قصة رياض هزت المشاعر في حينها واثارت ردود غاضبة مستنكرة على مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما بعد ان ظهر رياض بصورة يحمل فيها ابنته التي ماتت.

والمصير ذاته الذي ذهب اليه كلا من الشابين حيدر سلمان المياحي ومصطفى لطيف من سكنة مدينة الصدر فالاول فارق الحياة عندما استقرت رصاصة براسه امام مدرسته بعد خروجه منها بتاريخ ١٨ /٣/٢٠١٥ اثر اطلاق نار عشوائي لا تعرف اسبابه .

والثاني كان جليس سيارته امام ساحه مدرسه الحواريين فكان ضحية رصاصة عشوائية اصابة يده ثم استقرت في قدمه من الجهة اليسرى والسبب هذه المرة اطلاق نار حدث اثناء مراسم تشييع احد الشهداء الذي وقع في المواجهات مع داعش مما سبب اثارا لازلت واضحة في يد وقدم مصطفى .

قانون موجود ولكن غير مفعل

منير وطفلة رياض وحيدر ومصطفى كلهم ضحايا عدم تطبيق قانون العقوبات العراقي رقم 570 لعام 1982م الذي عقب كل من يطلق العيارات النارية بعقوبات مختلفة اشدها السجن المؤبد.

الخبير القانوني علي التميمي يقول ان القانون تعامل مع الوفاة الناتجة عن الرمي العشوائي كجريمة قتل يعاقب عليها الفاعل بالسجن المؤبد وفق المادة 406 من قانون العقوبات والاصابة الناتجة عن اطلاق العيارات النارية تعد شروع بالقتل يعاقب الفاعل عليها بالسجن 7 سنوات من المادة المذكورة .

من الناحية القانونية يؤكد "التميمي "ان من حق ذوي الضحايا تقديم دعوى قضائية على كل من يطلق العيارات النارية حتى وان لم يتسبب بالقتل فيمكن اتهامه في القانون العراقي واثبات ذلك عن طريق الشهود والعيارات الفارقة بالنسبة للسلاح الذي اطلق منه اضافة الى ذلك ان حمل السلاح وحيازته بدون رخصة يعد جريمة ويعاقب وفق المادة 27 من حيازة الاسلحة وهي جناية تصل عقوبتها الى سبع سنوات وبالنتيجة ان من يطلق العيارات النارية عليه ان يعرف مسبقا انه قصد القتل ويتحمل ذلك حسب قانون العقوبات .

التميمي يقول ان من اهم العقبات التي تحد من تطبيق هذا القانون والحد من اطلاق العيارات النارية في المناسبات هو انتشار السلاح في كل مكان من المجتمع مؤكدا ان السلطات من الصعوبة بمكان ان تسيطر على ذلك .

موقف المرجعيات من الرمي العشوائي

المرجع السيد علي السيستاني وردا على استفتاء رفع له اكد انه "لا يجوز اطلاق العيارات النارية بلا مبرر اذا كان سببا لارعاب الناس وأذاهم ويتحمل المسؤولية الشرعية كل من يتسبب في موت او قتل او جرح على تفصيل مذكور في محله ,وعلى العموم فهذه الظاهرة بسبب ما تستتبعه من السلبيات منافية للعرف والاخلاق وننصح كافة الاخوة المؤمنين التجنب عنها البتة وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح".

الخبير القانوني علي التميمي وجه انتقادات لاذعة وشديدة لهذه الظاهرة واصفا اياه بافعال مستهجنة وغير صحيحة مؤكدا موقف والمرجعيات الدينية التي حرمت ذلك ,التميمي يتحدث عن الاثار الصحية والنفسية من هلع وخوف نتيجة هذه الظاهرة واستشهد الخبير القانوني علي التميمي بحالة من هذا النوع حيث كان احد الاشخاص مصاب بمرض القلب ونتيجة لهذه الاطلاقات قد فارق الحياة على الفور.

مضيفا ان الهدف الرئيس من هذا التشديد في القوانين الدينية والقانونية هو الحد من هذه الظاهرة التي استشرت بشكل كبير والتي تحتاج بالاضافة الى هذه القوانين الى حملة اعلامية كبيرة للحد منها .

الرصاصة طائشة ...جريمة كاملة

الاعلامي والتدريسي في كلية الاعلام بجامعة بغداد د.محمد فلحي الموسوي قاد حملة على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك بعنوان " الرصاصة الطائشة .. جريمة كاملة " اثارت هذه الحملة أصداء أعلامية وأجتماعية لاسيما وانها جاءت بعد سقوط عشرات الضحايا اثر اطلاق الاعيرة النارية في احد المناسبات .

يتحدث الموسوي عن عدة معالجات لهذه العادة التي وصفها بالسيئة منها تفعيل القوانين وتشديد الاجراءات الامنية لمنع استخدام السلاح وعلى وسائل الاعلام ان تقوم بحملة للتوعية وتوضيح النتائج الخطيرة لهذه الظاهرة وادانتها وتحريمها وكشف المتورطين فيها امام الرأي العام ويشدد الموسوي اهمية المؤسسات الدينية والتربوية في عملية التوعية والتوجيه من اجل مكافحة كل العادات والتقاليد السيئة وفي مقدمتها ظاهرة اطلاق النار بطريقة عشوائية واكد الموسوي على اهمية الوجهاء ورؤساء العشائر وحتى الاباء والامهات ضمن الاسرة الواحدة في التاثير على ابنائهم وتوعيتهم وارشادهم وتربيتهم على القيم والعادات الصالحة التي تدعوا الى الامن الاجتماعي .

اطلاق العيارات تتحول الى فصول عشائرية

سبعة اشخاص اصيبوا باطلاق نار عشوائي كانوا يتجولون في شوارع مدينة الصدر كما يقول المواطن (س) اطلقها شبان احد العشائر كردة فعل على رحيل شيخ احد العشائر سرعان ماتحول الامر الى فصل عشائري مع عشائر الضحايا المصابين في المنطقة الذين لم يلتزموا الصمت مطالبين افراد العشائر المتسببة بتعويض عما لحق بهم من اذى جراء ذلك .

الامين العام لمجالس شيوخ عشائر قاطع شمال محافظة بغداد /الرصافة أبو رعد الحلفي انتقد بشدة هذه الافعال التي تحصل في المناسبات الاجتماعية مؤكدا رفضه لها الحلفي يقول ان عشيرته اخذت بموقف المرجعيات الدينية ووجهت ارشادات لكل عشائر القاطع المتواجدين في المنطقة بالامتناع عن اطلاق الاعيرة النارية في أي مناسبة .

في الطرف الاخر من نتائج الرمي العشوائي وحيازة الاسلحة بدون رخصة قانونية واثارها على المجتمع يتحدث "جعفر عمارة ظاهر" عن قصة والده الذي فارق الحياة اثر مقتل بن اخية "مصطفى مهدي" المنتسب في وزارة الزراعة من سكنة مدينة الصدر قطاع 70 لم يكن مصطفى يعلم ان يوم نزوله من الوزارة لغرض عيادة والدته المريضة سيتسبب بمقتله برصاصة براسه اثر حدوث عراك عشائري حدث قرب مستشفى الجوادر من المدينة المذكورة وكذلك لم يعلم "مصطفى" ان مقتله سيتسبب بوفاة عمه عمارة ظاهر بنوبة قلبية .

موت بطيء

في طريقها لجلب "الصمون" أم غزوان أختارتها رصاصة طائشة اطلقت في مناسبة وفاة أحد الاشخاص لتعلن عن موتها البطيء فقد أستقرت الرصاصة داخل رأسها ووقف الطب عاجزاَ لمعالجتها لأنه بمجرد اخراج الرصاصة من راسها تتسبب بموتها على الفور فعوضا على ذلك اقدمت على القيام باربعة عمليات واصبحت تعيش على الصمامات منذ عام 2004م وحتى الآن.

فتاة تفقد دورتها الشهرية بسبب العيارات النارية

"سمر" فتاة في الرابعة والعشرين من عمرها انقطعت دورتها الشهرية بعد ان فقدت الوعي نتيجة الصوت المرعب الذي احدثته اصوات البنادق بمنطقة حي الجامعة في العاصمة بغداد بعد فوز المنتخب العراقي ببطولة اسيا لكرة القدم .تروي "سمر " كيف انها سقطت ارضا فاقدة وعيها بعد ان كانت تقف في الحديقة الخارجية للمنزل قبل ان يطلق احد جيرانها العيارات النارية ابتهاجا بفوز المنتخب."سمر" التي لا تزال حتى الان تتردد على الاطباء الذين بدورهم يحاولون بشتى الطرق اخراجها من محنتها التي وقعت فيها .

ماذا يقول الطب عن حالة سمر

الاخصائية النسائية الطبيبة نهلة عبد الرزاق التميمي تقول ان الحالة النفسية السيئة لها علاقة وثيقة مع الدورة الشهرية للمرأة اذ تؤدي تأخرها وهذا ما حدث مع سمر ويطلق عليه الهبطة او الشوطة .

التميمي شددت على المريضة سمر ان تقوم باجراء الكثير من الفحوصات لكيس المبيض والسونرات الخاصة بالهرمونات كي ترجع الدورة مثل ماكانت عليه .

احصائيات جزئية

وزارة الصحة سجلت حالة وفاة و89 أصابة بينهم نساء واطفال ومن ضمنهم أمرأة حامل , جراء اطلاق العيارات النارية بفوز المنتخب الوطني على نظيره الايراني .

معاون مدير قسم الاعلام في وزارة الصحة د. رفاق الاعرجي يقول ان الوزارة اتخذت اجراء بعد فوز المنتخب الوطني ببطولة آسيا ونشرت سبتايتل على أغلب القنوات للحد من هذه الظاهرة وبين الاعرجي ان وزارته تنسق مع وزراة الداخلية وحقوق الانسان من اجل منع تكرار حدوثها ويؤكد الاعرجي ضرورة تشريع قوانين تحد من هذه الظاهرة مبينا ان قسم الاعلام دائمآ ما يتبنى فكرة التوجيه والارشاد والنصح .

الداخلية تتحدث عن اجراءات رادعة

المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن يؤكد انه تم إلقاء القبض على مجموعة من مطلقي الاعيرة النارية من المواطنين وعناصر الاجهزة الأمنية الذين نالوا عقوبة اشد من غيرهم وتم محاسبة المخالفين ضمن القانون.

معن يقول ان وزارته اتخذت عدة اجراءات للحيلولة من استمرار الظاهرة شملت صدور توجيهات لنقاط التفتيش ودوريات النجدة بإخذ دورها والقاء القبض بحق كل من يخترق القانون متحدثا عن اسلوب جديد في الوزارة من ضمن الاجراءات هو توظيف الشخصيات المشهورة ورجال الدين للقيام بعملية التثقيف من اجل منع تكرار الظاهرة .

ووجه العميد معن انتقادات لاذعة ضد الظاهرة التي تخالف القوانين الإلهية والوضعية وموقف المرجعيات الدينية منها واصفا اياها بغير حضارية وغير صحيحة لاسيما والبلد يمر بحالة حرب ضد الارهاب وهو بامس الحاجة الى كل طلقة ترمى هواء في شبك.

اضف تعليق