q

الاصحاء يفقدون كرامتهم، فكيف بالمصابين بأمراض نفسية؟ قد يكون هذا رد من يعرف أن شعار "الكرامة في مجال الصحة النفسية" هو شعار اليوم العالمي للصحة النفسية لهذا العام والذي يصادف 10 تشرين الاول/اكتوبر من كل عام، لتؤشر فيه الامم المتحدة الى تدني مستوى الرعاية لأولئك المصابين بتلك الامراض على اختلافها وبسبب عدم وجود من المهنيين الصحيين المؤهلين والمرافق المتهالكة تؤدي إلى مزيد من الانتهاكات لحقوقهم.

في العراق، وبفعل الازمات المتلاحقة وهجمات الارهاب وهجمات العصابات الجرمية وتطاول الفقر والبطالة على ابناء شعبنا، أطار ذلك عقولنا من أم رؤوسنا، نشعر أننا جميعاً بحاجة الى علاجات نفسية على ما نشاهده يومياً ومنذ عقود من مسلسل دموي مؤلم يحبط كل خططنا بالمستقبل ويحيلك الى الانهيار لا محالة، فنحن عبثاً نحاول التشبث في الحياة على الرغم من كل تهديداتها، نشعر احياناً بأننا معلقين بجذع شجرة وسط محيط هائج لانعرف طريق لجزيرة نجاة تنجينا وعقولنا من الشطط.

العالم كل يوم يقفز من اجنداتهم يقربهم من المستقبل إلا نحن فكل يوم يمضي منها يقفز منه المستقبل هارباً حتى نشعر أن ذلك المنشود البهي عصي علينا فيؤرقنا أننا لا نجد النفق ولا نجد الضوء.

وفي لقاء أجرته أحدى المواقع الالكترونية، الفرات نيوز، تحدث الدكتور جبار مجيد مدير مستشفى الرشاد للامراض النفسية والعصبية، الوحيد من نوعه في العراق، عن معاناة المستشفى الذي يضم نحو الف و300 مريض، بمعدل أعمار اغلب المرضى في المستشفى 40 عاما، وبثمانية اطباء فقط !، يعانون امراضا نفسية مختلفة، تضاف اليهم معاناة قلة الخدمات والعلاج والمستلزمات الاخرى عزتها ادارة المشفى الى حالة التقشف التي يمر بها البلد، ناهيك عن المشاكل الاخرى مثل مشكلة في توفير المياه للمستشفى، والسبب نقطة المياه التي تزود المشفى، مع المشكلة الاكبر والمتمثلة في عدم تجاوب ذوي المريض في الحضور لزيارته أو حتى لإستلام جثته إذا ما توفاه الله.

تشير إحصاءات عدة أصدرتها وزارة الصحة في تقريرها لعام 2013 أن عدد أطباء تخصص الصحة النفسية 48 طبيب في بغداد من مجموع 7045 طبيب أي بنسبة 0.7% من مجموع الاطباء وهذا رقم ضئيل قياساً بمعاناة ابناء شعبنا.

لا كرامة في معاملتنا لأولئك الفاقدين لجزء من فورة عقولهم أو كلها! ونحن نراهم يترامون في شوارع مدينتنا هائمون شبه عراة شُعث غُبر تغطيهم القذارة في كل مناطق العاصمة ترصد الكثير منهم بعدما عجز اهلهم عن مداراتهم والحكومة بمؤسساتها الصحية بجمعهم والحفاظ عليهم من الاستغلال البشع وبكل الطرق وتوفير العلاج المناسب لهم.

تحقيقات كثيرة نشرتها الصحف المحلية والمواقع الالكترونية من مأساتهم، ولكن الاستجابة لا تكاد تذكر من الجهات الحكومية بالخصوص، وتقديرنا لتلك الاستجابة هو أننا لانزال نراقبهم يتخاطفون في الشوارع وبين الازقة هائمون يبحثون بين النفايات، ما أكثرها، أو من يجود عليهم من اصحاب المطاعم عن قوتهم أو من يمنحهم السكائر.

هذا العام، ستقوم منظمة الصحة العالمية بالعمل على رفع الوعي بما يمكن القيام به لضمان أن الأشخاص المصابين بأمراض نفسية يمكن أن يستمرو في العيش بكرامة، من خلال حقوق الإنسان الموجهة نحو السياسات والقانون، وتدريب العاملين في مجال الصحة، واحترام الموافقة المسبقة للعلاج.

لكل شريحة عمرية من الشعب لها حقوقها التي يجب ان تنالها بكرامة وأولئك المرضى النفسيين لهم حقوقهم أيضاً فمن يمنحها لهم بما يلق من كرامة، لا أعتقد أن احد منهم يعلم أن هناك من يداعي لهم بكرامة العيش ولا يستطيعوا هم أن يطالبوا بحقوقهم فهم بعيدون عنها وحتى لايفهموا أن لهم حقوقاً سلبهم منها أحدهم مثلما سيسلب الاصحاء حقوقهم ومن ثم عقولهم، فأي شريف سيطالب لهم بها.. حفظ الله العراق

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق