q

مع استمرار الحرب والغارات الجوية التي تقوم بها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن والتي أودت بحياة أكثر من4500 إنسان هذا بالإضافة الى تشريد الملايين وتدمير البنى التحتية، يزاد القلق الدولي من تدهور الأوضاع الإنسانية في هذا البلد الفقير الذي يعاني الكثير من المشكلات والأزمات، حيث أكدت الكثير من المنظمات ان الأوضاع في اليمن وفي ظل استمرار المعارك والحصار المفروض قد وصلت الى مرحلة خطيرة وهو ما ينذر بحدوث كارثة إنسانية كبيرة يصعب السيطرة عليها، وقد دعت في وقت سابق 13 منظمة إنسانية المجتمع الدولي في بيان، الى "وقف فوري ودائم لإطلاق النار لإنقاذ ملايين اليمنيين من النزاع الذي يؤثر سلبا على أكثر من 80% من المدنيين.

وأشارت المنظمات الى ان النزاع، الذي تصاعد بشكل خطير يمس 20 مليون يمني. من جانب اخر أكدت بعض المنظمات الإنسانية والحقوقية ومن خلال تقارير خاصة على وجود انتهاكات وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، و حضت منظمة العفو الدولية (أمنيستي انترناشنال) الأمم المتحدة على التحقيق في انتهاكات القانون الدولي المرتكبة من كل الأطراف في الحرب الأهلية الدائرة في اليمن. وتأتي هذه الدعوة بعد ستة أشهر من بدء الحملة العسكرية التي شنها التحالف بقيادة السعودية ضد الحوثيين وقوات الجيش المتحالفة معهم.

وقالت منظمة العفو "إن المنظمة تحض على تشكيل لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة في للتحقيق في الاساءات والانتهاكات التي ارتكبتها كل الأطراف في النزاع اليمني، خلال الجلسة الحالية لمجلس حقوق الإنسان في جنيف والتي ستختتم أعمالها في الثاني من اكتوبر/تشرين الأول".

واتهمت المنظمة الحقوقية التحالف بقيادة السعودية باستخدام القنابل العنقودية المحظورة في معظم دول العالم. وأضافت المنظمة أن معاناة المدنيين في اليمن وصلت ذروتها في ظل عدم ظهور نهاية في الأفق لهذا الصراع المميت وتصاعد الأزمة الإنسانية فيها. وقالت المنظمة الحقوقية إن الغالبية العظمى من الضحايا المدنيين سقطوا بسبب قصف قوات التحالف الذي تقوده السعودية، متهمة هذه القوات باستخدام القنابل العنقودية المحظورة في معظم دول العالم.

وشددت المنظمة على "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وللقانون الإنساني الدولي ارتكبت في الصراع اليمني. وقد عبرت جماعات حقوقية عديدة عن قلقها لتصاعد عدد الضحايا المدنيين في القصف الجوي المكثف في اليمن، كما شكت منظمات الإغاثة من أن الحصار البحري الذي يفرضه التحالف على اليمن قد منع امدادات الإغاثة من الوصول إلى اليمن.

قتل مستمر

في السياق ذاته قتل 31 شخصا على الاقل بينهم اطفال واصيب عشرات اخرون في اليمن في غارة جوية للتحالف على قاعة كانت تشهد حفل زفاف، بحسب ما افاد اطباء وشهود. وقال طبيب "نقلت جثث 31 شخصا بينهم اطفال الى احد المستشفيات"، مؤكدا ان هؤلاء قضوا في "قصف" لمدينة المخا في جنوب غرب البلاد. واكد شهود ان الضحايا سقطوا في ضربة لقوات التحالف الذي تقوده السعودية.

واتهمت السعودية والتحالف مرارا بارتكاب "اخطاء" بحق مدنيين في الغارات الجوية، وخصوصا على مصنع لتعبئة المياه في اب/اغسطس في محافظة حجة ما ادى الى مقتل 17 مدنيا، وعلى مساكن عاملين في محطة للكهرباء في تموز/يوليو في المخا ما اسفر عن مقتل 65 مدنيا وعلى مصنع للحليب في نيسان/ابريل في مدينة الحديدة بغرب البلاد ما ادى الى مقتل 35 مدنيا. واستهدفت غارات اخرى في الاشهر الاخيرة مخازن للسلاح والذخائر في صنعاء، لكن انفجارات ثانوية اسفرت عن مقتل عدد كبير من المدنيين.

على صعيد متصل أدت غارة جوية لقوات التحالف التي تقودها السعودية إلى مقتل 13 شخصا من هيئة التدريس وأربعة أطفال في شمال اليمن، في غارة استهدفت المتمردين الشيعة على ما يبدو، بحسب مصادر طبية وشهود. وقتل ما يقرب من 400 طفل، وجرح أكثر من 600 آخرين في الأشهر الأربعة الماضية، طبقا لليونيسيف. وقد انتقد مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين بشدة التحالف الذي تقوده السعودية بعد قصفه مرفأ الحديدة اليمني الذي يعتبر حيويا بالنسبة لنقل المواد الغذائية والأدوية والمحروقات إلى البلاد. وقال أمام مجلس الأمن الدولي إن "هذه الهجمات تنتهك بشكل واضح القانون الإنساني الدولي وهي غير مقبولة".

جرائم حرب

الى جانب ذلك اعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش ان غارة التحالف العربي التي اوقعت 65 قتيلا من المدنيين في مخا بجنوب غرب اليمن، يمكن اعتبارها "جريمة حرب". وكتب اولي سولفانغ مسؤول حالات الطوارئ لدى المنظمة "مع الغياب الواضح لاي هدف عسكري، هذا الهجوم يمكن اعتباره جريمة حرب". وتابع سولفانغ انه زار مكان الهجوم بعد يوم على الغارة ولم يلاحظ اي موقع عسكري بالقرب منه.

واستهدفت الغارة حيا سكنيا يقيم فيه موظفو محطة لتوليد الكهرباء. واشارت مصادر طبية يمنية الى سقوط 35 قتيلا بينما اكدت وكالة الانباء اليمنية سبأ التي يديرها الحوثيون بعد يومين ان الحصيلة 70 قتيلا من المدنيين. واشارت هيومن رايتس ووتش الى انها حصلت من مدير محطة الكهرباء جعفر قاسم على قائمة ب65 مدنيا قتلوا في الغارة من بينهم عشرة اطفال. وانتقدت المنظمة ومقرها نيويورك عدم قيام التحالف بالتحقيق اثر الغارة وهجمات اخرى اوقعت ضحايا من المدنيين في اليمن. وتابع سولفانغ "اذا رفض التحالف التحقيق (حول الغارات التي تؤدي الى مقتل مدنيين) فعلى الامم المتحدة القيام بذلك".

ونفى العميد أحمد عسيري المتحدث باسم التحالف مسؤولية طيران التحالف عن الغارات واعتبر أن بيان هيومن رايتس ووتش لا يتمتع بالمصداقية. وقال إن على الرغم من أن طائرات التحالف كانت نشطة في المنطقة فإنها لم تهاجم المقاتلين الحوثيين الذين كانوا يستعدون لعمل عسكري. وأكد عسيري أن طائرات التحالف لم تقصف منازل المدنيين مطالبا المنظمات من هذا النوع بتوخي الدقة قبل اتهام التحالف أو غيره. وشدد على أن التحالف منذ اليوم الأول أعلن بوضوح أنه يعمل وفقا لقيود تشمل عدم القيام بعمليات في المدن بين المدنيين وحماية البنية التحتية وقال إنه ملتزم بهذا واتهم الحوثيين بأنهم يقومون بهذا طول الوقت. بحسب رويترز.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان أصدرته في مارس آذار عن الحرب اليمنية إنه بموجب القانون الانساني الدولي يجب على كل الدول والأطراف المشاركة في الصراع التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية والتمسك بمبدأي التناسب والحذر. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي مدنيين مذعورين على ما يبدو يفرون للاحتماء من القصف أثناء الهجوم الذي أدى إلى سقوط أعداد كبيرة بين قتيل ومصاب بجروح خطيرة. وقالت قناة العربية السعودية إن الغارات الجوية استهدفت قاعدة عسكرية للدفاع الجوي.

من جانب اخر قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية وكما نقلت بعض المصادر، إن السعودية تبذل جهوداً كبيرة في مجلس حقوق الإنسان الدولي بجنيف، لمنع تبني قرار يطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب التي ارتكبتها كل أطراف الصراع في اليمن. وأشارت الصحيفة أن الدبلوماسيين السعوديين حشدوا العديد من الدول للتصويت ضد هذا القرار، الذي من المحتمل أن يدينها بارتكابها جرائم حرب ضد المدنيين.

وجاء القرار بعد تزايد القلق الدولي بشأن عدد القتلى المدنيين من كلا الجانبين في الصراع، وتأثير الحصار الذي تفرضه قوات التحالف التي تقودها السعودية براً وبحراً وجواً، والتي عرقلت تسليم المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الأدوية والوقود اللازم للحفاظ على استمرار عمل المستشفيات. وأفادت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين، بأن سلوك التحالف السعودي، أمر مقلق لحلفائه الغربيين. وقال المسؤولون الأميركيون، إنهم يضغطون على السعوديين للتحقيق في الانتهاكات، لكن إدارة أوباما تجنبت أي انتقادات مباشرة للحكومة السعودية، لأنها تعتبر واحدة من أقرب حلفائها في المنطقة.

في السياق ذاته قالت رئيسة منظمة "أطباء بلا حدود"، جوان ليو، من العاصمة اليمنية صنعاء أن أعداد الذين يموتون بسبب الحصار الذي يفرضة التحالف الدولي بقيادة السعودية على البلاد "مماثل للذين يقتلون بسبب النزاع الدائر حاليا" عبر منع المساعدة الإنسانية من الوصول إلى المحتاجين. ودقت ليو ناقوس الخطر بشأن الوضع الإنساني في اليمن وطلبت الأمم المتحدة من الرياض تخفيف الحصار البحري الذي تفرضه على الموانئ اليمنية للسماح للمزيد من السفن التجارية بتزويد البلاد، التي تعتمد بنسبة 90 في المئة على استيراد الوقود والغذاء. وأشارت جوان ليو، إلى أنه يجب مضاعفة العمل لمساعدة السكان. وقالت "يجب علينا إيجاد وسائل لإيصال الإمدادات بطريقة آمنة، وكي يحصل الناس على الأدوية لا أن يموتوا".

وأضافت أنها تتفهم حاجة التحالف لفرض حصار على اليمن بعد أن فرض مجلس الأمن الدولي حظرا على الأسلحة إلى المتمردين. وتجدر الإشارة إلى أن اليمن، الذي يبلغ عدد سكانه أقل قليلاً من 26 مليون نسمة، هو أفقر دولة في العالم العربي. وقبل الأزمة، كان ثلثا السكان تقريباً بحاجة إلى مساعدات إنسانية وكان عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي أكثر من 10 ملايين نسمة.

اضف تعليق