q

في أيلول/سبتمبر 2014 اقترح رئيس الوزراء حيدر العبادي قانون "الحرس الوطني" الجديد الذي يتضمن ضم أبناء المحافظات التي يحتلها تنظيم داعش الارهابي الى هذا التشكيل الجديد.

فقد وافق مجلس الوزراء العراقي على مشروع قانون إنشاء الحرس الوطني في شباط/فبراير 2015 الا ان التصويت على قانون الحرس الوطني اثار جدلا كبيرا بين الكتل النيابية داخل البرلمان والشارع العراقي على السواء وانقسموا بين مؤيد ومعارض اذ تضمنت مسودة قانون الحرس الوطني الكثير من النقاط الخلافية والإشكاليات، فقد تحفظت كتل التحالف الوطني في الغالب على التصويت على مشروع القانون دعمتها في ذلك القوى البارزة في الحشد الشعبي التي تقاتل داعش، فيما دعم مسودة القانون تحالف القوى الوطنية اما التحالف الكردستاني فقد اشر بعض الشروط والتحفظات على مسودة القانون أهمها عدم المساس بقوات البيشمركة المتواجدة فيما سمي بـ المناطق المتنازع عليها ويفسر موقف اللامبالاة العام الذي تبناه التحالف الكردستاني من زاوية ان هذه القوات ستشكل خارج الإقليم ومن ثم لا تعنيهم المسالة الا بالقدر المتعلق بقوات البيشمركة المذكورة.

إشكاليات وعقبات

ومن ابرز النقاط الخلافية التي تضمنتها مسودة القانون نجملها بالاتي : فيما يتعلق بتشكيل القوات العسكرية في المادة الثانية/1 التي تضمنت (يتم تشكيل قوات عسكرية نظامية محلية في كل محافظة من ابناء المحافظة نفسها فقط ويتم تطويع ابناء الاقضية والنواحي ومركز المحافظة بما يضمن التمثيل الحقيقي لأبناء جميع المكونات وبحسب نسبة تمثيلهم الحقيقي في مجتمع المحافظة نفسها)، اثارت هذه المادة مخاوف تكريس الطائفية وتعزيز الاتجاه نحو تقسيم البلد لان القوات ستشكل على اساس المناطقية كما انه سيعمل على تجزئة ملف الامن لذا يجب ان تشكل هذه القوات على اساس انضمام جميع مكونات الشعب العراقي من دون تمييز.

ومن هنا فان محور الخلاف ينصب هل يكون تشكيل الحرس الوطني من أبناء المحافظة الواحدة أو من أبناء العراق كافة اذ يؤيد تشكيلها من ابناء المحافظة حصرا تحالف القوى الوطنية يدعمه التحالف الكردستاني التي تطالب بان يقتصر تشكيل قوات الحرس الوطني على أبناء كل محافظة دون غيرها لتعزيز أمنها الداخلي. فيما تطالب اغلب كتل التحالف الوطني بضرورة ان تضم هذه القوات جميع مكونات الشعب العراقي.

نقطة الخلاف الاخرى التي تعرقل إقرار قانون الحرس الوطني تكمن في تبعية هذه القوات، لان الفقرة 4 من المادة الاولى من القانون جعلت من قوات الحرس الوطني تابعة لمجلس المحافظة بالنص (مجلس امن المحافظة: هو الهيئة العليا المشرفة على إدارة الملف الأمني وإدارة القوات العسكرية داخل المحافظة التي تملك نقض قرار المحافظ بأغلبية ثلثي أعضائه ويتكون من نواب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة ونوابه)، ومن هنا ترى الكتل التي اعترضت على القانون على ضرورة ارتباط هذه القوات بالقائد العالم للقوات المسلحة بدلا من مجلس المحافظة.

والحقيقة ان المادة 78 من الدستور العراقي على ان رئيس الوزراء هو القائد العام للقوات المسلحة ومن ثم يجب ان تتبع هذه القوات الى القائد العام للقوات المسلحة، وقد يرى البعض في مشروع قانون الحرس الوطني حالة خاصة ومن ثم لايتطلب بالضرورة ارتباط هذه القوات بالقائد العام للقوات المسلحة كما هو مذكور في المادة، لكن هناك تجارب مشابهة يمكن الاستفادة منها في هذا الخصوص ففي الولايات المتحدة قوات مسلحة وصفها الدستور الامريكي بـ "بالمليشيا الخاصة في الولاية" كما جاء ذلك في الجزء الثاني من المادة الثانية من الدستور الأمريكي، فإن رئيس الولايات المتحدة هو القائد الأعلى للجيش والبحرية الأمريكية، وكل ميليشيا خاصة بالولايات الأمريكية.

ثم لابد ان نلفت النظر الى إشكالية اخرى وهي كيف يتسنى لوصول الى تمثيل عادل للمكونات في المحافظات المختلطة (كركوك ونينوى وصلاح الدين وديالى) (في المادة الثانية الفقرة 5 التي تنص على ضرورة ان يتم اعتماد ضوابط تحديد نسبة تمثيل المكونات داخل القوات العسكرية حسب الكثافة السكانية وتنوعها في الوحدات الإدارية وربما يضمن تمثيل جميع المكونات وتنوعها مع مراعاة خصوصية بعض المحافظات)، من دون وجود احصاء سكاني كما لفت الى ذلك إلى ذلك نواب عن محافظة نينوى ان تواجه نسبة تمثيل المحافظات في الحرس الوطني صعوبة في ضبطها بسبب عدم وجود إحصاء سكاني، منوهين الى ان المحافظات المختلطة بحاجة لإجراء إحصاء لكل مكون ومذهب وطائفة فيها لكي يتسنى توزيع النسب فيما بينها بشكل عادل.

الولايات المتحدة

دعمت الولايات المتحدة وبشدة قانون الحرس الوطني وترى فيه اختبار لنوايا الحكومة حيال سكان المحافظات التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي وترى فيه الاطار الذي يمكن من خلاله تشكيل قوة من ابناء هذه المحافظات لمقاتلة التنظيم كما حصل في السابق في تشكيلات الصحوة، والاهم من ذلك كله تريد الولايات المتحدة من وراء اقرار القانون وتشكيل القوات تحقيق غايات تتعلق باستراتيجيتها بالعراق لذا افصحت بعض اوساط صنع القرار في الولايات المتحدة عن انه في حال عدم اقرار القانون فان الولايات المتحدة ستمضي بتسليح العشائر بمعزل عن الحكومة الامر الذي وضع الحكومة بوضع حرج.

مشروع قانون الحرس الوطني بين الرفض والقبول

امام هذه التجاذبات يواجه اقرار مشروع قانون الحرس الوطني خيارات صعبة اما التوصل الى حل بشان أهم عقبتين تواجه اقرار القانون (وهي تشكيل هذه القوات من كل ابناء العراق وتبعية هذه القوات الى القائد العام للقوات المسلحة)، مع ذلك يواجه تطبيق هذا القانون عقبات ميدانية فضلا على ذلك لا تتضمن ميزانية العام 2015 أية تخصيصات للحرس الوطني والحل المطروح معالجة ذلك من التخصيصات المالية للحشد الشعبي. والخلاصة يبقى التصويت على القانون امر مستبعد على الاقل في المستقبل المنظور.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية
http://mcsr.net

اضف تعليق