q

تنطلق حزم الاصلاحات لغرض معروف يتعدى الإصلاح الوظيفي في مؤسسات الدولة العراقية وتحسين كفاءة الاداء الحكومي في ما تقدمه من خدمات للمواطنين، لتتجاوز في مديات كبيرة لحدود إداء الكابينة الوزارية ولتشمل كل الرئاسات في العراق من خلال محاولة لتقليص تأثيرات بعض أنواع الفساد فيها والقضاء على الفساد الاداري النوعي في مؤسساتها إذا ما وجد، وفي أتون تلك الاصلاحات نتساءل عن أهمية وجود حزم إصلاحات خاصة برفع كفاءة الوعي العام في البلد؟ لتعزيز سبل نجاحها وتقوية ثقتها بالحكومة وقدرتها على تجاوز سيل من الازمات بوعي كامل وفطنة بالغة.

الوعي العام مسؤولية وطنية تقع على عاتق الدولة ومنظمات المجتمع المدني والمرجعيات الدينية على اختلافها من خلال فرض الانظمة بدعامة قوية من العقوبات وحملات توعية بخطورة المرحلة وأهمية طرح نظام توعوي متكامل من خلاله نتمكن من إدخال شعبنا في ممارسات واعية مهمة كترشيد الاستهلاك والهدر والمحافظة على الممتلكات العامة، نظام يعزز الثقة الشعبية الواسعة بقدرة الحكومة ومؤسساتها على المضي قدماً في إصلاح ذاتها ومنه إصلاح الاخرين.

نتساءل عن جدوى تعبيد الطرق وتوفير الكهرباء وتقديم الخدمات إذا كان بعض ابناء شعبنا يفتقرون الى الوعي التام بأهمية الحفاظ على الممتلكات العامة ويدركوا حقيقية ان كل بناء تم، على الرغم من قلته، إنما انتزعت من جلودهم وقوت يومهم والحفاظ عليه وإدامته انما يقلل من الهدر الذي تقوم به الحكومات المحلية بإيجاد البدائل لكل شيء نرتكبه بحق وطننا وبرحابة صدر طبعاً، فعلى سبيل المثال الإستهلاك المفرط للطاقة يؤدي الى بناء محاطات جديدة والحصول على تخصيصات جديدة وحين لم تنفع المليارات السابقة فما نفع المليارات اللاحقة والوزارة هي الوزارة، وحين نستهلك مياه الشرب بإفراط هذا يعني ان تخصيصات جديدة ستطلبها المؤسسات الفاسدة في إضافة منظومات تنقية جديدة، والى الطامة الكبرى حاويات النفايات التي تستبدلها الدوائر المحلية كل فترة قصيرة، منها من البلاستك ومنها المعدنية التي تتحطم يومياً امام مراقبة مسؤولي الاشراف من امانة العاصمة في شوارع المدينة لا يعلم أحد من يحطمها كذلك الجسور والارصفة الشوارع التي تحطمها العجلات ذات الحمولات التي تتجاوز قدرة الشوارع على احتمالها، كل ذلك يفرح المفسدون ويفتح شهيتهم لمشاريع جديدة تدر على عليهم الملايين وتدر عليها الفقر والحاجة وقلة الموارد.

في أحد رحلات المجاميع السياحية العراقية الى تركيا، أوقف المرور أحدى باصات الرحلة وطلب الشخص الذي رمى عقب سيكارته في الشارع وهو عراقي طبعاً، لم يعترف أحداً بذلك ولكن حين قرر الشرطي معاقبة جميع الركاب بمبلغ 50 دولاراً عن كل سائح أنبرى احد من الخلف معرباً عن اسفه وتقبله الغرامة بإعتذار وخجل بالغين.

في رومانيا الغرامة المرورية لأي مخافة كانت بقيمة خمسين دولار ايضاً، وبإجراءات صارمة وفّر هذا البلد الفقير بالموارد المالية مبالغ كبيرة تدعم اقتصاده، أما في العراق فسائق المركبة يرمي أي شيء يقع في يده، مناديل ورقية، علب السكائر واعقابها وعلب المشروبات بما فيها الزجاجية، واكياس النفايات السوداء، وحتى حفاظات الاطفال وامام اعين شرطة المرور والسيطرات الامنية، عند مناطق التقاطعات تجد باعة علب الماء وبجانبها ترى آلاف العلبة الفارغة التي رماها عديمو الوعي، أزعجهم الاحتفاظ بها في عجلاتهم لحين وصولهم الى اقرب حاوية نفايات وآثروا رميها في وجه ابناء شعبهم فالأرض ملكية عامة لكل الشعب ورمي النفايات فيها كرميه بوجه كل عراقي لو يعلمون!

هذه حالة واحدة وغيرها آلاف من تلك التي أحالت مدينتنا إلا خرابة من النفايات التي تطاولت لتصبح اكوماً بإرتفاعات أمتار عدة لا تنفع معها اية معالجات غير نقلها بعجلات كبيرة تنطلق لتنثر أغلبه في شوارع المدينة وامام أعين شرطة المرور أيضاً.

في حالة أخرى تدل على سوء تخطيطنا، ترفض دوائر الكهرباء تحويل عدد الخطوط في المنازل من "فيز" واحد الى "ثلاثة" لغرض عدم اتاحة الفرصة امام المواطن لصرف طاقة كهربائية اكثر؛ ولكن جميع المواطنين يتحايلون على مقياس الكهرباء ذي "الفيز الواحد" ليعبروه ويأخذوا من الكهرباء ما يشاؤون، لا ادري ما صحة ما فعله جاري حين جلب فريق عمل من الكهرباء ليحولوا كهرباء منزله الى "ثلاثة فيز " يقولون انه دفع رشوة بمبلغ 250 الف دينار لينصبوا له ذلك، أعتقد انه كاذب !!! الموضوع بحاجة لتدخل الحكومة لتفرض شيئاً على وزارة الكهرباء بذلك.

نحن بحاجة لحملة توعوية قوية بحزمة اصلاحات واسعة تعزز ثقة المواطن بحكومته ووطنهم قبل ذلك فالأوطان لاتبنيها الحكومات لوحدها، الاوطان تبنيها شعوبها بوعيها فلا نظام في العالم قام دون وجود متكأ قوي من حزمة عقوبات لمن يخالفها ونحن نخالف أمام أعين شرطة الحكومة.. كم تعتصر قلوبنا على ذلك. حفظ الله العراق.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق